(الصفحة 576)
وأمّا في الجمعة والعيدين فلا تنعقد إلاّ بخمسة أحدهم الإمام .
[1876] مسألة 9 : لا يشترط في انعقاد الجماعة في غير الجمعة والعيدين (1) نيّة الإمام الجماعة والإمامة ، فلو لم ينوها مع اقتداء غيره به تحقّقت الجماعة، سواء كان الإمام ملتفتاً لاقتداء الغير به أم لا . نعم، حصول الثواب في حقه موقوف على نية الإمامة . وأمّا المأموم فلابدّ له من نية الائتمام ، فلو لم ينوه لم تتحقّق الجماعة في حقّه، وإن تابعه في الأقوال والأفعال ، وحينئذ فإن أتى بجميع ما يجب على المنفرد صحّت صلاته وإلّا فلا . وكذا يجب وحدة الإمام، فلو نوى الاقتداء باثنين ولو كانا متقارنين في الأقوال والأفعال لم تصح جماعة، وتصحّ فرادى(2) إن أتى بما يجب على المنفرد ولم يقصد التشريع(3) ، ويجب عليه تعيين الإمام بالاسم أو الوصف أو الإشارة الذهنية أو الخارجية، فيكفي التعيين الإجمالي، كنية الاقتداء بهذا الحاضر، أو بمن يجهر في صلاته مثلاً من الأئمة الموجودين أو نحو ذلك ، ولو نوى الاقتداء بأحد هذين أو أحد هذه الجماعة لم تصح جماعة، وإن كان من قصده تعيين أحدهما بعد ذلك في الأثناء أو بعد الفراغ .
[1877] مسألة 10 : لا يجوز الاقتداء بالمأموم ، فيشترط أن لا يكون إمامه مأموماً لغيره .
[1878] مسألة 11 : لو شك في أنّه نوى الائتمام أم لا بنى على العدم وأتمّ
- (1) بل فيهما أيضاً، فإنّ الجماعة تتحقّق بنيّة الائتمام من المأموم ولا تحصل بنيّة الإمام. نعم، الفرق بين الجمعة والعيدين وبين غيرهما أنّه يعتبر فيهما علم الإمام بصيرورة صلاته جماعة بالائتمام به مع نيّة، ولا يعتبر ذلك في غيرهما.
- (2) صحّتها فرادى في مثل هذا الفرض الذي نوى الائتمام ولم يتحقّق لفقد شرط من شروطه محلّ إشكال .
- (3) قصد التشريع لا يقدح في صحّة العمل .
(الصفحة 577)
منفرداً، وإن علم أنّه قام بنية الدخول في الجماعة . نعم، لو ظهرعليه أحوال الائتمام كالإنصات(1) ونحوه فالأقوى عدم الالتفات ولحوق أحكام الجماعة ، وإن كان الأحوط الإتمام منفرداً ، وأمّا إذا كان ناوياً للجماعة ورأى نفسه مقتدياً وشك في أنّه من أوّل الصلاة نوى الانفراد أو الجماعة فالأمر أسهل .
[1879] مسألة 12 : إذا نوى الاقتداء بشخص على أنّه زيد فبان أنّه عمرو، فإن لم يكن عمرو عادلاً بطلت جماعته وصلاته أيضاً إذا ترك القراءة، أو أتى بما يخالف صلاة المنفرد ، وإلّا صحّت (2) على الأقوى ، وإن التفت في الأثناء ولم يقع منه ما ينافي صلاة المنفرد أتمّ منفرداً ، وإن كان عمرو أيضاً عادلاً ففي المسألة صورتان : إحداهما: أن يكون قصده الاقتداء بزيد وتخيّل أنّ الحاضر هو زيد، وفي هذه الصورة تبطل جماعته(3) وصلاته أيضاً إن خالفت صلاة المنفرد ، الثانية: أن يكون قصده الاقتداء بهذا الحاضر، ولكن تخيّل أنّه زيد فبان أنّه عمرو، وفي هذه الصورة الأقوى صحّة جماعته وصلاته ، فالمناط ما قصده لا ما تخيّله من باب الاشتباه في التطبيق .
[1880] مسألة 13 : إذا صلّى اثنان وبعد الفراغ علم أنّ نية كلّ منهما الإمامة للآخر صحّت صلاتهما ، أمّا لو علم أنّ نية كلّ منهما الائتمام بالآخر استأنف كلّ منهما الصلاة إذا كانت مخالفة(4) لصلاة المنفرد ، ولو شكّا فيما أضمراه فالأحوط الاستئناف، وإن كان الأقوى الصحّة إذا كان الشك بعد الفراغ، أو قبله مع نية الانفراد بعد الشك .
- (1) أي بعنوان المأمومية، وكذا الاشتغال بشيء ممّا هو وظيفة المأموم .
- (2) مرّ أنّها محلّ إشكال، وكذا فيما بعده .
- (3) الحكم بالصحّة في هذه الصورة أيضاً غير بعيد.
- (4) بل مطلقاً على الأحوط .
(الصفحة 578)
[1881] مسألة 14 : الأقوى والأحوط عدم نقل نيته من إمام إلى إمام آخر اختياراً، وإن كان الآخر أفضل وأرجح . نعم، لو عرض للإمام ما يمنعه من إتمام صلاته ـ من موت أو جنون أو إغماء، أو صدور حدث، بل ولو لتذكّر حدث سابق ـ جاز للمأمومين تقديم إمام آخر(1) وإتمام الصلاة معه ، بل الأقوى ذلك لو عرض له ما يمنعه من إتمامها مختاراً، كما لو صار فرضه الجلوس ، حيث لا يجوز البقاء على الاقتداء به، لما يأتي من عدم جواز ائتمام القائم بالقاعد .
