(الصفحة 383)
لو كان في الوقت المختص بالعصر يمكن البناء(1) على الإتيان باعتبار كونه من الشك
بعد الوقت .
فصل
في القبلة
وهي المكان الذي وقع فيه البيت ـ شرّفه الله تعالى ـ من تخوم الأرض إلى عنان السماء للناس كافّة : القريب والبعيد ، لا خصوص البنية ، ولا يدخل فيه شيء من حجر إسماعيل، وإن وجب إدخاله في الطواف .
ويجب استقبال عينها لا المسجد أو الحرم ولو للبعيد(2) ، ولا يعتبر اتصال الخطّ من موقف كلّ مصلّ بها، بل المحاذاة العرفية كافية . غاية الأمر أنّ المحاذاة
- (1) بل الأحوط قضاء الظهر.
- (2) الحقّ في هذا المقام ما أفاده سيّدنا الاُستاذ العلاّمة البروجردي ـ قدّس سرّه الشريف ـ في حاشية العروة، وفي البحث من أنّ استقبال العين لا يمكن بدون اتّصال الخطّ المذكور بها، والمحاذاة العرفية ليست بأوسع من الواقعية، والبُعد لا يوجب ازدياد سعة المحاذاة كما اشتهر، بل يزداد به ضيقاً كما هو محسوس، واستقبال أهل الصفّ الطويل لها ليس مبنيّاً على شيء ممّاذكر، بل لأنّهم إذاراعوا رعاية صحيحة كان لصفّهم انحناء غير محسوس لا محالة، فالخطوط الخارجة منهم إليها غير متوازية، فيمكن اتّصال جميعها بها.
- ثمّ قال: إنّ المراد بها هو السمت الذي يعلم بحسب وضع الأرض ونسبة أجزائها بعضاً إلى بعض بعدم خروج الكعبة عنه، وتتساوى أجزائه في احتمال المحاذاة لها .
- ومراده بالسمت إحدى الجهات الستّ المعروفة، ولا محالة يكون هو الربع الذي وقعت الكعبة في جزء منه، فيكفي توجّه الوجه الذي هو ربع الدائرة المحيطة بالرأس تقريباً نحو ذلك الربع، وقد فصّلنا الكلام في ذلك في كتابنا «نهاية التقرير» الذي هو تقرير أبحاث الاُستاذ المعظّم له البروجردي رضوان الله تعالى عليه; وفي كتاب «تفصيل الشريعة» في شرح تحرير الوسيلة للإمام الخميني ـ قدّس سرّه الشريف ـ .
(الصفحة 384)
تتّسع مع البعد ، وكلّما ازداد بعداً ازدادت سعة المحاذاة، كما يعلم ذلك بملاحظة
الأجرام البعيدة كالأنجم ونحوها ، فلا يقدح زيادة عرض الصف المستطيل عن الكعبة في صدق محاذاتها، كما نشاهد ذلك بالنسبة إلى الأجرام البعيدة ، والقول بأنّ القبلة للبعيد سمت الكعبة وجهتها راجع في الحقيقة إلى ما ذكرنا(1) ، وإن كان مرادهم الجهة العرفية المسامحية فلا وجه له .
ويعتبر العلم بالمحاذاة مع الإمكان ، ومع عدمه يرجع إلى العلامات والأمارات المفيدة للظن ، وفي كفاية شهادة العدلين مع إمكان تحصيل العلم إشكال(2) ، ومع عدمه لا بأس بالتعويل عليها إن لم يكن اجتهاده على خلافها ، وإلاّ فالأحوط تكرار الصلاة ومع عدم إمكان تحصيل الظن يصلّي إلى أربع جهات إن وسع الوقت ، وإلاّ فيتخيّر بينها .
