(الصفحة 337)
إلى التيمّم ، لكنّ الأحوط القضاء مع ذلك، خصوصاً إذا استلزم وقوع جزء من
الركعة خارج الوقت .
[1084] مسألة 26 : إذا كان واجداً للماء وأخّر الصلاة عمداً إلى أن ضاق الوقت عصى ، ولكن يجب عليه التيمّم والصلاة ، ولا يلزم القضاء، وإن كان الأحوط احتياطاً شديداً .
[1085] مسألة 27 : إذا شك في ضيق الوقت وسعته بنى على البقاء وتوضّأ أو اغتسل ، وأمّا إذا علم ضيقه وشك في كفايته لتحصيل الطهارة والصلاة وعدمها وخاف الفوت إذا حصّلها، فلا يبعد الانتقال إلى التيمّم ، والفرق بين الصورتين(1) أنّ في الاُولى يحتمل سعة الوقت وفي الثانية يعلم ضيقه، فيصدق خوف الفوت فيها دون الاُولى ، والحاصل أنّ المجوّز للانتقال إلى التيمّم خوف الفوت الصادق في الصورة الثانية دون الاُولى .
[1086] مسألة 28 : إذا لم يكن عنده الماء وضاق الوقت عن تحصيله مع قدرته عليه بحيث استلزم خروج الوقت ولو في بعض أجزاء الصلاة انتقل أيضاً إلى التيمّم ، وهذه الصورة أقلّ إشكالا من الصورة السابقة; وهي ضيقه عن استعماله مع وجوده ; لصدق عدم الوجدان في هذه الصورة بخلاف السابقة ، بل يمكن أن يقال: بعدم الإشكال أصلا، فلا حاجة إلى الاحتياط بالقضاء هنا .
[1087] مسألة 29 : من كانت وظيفته التيمّم من جهة ضيق الوقت عن استعمال الماء إذا خالف وتوضّأ أو اغتسل بطل(2) ; لأنّه ليس مأموراً بالوضوء لأجل تلك الصلاة ، هذا إذا قصد الوضوء لأجل تلك الصلاة ، وأمّا إذا توضّأ بقصد
- (1) لا فرق بينهما لصدق الخوف في الاُولى أيضاً، وعليه فالحكم فيهما هو التيمّم.
- (2) قد مرّ أنّ الحكم هي الصحّة في جميع مثل هذه الموارد.
(الصفحة 338)
غاية اُخرى من غاياته، أو بقصد الكون على الطهارة صحّ على ما هو الأقوى من
أنّ الأمر بالشيء لا يقتضي النهي عن ضدّه . ولو كان جاهلا بالضيق وأنّ وظيفته التيمّم فتوضّأ فالظاهر أنّه كذلك ، فيصحّ إن كان قاصداً لإحدى الغايات الأُخر، ويبطل(1) إن قصد الأمر المتوجّه إليه من قبل تلك الصلاة .
[1088] مسألة 30 : التيمّم لأجل الضيق مع وجدان الماء لا يبيح إلاّ الصلاة التي ضاق وقتها ، فلا ينفع لصلاة اُخرى غير تلك الصلاة ولو صار فاقداً للماء حينها ، بل لو فقد الماء في أثناء الصلاة الاُولى أيضاً لا يكفي لصلاة اُخرى ، بل لابدّ من تجديد التيمّم لها، وإن كان يحتمل الكفاية في هذه الصورة .
[1089] مسألة 31 : لا يستباح بالتيمّم لأجل الضيق غير تلك الصلاة من الغايات الاُخر حتّى في حال الصلاة ، فلا يجوز له مسّ كتابة القرآن ولو في حال الصلاة ، وكذا لا يجوز له قراءة العزائم إن كان بدلا عن الغسل ، فصحّته واستباحته مقصورة على خصوص تلك الصلاة .
[1090] مسألة 32 : يشترط في الانتقال إلى التيمّم ضيق الوقت عن واجبات الصلاة فقط ، فلو كان كافياً لها دون المستحبّات وجب الوضوء والاقتصار عليها ، بل لو لم يكف لقراءة السورة تركها وتوضّأ لسقوط وجوبها في ضيق الوقت .
[1091] مسألة 33 : في جواز التيمّم لضيق الوقت عن المستحبّات الموقّتة إشكال ، فلو ضاق وقت صلاة الليل مع وجود الماء والتمكّن من استعماله يشكلالانتقال إلى التيمّم .
[1092] مسألة 34 : إذا توضّأ باعتقاد سعة الوقت فبان ضيقه فقد مرّ(3) أنّه إذا
- (1) عرفت أنّ الحكم هي الصحّة.
- (2) وإن كان الانتقال غير بعيد، خصوصاً فيما لا يكون له قضاء.
- (3) ومرّ ما هو الحقّ.
(الصفحة 339)
كان وضوؤه بقصد الأمر المتوجّه إليه من قبل تلك الصلاة بطل; لعدم الأمر به، وإذا أتى به بقصد غاية اُخرى أو الكون على الطهارة صحّ ، وكذا إذا قصد المجموع من الغايات التي يكون مأموراً بالوضوء فعلا لأجلها ، وأمّا لو تيمّم باعتقاد الضيق فبان سعته بعد الصلاة فالظاهر وجوب إعادتها ، وإن تبيّن قبل الشروع فيها وكان الوقت واسعاً توضّأ وجوباً ، وإن لم يكن واسعاً فعلا بعد ما كان واسعاً أوّلا وجب إعادة التيمّم .
