(الصفحة 161)
منهما بنى على(1) أنّه محدث إذا جهل تاريخهما، أو جهل تاريخ الوضوء ، وأمّا إذا جهلتاريخ الحدث وعلم تاريخ الوضوء بنى على بقائه ، ولا يجري استصحاب الحدث حينئذ حتّى يعارضه ; لعدم اتّصال الشك باليقين به حتّى يحكم ببقائه ، والأمر في صورة جهلهما أو جهل تاريخ الوضوء وإن كان كذلك، إلاّ أنّ مقتضى شرطيّة الوضوء وجوب إحرازه ، ولكنّ الأحوط الوضوء في هذه الصورة أيضاً .
[577] مسألة 38 : من كان مأموراً بالوضوء من جهة الشك فيه بعد الحدث إذا نسي وصلّى فلا إشكال في بطلان صلاته بحسب الظاهر ، فيجب عليه الإعادة إن تذكّر في الوقت، والقضاء إن تذكّر بعد الوقت ، وأمّا إذا كان مأموراً به من جهة الجهل بالحالة السابقة فنسيه وصلّى يمكن أن(2) يقال بصحّة صلاته من باب قاعدة الفراغ ، لكنّه مشكل ، فالأحوط الإعادة أو القضاء في هذه الصورة أيضاً ، وكذا الحال إذا كان من جهة تعاقب الحالتين والشك في المتقدّم منهما .
[578] مسألة 39 : إذا كان متوضّئاً وتوضّأ للتجديد وصلّى ثمّ تيقّن بطلان أحد الوضوءين ولم يعلم أيّهما لا إشكال في صحّة صلاته ، ولا يجب عليه الوضوء
للصلوات الآتية أيضاً، بناءً على ما هو الحقّ من أنّ التجديدي إذا صادف الحدث صحّ ، وأمّا إذا صلّى بعد كلّ من الوضوءين ثمّ تيقّن بطلان أحدهما فالصلاة الثانية
- (1) الظاهر أنّه يجب الأخذ بضدّ الحالة السابقة في مجهولي التاريخ ، سواء كانت الحالة السابقة هي الطهارة أو الحدث ، وفيما إذا كان أحدهما معلوماً ، فإن كانت الحالة السابقة هي الحدث وعلم بتاريخ الطهارة فالحكم هو البقاء على الطهارة ، وإن كان في هذا الفرض تاريخ الحدث معلوماً فالحكم وجوب تحصيل الطهارة ، وإن كانت الحالة السابقة هي الطهارة ، فإن كان تاريخ الطهارة اللاحقة معلوماً فالحكم أيضاً وجوب تحصيلها، وكذا لو كان في هذا الفرض تاريخ الحدث معلوماً، وأمّا إذا لم تكن الحالة السابقة معلومة فالحكم في جميع الصور الثلاثة المذكورة في المتن هو لزوم تحصيل الطهارة.
- (2) الظاهر هو البطلان فيه وفيما بعده.
(الصفحة 162)
صحيحة ، وأمّا الأُولى فالأحوط إعادتها ، وإن كان لا يبعد جريان قاعدة
الفراغ فيها .
[579] مسألة 40 : إذا توضّأ وضوءين وصلّى بعدهما ثمّ علم بحدوث حدث بعد أحدهما يجب الوضوء للصلوات الآتية ; لأنّه يرجع إلى العلم بوضوء وحدث والشك في المتأخّر منهما ، وأمّا صلاته فيمكن الحكم بصحّتها من باب قاعدة الفراغ، بل هو الأظهر .
[580] مسألة 41 : إذا توضّأ وضوءين وصلّى بعد كلّ واحد صلاة ثمّ علم حدوث حدث بعد أحدهما(1) يجب الوضوء للصلاة الآتية، وإعادة الصلاتين السابقتين إن كانتا مختلفتين في العدد ، وإلاّ يكفي صلاة واحدة بقصد ما في الذمّة جهراً إذا كانتا جهريّتين، وإخفاتاً إذا كانتا إخفاتيّتين، ومخيّراً بين الجهر والإخفات إذا كانتا مختلفتين ، والأحوط في هذه الصورة إعادة كلتيهما .