[1229] مسألة 1 : الأمارات المحصّلة للظن التي يجب الرجوع إليها عند عدم إمكان العلم كما هو الغالب بالنسبة إلى البعيد كثيرة :
منها: الجدي الذي هو المنصوص في الجملة بجعله في أواسط العراق، كالكوفة والنجف وبغداد ونحوها خلف المنكب الأيمن ، والأحوط أن يكون ذلك في غاية ارتفاعه أو انخفاضه ، والمنكب مابين الكتف والعنق ، والأولى وضعه خلف الاُذن ، وفي البصرة وغيرها من البلاد الشرقية في الاُذن اليمنى ، وفي الموصل ونحوها من البلاد الغربية بين الكتفين، وفي الشام خلف الكتف الأيسر، وفي عدن بين العينين، وفي صنعاء على الاُذن اليمنى، وفي الحبشة والنوبة صفحة الخدّ الأيسر .
ومنها : سهيل ، وهو عكس الجدي .
- (1) بل راجع إلى ما ذكرنا .
- (2) بل تقوم البيّنة مقام العلم إذا كانت مستندة إلى المبادئ الحسّية، وتقدّم على سائر الأمارات المفيدة للظنّ .
(الصفحة 385)
ومنها : الشمس(1) لأهل العراق إذا زالت عن الأنف إلى الحاجب الأيمن عند مواجهتهم نقطة الجنوب .
ومنها: جعل المغرب على اليمين والمشرق على الشمال لأهل العراق أيضاً في مواضع يوضع الجدي بين الكتفين كالموصل .
ومنها : الثريّا والعيّوق لأهل المغرب ، يضعون الأوّل عند طلوعه على الأيمن والثاني على الأيسر .
ومنها : محراب صلّى فيه معصوم ، فإن علم أنّه صلّى فيه من غير تيامن ولا تياسر كان مفيداً للعلم ، وإلاّ فيفيد الظن .
ومنها : قبر المعصوم، فإذا علم عدم تغيّره وأنّ ظاهره مطابق لوضع الجسد أفاد العلم ، وإلاّ فيفيد الظن .
ومنها : قبلة بلد المسلمين في صلاتهم وقبورهم ومحاريبهم إذا لم يعلم بناؤهاعلى الغلط ، إلى غير ذلك كقواعد الهيئة وقول أهل خبرتها .
[1230] مسألة 2 : عند عدم إمكان تحصيل العلم بالقبلة يجب الاجتهاد في تحصيل الظن ، ولا يجوز الاكتفاء بالظن الضعيف مع إمكان القوي ، كما لا يجوز الاكتفاء به مع إمكان الأقوى . ولا فرق بين أسباب حصول الظن، فالمدار على
- (1) الظاهر أنّ أهل العراق قبلتهم نقطة الجنوب كأهل الموصل وبعض آخر، أو الانحراف عنها إلى المغرب كغيرهم على تفاوتهم في مقدار الانحراف، وحينئذ إن كان مراد المتن ما اشتهر من جعل الشمس عند الزوال على الحاجب الأيمن فهو مع أنّه يخالف العلامة الاُولى لا يوافق الواقع أيضاً; لأنّ مقتضاه الانحراف إلى المشرق، وإن كان مراده توجيه ذلك لئلاّ يتوجّه عليه الإشكالان المزبوران نظراً إلى أنّه ليس الملاك حينئذ حال زوال الشمس، بل الملاك زوالها عن الأنف إلى الحاجب، فهو وإن كان خالياً عن الإشكال إلاّ أنّه خلاف ظاهر عبائر القوم .
- (2)(2) ولم يكن هناك ظنّ غالب به.
(الصفحة 386)
الأقوى فالأقوى، سواء حصل من الأمارات المذكورة أو من غيرها، ولو من قول
فاسق، بل ولو كافر ، فلو أخبر عدل ولم يحصل الظن بقوله، وأخبر فاسق أو كافر بخلافه وحصل منه الظن من جهة كونه من أهل الخبرة يعمل به .
