(الصفحة 507)
[1649] مسألة 18 : يكفي فيه مجرّد السجود ، فلا يجب فيه الذكر وإن كان يستحب ، ويكفي في وظيفة الاستحباب كلّ ما كان ، ولكنّ الأولى أن يقول :
«سجدت لك يا ربّ تعبداً ورقّاً، لا مستكبراً عن عبادتك ولا مستنكفاً ولا مستعظماً، بل أنا عبد ذليل خائف مستجير» ، أو يقول :
«لا إله إلاّ الله حقّاً حقّاً ، لا إله إلاّ الله إيماناً وتصديقاً ، لا إله إلاّ الله عبوديةً ورقّاً ، سجدت لك يا ربّ تعبّداً ورقّاً لا مستنكفاً ولا مستكبراً، بل أنا عبد ذليل ضعيف خائف مستجير» ، أو يقول :
«إلهي آمنّا بما كفروا ، وعرفنا منك ما أنكروا ، وأجبناك إلى ما دعوا ، إلهي فالعفو العفو» ، أو يقول ما قاله النبيّ(صلى الله عليه وآله) في سجود سورة العلق وهو :
«أعوذ برضاك من سخطك وبمعافاتك عن عقوبتك ، وأعوذ بك منك ، لا اُحصي ثناء عليك ، أنت كما أثنيت على نفسك» .
[1650] مسألة 19 : إذا سمع القراءة مكرّراً وشك بين الأقلّ والأكثر يجوز له الاكتفاء في التكرار بالأقلّ . نعم، لو علم العدد وشك في الإتيان بين الأقلّ والأكثر وجب الاحتياط بالبناء على الأقلّ أيضاً .
[1651] مسألة 20 : في صورة وجوب التكرار يكفي في صدق التعدّد رفع الجبهة عن الأرض ثمّ الوضع للسجدة الاُخرى ، ولا يعتبر الجلوس ثمّ الوضع ، بل ولا يعتبر رفع سائر المساجد، وإن كان أحوط .
[1652] مسألة 21 : يستحب السجود للشكر لتجدّد نعمة، أو دفع نقمة، أو تذكّرهما ممّا كان سابقاً، أو للتوفيق لأداء فريضة أو نافلة، أو فعل خير ولو مثل الصلح بين اثنين ، فقد روي عن بعض الأئمة(عليهم السلام) أنّه كان إذا صالح بين اثنين أتى بسجدة الشكر ، ويكفي في هذا السجود مجرّد وضع الجبهة مع النيّة . نعم، يعتبرفيه إباحة المكان، ولا يشترط فيه الذكر، وإن كان يستحب أن يقول: «شكراً لله»، أو
- (1) الظاهر عدم اعتبارها فيه أيضاً .
(الصفحة 508)
«شكراً شكراً» و«عفواً عفواً» مائة مرّة، أو ثلاث مرّات ، ويكفي مرّة واحدة أيضاً،
ويجوزالاقتصار على سجدة واحدة، ويستحبّ مرّتان، ويتحقّق التعدّدبالفصل بينهما بتعفير الخدّين أوالجبينين، أوالجميع مقدّماً للأيمن منهما على الأيسر، ثمّ وضع الجبهة ثانياً، ويستحب فيه افتراش الذراعين، وإلصاق الجؤجؤ والصدروالبطن بالأرض، ويستحب أيضاً أن يمسح موضع سجوده بيده ثمّ إمرارها على وجهه ومقاديم بدنه، ويستحب أن يقرأ في سجوده ما ورد في حسنة عبدالله بن جندب، عن موسى بن جعفر(عليهما السلام)، ماأقول في سجدة الشكر فقد اختلف أصحابنا فيه؟ فقال(عليه السلام):
قل وأنت ساجد:
«اللّهمَّ إني اُشهدكواُشهد ملائكتك وأنبيائكورسلك وجميع خلقك، أنّك أنت الله ربّي ، والإسلام ديني ، ومحمّد نبيّي ، وعليّ والحسن والحسين ـ إلى آخرهم ـ
أئمّتي (عليهم السلام) ، بهم أتولّى، ومن أعدائهم أتبرّأ ، اللّهمَّ إنّي اُنشدك دم المظلوم» ثلاثاً
