(الصفحة 190)
في الواقع من الأمر الوجوبيّ أو الندبيّ .
والواجب فيه بعد النيّة غسل ظاهر تمام البدن دون البواطن منه ، فلا يجب غسل باطن العين والأنف والأُذن والفم ونحوها ، ولا يجب(1) غسل الشعر مثل اللحية، بل يجب غسل ما تحته من البشرة، ولا يجزئ غسله عن غسلها . نعم، يجب غسل الشعور الدقاق الصغار المحسوبة جزءاً من البدن مع البشرة ، والثُقبة التي في الأُذن أو الأنف للحلقة إن كانت ضيّقة لا يرى باطنها لا يجب غسلها ، وإن كانت واسعة بحيث تعدّ من الظاهر وجب غسلها .
وله كيفيّتان :
الأُولى : الترتيب ، وهو أن يغسل الرأس والرقبة أوّلا، ثمّ الطرف الأيمن من البدن، ثمّ الطرف الأيسر ، والأحوط أن يغسل النصف الأيمن من الرقبة ثانياً مع الأيمن، والنصف الأيسر مع الأيسر ، والسُرّة والعورة يغسل نصفهما الأيمن مع الأيمن، ونصفهما الأيسر مع الأيسر ، والأولى أن يغسل تمامهما مع كلّ من الطرفين ، والترتيب المذكور شرط واقعيّ ، فلو عكس ولو جهلا أو سهواً بطل ، ولا يجب البدأة بالأعلى في كلّ عضو، ولا الأعلى فالأعلى، ولا الموالاة العرفيّة بمعنى التتابع، ولا بمعنى عدم الجفاف ، فلو غسل رأسه ورقبته في أوّل النهار والأيمن في وسطه والأيسر في آخره صحّ ، وكذا لا يجب الموالاة في أجزاء عضو واحد ، ولو تذكّر بعد الغسل ترك جزء من أحد الأعضاء رجع وغسل ذلك الجزء ، فإن كان في الأيسر كفاه ذلك ، وإن كان في الرأس أو الأيمن وجب غسل الباقي على الترتيب ، ولو اشتبه ذلك الجزء وجب غسل تمام المحتملات مع مراعاة الترتيب .
الثانية : الارتماس ، وهو غمس تمام البدن في الماء دفعة واحدة عرفية ، واللازم
(الصفحة 191)
أن يكون تمام البدن تحت الماء في آن واحد ، وإن كان غمسه على التدريج ، فلو
خرج بعض بدنه قبل أن ينغمس البعض الآخر لم يكف ، كما إذا خرجت رجله، أو دخلت في الطين قبل أن يدخل رأسه في الماء ، أو بالعكس; بأن خرج رأسه من الماء قبل أن تدخل رجله ، ولايلزم أن يكون تمام بدنه أو معظمه خارج الماء، بل لو كان بعضه خارجاً فارتمس كفى ، بل لو كان تمام بدنه تحت الماء فنوى الغسل وحرّك بدنه كفى على الأقوى(1) ، ولو تيقّن بعد الغسل عدم انغسال جزء من بدنه وجبت الإعادة، ولا يكفي غسل ذلك الجزء فقط ، ويجب تخليل الشعر إذا شك في وصول الماء إلى البشرة التي تحته ، ولا فرق في كيفيّة الغسل بأحد النحوين بين غسل الجنابة وغيره من سائر الأغسال الواجبة والمندوبة .
نعم، في غسل الجنابة لا يجب الوضوء بل لا يشرع ، بخلاف سائر الأغسال كما سيأتي إن شاءالله .
[662] مسألة 1 : الغسل الترتيبي أفضل(2) من الارتماسي .
[663] مسألة 2 : قد يتعيّن الارتماسي كما إذا ضاق الوقت عن الترتيبي ، وقد يتعيّن الترتيبي كما في يوم الصوم الواجب وحال الإحرام ، وكذا إذا كان الماء للغير ولم يرض بالارتماس فيه .
