(الصفحة 59)
هذا لو فرض جسم لا يتأثّر بالرطوبة أصلاً ـ كما إذا دُهّن على نحو إذا غمس في الماء
لا يتبلّل أصلا ـ يمكن أن يقال: إنّه لا يتنجّس(1) بالملاقاة ولو مع الرطوبة المسرية ، ويحتمل أن يكون رجل الزنبور والذُباب والبَق من هذا القبيل .
[241] مسألة 13 : الملاقاة في الباطن لا توجب التنجيس ، فالنُخامة الخارجة من الأنف طاهرة وإن لاقت الدم في باطن الأنف . نعم، لو اُدخل فيه شيء من الخارج ولاقى الدم في الباطن فالأحوط(2) فيه الاجتناب .
فصل
[في أحكام النجاسة]
يشترط في صحّة الصلاة واجبة كانت أو مندوبة إزالة النجاسة عن البدن حتّى الظفر والشعر واللباس، ساتراً كان أو غير ساتر عدا ما سيجيء من مثل الجَورب ونحوه ممّا لا تتمّ الصلاة فيه ، وكذا يشترط في توابعها من صلاة الاحتياط وقضاء التشهد والسجدة المنسيّين ، وكذا في سجدتي السهو على الأحوط ، ولا يشترط فيما يتقدّمها من الأذان والإقامة والأدعية التي قبل تكبيرة الإحرام، ولا فيما يتأخّرها من التعقيب . ويلحق باللباس ـ على الأحوط ـ اللحاف الذي يتغطّى به المصلّي مضطجعاً إيماءً، سواء كان متستراً به أو لا ، وإن كان الأقوى في صورة عدم التستر به ـ بأن كان ساتره غيره ـ عدم الاشتراط ، ويشترط في صحّة الصلاة أيضاً إزالتها
عن موضع السجود دون المواضع الأُخر، فلابأس بنجاستها إلاّ إذا كانت مسرية
- (1) والظاهر هو التنجّس.
- (2) وإن كان الأقوى عدم لزومه.
(الصفحة 60)
إلى بدنه أو لباسه .
[242] مسألة 1 : إذا وضع جبهته على محلّ بعضه طاهر وبعضه نجس صحّ إذا كان الطاهر بمقدار الواجب ، فلا يضرّ كون البعض الآخر نجساً ، وإن كان الأحوط طهارة جميع ما يقع عليه ، ويكفي كون السطح الظاهر من المسجد طاهراً، وإن كان باطنه أو سطحه الآخر أو ما تحته نجساً ، فلو وضع التربة على محلّ نجس وكانت طاهرة ولو سطحها الظاهر صحّت الصلاة .
[243] مسألة 2 : تجب إزالة النجاسة عن المساجد داخلها وسقفها وسطحها وطرف الداخل من جُدرانها، بل والطرف الخارج على الأحوط، إلاّ أن لا يجعلها الواقف جزءاً من المسجد ، بل لو لم يجعل مكاناً مخصوصاً منها جزءاً لا يلحقه الحكم ، ووجوب الإِزالة فوريّ ، فلا يجوز التأخير بمقدار ينافي الفور العرفي ، ويحرم تنجيسها أيضاً ، بل لا يجوز إدخال عين النجاسة فيها، وإن لم تكن منجّسة إذا كانت موجبة لهتك حرمتها ، بل مطلقاً على الأحوط(1) ، وأمّا إدخال المتنجّس فلابأس به مالم يستلزم الهتك .
[244] مسألة 3 : وجوب إزالة النجاسة عن المساجد كفائيّ ، ولا اختصاص له بمن نجّسها أو صار سبباً ، فيجب على كلّ أحد .
[245] مسألة 4 : إذا رأى نجاسة في المسجد وقد دخل وقت الصلاة يجب المبادرة إلى إزالتها مقدّماً على الصلاة مع سعة وقتها ، ومع الضيق قدّمها ، ولو ترك الإزالة مع السعة واشتغل بالصلاة عصى لترك الإِزالة ، لكن في بطلان صلاته إشكال ، والأقوى الصحّة ، هذا إذا أمكنه الإِزالة ، وأمّا مع عدم قدرته مطلقاً أو في
ذلك الوقت فلا إشكال في صحّة صلاته ، ولا فرق في الإشكال في الصورة الأولى
(الصفحة 61)
بين أن يصلّي في ذلك المسجد أو في مسجد آخر ، وإذا اشتغل غيره بالإزالة
لا مانع(1) من مبادرته إلى الصلاة قبل تحقّق الإزالة .
[246] مسألة 5 : إذا صلّى ثمّ تبيّن له كون المسجد نجساً كانت صلاته صحيحة ، وكذا إذا كان عالماً بالنجاسة ثمّ غفل وصلّى ، وأمّا إذا علمها أو التفت إليها في أثناء الصلاة، فهل يجب إتمامها ثمّ الإِزالة، أو إبطالها والمبادرة إلى الإِزالة؟ وجهان أو وجوه ، والأقوى(2) وجوب الإتمام .
[247] مسألة 6 : إذا كان موضع من المسجد نجساً لا يجوز تنجيسه ثانياً بما يوجب تلويثه(3) ، بل وكذا مع عدم التلويث إذا كانت الثانية أشدّ وأغلظ من الأولى ، وإلاّ ففي تحريمه تأمّل بل منع إذا لم يستلزم تنجيس ما يجاوره من الموضع الطاهر ، لكنّه أحوط .
