(الصفحة 509)
[1653] مسألة 22 : إذا وجد سبب سجود الشكر وكان له مانع من السجود على الأرض فليومئ برأسه ويضع خدّه على كفّه، فعن الصادق(عليه السلام) : «إذا ذكر أحدكم نعمة الله عزّوجلّ فليضع خدّه على التراب شكراً لله ، وإن كان راكباً فلينزل فيلضع خدّه على التراب ، وإن لم يكن يقدر على النزول للشهرة فليضع خدّه على قربوسه ، فإن لم يقدر فليضع خدّه على كفّه، ثمّ ليحمد الله على ما أنعم عليه» ، ويظهر من هذا الخبر تحقّق السجود بوضع الخدّ فقط من دون الجبهة .
[1654] مسألة 23 : يستحب السجود بقصد التذلّل أو التعظيم لله تعالى ، بل من حيث هو راجح وعبادة ، بل من أعظم العبادات وآكدها ، بل ما عبدالله بمثله ، وما من عمل أشدّ على إبليس من أن يرى ابن آدم ساجداً ; لأنّه أُمر بالسجود فعصى، وهذا اُمر به فأطاع ونجى ، وأقرب ما يكون العبد إلى الله وهو ساجد، وأنّه سنّة الأوّابين، ويستحب إطالته، فقد سجد آدم ثلاثة أيّام بلياليها ، وسجد عليّ بن الحسين(عليهما السلام) على حجارة خشنة حتّى اُحصي عليه ألف مرّة :
«لا إله إلاّ الله حقّاً حقّاً، لا إله إلاّ الله تعبّداً ورقّاً، لا إله إلاّ الله إيماناً وتصديقاً» ، وكان الصادق(عليه السلام)يسجد السجدة حتّى يقال : إنّه راقد، وكان موسى بن جعفر(عليهما السلام) يسجد كلّ يوم بعد طلوع الشمس إلى وقت الزوال .
[1655] مسألة 24 : يحرم(1) السجود لغير الله تعالى ، فإنّه غاية الخضوع،
- (1) الظاهر أنّه لم يقم دليل على حرمة السجود لغير الله، وليس مجرّد السجود شركاً محرّماً غير قابل للتخصيص; لأنّه تعالى لا يغفر أن يُشرك به حتّى يوجّه سجدة الملائكة بما ذكر، بل الظاهر أنّ سجودهم كان لآدم(عليه السلام) مأموراً به من قبل الله تعالى لا مجرّد كون آدم(عليه السلام)قبلة لهم، ويدلّ عليه ـ مضافاً إلى ظهور الكتاب في ذلك ـ استكبار إبليس واستنكافه من السجود، فإنّه لم يستنكف من السجود لله، بل من السجود لآدم، ويشهد به استدلاله . نعم، الظاهر احتياج الجواز إلى الدليل، وبدونه لا مجال للالتزام به .
(الصفحة 510)
فيختصّ بمن هو في غاية الكبرياء والعظمة ، وسجدة الملائكة لم تكن لآدم بل كان قبلة لهم ، كما أنّ سجدة يعقوب وولده لم تكن ليوسف بل لله تعالى شكراً، حيث رأوا ما أعطاه الله من الملك ، فما يفعله سواد الشيعة من صورة السجدة عند قبر أميرالمؤمنين وغيره من الأئمّة(عليهم السلام)مشكل ، إلاّ أن يقصدوا به سجدة الشكر لتوفيق الله تعالى لهم لإدراك الزيارة . نعم، لا يبعد جواز تقبيل العتبة الشريفة .
فصل
في التشهّد
وهو واجب في الثنائية مرّة بعد رفع الرأس من السجدة الأخيرة من الركعة الثانية ، وفي الثلاثية والرباعية مرّتين: الأُولى كما ذكر، والثانية بعد رفع الرأس من السجدة الثانية في الركعة الأخيرة ، وهو واجب غير ركن ، فلو تركه عمداً بطلت الصلاة ، وسهواً أتى به ما لم يركع ، وقضاه بعد الصلاة إن تذكّر بعد الدخول في الركوع مع سجدتي السهو .
وواجباته سبعة :
الأوّل : الشهادتان .
الثاني : الصلاة على محمّد وآل محمّد ، فيقول :
«أشهد أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له ، وأشهد أنّ محمّداً عبده ورسوله ، اللّهمَّ صلِّ على محمّد وآل محمّد» ويجزئ على الأقوى(1) أن يقول :
«أشهد أن لا إله إلاّ الله ، وأشهد أنّ
- (1) والأحوط الاقتصار على الكيفيّة الاُولى .
(الصفحة 511)
محمّداً رسول الله ، اللّهمَّ صلِّ على محمّد وآل محمّد» .
الثالث : الجلوس بمقدار الذكر المذكور .
الرابع : الطمأنينة فيه .
الخامس : الترتيب بتقديم الشهادة الأُولى على الثانية، وهما على الصلاة على محمّد وآل محمّد كما ذكر .
السادس : الموالاة بين الفقرات والكلمات والحروف، بحيث لا يخرج عن الصدق .
السابع : المحافظة على تأديتها على الوجه الصحيح العربي في الحركات والسكنات وأداء الحروف والكلمات .
