(الصفحة 153)
يكون الإجراء والغسل منهما معا .
[561] مسألة 22 : إذا كان الماء جارياً من ميزاب أو نحوه فجعل وجهه أو يده تحته بحيث جرى الماء عليه بقصد الوضوء صحّ ، ولا ينافي وجوب المباشرة ، بل يمكن أن يقال: إذا كان شخص يصبّ الماء من مكان عال لا بقصد أن يتوضّأ به أحد، وجعل هو يده أو وجهه تحته صحّ أيضاً ، ولا يعدّ هذا من إعانة الغير أيضاً .
وإن توقّف على الأُجرة ، فيغسل الغير أعضاءه وينوي هو الوضوء ، ولو أمكن إجراء الغير الماء بيد المنوب عنه; بأن يأخذ يده ويصبّ الماء فيها ويجريه بها هل يجب أم لا؟ الأحوط ذلك ، وإن كان الأقوى عدم وجوبه ; لأنّ مناط المباشرة في الإجراء، واليد آلة، والمفروض أنّ فعل الإجراء من النائب . نعم، في المسح لابدّ من كونه بيد المنوب عنه لا النائب ، فيأخذ يده ويمسح بها رأسه ورجليه ، وإن لم يمكن ذلك أخذ الرطوبة التي في يده ويمسح بها(2) ، ولو كان يقدر على المباشرة في بعض دون بعض بعَّض .
العاشر الترتيب، بتقديم الوجه، ثمّ اليد اليمنى، ثمّ اليد اليسرى، ثمّ مسح الرأس، ثمّ الرجلين(3) ، ولا يجب الترتيب بين أجزاء كلّ عضو . نعم، يجب مراعاة الأعلى فالأعلى كما مرّ ، ولو أخلّ بالترتيب ولو جهلا أو نسياناً بطل إذا تذكّر بعد الفراغ
وفوات الموالاة . وكذا إن تذكّر في الأثناء، لكن كانت نيّته فاسدة، حيث نوى
- (1) التعبير المناسب هو الاستعانة دون الاستنابة ، والفرق بينهما ظاهر من جهة النيّة ، ولكنّه حيث يكون التعبير في معقد الإجماع هي الاستنابة فمقتضى الاحتياط اللاّزم تصدّي كلّ منهما للنيّة.
- (2) والأحوط ضمّ التيمّم إليه.
- (3) والأحوط فيه تقديم اليمنى على اليسرى أيضاً.
(الصفحة 154)
الوضوء على هذا الوجه ، وإن لم تكن نيّته فاسدة فيعود على ما يحصل به
الترتيب (1)، ولا فرق في وجوب الترتيب بين الوضوء الترتيبي والارتماسي .
الحادي عشر : الموالاة ، بمعنى عدم جفاف الأعضاء السابقة قبل الشروع في اللاحقة ، فلو جفّ تمام ما سبق بطل ، بل لو جفّ العضو السابق على العضو الذي يريد أن يشرع فيه الأحوط(2) الاستئناف، وإن بقيت الرطوبة في العضو السابق على السابق ، واعتبار عدم الجفاف إنّما هو إذا كان الجفاف من جهة الفصل بين الأعضاء أو طول الزمان ، وأمّا إذا تابع في الأفعال وحصل الجفاف من جهة حرارة بدنه أو حرارة الهواء أو غير ذلك فلا بطلان ، فالشرط في الحقيقة أحد الأمرين من التتابع العرفي وعدم الجفاف ، وذهب بعض العلماء إلى وجوب الموالاة بمعنى التتابع ، وإن كان لا يبطل الوضوء بتركه إذا حصلت الموالاة بمعنى عدم الجفاف ، ثمّ إنّه لا يلزم بقاء الرطوبة في تمام العضو السابق، بل يكفي بقاؤها في الجملة ولو في بعض أجزاء ذلك العضو .