[581] مسألة 42 : إذا صلّى بعد كلّ من الوضوءين نافلة ثمّ علم حدوث حدث بعد أحدهما، فالحال على منوال الواجبين ، لكن هنا يستحبّ الإعادة، إذ الفرض كونهما نافلة ، وأمّا إذا كان في الصورة المفروضة إحدى الصلاتين واجبة والاُخرى نافلة فيمكن أن يقال بجريان قاعدة الفراغ في الواجبة، وعدم معارضتها بجريانها في النافلة أيضاً ; لأنّه لا يلزم من إجرائهما فيهما طرح تكليف منجّز ، إلاّ أنّ الأقوى عدم جريانها للعلم الإجمالي، فيجب إعادة الواجبة ويستحبّ إعادة النافلة .
[582] مسألة 43 : إذا كان متوضّئاً وحدث منه بعده صلاة وحدث، ولا يعلم أيّهما المقدّم، وأنّ المقدّم هي الصلاة حتّى تكون صحيحة، أو الحدث حتّى تكون
(الصفحة 163)
باطلة، الأقوى صحّة الصلاة لقاعدة الفراغ، خصوصاً إذا كان تاريخ الصلاة
معلوماً; لجريان استصحاب بقاء الطهارة أيضاً إلى ما بعد الصلاة .
[583] مسألة 44 : إذا تيقّن بعد الفراغ من الوضوء أنّه ترك جزءاً منه ولا يدري أنّه الجزء الوجوبي أو الجزء الاستحبابي، فالظاهر الحكم بصحّة وضوئه; لقاعدة الفراغ ، ولا تعارض بجريانها في الجزء الاستحبابي; لأنّه لا أثر
لها بالنسبة إليه ، ونظير ذلك ما إذا توضّأ وضوءاً لقراءة القرآن، وتوضّأ في وقت آخر وضوءاً للصلاة الواجبة، ثمّ علم ببطلان أحد الوضوءين، فإنّ مقتضى قاعدة الفراغ صحّة الصلاة ، ولا تعارض بجريانها في القراءة أيضاً; لعدم أثر لها بالنسبة إليها .
[584] مسألة 45 : إذا تيقّن ترك جزء أو شرط من أجزاء أو شرائط الوضوء، فإن لم تفت الموالاة رجع وتدارك وأتى بما بعده ، وأمّا إن شك في ذلك، فإمّا أن يكون بعد الفراغ أو في الأثناء، فإن كان في الأثناء رجع وأتى به(1) وبما بعده، وإن كان الشك قبل مسح الرجل اليسرى في غسل الوجه مثلا أو في جزء منه . وإن كان بعد الفراغ في غير الجزء الأخير بنى على الصحّة; لقاعدة الفراغ ، وكذا إن كان الشك في الجزء الأخير إن كان بعد الدخول في عمل آخر، أو كان بعد ما جلس طويلا، أو كان بعد القيام عن محلّ الوضوء ، وإن كان قبل ذلك أتى به إن لم تفت الموالاة ، وإلاّ استأنف .
[585] مسألة 46 : لا اعتبار بشك كثير الشك، سواء كان في الأجزاء، أو في الشرائط، أو الموانع .
- (1) هذا إنّما يتمّ في الأجزاء، وأمّا في الشرائط فلا، سواء كان شرط صحّة الجزء أو شرط أصل الوضوء، فلو شك في غسل اليد منكوساً لا يعتنى به ، وكذا لو شكّ في إطلاق الماء ، فإنّه لا يعتنى به بالإضافة إلى ما مضى ، وإن كان يجب إحرازه بالنسبة إلى ما يأتي.
(الصفحة 164)
[586] مسألة 47 : التيمّم الذي هو بدل عن الوضوء لا يلحقه حكمه في الاعتناء بالشك إذا كان في الأثناء ، وكذا الغسل والتيمّم بدله ، بل المناط فيها
التجاوز عن محلّ المشكوك فيه وعدمه ، فمع التجاوز تجري قاعدة التجاوز وإن كان في الأثناء ، مثلا إذا شك بعد الشروع في مسح الجبهة في أنّه ضرب بيديه على الأرض أم لا يبني على أنّه ضرب بهما ، وكذا إذا شك بعد الشروع في الطرف الأيمن في الغسل أنّه غسل رأسه أم لا لا يعتني به ، لكن الأحوط إلحاق المذكورات أيضاً بالوضوء .
