(الصفحة 444)
فصل
[في واجبات الصلاة وأركانها]
واجبات الصلاة أحد عشر : النيّة ، والقيام ، وتكبيرة الإحرام ، والركوع ، والسجود ، والقراءة ، والذكر ، والتشهّد ، والسلام ، والترتيب ، والموالاة .
والخمسة الاُولى أركان ، بمعنى أنّ زيادتها ونقيصتها عمداً وسهواً موجبة للبطلان، لكن لا يتصوّر الزيادة في النيّة بناءً على الداعي ، وبناءً على الإخطار غير قادحة ، والبقية واجبات غير ركنية ، فزيادتها ونقيصتها عمداً موجب للبطلان لا سهواً .
فصل
في النيّة
وهي القصد إلى الفعل بعنوان الامتثال والقربة ، ويكفي فيها الداعي القلبي ، ولا يعتبر فيها الإخطار بالبال ولا التلفّظ ، فحال الصلاة وسائر العبادات حال سائر الأعمال والأفعال الاختيارية; كالأكل والشرب والقيام والقعود ونحوها من حيث النيّة . نعم، تزيد عليها باعتبار القربة فيها ، بأن يكون الداعي والمحرّك هو الامتثال والقربة .
ولغايات الامتثال درجات :
أحدها: وهو أعلاها أن يقصد امتثال أمر الله; لأنّه تعالى أهل للعبادة والطاعة ، وهذا ما أشار إليه أمير المؤمنين(عليه السلام) بقوله :
«إلهي ما عبدتك خوفاً من نارك،
(الصفحة 445)
ولا طمعاً في جنّتك، بل وجدتك أهلاً للعبادة فعبدتك» .
الثاني : أن يقصد شكر نعمه التي لا تحصى .
الثالث : أن يقصد به تحصيل رضاه، والفرار من سخطه .
الرابع : أن يقصد به حصول القرب إليه .
الخامس : أن يقصد به الثواب ورفع العقاب ، بأن يكون الداعي إلى امتثال أمره رجاء ثوابه وتخليصه من النار ، وأمّا إذا كان قصده ذلك على وجه المعاوضة من دون أن يكون برجاء إثابته تعالى فيشكل صحّته ، وماورد من صلاة الاستسقاء وصلاة الحاجة إنّما يصح إذا كان على الوجه الأوّل .
[1414] مسألة 1 : يجب تعيين العمل إذا كان ما عليه فعلاً متعدّداً ، ولكن يكفي التعيين الإجمالي; كأن ينوي ما وجب عليه أوّلاً من الصلاتين مثلاً، أو ينوي ما اشتغلت ذمّته به أوّلاً أو ثانياً ، ولا يجب(1) مع الاتّحاد .
[1415] مسألة 2 : لا يجب(2) قصد الأداء والقضاء، ولا القصر والتمام، ولا الوجوب والندب إلاّ مع توقّف التعيين على قصد أحدهما ، بل لو قصد أحد الأمرين في مقام الآخر صح إذا كان على وجه الاشتباه في التطبيق; كأن قصد امتثال الأمر المتعلّق به فعلاً وتخيّل أنّه أمر أدائي فبان قضائياً، أو بالعكس، أو تخيّل أنّه وجوبي فبان ندبياً أو بالعكس ، وكذا القصر والتمام ، وأمّا إذا كان على وجه التقييد فلا يكون صحيحاً، كما إذا قصد امتثال الأمر الأدائي ليس إلاّ ، أو الأمر الوجوبي
- (1) بل يجب معه أيضاً، فإنّه لابدّ من قصد العناوين القصدية التي لا ينصرف العمل المشترك إلى بعضها إلاّ بالقصد، كعنواني الظهرية والعصرية، وكالفريضة والنافلة في مثل صلاة الصبح . نعم، يمكن التعيين الإجمالي في الثاني دون الأوّل .
- (2) الظاهر أنّ الأدائية والقضائية من العناوين القصدية التي لابدّ من قصدها دون عنواني القصر والإتمام .
(الصفحة 446)
ليس إلاّ، فبان الخلاف فإنّه باطل(1) .
[1416] مسألة 3 : إذا كان في أحد أماكن التخيير فنوى القصر يجوز له أن يعدل إلى التمام وبالعكس ما لم يتجاوز محلّ العدول ، بل لو نوى أحدهما وأتم على الآخر من غير التفات إلى العدول فالظاهر الصحّة ، ولا يجب التعيين حين الشروع أيضاً . نعم، لو نوى القصر فشك بين الاثنين والثلاث بعد إكمال السجدتين يشكل(2) العدول إلى التمام والبناء على الثلاث ، وإن كان لا يخلو من وجه، بل قد يقال بتعيّنه ، والأحوط العدول والإتمام مع صلاة الاحتياط والإعادة .
[1417] مسألة 4 : لا يجب في ابتداء العمل حين النيّة تصوّر الصلاة تفصيلاً بل يكفي الإجمال . نعم، يجب نية المجموع من الأفعال جملة أو الأجزاء على وجه يرجع إليها ، ولا يجوز(3) تفريق النيّة على الأجزاء على وجه لا يرجع إلى قصد الجملة، كأن يقصد كلاًّ منها على وجه الاستقلال من غير لحاظ الجزئية .
[1418] مسألة 5 : لا ينافي نية الوجوب اشتمال الصلاة على الأجزاءالمندوبة ، ولا يجب ملاحظتها في ابتداء الصلاة، ولا تجديد النيّة على وجه الندب حين الإتيان بها .
