(الصفحة 165)
بالوجود ، وإلاّ وجب تحصيل اليقين، ولا يكفي الظنّ . وإن شك بعد الفراغ في أنّه كان موجوداً أم لا بنى على عدمه، ويصحّ وضوؤه ، وكذا إذا تيقّن أنّه كان موجوداً وشك في أنّه أزاله أو أوصل الماء تحته أم لا . نعم، في الحاجب الذي قد يصل الماء تحته وقد لا يصل إذا علم أنّه لم يكن ملتفتاً إليه حين الغسل، ولكن شك في أنّه وصل الماء تحته من باب الاتّفاق أم لا ، يشكل جريان قاعدة الفراغ فيه(2) ، فلا يترك الاحتياط بالإعادة ، وكذا إذا علم بوجود الحاجب المعلوم أو المشكوك حجبه وشك في كونه موجوداً حال الوضوء أو طرأ بعده، فإنّه يبني على الصحّة ، إلاّ إذا علم أنّه في حال الوضوء لم يكن ملتفتاً إليه، فإنّ الأحوط الإعادة حينئذ .
[590] مسألة 51 : إذا علم بوجود مانع وعلم زمان حدوثه وشك في أنّ الوضوء كان قبل حدوثه أو بعده يبني على الصحّة; لقاعدة الفراغ ، إلاّ إذا علم عدم الالتفات إليه حين الوضوء، فالأحوط(3) الإعادة حينئذ .
[591] مسألة 52 : إذا كان محلّ وضوئه من بدنه نجساً، فتوضّأ وشك بعده في أنّه طهّره ثمّ توضّأ أم لا بنى على بقاء النجاسة(4) ، فيجب غسله لما يأتي من الأعمال ، وأمّا وضوؤه فمحكوم بالصحّة عملا بقاعدة الفراغ ، إلاّ مع علمه بعدم التفاته حين الوضوء إلى الطهارة والنجاسة . وكذا لو كان عالماً بنجاسة الماء الذي توضّأ منه سابقاً على الوضوء، ويشك في أنّه طهّره بالاتّصال بالكرّ أو بالمطر أم لا، فإنّ وضوءه محكوم بالصحّة والماء محكوم بالنجاسة، ويجب عليه غسل كلّ ما
- (1) مع كون منشؤه أمراً يعتني به العقلاء، ومعه لا يكفي مجرّد الظنّ بالعدم، بل لابدّ من الاطمئنان كما مرّ.
- (2) بل الظاهر عدم الجريان.
- (3) بل الظاهر.
- (4) مع عدم كون الغسل الوضوئي كافياً في تطهيره.
(الصفحة 166)
لاقاه ، وكذا في الفرض الأوّل، يجب غسل جميع ما وصل إليه الماء حين التوضّؤ أو
لاقى محلّ الوضوء مع الرطوبة .
[592] مسألة 53 : إذا شك بعد الصلاة في الوضوء لها وعدمه بنى على صحتها ، لكنّه محكوم ببقاء حدثه ، فيجب عليه الوضوء للصلوات الآتية ، ولو كان الشك في أثناء الصلاة وجب الاستئناف بعد الوضوء، والأحوط الإتمام مع تلك الحالة ثمّ الإعادة بعد الوضوء .
[593] مسألة 54 : إذا تيقّن بعد الوضوء أنّه ترك منه جزءاً أو شرطاً أو أوجد مانعاً، ثمّ تبدّل يقينه بالشك يبني على الصحّة عملا بقاعدة الفراغ ، ولا يضرّها اليقين بالبطلان بعد تبدّله بالشك ، ولو تيقّن بالصحّة ثمّ شك فيها فأولى بجريان القاعدة .
[594] مسألة 55 : إذا علم قبل تمام المسحات أنّه ترك غسل اليد اليسرى، أو شك في ذلك فأتى به وتمّم الوضوء، ثمّ علم أنّه كان غسله، يحتمل الحكم ببطلان الوضوء من جهة كون المسحات أو بعضها بالماء الجديد ، لكن الأقوى صحّته; لأنّ الغسلة الثانية مستحبّة(1) على الأقوى حتّى في اليد اليسرى ، فهذه الغسلة كانت مأموراً بها في الواقع ، فهي محسوبة من الغسلة المستحبّة ، ولا يضرّها نيّة الوجوب ، لكن الأحوط إعادة الوضوء; لاحتمال اعتبار قصد كونها ثانية في استحبابها .
هذا، ولو كان آتياً بالغسلة الثانية المستحبّة وصارت هذه ثالثة تعيّن البطلان; لما ذكر من لزوم المسح بالماء الجديد .
- (1) قد مرّ الإشكال في استحبابها ، ولكن شرعيّتها بالمعنى المتقدّم خالية عن الإشكال فيصحّ الوضوء.
(الصفحة 167)
فصل
في أحكام الجبائر
وهي الألواح الموضوعة على الكسر والخرق، والأدوية الموضوعة على الجروح والقروح والدماميل .
فالجُرح ونحوه إمّا مكشوف أو مجبور ، وعلى التقديرين إمّا في موضع الغسل أو في موضع المسح ، ثمّ إمّا على بعض العضو أو تمامه أو تمام الأعضاء ، ثمّ إمّا يمكن غسل المحلّ أو مسحه أو لا يمكن ، فإن أمكن ذلك بلا مشقّة ولو بتكرار(1) الماء عليه حتّى يصل إليه لو كان عليه جبيرة، أو وضعه في الماء حتّى يصل إليه بشرط أن يكون المحلّ والجبيرة طاهرين، أو أمكن تطهيرهما وجب ذلك .