الثامن : عدم إمكان استعمال الماء لمانع شرعي ، كما إذا كان الماء في آنية الذهب أو الفضّة، وكان الظرف منحصراً فيها بحيث لا يتمكّن من تفريغه في ظرف آخر، أو كان في إناء مغصوب كذلك، فإنّه ينتقل إلى التيمّم ، وكذا إذا كان محرّم الاستعمال من جهة اُخرى .
له آنية لأخذ الماء، أو كان عنده ولم يمكن أخذ الماء إلاّ بالمكث، فإن أمكنه
الاغتسال فيه بالمرور وجب ذلك ، وإن لم يمكن ذلك أيضاً، أو كان الماء في أحد المسجدين ـ أي المسجد الحرام أو مسجد النبيّ(صلى الله عليه وآله)ـ فالظاهر وجوب التيمّملأجل الدخول في المسجد وأخذ الماء أو الاغتسال فيه ، وهذا التيمّم إنّما يبيح خصوص هذا الفعل; أي الدخول والأخذ أو الدخول والاغتسال ، ولا يرد الإشكال بأنّه يلزم من صحّته بطلانه، حيث إنّه يلزم منه كونه واجداً للماء فيبطل
- (1) في العبارة تشويش واضطراب، فإنّه مع عدم الآنية كيف يمكن الاغتسال بالمرور، ومع وجودها واستلزام أخذ الماء للمكث لا حاجة إلى الاغتسال بالمرور، بل يأخذ الماء ويغتسل خارج المسجد.
- (2) لا دليل على مشروعيّة هذا التيمّم، بل الظاهر الانتقال إلى التيمّم في هذه الصورة.
(الصفحة 340)
كما لا يخفى .
[1094] مسألة 36: لايجوز التيمّم مع التمكّن من استعمال الماء إلاّ في موضعين :
أحدهما : لصلاة الجنازة ، فيجوز مع التمكّن من الوضوء أو الغسل على المشهور مطلقاً ، لكن القدر المتيقّن صورة خوف فوت الصلاة منه لو أراد أن يتوضّأ أو يغتسل . نعم، لمّا كان الحكم استحبابياً يجوز أن يتيمّم مع عدم خوف الفوت أيضاً، لكن برجاء المطلوبية لا بقصد الورود والمشروعية .
الثاني : للنوم ، فإنّه يجوز أن يتيمّم مع إمكان الوضوء أو الغسل على المشهور أيضاً مطلقاً ، وخصّ بعضهم بخصوص الوضوء ، ولكن القدر المتيقن من هذا أيضاً صورة خاصّة; وهي ما إذا آوى إلى فراشه فتذكّر أنّه ليس على وضوء فيتيمّم من دثاره، لا أن يتيمّم قبل دخوله في فراشه متعمّداً مع إمكان الوضوء . نعم، هنا أيضاً لا بأس به لا بعنوان الورود بل برجاء المطلوبيّة، حيث إنّ الحكم استحبابي .
وذكر بعضهم موضعاً ثالثاً; وهو ما لو احتلم في أحد المسجدين ، فإنّه يجب أن يتيمّم للخروج وإن أمكنه الغسل ، لكنّه مشكل، بل المدار على أقلية زمان التيمّم، أو زمان الغسل، أو زمان الخروج ، حيث إنّ الكون في المسجدين جنباً حرام، فلابدّ من اختيار ما هو أقل زماناً من الأُمور الثلاثة ، فإذا كان زمان التيمّم أقل من زمان الغسل يدخل تحت ما ذكرنا من مسوّغات التيمّم من أنّ من موارده ما إذا كان هناك مانع شرعيّ من استعمال الماء ، فإنّ زيادة الكون في المسجدين جنباً مانع شرعيّ من استعمال الماء .
[1095] مسألة 37 : إذا كان عنده مقدار من الماء لا يكفيه لوضوئه أو غسله وأمكن تتميمه بخلط شيء من الماء المضاف الذي لا يخرجه عن الإطلاق لا يبعد وجوبه ، وبعد الخلط يجب الوضوء أو الغسل، وإن قلنا بعدم وجوب الخلط لصدق وجدان الماء حينئذ .
(الصفحة 341)
فصل
في بيان ما يصحّ التيمّم به
والآجر، وإن كان مسحوقاً مثل التراب ، ولا يجوز على المعادن كالملح والزرنيخ والذهب والفضّة والعقيق ونحوها ممّا خرج عن اسم الأرض ، ومع فقد ما ذكر من وجه الأرض يتيمّم بغبار الثوب أو اللبد أو عُرف الدابّة ونحوها ممّا فيه غبار إن لم يمكن جمعه تراباً بالنفض ، وإلاّ وجب ودخل في القسم الأوّل ، والأحوط اختيار ما غباره أكثر ، ومع فقد الغبار يتيمّم بالطين(3) إن لم يمكن تجفيفه ، وإلاّ وجب ودخل في القسم الأوّل ، فما يتيمّم به له مراتب ثلاث :
الاُولى : الأرض مطلقاً غير المعادن .
الثانية : الغبار .
الثالثة : الطين ، ومع فقد الجميع يكون فاقد الطهورين، والأقوى فيه سقوط
- (1) بل على الأحوط.
- (2) الظاهر هو الجواز.
- (3) إن كان المراد بالطين ما هو الغليظ المتماسك فالظاهر أنّه من القسم الأوّل، فاللاّزم أن يكون المراد الوحل الذي هو الطين الرقيق الخارج عن صدق اسم الأرض، وسيأتي ذلك في بعض المسائل الآتية.