(الصفحة 313)
بعد الدفن، سواء كان مع العوض أو بدونه ; لأنّه المقدِم على ذلك، فيشمله دليل
حرمة النبش ، وهذا بخلاف ما إذا أذن في الصلاة في داره، فإنّه يجوز له الرجوع في أثناء الصلاة، ويجب على المصلّي قطعها في سعة الوقت ، فإنّ حرمة القطع إنّما هي بالنسبة إلى المصلّي فقط، بخلاف حرمة النبش، فإنّه لا فرق فيه بين المباشر وغيره . نعم، له الرجوع عن إذنه بعد الوضع في القبر قبل أن يسدّ بالتراب ، هذا إذا لم يكن الإذن في عقد لازم ، وإلاّ فليس له الرجوع مطلقاً .
[1022] مسألة 12 : إذا خرج الميّت المدفون في ملك الغير بإذنه بنبش نابش أو سيل أو سبع أو نحو ذلك لا يجب عليه الرضا والإذن بدفنه ثانياً في ذلك المكان ، بل له الرجوع عن إذنه إلاّ إذا كان لازماً عليه بعقد لازم .
[1023] مسألة 13 : إذا دفن في مكان مباح فخرج بأحد المذكورات لا يجب دفنه ثانياً في ذلك المكان ، بل يجوز أن يدفن في مكان آخر ، والأحوط الاستئذان من الولي في الدفن الثاني أيضاً . نعم، إذا كان عظماً مجرداً أو نحو ذلك لا يبعد عدم اعتبار إذنه، وإن كان أحوط(1) مع إمكانه .
[1024] مسألة 14 : يكره إخفاء موت إنسان من أولاده وأقربائه إلاّ إذا كان هناك جهة رجحان فيه .
[1025] مسألة 15 : من الأمكنة التي يستحبّ الدفن فيها ويجوز النقل إليها الحرم ، ومكّة أرجح من سائر مواضعه ، وفي بعض الأخبار أنّ الدفن في الحرم يوجب الأمن من الفزع الأكبر ، وفي بعضها استحباب نقل الميّت من عرفات إلى مكّة المعظّمة .
[1026] مسألة 16 : ينبغي للمؤمن إعداد قبر لنفسه، سواء كان في حال
(الصفحة 314)
المرض أو الصحّة ، ويرجّح أن يدخل قبره ويقرأ القرآن فيه .
[1027] مسألة 17 : يستحبّ بذل الأرض لدفن المؤمن ، كما يستحبّ بذل الكفن له وإن كان غنيّاً ، ففي الخبر : «من كفّن مؤمناً كان كمن ضمن كسوته إلى يوم القيامة» .
[1028] مسألة 18 : يستحبّ المباشرة لحفر قبر المؤمن ، ففي الخبر : «من حفر لمؤمن قبراً كان كمن بوّأه بيتاً موافقاً إلى يوم القيامة» .
[1029] مسألة 19 : يستحبّ مباشرة غسل الميّت ، ففي الخبر : كان فيما ناجى الله به موسى(عليه السلام) ربّه قال : يا ربّ ما لمن غسل الموتى؟ فقال : «أغسله من ذنوبه كما ولدته اُمّه» .
[1030] مسألة 20 : يستحبّ للإنسان إعداد الكفن وجعله في بيته وتكرار النظر إليه ، ففي الحديث : قال رسول الله(صلى الله عليه وآله) : «إذا أعدّ الرجل كفنه كان مأجوراً كلّما نظر إليه» ، وفي خبر آخر : «لم يكتب من الغافلين وكان مأجوراً كلّما نظر إليه» .
فصل
في الأغسال المندوبة
وهي كثيرة ، وعدّ بعضهم سبعاً وأربعين ، وبعضهم أنهاها إلى خمسين، وبعضهم إلى أزيد من ستّين، وبعضهم إلى سبع وثمانين، وبعضهم إلى مائة .
وهي أقسام : زمانية ومكانية وفعلية، إمّا للفعل الذي يريد أن يفعل، أو للفعل الذي فعله ، والمكانية إيضاً في الحقيقة فعلية ، لأنّها إمّا للدخول في مكان أو للكون فيه . أمّا الزمانيّة فأغسال :
أحدها : غسل الجمعة ، ورجحانه من الضروريّات ، وكذا تأكّد استحبابه
(الصفحة 315)
معلوم من الشرع ، والأخبار في الحثّ عليه كثيرة ، وفي بعضها: «أنّه يكون طهارة
له من الجمعة إلى الجمعة» . وفي آخر : «غسل يوم الجمعة طهور وكفّارة لما بينهما من الذنوب من الجمعة إلى الجمعة» . وفي جملة منها التعبير بالوجوب; ففي الخبر : «أنّه واجب على كلّ ذكر أو أُنثى من حرّ أو عبد». وفي آخر عن غسل يوم الجمعة؟ فقال(عليه السلام) : «واجب على كلّ ذكر وأنثى من حرّ أو عبد». وفي ثالث : «الغسل واجب يوم الجمعة» . وفي رابع قال الراوي : كيف صار غسل الجمعة واجباً ؟ فقال(عليه السلام) : إنّ الله أتمّ صلاة الفريضة بصلاة النافلة» ـ إلى أن قال : ـ «وأتمّ وضوء النافلة بغسل يوم الجمعة». وفي خامس : «لا يتركه إلاّ فاسق». وفي سادس : عمّن نسيه حتّى صلّى؟ قال(عليه السلام) : «إن كان في وقت فعليه أن يغتسل ويعيد الصلاة، وإن مضى الوقت فقد جازت صلاته» إلى غير ذلك ، ولذا ذهب جماعة إلى وجوبه، منهم: الكليني والصدوق وشيخنا البهائي على ما نقل عنهم ، لكن الأقوى استحبابه، والوجوب في الأخبار منزّل على تأكّد الاستحباب ، وفيها قرائن كثيرة على إرادة هذا المعنى ، فلا ينبغي الإشكال في عدم وجوبه، وإن كان الأحوط عدم تركه .
