(الصفحة 322)
وللدخول فيها، ولدخول مسجد النبيّ(صلى الله عليه وآله) ، وكذا للدخول في سائر المشاهد المشرّفة للأئمّة(عليهم السلام)، ووقتها قبل الدخول عند إرادته ، ولا يبعد استحبابها بعد الدخول للكون فيها إذا لم يغتسل قبله ، كما لا يبعد كفاية غسل واحد في أوّل اليوم أو أوّل الليل للدخول إلى آخره ، بل لا يبعد عدم الحاجة إلى تكرار مع التكرّر ، كما أنّه لا يبعد جواز التداخل أيضاً فيما لو أراد دخول الحرم ومكّة والمسجد والكعبة في ذلك اليوم، فيغتسل غسلا واحداً للجميع ، وكذا بالنسبة إلى المدينة وحرمها ومسجدها .
[1051] مسألة 1 : حكي عن بعض العلماء استحباب الغسل عند إرادة الدخول في كلّ مكان شريف ، ووجهه غير واضح ، ولا بأس به لا بقصد الورود .
فصل
في الأغسال الفعلية
وقد مرّ أنّها قسمان :
القسم الأوّل : ما يكون مستحباً لأجل الفعل الذي يريد أن يفعله ، وهي أغسال :
أحدها : للإحرام ، وعن بعض العلماء وجوبه .
الثاني : للطواف، سواء كان طواف الحج أو العمرة، أو طواف النساء، بل للطواف المندوب أيضاً .
الثالث : للوقوف بعرفات .
الرابع : للوقوف بالمشعر .
الخامس : للذبح والنحر .
(الصفحة 323)
السادس : للحلق ، وعن بعضهم استحبابه لرمي الجمار أيضاً .
السابع : لزيارة أحد المعصومين(عليهم السلام) من قريب أو بعيد .
الثامن : لرؤية أحد الأئمّة(عليهم السلام) في المنام ، كما نقل عن موسى بن جعفر(عليهما السلام)أنّه إذا أراد ذلك يغتسل ثلاث ليال ويناجيهم فيراهم في المنام .
التاسع : لصلاة الحاجة، بل لطلب الحاجة مطلقاً .
العاشر : لصلاة الاستخارة، بل للاستخارة مطلقاً ولو من غير صلاة .
الحادي عشر : لعمل الاستفتاح المعروف بعمل اُمّ داود .
الثاني عشر : لأخذ تربة قبر الحسين(عليه السلام) .
الثالث عشر : لإرادة السفر خصوصاً لزيارة الحسين(عليه السلام) .
الرابع عشر : لصلاة الاستسقاء بل له مطلقاً .
الخامس عشر : للتوبة من الكفر الأصلي أو الارتدادي، بل من الفسق، بل من الصغيرة أيضاً على وجه .
السادس عشر : للتظلّم والاشتكاء إلى الله ـ تعالى ـ من ظلم ظالم ، ففي الحديث عن الصادق(عليه السلام) ما مضمونه : إذا ظلمك أحد فلا تدع عليه ، فإنّ المظلوم قد يصير ظالماً بالدعاء على من ظلمه ، لكن اغتسل وصلّ ركعتين تحت السماء ثمّ قل :
«اللّهمّ إنّ فلان بن فلان ظلمني ، وليس لي أحد أصول به عليه غيرك ، فاستوف لي ظلامتي الساعة الساعة بالاسم الذي إذا سألك به المضطرّ أجبته، فكشفت ما به من ضرّ، ومكّنت له في الأرض وجعلته خليفتك على خلقك ، فأسألك أن تصلّي على محمّد وآل محمّد، وأن تستوفي ظلامتي الساعة الساعة» فسترى ما تحبّ .
السابع عشر : للأمن من الخوف من ظالم، فيغتسل ويصلّي ركعتين ويحسر عن ركبتيه، ويجعلهما قريباً من مصلاّه، ويقول مائة مرّة : «ياحيّ ياقيّوم، ياحيّ لا إله
(الصفحة 324)
إلاّ أنت، برحمتك أستغيث، فصلّ على محمّد وآل محمّد، وأغثني الساعة الساعة». ثمّ يقول : «أسألك أن تصلّي على محمّد وآل محمّد، وأن تلطف بي، وأن تغلب لي، وأن تمكر لي، وأن تخدع لي، وأن تكفيني مؤنة فلان بن فلان بلا مؤنة». وهذا دعاء النبيّ(صلى الله عليه وآله) يوم اُحد .
الثامن عشر : لدفع النازلة ، يصوم الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر ، وعند الزوال من الأخير يغتسل .
التاسع عشر : للمباهلة مع من يدّعي باطلاً .
العشرون : لتحصيل النشاط للعبادة أو لخصوص صلاة الليل ، فعن فلاح السائل : أنّ أمير المؤمنين(عليه السلام) كان يغتسل في الليالي الباردة لأجل تحصيل النشاط لصلاة الليل .
الحادي والعشرون : لصلاة الشكر .
الثاني والعشرون : لتغسيل الميّت ولتكفينه .
الثالث والعشرون : للحجامة على ما قيل ، ولكن قيل: إنّه لا دليل عليه ، ولعلّه مصحّف الجمعة .
الرابع والعشرون : لإرادة العود إلى الجماع ، لما نقل عن الرسالة الذهبيّة : أنّ الجماع بعد الجماع بدون الفصل بالغسل يوجب جنون الولد ، لكن يحتمل أن يكون المراد غسل الجنابة، بل هو الظاهر .