[587] مسألة 48 : إذا علم بعد الفراغ من الوضوء أنّه مسح على الحائل، أو مسح في موضع الغسل، أو غسل في موضع المسح، ولكن شك في أنّه هل كان هناك مسوّغ لذلك من جبيرة أو ضرورة أو تقيّة أو لا، بل فعل ذلك على غير الوجه الشرعي؟ الظاهر الصحّة، حملا للفعل على الصحّة لقاعدة الفراغ أو غيرها ، وكذا لو علم أنّه مسح بالماء الجديد ولم يعلم أنّه من جهة وجود المسوّغ أو لا ، والأحوط(1) الإعادة في الجميع .
[588] مسألة 49 : إذا تيقّن أنّه دخل في الوضوء وأتى ببعض أفعاله ولكن شك في أنّه أتمّه على الوجه الصحيح أو لا، بل عدل عنه اختياراً أو اضطراراً، الظاهر عدم جريان قاعدة الفراغ فيجب الإتيان به; لأنّ مورد القاعدة ما إذا علم كونه بانياً على إتمام العمل وعازماً عليه، إلاّ أنّه شاك في إتيان الجزء الفلاني أم لا، وفي المفروض لا يعلم ذلك ، وبعبارة اُخرى مورد القاعدة صورة احتمال عروض النسيان لا احتمال العدول عن القصد .
[589] مسألة 50 : إذا شك في وجود الحاجب وعدمه قبل الوضوء أو في
(الصفحة 165)
بالوجود ، وإلاّ وجب تحصيل اليقين، ولا يكفي الظنّ . وإن شك بعد الفراغ في أنّه كان موجوداً أم لا بنى على عدمه، ويصحّ وضوؤه ، وكذا إذا تيقّن أنّه كان موجوداً وشك في أنّه أزاله أو أوصل الماء تحته أم لا . نعم، في الحاجب الذي قد يصل الماء تحته وقد لا يصل إذا علم أنّه لم يكن ملتفتاً إليه حين الغسل، ولكن شك في أنّه وصل الماء تحته من باب الاتّفاق أم لا ، يشكل جريان قاعدة الفراغ فيه(2) ، فلا يترك الاحتياط بالإعادة ، وكذا إذا علم بوجود الحاجب المعلوم أو المشكوك حجبه وشك في كونه موجوداً حال الوضوء أو طرأ بعده، فإنّه يبني على الصحّة ، إلاّ إذا علم أنّه في حال الوضوء لم يكن ملتفتاً إليه، فإنّ الأحوط الإعادة حينئذ .
[590] مسألة 51 : إذا علم بوجود مانع وعلم زمان حدوثه وشك في أنّ الوضوء كان قبل حدوثه أو بعده يبني على الصحّة; لقاعدة الفراغ ، إلاّ إذا علم عدم الالتفات إليه حين الوضوء، فالأحوط(3) الإعادة حينئذ .
[591] مسألة 52 : إذا كان محلّ وضوئه من بدنه نجساً، فتوضّأ وشك بعده في أنّه طهّره ثمّ توضّأ أم لا بنى على بقاء النجاسة(4) ، فيجب غسله لما يأتي من الأعمال ، وأمّا وضوؤه فمحكوم بالصحّة عملا بقاعدة الفراغ ، إلاّ مع علمه بعدم التفاته حين الوضوء إلى الطهارة والنجاسة . وكذا لو كان عالماً بنجاسة الماء الذي توضّأ منه سابقاً على الوضوء، ويشك في أنّه طهّره بالاتّصال بالكرّ أو بالمطر أم لا، فإنّ وضوءه محكوم بالصحّة والماء محكوم بالنجاسة، ويجب عليه غسل كلّ ما
- (1) مع كون منشؤه أمراً يعتني به العقلاء، ومعه لا يكفي مجرّد الظنّ بالعدم، بل لابدّ من الاطمئنان كما مرّ.
- (2) بل الظاهر عدم الجريان.
- (3) بل الظاهر.
- (4) مع عدم كون الغسل الوضوئي كافياً في تطهيره.