(الصفحة 376)
وأيضاً يجب التأخير إذا زاحمها واجب آخر مضيّق، كإزالة النجاسة عن المسجد، أو أداء الدين المطالب به مع القدرة على أدائه، أو حفظ النفس المحترمة أو نحو ذلك ، وإذا خالف واشتغل بالصلاة عصى في ترك ذلك الواجب، لكن صلاته صحيحة على الأقوى، وإن كان الأحوط الإعادة .
[1206] مسألة 16 : يجوز الإتيان بالنافلة ولو المبتدأة في وقت الفريضة ما لم تتضيّق ، ولمن عليه فائتة على الأقوى ، والأحوط الترك بمعنى تقديم الفريضة وقضاؤها .
[1207] مسألة 17 : إذا نذر النافلة لا مانع من إتيانها في وقت الفريضة ولو على القول بالمنع ، هذا إذا أطلق في نذره ، وأمّا إذا قيّده بوقت الفريضة فإشكال على القول بالمنع ، وإن أمكن القول بالصحّة; لأنّ المانع إنّما هو وصف النفل، وبالنذر يخرج(1) عن هذا الوصف ويرتفع المانع ، ولا يرد أنّ متعلّق النذر لابدّ أن يكون راجحاً، وعلى القول بالمنع لا رجحان فيه، فلا ينعقد نذره ، وذلك لأنّ الصلاة من حيث هي راجحة ، ومرجوحيّتها مقيّدة بقيد يرتفع بنفس النذر ، ولا يعتبر في متعلّق النذر الرجحان قبله، ومع قطع النظر عنه حتّى يقال بعدم تحقّقه في المقام .
[1208] مسألة 18 : النافلة تنقسم إلى مرتّبة وغيرها :
والاُولى : هي النوافل اليومية التي مرّ بيان أوقاتها .
والثانية : إمّا ذات السبب كصلاة الزيارة والاستخارة والصلوات المستحبة في الأيّام والليالي المخصوصة ، وإمّا غير ذات السبب وتسمّى بالمبتدأة، لا إشكال في
- (1) قد مرّ مراراً أنّ النذر لا يوجب انقلاب حكم المنذور المتعلّق به قبل النذر، فالنافلة لا تصير واجبة بالنذر، وعليه فإذا كانت محرّمة كما هو المفروض لا يمكن أن يتعلّق به النذر بعد فرض اعتبار الرجحان في المتعلّق، وعدم تعدّي الرجحان عن الوفاء بالنذر إلى ما يصير متّحداً معه في الخارج .
(الصفحة 377)
عدم كراهة المرتّبة في أوقاتها وإن كان بعد(1) صلاة العصر أو الصبح ، وكذا لا
إشكال في عدم كراهة قضائها في وقت من الأوقات ، وكذا في الصلوات ذوات الأسباب ، وأمّا النوافل المبتدأة التي لم يرد فيها نصّ بالخصوص، وإنّما يستحب الإتيان بها لأنّ الصلاة خير موضوع، وقربان كلّ تقي، ومعراج المؤمن، فذكر جماعة: أنّه يكره الشروع فيها في خمسة أوقات :
أحدها : بعد صلاة الصبح حتّى تطلع الشمس .
الثاني : بعد صلاة العصر حتّى تغرب الشمس .
الثالث : عند طلوع الشمس حتّى تنبسط .
الرابع : عند قيام الشمس حتّى تزول .
الخامس : عند غروب الشمس أي قبيل الغروب ، وأمّا إذا شرع فيها قبل ذلك فدخل أحد هذه الأوقات وهو فيها فلا يكره إتمامها ، وعندي في ثبوت الكراهة في المذكورات إشكال .
فصل
في أحكام الأوقات
[1209] مسألة 1 : لا يجوز الصلاة قبل دخول الوقت ، فلو صلّى بطلت وإن كان جزء منها قبل الوقت، ويجب العلم بدخوله حين الشروع فيها ، ولا يكفي الظن
- (1) ليس بعدهما نافلة مرتّبة أصلاً .
- (2)(2) إذا كان العذر مثل الغيم ونحوه من الأعذار العامّة يجوز معه التعويل على الظنّ، وأمّا ذو العذر الخاصّ كالأعمى والمحبوس فلا يترك الاحتياط بالتأخير إلى أن يحصل له العلم أو الاطمئنان.
(الصفحة 378)
وكذا على أذان العارف العدل ، وأمّا كفاية شهادة العدل الواحد فمحلّ إشكال(2)، وإذا صلّى مع عدم اليقين بدخوله ولا شهادة العدلين أو أذان العدل بطلت، إلاّ إذا تبيّن بعد ذلك كونها بتمامها في الوقت مع فرض حصول قصد القربة منه .
[1210] مسألة 2 : إذا كان غافلاً عن وجوب تحصيل اليقين أو ما بحكمه فصلّى ثمّ تبيّن وقوعها في الوقت بتمامها صحّت ، كما أنّه لو تبيّن وقوعها قبل الوقت بتمامها بطلت ، وكذا لو لم يتبيّن الحال ، وأمّا لو تبيّن دخول الوقت في أثنائها ففي الصحّة إشكال ، فلا يترك الاحتياط بالإعادة .
[1211] مسألة 3 : إذا تيقّن دخول الوقت فصلّى أو عمل بالظن المعتبر كشهادة العدلين وأذان العدل العارف، فإن تبيّن وقوع الصلاة بتمامها قبل الوقت بطلت ووجب الإعادة ، وإن تبيّن دخول الوقت في أثنائها ولو قبل السلام صحّت ، وأمّا إذا عمل بالظن الغير المعتبر فلا تصحّ وإن دخل الوقت في أثنائها ، وكذا إذا كان غافلاً على الأحوط كما مرّ ، ولا فرق في الصحّة في الصورة الاُولى بين أن يتبيّن دخول الوقت في الأثناء بعد الفراغ أو في الأثناء، لكن بشرط أن يكون الوقت داخلاً حين التبيّن ، وأمّا إذا تبيّن أنّ الوقت سيدخل قبل تمام الصلاة فلا ينفع شيئاً .