[563] مسألة 24 : إذا توضّأ وشرع في الصلاة ثمّ تذكّر أنّه ترك بعض المسحات أو تمامها بطلت صلاته ووضوؤه أيضاً إذا لم تبق الرطوبة في أعضائه ، وإلاّ أخذها ومسح بها واستأنف الصلاة .
[564] مسألة 25 :إذا مشى بعد الغسلات خطوات ثمّ أتى بالمسحات لا بأس، وكذا قبل تمام الغسلات إذا أتى بما بقي ، ويجوز التوضّؤ ماشياً .
[565] مسألة 26 : إذا ترك الموالاة نسياناً بطل وضوؤه مع فرض عدم التتابع العرفي أيضاً ، وكذا لو اعتقد عدم الجفاف ثمّ تبيّن الخلاف .
- (1) ولم يفت به الموالاة.
- (2) والأولى.
(الصفحة 155)
[566] مسألة 27 : إذا جفّ الوجه حين الشروع في اليد لكن بقيت
الرطوبة في مسترسل اللحية، أو الأطراف الخارجة عن الحدّ ففي كفايتها
إشكال(1) .
الثاني عشر : النيّة ، وهي القصد إلى الفعل مع كون الداعي أمر الله تعالى ، إمّا لأنّه تعالى أهل للطاعة وهو أعلى الوجوه ، أو لدخول الجنّة والفرار من النار وهو أدناها ، وما بينهما متوسّطات ، ولا يلزم التلفّظ بالنيّة، بل ولا إخطارها بالبال ، بل يكفي وجود الداعي في القلب بحيث لو سئل عن شغله يقول أتوضّأ مثلاً ، وأمّا لو كان غافلا بحيث لو سئل بقي متحيّراً فلا يكفي، وإن كان مسبوقاً بالعزم والقصد حين المقدّمات .
الوجوب(3) والندب لا وصفاً ولا غايةً، ولا نيّة وجه الوجوب والندب; بأن يقول: أتوضّأ الوضوء الواجب أو المندوب، أو لوجوبه أو ندبه، أو أتوضّأ لما فيه من المصلحة ، بل يكفي قصد القربة وإتيانه لداعي الله ، بل لو نوى أحدهما في موضع الآخر كفى إن لم يكن على وجه التشريع أو التقييد ، فلو اعتقد دخول الوقت، فنوى الوجوب وصفاً أو غايةً ثمّ تبيّن عدم دخوله صحّ إذا لم يكن على وجه التقييد ، وإلاّ بطل(4)، كأن يقول : أتوضّأ لوجوبه وإلاّ فلا أتوضّأ .
[567] مسألة 28 :لا يجب في الوضوء قصد رفع الحدث أو الاستباحة على
- (1) والأحوط عدم الكفاية.
- (2) ويعيد ما أتى به بهذا النحو.
- (3) بل قد عرفت أنّه لا معنى لنيّة الوجوب; لعدم كون الوضوء واجباً أصلاً.
- (4) قد مرّ خلافه.
(الصفحة 156)
الأقوى ، ولا قصد الغاية(1) التي اُمر لأجلها بالوضوء ، وكذا لا يجب قصد الموجبمن بول أو نوم كما مرّ . نعم، قصد الغاية معتبر في تحقّق الامتثال; بمعنى أنّه لو قصدها يكون ممتثلا للأمر الآتي من جهتها ، وإن لم يقصدها يكون أداءً للمأمور به لا امتثالا ، فالمقصود من عدم اعتبار قصد الغاية عدم اعتباره في الصحّة، وإن كان معتبراً في تحقّق الامتثال .
نعم، قد يكون الأداء موقوفاً على الامتثال ، فحينئذ لا يحصل الأداء أيضاً ، كما لو نذر أن يتوضّأ لغاية معيّنة فتوضّأ ولم يقصدها ،فإنّه لا يكون ممتثلا للأمرالنذري ولا يكون أداءً للمأمور به بالأمر النذري أيضاً، وإن كان وضوؤه صحيحاً ; لأنّ أداءه فرع قصده . نعم، هو أداء للمأمور به بالأمر الوضوئي .