«اللّهمَّ إنّي أُنشدك بإيوائك على نفسك لأعدائك لتهلكنّهم بأيدينا وأيدي المؤمنين ، اللّهمَّ إنّي أُنشدك بإيوائك على نفسك لأوليائك لتظفرنّهم بعدوّك وعدوّهم ، أن تصلّي على محمّد وعلى المستحفظين من آل محمّد»، ثلاثاً
«اللّهمَّ إنّي أسألك اليسر بعد العسر» ثلاثاً، ثمّ تضع خدّك الأيمن على الأرض وتقول :
«يا كهفي حين تعييني المذاهب وتضيق عليَّ الأرض بما رحبت ، يا بارئ خلقي رحمة بي وقد كنت عن خلقي غنيّاً ، صلِّ على محمّد وعلى المستحفظين من آل محمّد» ، ثمّ تضع خدّك الأيسر وتقول:
«يا مذلّ كلّ جبّار، ويامعزّ كلّ ذليل قد وعزّتك بلغ مجهودي» ثلاثاً، ثمّ تقول :
«يا حنّان يا منّان، يا كاشف الكرب العظام» ، ثمّ تعود للسجود فتقول مائة مرّة : «شكراً شكراً» ، ثمّ تسأل حاجتك إن شاء الله ، والأحوط وضع الجبهة في هذه السجدة أيضاً على ما يصحّ السجود عليه، ووضع سائر المساجد على الأرض ، ولا بأس بالتكبير قبلها وبعدها لا بقصد الخصوصية والورود .
(الصفحة 509)
[1653] مسألة 22 : إذا وجد سبب سجود الشكر وكان له مانع من السجود على الأرض فليومئ برأسه ويضع خدّه على كفّه، فعن الصادق(عليه السلام) : «إذا ذكر أحدكم نعمة الله عزّوجلّ فليضع خدّه على التراب شكراً لله ، وإن كان راكباً فلينزل فيلضع خدّه على التراب ، وإن لم يكن يقدر على النزول للشهرة فليضع خدّه على قربوسه ، فإن لم يقدر فليضع خدّه على كفّه، ثمّ ليحمد الله على ما أنعم عليه» ، ويظهر من هذا الخبر تحقّق السجود بوضع الخدّ فقط من دون الجبهة .
[1654] مسألة 23 : يستحب السجود بقصد التذلّل أو التعظيم لله تعالى ، بل من حيث هو راجح وعبادة ، بل من أعظم العبادات وآكدها ، بل ما عبدالله بمثله ، وما من عمل أشدّ على إبليس من أن يرى ابن آدم ساجداً ; لأنّه أُمر بالسجود فعصى، وهذا اُمر به فأطاع ونجى ، وأقرب ما يكون العبد إلى الله وهو ساجد، وأنّه سنّة الأوّابين، ويستحب إطالته، فقد سجد آدم ثلاثة أيّام بلياليها ، وسجد عليّ بن الحسين(عليهما السلام) على حجارة خشنة حتّى اُحصي عليه ألف مرّة :
«لا إله إلاّ الله حقّاً حقّاً، لا إله إلاّ الله تعبّداً ورقّاً، لا إله إلاّ الله إيماناً وتصديقاً» ، وكان الصادق(عليه السلام)يسجد السجدة حتّى يقال : إنّه راقد، وكان موسى بن جعفر(عليهما السلام) يسجد كلّ يوم بعد طلوع الشمس إلى وقت الزوال .
[1655] مسألة 24 : يحرم(1) السجود لغير الله تعالى ، فإنّه غاية الخضوع،
- (1) الظاهر أنّه لم يقم دليل على حرمة السجود لغير الله، وليس مجرّد السجود شركاً محرّماً غير قابل للتخصيص; لأنّه تعالى لا يغفر أن يُشرك به حتّى يوجّه سجدة الملائكة بما ذكر، بل الظاهر أنّ سجودهم كان لآدم(عليه السلام) مأموراً به من قبل الله تعالى لا مجرّد كون آدم(عليه السلام)قبلة لهم، ويدلّ عليه ـ مضافاً إلى ظهور الكتاب في ذلك ـ استكبار إبليس واستنكافه من السجود، فإنّه لم يستنكف من السجود لله، بل من السجود لآدم، ويشهد به استدلاله . نعم، الظاهر احتياج الجواز إلى الدليل، وبدونه لا مجال للالتزام به .