[248]مسألة 7 : لو توقّف تطهير المسجد على حفر أرضه جاز بل وجب ، وكذا لو توقّف على تخريب شيء منه ، ولا يجب(4) طَمّ الحفر وتعمير الخراب . نعم، لو كان مثل الآجر ممّا يمكن ردّه بعد التطهير وجب .
[249]مسألة 8 : إذا تنجّس حصير المسجد وجب تطهيره، أو قطع موضع
- (1) مع الاطمئنان بتحقّق الإزالة منه.
- (2) والأقوى أنّه لو علم بها في أثنائها ، فإن لم يعلم سبقها وأمكنه إزالتها بنزع أو غيره على وجه لا ينافي الصلاة مع بقاء الستر فعل ومضى في صلاته ، وإن لم يمكنه استأنفها لو كان الوقت واسعاً ، وإلاّ فإن أمكن طرح الثوب والصلاة عرياناً يصلّي كذلك على الأقوى. وإن لم يمكن صلّى بها ، وكذا لو عرضت له في الأثناء ، ولو علم سبقها وجب الاستئناف مع سعة الوقت مطلقاً.
- (3) أي المستلزم للهتك.
- (4) مع عدم كونه بفعله ، وإلاّ فالظاهر الوجوب.
(الصفحة 62)
النجس منه إذا كان ذلك أصلح من إخراجه(1) وتطهيره كما هو الغالب .
[250] مسألة 9 : إذا توقّف تطهير المسجد على تخريبه أجمع، كما إذا كان الجصّ الذي عمّر به نجساً، أو كان المباشر للبناء كافراً، فإن وجد متبرّع بالتعمير بعد الخراب جاز ، وإلاّ فمشكل .
[251] مسألة 10 : لا يجوز تنجيس المسجد الذي صار خراباً وإن لم يصلّ فيه أحد ، ويجب تطهيره إذا تنجّس .
[252] مسألة 11 : إذا توقّف تطهيره على تنجيس بعض المواضع الطاهرة لا مانع منه إن أمكن إزالته بعد ذلك ، كما إذا أراد تطهيره بصبّ الماء واستلزم ما ذكر .
[253] مسألة 12 : إذا توقّف التطهير على بذل مال وجب ، وهل يضمن من صار سبباً للتنجّس ؟ وجهان ، لا يخلو ثانيهما(2) من قوّة .
ففي جواز تنجيسه وعدم وجوب تطهيره كما قيل إشكال ، والأظهر(4) عدم جواز الأوّل بل وجوب الثاني أيضاً .
[255] مسألة 14 : إذا رأى الجنب نجاسة في المسجد، فإن أمكنه إزالتها بدون المكث في حال المرور وجب(5) المبادرة إليها ، وإلاّ فالظاهر وجوب التأخير إلى ما
- (1) أي المتوقّف عليه التطهير.
- (2) بل أوّلهما وهو الضمان.
- (3) لا فرق في الحكم بين القول بالجواز وعدمه لعدم ابتناء المسألة عليه، بل على تغيّر عنوان المسجد.
- (4) بل الأحوط.
- (5) مع فرض جواز الاجتياز والمرور كما في غير المسجدين.
(الصفحة 63)
بعد الغسل ، لكن يجب المبادرة إليه حفظاً للفوريّة بقدرِ الإِمكان ، وإن لم يمكن
التطهير إلاّ بالمكث جنباً فلا يبعد جوازه بل وجوبه(1) ، وكذا إذا استلزم التأخير إلى أن يغتسل هتك حرمته .
[256] مسألة 15 : في جواز تنجيس مساجد اليهود والنصارى إشكال ، وأمّا مساجد المسلمين فلا فرق فيها بين فِرَقهم .
[257] مسألة 16 : إذا علم عدم جعل الواقف صحن المسجد أو سقفه أو جُدرانه جزءاً من المسجد لا يلحقه الحكم; من وجوب التطهير، وحرمة التنجيس ، بل وكذا لو شك في ذلك ، وإن كان الأحوط(2) اللحوق .
[258] مسألة 17 : إذا علم إجمالا بنجاسة أحد المسجدين أو أحد المكانين من مسجد وجب تطهيرهما .
[259] مسألة 18 : لا فرق بين كون المسجد عامّاً أو خاصّاً(3) ، وأمّا المكان الذي أعدّه للصلاة في داره فلا يلحقه الحكم .
[260] مسألة 19 : هل يجب إعلام الغير إذا لم يتمكّن من الإزالة ؟ الظاهر العدم(4) إذا كان ممّا لا يوجب الهتك ، وإلاّ فهو الأحوط .
[261] مسألة 20 : المشاهد المشرّفة كالمساجد في حرمة التنجيس، بل وجوب الإزالة إذا كان تركها هتكاً، بل مطلقاً على الأحوط ، لكنّ الأقوى عدم
- (1) الوجوب مع كونه محلّ تأمّل في هذا الفرع دون الفرع الذي بعده إنّما هو مع التيمّم.
- (2) لا يترك في خصوص ما كان المتعارف فيه الجزئية كالسقف والجدران.
- (3) المراد به هي الخصوصية العنوانية ، كمسجد المحلّ أو السوق في مقابل المسجد الجامع.
- (4) إذا كان الإعلام موجباً للإقدام علماً أو احتمالاً فالظاهر هو الوجوب ، خصوصاً فيما إذا استلزم الهتك.