[1212] مسألة 4 : إذا لم يتمكّن من تحصيل العلم أو ما بحكمه لمانع في السماء من غيم أو غبار، أو لمانع في نفسه من عمى أو حبس أو نحو ذلك فلايبعد كفاية الظن(3) ، لكن الأحوط التأخير حتّى يحصل اليقين، بل لا يترك هذا الاحتياط .
[1213] مسألة 5 : إذا اعتقد دخول الوقت فشرع وفي أثناء الصلاة تبدّل
- (1) إذا كانت شهادتهما عن حسّ كالشهادة بزيادة الظلّ بعد نقصه .
- (2) بل ممنوعة .
- (3) قد مرّ التفصيل .
(الصفحة 379)
يقينه بالشك لا يكفي في الحكم بالصحّة إلاّ إذا كان حين الشك عالماً بدخول الوقت ، إذ لا أقل من أنّه يدخل تحت المسألة المتقدّمة من الصحّة مع دخول الوقت في الأثناء .
[1214] مسألة 6 : إذا شك بعد الدخول في الصلاة في أنّه راعى الوقت وأحرز دخوله أم لا؟ فإن كان حين شكّه عالماً بالدخول فلا يبعد الحكم بالصحّة(1) ، وإلاّ وجبت الإعادة بعد الإحراز .
[1215] مسألة 7 : إذا شك بعد الفراغ من الصلاة في أنّها وقعت في الوقت أو لا، فإن علم عدم الالتفات إلى الوقت حين الشروع وجبت الإعادة ، وإن علم أنّه كان ملتفتاً ومراعياً له ومع ذلك شك في أنّه كان داخلاً أم لا بنى على الصحّة ، وكذا إن كان شاكّاً في أنّه كان ملتفتاً أم لا ، هذا كلّه إذا كان حين الشك عالماً بالدخول ، وإلاّ لا يحكم بالصحّة(2) مطلقاً، ولا تجري قاعدة الفراغ ; لأنّه لا يجوز له حين الشك الشروع في الصلاة، فكيف يحكم بصحّة ما مضى مع هذه الحالة .
الإعادة في هذه الصورة ، وإن تذكّر بعد الفراغ صحّ وبنى(4) على أنّها الأُولى في
- (1) فيما إذا علم بوقوع تمام الصلاة في الوقت، وفي غيره محلّ إشكال .
- (2) بل يحكم بالصحّة لقاعدة الفراغ، وتعليله غير صحيح، فهو كالشاك في الطهارة في الصلاة الماضية، فإنّه يبني عليها بالإضافة إليها ويلزم إحرازها بالإضافة إلى ما يأتي .
- (3) قد مرّ الإشكال فيما إذا كان في الوقت المختصّ بالسابقة .
- (4) بل يبني على أنّها الثانية إذا لم تقع بتمامها في الوقت المختصّ بالاُولى، وإلاّ تكون باطلة.
(الصفحة 380)
متساوي العدد، كالظهرين تماماً أو قصراً، وإن كان في الوقت المختصّ على الأقوى ،
وقد مرّ أنّ الأحوط أن يأتي بأربع ركعات أو ركعتين بقصد ما في الذمّة ، وأمّا في غير المتساوي كما إذا أتى بالعشاء قبل المغرب وتذكّر بعد الفراغ، فيحكم بالصحّة ويأتي بالاُولى، وإن وقع العشاء في الوقت المختصّ بالمغرب، لكن الأحوط في هذه الصورة الإعادة .
[1217] مسألة 9 : إذا ترك المغرب ودخل في العشاء غفلة أو نسياناً أو معتقداً لإتيانها فتذكّر في الأثناء عدل ، إلاّ إذا دخل في ركوع الركعة الرابعة، فإنّ الأحوط(1) حينئذ إتمامها عشاء ثمّ إعادتها بعد الإتيان بالمغرب .
[1218] مسألة 10 : يجوز العدول في قضاء الفوائت أيضاً من اللاّحقة إلى السابقة بشرط أن يكون فوت المعدول عنه معلوماً ، وأمّا إذا كان احتياطيّاً فلايكفي العدول في البراءة من السابقة وإن كانت احتياطية أيضاً ; لاحتمال اشتغال الذمّة واقعاً بالسابقة دون اللاّحقة، فلم يتحقّق العدول من صلاة إلى اُخرى ، وكذا الكلام في العدول من حاضرة إلى سابقتها ، فإنّ اللاّزم أن لا يكون الإتيان باللاّحقة من باب الاحتياط ، وإلاّ لم يحصل اليقين بالبراءة من السابقة بالعدول لما مرّ .
[1219] مسألة 11 : لا يجوز العدول من السابقة إلى اللاّحقة في الحواضر ولا في الفوائت ، ولا يجوز من الفائتة إلى الحاضرة ، وكذا من النافلة إلى الفريضة ، ولا من الفريضة إلى النافلة إلاّ في مسألة إدراك الجماعة ، وكذا من فريضة إلى اُخرى إذا لم يكن بينهما ترتيب ، ويجوز من الحاضرة إلى الفائتة، بل يستحب في سعة وقت الحاضرة .
- (1) والظاهر صحّتها عشاءً والإتيان بالمغرب بعدها .