وإن لم يمكن، إمّا لضرر الماء، أو للنجاسة وعدم إمكان التطهير، أو لعدم إمكان إيصال الماء تحت الجبيرة ولا رفعها، فإن كان مكشوفاً يجب غسل أطرافه ووضعخرقة طاهرة عليه والمسح عليها مع الرطوبة ، وإن أمكن المسح عليه بلا وضع خرقة تعيّن ذلك إن لم يمكن غسله كما هو المفروض ، وإن لم يمكن وضع الخرقة أيضاً اقتصر على غسل أطرافه ، لكنّ الأحوط ضمّ التيمّم إليه ، وإن كان في موضع المسح ولم يمكن المسح عليه كذلك يجب وضع خرقة طاهرة والمسح عليها بنداوة ، وإن لم يمكن سقط وضمّ إليه التيمّم .
وإن كان مجبوراً وجب غسل أطرافه مع مراعاة الشرائط، والمسح على
- (1) أو نزع الجبيرة مع إمكانه.
- (2) على الأحوط فيه وفي المسح عليها.
(الصفحة 168)
الجبيرة إن كانت طاهرة، أو أمكن تطهيرها، وإن كان في موضع الغسل ، والظاهر عدم تعيّن المسح(1) حينئذ، فيجوز الغسل أيضاً ، والأحوط(2) إجراء الماء عليها مع الإمكان بإمرار اليد من دون قصد الغسل أو المسح ، ولا يلزم أن يكون المسح بنداوة الوضوء إذا كان في موضع الغسل ، ويلزم أن تصل الرطوبة إلى تمام الجبيرة ، ولا يكفي مجرّد النداوة . نعم، لا يلزم المداقّة بإيصال الماء إلى الخلل والفُرج ، بل يكفي صدق الاستيعاب عرفاً .
هذا كلّه إذا لم يمكن رفع الجبيرة والمسح على البشرة، وإلّا فالأحوط تعيّنه ، بل لا يخلو عن قوّة إذا لم يمكن غسله، كما هو المفروض . والأحوط الجمع بين المسح على الجبيرة وعلى المحلّ أيضاً بعد رفعها . وإن لم يمكن المسح على الجبيرة لنجاستها أو لمانع آخر، فإن أمكن وضع خرقة طاهرة عليها ومسحها يجب ذلك(3) ، وإن لم يمكن ذلك أيضاً فالأحوط الجمع بين الإتمام بالاقتصار على غسل الأطراف والتيمّم .
[595] مسألة 1 : إذا كانت الجبيرة في موضع المسح ولم يمكن رفعها والمسح على البشرة، لكن أمكن تكرار الماء إلى أن يصل إلى المحلّ، هل يتعيّن ذلك أو يتعيّن المسح على الجبيرة ؟ وجهان(4) ، ولا يترك الاحتياط بالجمع .
[596] مسألة 2 : إذا كانت الجبيرة مستوعبة لعضو واحد من الأعضاء، فالظاهر جريان الأحكام المذكورة ، وإن كانت مستوعبة لتمام الأعضاء فالإجراء
- (1) بل الظاهر تعيّنه.
- (2) بل الأحوط المسح أوّلاً ثمّ الغسل مع مراعاة عدم المسح في الرأس والرجلين بالماء الجديد.
- (3) على نحو تعدّ جزءاً منها.
- (4) والظاهر هو الوجه الثاني.
(الصفحة 169)
مشكل(1) ، فلا يترك الاحتياط(2) بالجمع بين الجبيرة والتيمّم .
[597] مسألة 3 : إذا كانت الجبيرة في الماسح، فمسح عليها بدلا عن غسل المحلّ يجب أن يكون المسح به بتلك الرطوبة; أي الحاصلة من المسح على جبيرته .
[598] مسألة 4 : إنّما ينتقل إلى المسح على الجبيرة إذا كانت في موضع المسح بتمامه ، وإلاّ فلو كان بمقدار المسح بلا جبيرة يجب المسح على البشرة ، مثلا لو كانت مستوعبة تمام ظهر القدم مسح عليها ، ولو كان من أحد الأصابع ولو الخِنصِر إلى المفصل مكشوفاً وجب(3) المسح على ذلك ، وإذا كانت مستوعبة عرض القدم مسح على البشرة في الخطّ الطولي من الطرفين وعليها في محلّها .
[599] مسألة 5 : إذا كان في عضو واحد جبائر متعدّدة يجب الغسل أو المسح في فواصلها .
[600] مسألة 6 : إذا كان بعض الأطراف الصحيح تحت الجبيرة، فإن كان بالقدر المتعارف مسح عليها ، وإن كان أزيد من المقدار المتعارف، فإن أمكن رفْعها رَفَعَها وغسل المقدار الصحيح ثمّ وضعها ومسح عليها ، وإن لم يمكن ذلك مسح عليها ، لكن الأحوط ضمّ التيمّم أيضاً، خصوصاً إذا كان عدم إمكان الغسل من جهة تضرّر القدر الصحيح أيضاً بالماء .
[601] مسألة 7 : في الجرح المكشوف إذا أراد وضع طاهر عليه ومسحه يجب أوّلا أن يغسل ما يمكن من أطرافه ثمّ وضعه .
[602] مسألة 8 : إذا أضرّ الماء بأطراف الجرح أزيد من المقدار المتعارف يشكل كفاية المسح على الجبيرة التي عليها أو يريد أن يضعها عليها ، فالأحوط
- (1) بل ممنوع حتّى في استيعاب معظم الأجزاء.
- (2) وإن لا تبعد كفاية التيمّم في الصورتين.
- (3) بنحو يتحقّق الإمرار بقبّة القدم.