الخامس والعشرون : الغسل لكلّ عمل يتقرّب به إلى الله، كما حكي عن ابن الجنيد ، ووجهه غير معلوم ، وإن كان الإتيان به لا بقصد الورود لا بأس به .
القسم الثاني : ما يكون مستحبّاً لأجل الفعل الذي فعله ، وهي أيضاً أغسال :
أحدها : غسل التوبة على ما ذكره بعضهم: من أنّه من جهة المعاصي التي ارتكبها، أو بناءً على أنّه بعد الندم الذي هو حقيقة التوبة، لكن الظاهر أنّه من القسم
(الصفحة 325)
الأوّل كما ذكر هناك ، وهذا هو الظاهر من الأخبار ومن كلمات العلماء . ويمكن أن يقال: إنّه ذو جهتين : فمن حيث إنّه بعد المعاصي وبعد الندم يكون من القسم الثاني، ومن حيث إنّ تمام التوبة بالاستغفار يكون من القسم الأوّل ، وخبر مسعدة بن زياد في خصوص استماع الغناء في الكنيف ، وقول الإمام(عليه السلام) له في آخر الخبر : «قم فاغتسل وصلّ ما بدا لك» يمكن توجيهه بكلّ من الوجهين ، والأظهر أنّه لسرعة قبول التوبة أو لكمالها .
الثاني : الغسل لقتل الوزغ ، ويحتمل أن يكون للشكر على توفيقه لقتله، حيث إنّه حيوان خبيث، والأخبار في ذمّه من الطرفين كثيرة ، ففي النبويّ(صلى الله عليه وآله) : «اقتلوا الوزغ ولو في جوف الكعبة». وفي آخر : «من قتله فكأنـّما قتل شيطاناً». ويحتمل أن يكون لأجل حدوث قذارة من المباشرة لقتله .
الثالث : غسل المولود ، وعن الصدوق وابن حمزة(رحمهما الله) وجوبه، لكنّه ضعيف ، ووقته من حين الولادة حيناً عرفياً ، فالتأخير إلى يومين أو ثلاثة لا يضرّ ، وقد يقال: إلى سبعة أيّام ، وربما قيل: ببقائه إلى آخر العمر ، والأولى على تقدير التأخير عن الحين العرفي الإتيان به برجاء المطلوبية .
الرابع : الغسل لرؤية المصلوب ، وذكروا أنّ استحبابه مشروط بأمرين :
أحدهما : أن يمشي لينظر إليه متعمّداً ، فلو اتفق نظره أو كان مجبوراً لا يستحبّ .
الثاني : أن يكون بعد ثلاثة أيّام إذا كان مصلوباً بحقّ لا قبلها ، بخلاف ما إذا كان مصلوباً بظلم، فإنّه يستحبّ معه مطلقاً، ولو كان في اليومين الأوّلين ، لكن الدليل على الشرط الثاني غير معلوم ، إلاّ دعوى الانصراف وهي محلّ منع . نعم، الشرط الأوّل ظاهر الخبر، وهو : «من قصد إلى مصلوب فنظر إليه وجب عليه الغسل عقوبة» وظاهره أنّ من مشى إليه لغرض صحيح كأداء الشهادة أو تحمّلها
(الصفحة 326)
لا يثبت في حقّه الغسل .
الخامس : غسل من فرّط في صلاة الكسوفين مع احتراق القرص; أي تركها عمداً ، فإنّه يستحبّ أن يغتسل ويقضيها ، وحكم بعضهم بوجوبه ، والأقوى عدم الوجوب، وإن كان الأحوط عدم تركه ، والظاهر أنّه مستحبّ نفسي بعد التفريط المذكور ، ولكن يحتمل أن يكون لأجل القضاء كما هو مذهب جماعة ، فالأولى الإتيان به بقصد القربة لا بملاحظة غاية أو سبب ، وإذا لم يكن الترك عن تفريط أو لم يكن القرص محترقاً لا يكون مستحباً ، وإن قيل باستحبابه مع التعمّد مطلقاً ، وقيل باستحبابه مع احتراق القرص مطلقاً .
السادس : غسل المرأة إذا تطيّبت لغير زوجها ، ففي الخبر : «أيّما امرأة تطيّبت لغيرزوجها لم تقبل منها صلاة حتّى تغتسل من طيبها كغسلها من جنابتها». واحتمال كون المراد غسل الطيب من بدنها كما عن صاحب الحدائق بعيد، ولا داعي إليه.
السابع : غسل من شرب مسكراً فنام ، ففي الحديث عن النبي(صلى الله عليه وآله)ما مضمونه : «ما من أحد نام على سكر إلاّ وصار عروساً للشيطان إلى الفجر ، فعليه أن يغتسل غسل الجنابة» .
الثامن : غسل من مسّ ميّتاً بعد غسله .
[1052] مسألة 1 : حكي عن المفيد استحباب الغسل لمن صبّ عليه ماء مظنون النجاسة ، ولا وجه له ، وربما يعدّ من الأغسال المسنونة غسل المجنون إذا أفاق ، ودليله غير معلوم ، وربما يقال: إنّه من جهة احتمال جنابته حال جنونه ، لكن على هذا يكون من غسل الجنابة الاحتياطية، فلا وجه لعدّه منها ، كما لا وجه لعدّ إعادة الغسل لذوي الأعذار المغتسلين حال العذر غسلا ناقصاً مثل الجبيرة ، وكذا عدّ غسل من رأى الجنابة في الثوب المشترك احتياطاً ، فإنّ هذه ليست من الأغسال المسنونة .
|