الثالث عشر : الخلوص ، فلو ضمّ إليه الرياء بطل ، سواء كانت القربة مستقلّة والرياء تبعاً أو بالعكس، أو كان كلاهما مستقلاًّ ، وسواء كان الرياء في أصل العمل، أو في كيفيّاته، أو في أجزائه ، بل ولو كان جزءاً مستحباً(3) على الأقوى ، وسواء نوى الرياء من أوّل العمل أو نوى في الأثناء ، وسواء تاب منه أم لا ، فالرياء في
العمل بأيّ وجه كان مبطل له; لقوله تعالى على ما في الأخبار : «أنا خير شريك ، من عمل لي ولغيري تركته لغيري».
- (1) إن كان المراد بالغاية هي مثل الصلاة والطواف، فقد عرفت أنّه لا يتوجّه من قبلها الأمر إلى الوضوء أصلاً ، لعدم وجوب المقدّمة، وإن كان المراد بها هي الكون على الطهارة فالظاهر لزوم قصدها أو قصد القربة المستلزم له، وقد مرّ أنّ استحباب الوضوء خالياً عن كلّ غاية حتّى الكون على الطهارة محلّ إشكال، بل منع.
- (2) هذا التعبير يشعر بكون المراد بالامتثال امتثال أمر آخر غير الأمر المتعلّق بالوضوء من جهة الغاية على مبناه، مع أنّ المراد هذا الامتثال ، مضافاً إلى أنّ الأمر النذري أمر توصّلي لا تعبّدي.
- (3) إذا رجع الرياء فيه إلى الرياء في العمل المشتمل عليه.
(الصفحة 157)
هذا، ولكن إبطاله إنّما هو إذا كان جزءاً من الداعي على العمل ولو على وجه التبعيّة، وأمّا إذا لم يكن كذلك، بل كان مجرّد خطور في القلب من دون أن يكون جزءاً من الداعي فلايكون مبطلا، وإذا شك حين العمل في أنّ داعيه محض القربة أو مركّب منها ومن الرياء فالعمل باطل ; لعدم إحراز الخلوص الذي هو الشرط في الصحّة .
وأمّا العجب: فالمتأخّر منه لا يبطل العمل ، وكذا المقارن، وإن كان الأحوط فيه الإعادة .
وأمّا السمعة(1): فإن كانت داعية على العمل أو كانت جزءاً من الداعي بطل ، وإلاّ فلا، كما في الرياء ، فإذا كان الداعي له على العمل هو القربة، إلاّ أنّه يفرح إذا اطّلع عليه الناس من غير أن يكون داخلا في قصده لا يكون باطلا ، لكن ينبغي للإِنسان أن يكون ملتفتاً، فإنّ الشيطان غرور وعدوّ مبين .
مباحة فالأقوى أنّها أيضاً كذلك، كضمّ التبرّد إلى القربة ، لكنّ الأحوط في صورة استقلالهما أيضاً الإعادة. وإن كانت محرّمة غير الرياء والسمعة فهي في الإبطال مثل
الرياء(4) ، لأنّ الفعل يصير محرّماً ، فيكون باطلا . نعم، الفرق بينها وبين الرياء أنّه لو
- (1) معناها أن يقصد بالعمل سماع الناس به ، فيعظم مرتبته عندهم بسببه ، وهي من أفراد الرياء.
- (2) في كون هذا مثالاً للضميمة الراجحة إشكال، بل منع.
- (3) الأقوى البطلان في صورة استقلالهما.
- (4) إذا كان ما انضمّ قصده من الشيء المحرّم متّحداً وجوداً مع الفعل العبادي، وأمّا إذا كان مترتّباً عليه في الخارج وملازماً له في التحقّق فحكمه حكم الضميمة المباحة في الأقسام الأربعة.