[664] مسألة 3 : يجوز في الترتيبي أن يغسل كلّ عضو من أعضائه الثلاثة بنحو الارتماس ، بل لو ارتمس في الماء ثلاث مرّات : مرّة بقصد غسل الرأس، ومرّة بقصد غسل الأيمن، ومرّة بقصد غسل الأيسر كفى ، وكذا لو حرّك بدنه تحت الماء
ثلاث مرّات، أو قصد بالارتماس غسل الرأس، وحرّك بدنه تحت الماء بقصد
- (1) ولكن الأحوط أن يكون الارتماس بعد خروج شيء من البدن من الماء، بل معظمه.
- (2) محلّ تأمّل.
(الصفحة 192)
الأيمن، وخرج بقصد الأيسر ، ويجوز غسل واحد من الأعضاء بالارتماس والبقيّة بالترتيب ، بل يجوز غسل بعض كلّ عضو بالارتماس وبعضه الآخر بإمرار اليد .
[665] مسألة 4 : الغسل الارتماسي يتصوّر على وجهين :
أحدهما : أن يقصد الغسل(1) بأوّل جزء دخل في الماء، وهكذا إلى الآخر، فيكون حاصلا على وجه التدريج .
والثاني : أن يقصد الغسل حين استيعاب الماء تمام بدنه، وحينئذ يكون آنيّاً، وكلاهما صحيح ، ويختلف باعتبار القصد ، ولو لم يقصد أحد الوجهين صحّ أيضاً وانصرف إلى التدريجيّ .
[666] مسألة 5 : يشترط في كلّ عضو أن يكون طاهراً حين غسله، فلو كان نجساً طهَّره أوّلا ، ولا يكفي غسل واحد لرفع الخبث والحدث كما مرّ في الوضوء ، ولا يلزم طهارة جميع الأعضاء قبل الشروع في الغسل وإن كان أحوط .
[667] مسألة 6 : يجب اليقين بوصول الماء إلى جيمع الأعضاء ، فلو كان حائل وجب رفعه ، ويجب اليقين بزواله مع سبق وجوده ،ومع عدم سبق وجوده يكفي الاطمئنان(2) بعدمه بعد الفحص .
[668] مسألة 7 : إذا شك في شيء أنّه من الظاهر أو الباطن يجب غسله(3) ، على خلاف ما مرّ في غسل النجاسات، حيث قلنا بعدم وجوب غسله ، والفرق أنّ هناك الشك يرجع إلى الشك في تنجّسه بخلافه هنا، حيث إنّ التكليف بالغسل معلوم فيجب تحصيل اليقين بالفراغ . نعم، لو كان ذلك الشيء باطناً سابقاً وشك في
- (1) بحيث كان المؤثّر في تحقّق الغسل الحدوث، والبقاء في غير الجزء الأخير، والحدوث فقط في خصوص الجزء الأخير.
- (2) إذا كان للشك منشأ عقلائي.
- (3) على الأحوط.
(الصفحة 193)
أنّه صار ظاهراً أم لا، فلسبقه بعدم الوجوب لا يجب غسله عملا بالاستصحاب .
[669] مسألة 8 : ما مرّ من أنّه لا يعتبر الموالاة في الغسل الترتيبي إنّما هو فيما عدا غسل المستحاضة والمسلوس والمبطون ، فإنّه يجب فيه المبادرة إليه وإلى الصلاة بعده من جهة خوف خروج الحدث .
[670] مسألة 9 : يجوز الغسل تحت المطر وتحت الميزاب ترتيباً لا ارتماساً . نعم، إذا كان نهر كبير جارياً من فوق على نحو الميزاب لا يبعد جواز الارتماس تحته أيضاً إذا استوعب الماء جميع بدنه على نحو كونه تحت الماء .
[671] مسألة 10 : يجوز العدول(1) عن الترتيب إلى الارتماس في الأثناء وبالعكس ، لكن بمعنى رفع اليد عنه والاستئناف على النحو الآخر .