[1656] مسألة 1 : لابدّ من ذكر الشهادتين والصلاة بألفاظها المتعارفة ، فلا يجزئ غيرها وإن أفاد معناها، مثل ما إذا قال بدل أشهد : أعلم أو أقرّ أو أعترف، وهكذا في غيره .
[1657] مسألة 2 : يجزئ الجلوس فيه بأيّ كيفيّة كان ولو إقعاء ، وإن كان الأحوط تركه .
[1658] مسألة 3 : من لا يعلم الذكر يجب عليه التعلّم ، وقبله يتبع غيره فيلقّنه ، ولو عجز ولم يكن من يلقنه أو كان الوقت ضيقا أتى بما يقدر ويترجم الباقي ، وإن لم يعلم شيئاً يأتي بترجمة الكلّ ، وإن لم يعلم يأتي بسائر الأذكار بقدره ، والأولى التحميد إن كان يحسنه ، وإلاّ فالأحوط الجلوس قدره مع الإخطار بالبال إن أمكن .
[1659] مسألة 4 : يستحب في التشهد أُمور :
الأوّل : أن يجلس الرجل متورِّكاً على نحو ما مر في الجلوس بين السجدتين .
الثاني : أن يقول قبل الشروع في الذكر :
«الحمد لله»، أو يقول :
«بسم الله
(الصفحة 512)
وبالله والحمد لله وخير الاسماء لله» ، أو
«الأسماء الحسنى كلّها لله» .
الثالث : أن يجعل يديه على فخذيه منضمّة الأصابع .
الرابع : أن يكون نظره إلى حجره .
الخامس : أن يقول بعد قوله : وأشهد أنّ محمّداً عبده ورسوله :
«أرسله بالحقّ بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة ، وأشهد أنّ ربّي نِعم الربّ، وأنّ محمّداً نعم الرسول» ثمّ يقول :
«اللّهمَّ صلِّ» الخ .
السادس : أن يقول بعد الصلاة : «وتقبّل شفاعته وارفع درجته» في التشهد الأوّل ، بل في الثاني أيضاً ، وإن كان الأولى(1) عدم قصد الخصوصية في الثاني .
السابع: أن يقول في التشهد الأوّل والثاني ما في موثّقة أبي بصير; وهي قوله(عليه السلام):
إذا جلست في الركعة الثانية فقل :
«بسم الله وبالله والحمد لله وخير الأسماء لله ، أشهد أن لا إله إلاّ الله، وحده لا شريك له ، وأشهد أنّ محمّداً عبده ورسوله، أرسله بالحقّ بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة ، أشهد أنّك نعم الربّ ، وأنّ محمّداً نعم الرسول ، اللّهمَّ صلِّ على محمّد وآل محمّد ، وتقبّل شفاعته في اُمّته وارفع درجته» ، ثمّ تحمد الله مرّتين أو ثلاثاً ، ثمّ تقوم ، فإذا جلست في الرابعة قلت :
«بسم الله وبالله، والحمد لله، وخير الأسماء لله ، أشهد أن لا إله إلاّ الله، وحده لا شريك له ، وأشهد أنّ محمّداً عبده ورسوله ، أرسله بالحقّ بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة ، أشهد أنّك نعم الربّ، وأنّ محمّداً نعم الرسول ، التحيّات لله والصلوات الطاهرات الطيّبات الزاكيات الغاديات الرائحات السابغات الناعمات لله، ما طاب وزكى وطهر وخلص وصفا فللّه ، وأشهد أن لا إله إلاّ الله
(الصفحة 513)
وحده لا شريك له ، وأشهد أنّ محمّداً عبده ورسوله ، أرسله بالحقّ بشيراً ونذيراً بين يدى الساعة .
أشهد أنّ ربّي نعم الربّ، وأنّ محمّداً نعم الرسول ، وأشهد أنّ الساعة آتية لا ريب فيها، وأنّ الله يبعث من في القبور ، الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنّا لنهتدي لولا أن هدانا الله ، الحمد لله ربّ العالمين ، اللّهمَّ صلِّ على محمّد وآل محمّد، وبارك على محمّد وآل محمّد، وسلّم على محمّد وآل محمّد ، وترحّم على محمّد وآل محمّد ، كما صلّيت وباركت وترحّمت على إبراهيم وآل إبراهيم إنّك حميد مجيد ، اللّهمَّ صلِّ على محمّد وآل محمّد ، واغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ، ول ، ثمّ قل : «السلام عليك أيّها النبيّ ورحمة الله وبركاته ، السلام على أنبياء الله ورسله ، السلام على جبرئيل وميكائيل والملائكة المقرّبين ، السلام على محمّد بن عبدالله خاتم النبيّين لا نبيّ بعده ، والسلام علينا وعلى عباد الله الصالحين» ، ثمّ تسلّم .
الثامن : أن يسبِّح سبعاً بعد التشهّد الأوّل; بأن يقول : «سبحان الله سبحان الله» سبعاً ثمّ يقوم .
التاسع : أن يقول : «بحول الله وقوّته . . .» الخ حين القيام(1) عن التشهد الأوّل .
العاشر : أن تضمّ المرأة فخذيها حال الجلوس للتشهد .
[1660] مسألة 5 : يكره الإقعاء حال التشهد على نحو ما مر في الجلوس بين السجدتين ، بل الأحوط تركه كما عرفت .
- (1) أي النهوض عنه إلى القيام .