[1031] مسألة 1 : وقت غسل الجمعة من طلوع الفجر الثاني إلى الزوال ، وبعده إلى آخر يوم السبت قضاء ، لكن الأولى والأحوط فيما بعد الزوال إلى الغروب من يوم الجمعة أن ينوي القربة من غير تعرّض للأداء والقضاء ، كما أنّ الأولى(1) مع تركه إلى الغروب أن يأتي به بعنوان القضاء في نهار السبت لا في ليله ، وآخر وقب قضائه غروب يوم السبت ، واحتمل بعضهم جواز قضائه إلى آخر الأُسبوع، لكنّه مشكل . نعم، لا بأس به لا بقصد الورود بل برجاء المطلوبية ; لعدم الدليل عليه إلاّ الرضوي الغير المعلوم كونه منه(عليه السلام) .
(الصفحة 316)
إذا خاف إعواز الماء يومها ، أمّا تقديمه ليلة الخميس فمشكل . نعم، لا بأس به مع عدم قصد الورود ، لكن احتمل بعضهم جواز تقديمه حتّى من أوّل الأُسبوع أيضاً ، ولا دليل عليه ، وإذا قدّمه يوم الخميس ثمّ تمكّن منه(2) يوم الجمعة يستحبّ إعادته ، وإن تركه يستحبّ قضاؤه يوم السبت ، وأمّا إذا لم يتمكّن من أدائه يوم الجمعة فلا يستحبّ قضاؤه ، وإذا دار الأمر بين التقديم والقضاء فالأولى اختيار الأوّل .
[1033] مسألة 3 : يستحبّ أن يقول حين الاغتسال :
«أشهد أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له ، وأنّ محمّداً عبده ورسوله ، اللّهمّ صلِّ على محمّد وآل محمّد ، واجعلني من التوّابين، واجعلني من المتطهِّرين» .
[1034] مسألة 4 : لا فرق في استحباب غسل الجمعة بين الرجل والمرأة، والحاضر والمسافر، والحرّ والعبد، ومن يصلّي الجمعة ومن يصلّي الظهر ، بل الأقوى استحبابه للصبي المميّز . نعم، يشترط في العبد إذن المولى إذا كان منافياً لحقّه، بل الأحوط مطلقاً ، وبالنسبة إلى الرجال آكد ، بل في بعض الأخبار رخصة تركه للنساء .
[1035] مسألة 5 : يستفاد من بعض الأخبار كراهة تركه ، بل في بعضها الأمر باستغفار التارك، وعن أمير المؤمنين(عليه السلام) أنّه قال في مقام التوبيخ لشخص : «والله لأنت أعجز من تارك الغسل يوم الجمعة ، فإنّه لا يزال في طهر إلى الجمعة الأُخرى» .
[1036] مسألة 6 : إذا كان خوف فوت الغسل يوم الجمعة لا لإعواز الماء بل
- (1)
مشكل، والأولى الإتيان به رجاءً.
- (2) أي قبل الزوال; لعدم الاستحباب بعده.
(الصفحة 317)
لأمر آخر ـ كعدم التمكّن من استعماله، أو لفقد عوض الماء مع وجوده ـ فلا يبعد جواز تقديمه أيضاً يوم الخميس ، وإن كان الأولى(1) عدم قصد الخصوصية والورود، بل الإتيان به برجاء المطلوبية .
[1037] مسألة 7 : إذا شرع في الغسل يوم الخميس من جهة خوف إعواز الماء يوم الجمعة، فتبيّن في الأثناء وجوده وتمكّنه منه يومها بطل غسله ، ولا يجوز إتمامه بهذا العنوان، والعدول منه إلى غسل آخر مستحب، إلاّ إذا كان من الأوّل قاصداً للأمرين .
[1038] مسألة 8 : الأولى إتيانه قريباً من الزوال ، وإن كان يجزئ من طلوع الفجر إليه كما مرّ .
[1039] مسألة 9 : ذكر بعض العلماء أنّ في القضاء كلّما كان أقرب إلى وقت الأداء كان أفضل ، فإتيانه في صبيحة السبت أولى من إتيانه عند الزوال منه أو بعده، وكذا في التقديم ، فعصر يوم الخميس أولى من صبحه ، وهكذا ، ولا يخلو عن وجه وإن لم يكن واضحاً ، وأمّا أفضليّة ما بعد الزوال من يوم الجمعة من يوم السبت فلا إشكال فيه(2)، وإن قلنا بكونه قضاء(3) كما هو الأقوى .
[1040] مسألة 10 : إذا نذر غسل الجمعة وجب عليه(4) ، ومع تركه عمداً تجب الكفّارة ، والأحوط قضاؤه يوم السبت ، وكذا إذا تركه سهواً أو لعدم التمكّن منه، فإنّ الأحوط قضاؤه ، وأمّا الكفّارة فلا تجب إلاّ مع التعمّد .
- (1) بل الأحوط.
- (2) كما أنّه قد مرّ أنّ الأولى في التقديم ليلة الجمعة الإتيان به رجاءً، بخلاف التقديم يوم الخميس.
- (3) محلّ تأمّل.
- (4) الواجب هو الوفاء بالنذر لا عنوان غسل الجمعة.