(الصفحة 510)
فيختصّ بمن هو في غاية الكبرياء والعظمة ، وسجدة الملائكة لم تكن لآدم بل كان قبلة لهم ، كما أنّ سجدة يعقوب وولده لم تكن ليوسف بل لله تعالى شكراً، حيث رأوا ما أعطاه الله من الملك ، فما يفعله سواد الشيعة من صورة السجدة عند قبر أميرالمؤمنين وغيره من الأئمّة(عليهم السلام)مشكل ، إلاّ أن يقصدوا به سجدة الشكر لتوفيق الله تعالى لهم لإدراك الزيارة . نعم، لا يبعد جواز تقبيل العتبة الشريفة .
فصل
في التشهّد
وهو واجب في الثنائية مرّة بعد رفع الرأس من السجدة الأخيرة من الركعة الثانية ، وفي الثلاثية والرباعية مرّتين: الأُولى كما ذكر، والثانية بعد رفع الرأس من السجدة الثانية في الركعة الأخيرة ، وهو واجب غير ركن ، فلو تركه عمداً بطلت الصلاة ، وسهواً أتى به ما لم يركع ، وقضاه بعد الصلاة إن تذكّر بعد الدخول في الركوع مع سجدتي السهو .
وواجباته سبعة :
الأوّل : الشهادتان .
الثاني : الصلاة على محمّد وآل محمّد ، فيقول :
«أشهد أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له ، وأشهد أنّ محمّداً عبده ورسوله ، اللّهمَّ صلِّ على محمّد وآل محمّد» ويجزئ على الأقوى(1) أن يقول :
«أشهد أن لا إله إلاّ الله ، وأشهد أنّ
- (1) والأحوط الاقتصار على الكيفيّة الاُولى .
(الصفحة 511)
محمّداً رسول الله ، اللّهمَّ صلِّ على محمّد وآل محمّد» .
الثالث : الجلوس بمقدار الذكر المذكور .
الرابع : الطمأنينة فيه .
الخامس : الترتيب بتقديم الشهادة الأُولى على الثانية، وهما على الصلاة على محمّد وآل محمّد كما ذكر .
السادس : الموالاة بين الفقرات والكلمات والحروف، بحيث لا يخرج عن الصدق .
السابع : المحافظة على تأديتها على الوجه الصحيح العربي في الحركات والسكنات وأداء الحروف والكلمات .
[1656] مسألة 1 : لابدّ من ذكر الشهادتين والصلاة بألفاظها المتعارفة ، فلا يجزئ غيرها وإن أفاد معناها، مثل ما إذا قال بدل أشهد : أعلم أو أقرّ أو أعترف، وهكذا في غيره .
[1657] مسألة 2 : يجزئ الجلوس فيه بأيّ كيفيّة كان ولو إقعاء ، وإن كان الأحوط تركه .
[1658] مسألة 3 : من لا يعلم الذكر يجب عليه التعلّم ، وقبله يتبع غيره فيلقّنه ، ولو عجز ولم يكن من يلقنه أو كان الوقت ضيقا أتى بما يقدر ويترجم الباقي ، وإن لم يعلم شيئاً يأتي بترجمة الكلّ ، وإن لم يعلم يأتي بسائر الأذكار بقدره ، والأولى التحميد إن كان يحسنه ، وإلاّ فالأحوط الجلوس قدره مع الإخطار بالبال إن أمكن .
[1659] مسألة 4 : يستحب في التشهد أُمور :
الأوّل : أن يجلس الرجل متورِّكاً على نحو ما مر في الجلوس بين السجدتين .
الثاني : أن يقول قبل الشروع في الذكر :
«الحمد لله»، أو يقول :
«بسم الله