[1231] مسألة 3 : لا فرق في وجوب الاجتهاد بين الأعمى والبصير . غاية الأمر أنّ اجتهاد الأعمى هو الرجوع إلى الغير في بيان الأمارات أو في تعيين القبلة .
[1232] مسألة 4 : لا يعتبر إخبار صاحب المنزل إذا لم يفد الظن ، ولا يكتفى بالظن الحاصل من قوله إذا أمكن تحصيل الأقوى .
[1233] مسألة 5 : إذا كان اجتهاده مخالفاً لقبلة بلد المسلمين في محاريبهم ومذابحهم وقبورهم فالأحوط تكرار الصلاة إلاّ إذاعلم(1) بكونها مبنيّة على الغلط.
[1234] مسألة 6 : إذا حصر القبلة في جهتين; بأن علم أنّها لا تخرج عن إحداهما وجب عليه تكرار الصلاة ، إلاّ إذا كانت إحداهما مظنونة والاُخرى موهومة، فيكتفي بالأولى، وإذا حصر فيهما ظنّاً فكذلك يكرّر فيهما، لكن الأحوط إجراء حكم المتحيّر فيه بتكرارها إلى أربع جهات .
[1235] مسألة 7 : إذا اجتهد لصلاة وحصل له الظن لا يجب تجديد الاجتهاد لصلاة اُخرى ما دام الظن باقياً .
[1236] مسألة 8 : إذا ظن بعد الاجتهاد أنّها في جهة فصلّى الظهر مثلاً إليها ثمّ تبدّل ظنه إلى جهة اُخرى وجب عليه إتيان العصر إلى الجهة الثانية، وهل يجب إعادة الظهر أو لا؟ الأقوى وجوبها(2) إذا كان مقتضى ظنه الثاني وقوع الأُولى مستدبراً، أو إلى اليمين، أو اليسار ، وإذا كان مقتضاه وقوعها ما بين اليمين واليسار لا تجب الإعادة .
- (1) أو كان هناك ظنّ غالب به كما مرّ .
- (2) الاقوائية ممنوعة . نعم، الأحوط ذلك .
(الصفحة 387)
[1237] مسألة 9 : إذا انقلب ظنه في أثناء الصلاة إلى جهة اُخرى انقلب إلى ما ظنه ، إلاّ إذا كان الأوّل إلى الاستدبار، أو اليمين واليسار بمقتضى ظنه الثاني فيعيد(1) .
[1238] مسألة 10 : يجوز لأحد المجتهدين المختلفين في الاجتهاد الاقتداء بالآخر إذا كان اختلافهما يسيراً، بحيث لا يضر بهيئة الجماعة، ولا يكون بحدّ الاستدبار، أو اليمين واليسار .
إحداها، أو على وجه لا يبلغ الانحراف إلى حدّ اليمين واليسار ، والأولى(3) أن يكون على خطوط متقابلات .
[1240] مسألة 12 : لو كان عليه صلاتان فالأحوط أن تكون الثانية إلى جهات الاُولى .
[1241] مسألة 13 : من كان وظيفته تكرار الصلاة إلى أربع جهات أو أقل وكان عليه صلاتان يجوز له أن يتمّم جهات الأُولى ثمّ يشرع في الثانية، ويجوز أن يأتي بالثانية في كلّ جهة صلّى إليها الأُولى إلى أن تتمّ ، والأحوط(4) اختيار الأوّل ، ولا يجوز أن يصلّي الثانيـة إلى غير الجهة التي صلّى إليها الاُولى . نعم، إذا اختار الوجه الأوّل لا يجب أن يأتي بالثانية على ترتيب الاُولى .
[1242] مسألة 14 : من عليه صلاتان كالظهرين مثلاً مع كون وظيفته
- (1) احتياطاً .
- (2) في لزوم الزائدة على الواحدة في هذه الصورة إشكال، بل منع .
- (3) بل الأحوط .
- (4) يجوز ترك هذا الاحتياط .