[1419] مسألة 6 : الأحوط ترك التلفّظ بالنيّة في الصلاة، خصوصاً في صلاة الاحتياط للشكوك ، وإن كان الأقوى معه الصحّة(5) .
- (1) البطلان على تقديره إنّما هو في مثل الأداء والقضاء دون غيره، وفيه أيضاً محلّ تأمّل.
- (2) قد مرّت الإشارة إلى أنّ عنواني القصر والإتمام ليسا من العناوين القصديّة، وعليه لا يبقى مجال للعدول، بل يبني على الثلاث في المثال، ولكن الأحوط الإعادة أيضاً .
- (3) بل لا يجتمع ذلك مع قصد أمر الصلاة .
- (4) بشرط أن لا ينوي وجوبها.
- (5) لا يترك الاحتياط في صلاة الاحتياط، بل البطلان لا يخلو عن قوّة .
(الصفحة 447)
[1420] مسألة 7 : من لا يعرف الصلاة يجب عليه أن يأخذ من يلقّنه فيأتي بها جزءاً فجزءاً ، ويجب عليه أن ينويها أوّلاً على الإجمال .
[1421] مسألة 8 : يشترط في نية الصلاة بل مطلق العبادات الخلوص عن الرياء ، فلو نوى بها الرياء بطلت ، بل هو من المعاصي الكبيرة ; لأنّه شرك بالله تعالى .
ثمّ إن دخول الرياء في العمل على وجوه :
أحدها : أن يأتي بالعمل لمجرّد إرائة الناس، من دون أن يقصد به امتثال أمر الله تعالى ، وهذا باطل بلا إشكال ; لأنّه فاقد لقصد القربة أيضاً .
الثاني : أن يكون داعيه ومحرّكه على العمل القربة وامتثال الأمر والرياء معاً ، وهذا أيضاً باطل، سواء كانا مستقلّين أو كان أحدهما تبعاً والآخر مستقلاًّ، أو كانا معاً ومنضمّـاً محرّكاً وداعياً .
الثالث : أن يقصد ببعض الأجزاء الواجبة الرياء ، وهذا أيضاً باطل وإن كان محلّ التدارك باقياً . نعم، في مثل الأعمال التي لا يرتبط بعضها ببعض، أو لا ينافيها الزيادة في الأثناء; كقراءة القرآن والأذان والإقامة إذا أتى ببعض الآيات أو الفصول من الأذان اختصّ البطلان به ، فلو تدارك بالإعادة صح .
الرابع : أن يقصد ببعض الأجزاء المستحبة الرياء كالقنوت في الصلاة ، و هذا أيضاً باطل على الأقوى .
الخامس : أن يكون أصل العمل لله، لكن أتى به في مكان وقصد بإتيانه في ذلك المكان الرياء، كما إذا أتى به في المسجد أو بعض المشاهد رياء ، وهذا أيضاً باطل على الأقوى ، وكذا إذا كان وقوفه في الصف الأوّل من الجماعة أو في الطرف الأيمن رياءً .
السادس : أن يكون الرياء من حيث الزمان، كالصلاة في أوّل الوقت رياءً ، وهذا أيضاً باطل على الأقوى .
(الصفحة 448)
السابع : أن يكون الرياء من حيث أوصاف العمل، كالإتيان بالصلاة جماعة أو القراءة بالتأنّي أو بالخشوع أو نحو ذلك ، وهذا أيضاً باطل على الأقوى .
الثامن : أن يكون في مقدّمات العمل، كما إذا كان الرياء في مشيه إلى المسجد لا في إتيانه في المسجد، والظاهر عدم البطلان في هذه الصورة .
التاسع : أن يكون في بعض الأعمال الخارجة عن الصلاة، كالتحنّك حال الصلاة ، وهذا لا يكون مبطلاً إلاّ إذا رجع إلى الرياء في الصلاة متحنّكاً .
العاشر : أن يكون العمل خالصاً لله، لكن كان بحيث يعجبه أن يراه الناس، والظاهر عدم بطلانه أيضاً ، كما أنّ الخطور القلبي لا يضرّ، خصوصاً إذا كان بحيث يتأذّى بهذا الخطور ، وكذا لا يضرّ الرياء(1) بترك الأضداد .
[1422] مسألة 9 : الرياء المتأخّر لا يوجب البطلان، بأن كان حين العمل قاصداً للخلوص ثمّ بعد تمامه بدا له في ذكره، أو عمل عملاً يدلّ على أنّه فعل كذا .
[1423] مسألة 10 : العجب المتأخّر لا يكون مبطلا ، بخلاف المقارن فإنّه مبطل على الأحوط ، وإن كان الأقوى خلافه .
[1424] مسألة 11 : غير الرياء من الضمائم إمّا حرام أو مباح أو راجح ، فإن كان حراماً وكان متّحداً مع العمل أو مع جزء منه بطل كالرياء ، وإن كان خارجاً عن العمل مقارناً له لم يكن مبطلا . وإن كان مباحاً أو راجحاً، فإن كان تبعاً وكان داعي القربة مستقلاًّ فلا إشكال في الصحّة ، وإن كان مستقلاًّ وكان داعي القربة تبعاً بطل ، وكذا إذا كانا معاً منضمّين محرّكاً وداعياً على العمل ، وإن كانا مستقلّين فالأقوى الصحّة(2) ، وإن كان الأحوط الإعادة .
[1425] مسألة 12 : إذا أتى ببعض أجزاء الصلاة بقصد الصلاة وغيرها; كأن
- (1) إلاّ إذا رجع إلى الرياء في الصلاة بتركها .
- (2) بل الأقوى البطلان في غير الضميمة الراجحة .