والفضّة، وإباحة مكان الغسل ومصبّ مائه، وطهارة البدن، وعدم ضيق الوقت(2)، والترتيب في الترتيبي، وعدم حرمة الارتماس في الارتماسي منه، كيوم الصوم، وفي حال الإحرام، والمباشرة في حال الاختيار ، وما عدا الإباحة، وعدم كون الظرف من الذهب والفضّة، وعدم حرمة الارتماس من الشرائط واقعيّ لا فرق فيها بين العمد والعلم والجهل والنسيان ، بخلاف المذكورات، فإنّ شرطيّتها مقصورة على حال العمد والعلم .
[672] مسألة 11 : إذا كان حوض أقلّ من الكرّ يجوز الاغتسال فيه بالارتماس مع طهارة البدن ، لكن بعده يكون من المستعمل في رفع الحدث الأكبر ، فبناءً على الإشكال فيه يشكل الوضوء والغسل منه بعد ذلك ، وكذا إذا قام فيه واغتسل بنحو الترتيب بحيث(2) رجع ماء الغسل فيه ، وأمّا إذا كان كرّاً(3) أو أزيد فليس كذلك . نعم، لا يبعد صدق المستعمل عليه إذا كان بقدر الكرّ لا أزيد واغتسل فيه مراراً عديدة ، لكن الأقوى كما مرّ جواز الاغتسال والوضوء من المستعمل .
[673] مسألة 12 : يشترط في صحّة الغسل ما مرّ من الشرائط في الوضوء من النيّة واستدامتها إلى الفراغ، وإطلاق الماء وطهارته، وعدم كونه ماء الغسالة،
- (1) جواز العدول عن الترتيب إلى الارتماس محلّ إشكال بل منع. نعم، الظاهر الجواز في العكس من دون فرق بين النحوين المذكورين في الارتماسي.
- (2) مجرّد الرجوع لا يوجب الصدق، خصوصاً في صورة الاستهلاك.
- (3) الكرّية لا مدخلية لها في ذلك، واعتصام الكرّ لا يرتبط بهذه الجهة.
(الصفحة 194)
وعدم الضرر في استعماله، وإباحته وإباحة ظرفه(1)، وعدم كونه من الذهب والفضّة، وإباحة مكان الغسل ومصبّ مائه، وطهارة البدن، وعدم ضيق الوقت(2)، والترتيب في الترتيبي، وعدم حرمة الارتماس في الارتماسي منه، كيوم الصوم، وفي حال الإحرام، والمباشرة في حال الاختيار ، وما عدا الإباحة، وعدم كون الظرف من الذهب والفضّة، وعدم حرمة الارتماس من الشرائط واقعيّ لا فرق فيها بين العمد والعلم والجهل والنسيان ، بخلاف المذكورات، فإنّ شرطيّتها مقصورة على حال العمد والعلم .
[674] مسألة 13 : إذا خرج من بيته بقصد الحمّام والغسل فيه فاغتسل بالداعي الأوّل، لكن كان بحيث لو قيل له حين الغمس في الماء : ما تفعل ؟ يقول : أغتسل فغسله صحيح ، وأمّا إذا كان غافلا بالمرّة بحيث لو قيل له : ما تفعل ؟ يبقى متحيّراً فغسله ليس بصحيح .
[675] مسألة 14 : إذا ذهب إلى الحمّام ليغتسل وبعد ما خرج شك في أنّه اغتسل أم لا يبني على العدم ، ولو علم أنّه اغتسل لكن شك في أنّه على الوجه الصحيح أم لا، يبني على الصحّة .
[676] مسألة 15 : إذا اغتسل باعتقاد سعة الوقت فتبيّن ضيقه وأنّ وظيفته كانت هي التيمّم، فإن كان على وجه الداعي يكون صحيحاً ، وإن كان على وجه التقييد يكون باطلا (3)، ولو تيمّم باعتقاد الضيق فتبيّن سعته ففي صحّته وصحّة صلاته إشكال .
[677] مسألة 16 : إذا كان من قصده عدم إعطاء الأُجرة للحمّامي فغسله
- (1) على نحو ما مرّ في الوضوء، وكذا إباحة المكان والمصبّ.
- (2) لكنّه إذا تخلّف يكون الغسل صحيحاً، وإن تحقّق منه العصيان.
- (3) الظاهر الصحّة في هذه الصورة أيضاً.