[1882] مسألة 15 : لا يجوز للمنفرد العدول إلى الائتمام في الأثناء .
[1883] مسألة 16 : يجوز العدول من الائتمام إلى الانفراد ولو اختياراً في جميع أحوال الصلاة على الأقوى، وإن كان ذلك من نيته في أوّل الصلاة ، لكن الأحوط عدم العدول إلاّ لضرورة ولو دنيوية، خصوصاً في الصورة الثانية .
[1884] مسألة 17 : إذا نوى الانفراد بعد قراءة الإمام قبل الدخول في الركوع لا يجب عليه القراءة ، بل لو كان في أثناء القراءة يكفيه بعد نية الانفراد قراءة ما بقي منها، وإن كان الأحوط(2) استئنافها ، خصوصاً إذا كان في الأثناء .
[1885] مسألة 18 : إذا أدرك الإمام راكعاً يجوز له الائتمام والركوع معه ثمّ العدول إلى الانفراد اختياراً ، وإن كان الأحوط ترك العدول حينئذ، خصوصاً إذا كان ذلك من نيته أوّلاً .
[1886] مسألة 19 : إذا نوى الانفراد بعد قراءة الإمام وأتمّ صلاته فنوى الاقتداء به في صلاة اُخرى قبل أن يركع الإمام في تلك الركعة، أو حال كونه في الركوع من تلك الركعة جاز، ولكنّه خلاف الاحتياط .
- (1) والأحوط أن يكون من أنفسهم .
- (2) لا يترك الاحتياط في الأثناء، وكذا بعد القراءة إذا كان الاقتداء في تلك الحال، بأن كانت نيّة الانفراد بعد نية الاقتداء بلا فصل .
(الصفحة 579)
[1887] مسألة 20 : لو نوى الانفراد في الأثناء لا يجوز له العود إلى الائتمام . نعم، لو تردّد في الانفراد وعدمه ثمّ عزم على عدم الانفراد صح ، بل لا يبعد جواز العود إذا كان بعد نية الانفراد بلا فصل ، وإن كان الأحوط(1) عدم العود مطلقاً .
[1888] مسألة 21 : لو شك في أنّه عدل إلى الانفراد أم لا بنى على عدمه .
[1889] مسألة 22 : لا يعتبر في صحّة الجماعة قصد القربة من حيث الجماعة، بل يكفي قصد القربة في أصل الصلاة ، فلو كان قصد الإمام من الجماعة الجاه أو مطلب آخر دنيوي، ولكن كان قاصداً للقربة في أصل الصلاة صحّ(2) ، وكذا إذا قصد المأموم من الجماعة سهولة الأمر عليه، أو الفرار من الوسوسة أو الشك، أو من تعب تعلّم القراءة أو نحو ذلك من الأغراض الدنيوية صحّت صلاته مع كونه قاصداً للقربة فيها . نعم، لا يترتب ثواب الجماعة إلاّ بقصد القربة فيها .
[1890] مسألة 23 : إذا نوى الاقتداء بمن يصلّي صلاة لا يجوز الاقتداء فيها سهواً أو جهلاً، كما إذا كانت نافلة أو صلاة الآيات مثلاً، فإن تذكّر قبل الإتيان بما ينافي صلاة المنفرد عدل إلى الانفراد(3) وصحّت ، وكذا تصح إذا تذكّر بعد الفراغ ولم تخالف صلاة المنفرد ، وإلاّ بطلت .
[1891] مسألة 24 : إذا لم يدرك الإمام إلاّ في الركوع أو أدركه في أوّل الركعة أو في أثنائها ، أو قبل الركوع فلم يدخل في الصلاة إلى أن ركع جاز له الدخول معه وتحسب له ركعة ، وهو منتهى ما تدرك به الركعة في ابتداء الجماعة على الأقوى،
- (1) لا يترك فيما إذا كان بعد نية الانفراد .
- (2) الظاهر أنّ مراده من الصحّة هي الصحّة بعنوان الجماعة، مع أنّه محلّ إشكال، وكذا في المأموم، فلو أخلّ بما هو وظيفة المنفرد مع عدم قصد القربة في الجماعة يشكل أصل الصحّة .
- (3) الظاهر أنّ الصحّة لا تتوقّف على نيّة العدول .
(الصفحة 580)
بشرط أن يصل إلى حدّ الركوع قبل رفع الإمام رأسه، وإن كان بعد فراغه من الذكر على الأقوى ، فلا يدركها إذا أدركه بعد رفع رأسه ، بل وكذا لو وصل المأموم إلى الركوع بعد شروع الإمام في رفع الرأس، وإن لم يخرج بعد عن حدّه على الأحوط .
وبالجملة: إدراك الركعة في ابتداء الجماعة يتوقّف على إدراك ركوع الإمام قبل الشروع في رفع رأسه ، وأمّا في الركعات الاُخر فلا يضر(1) عدم إدراك الركوع مع الإمام، بأن ركع بعد رفع رأسه، بل بعد دخوله في السجود أيضاً . هذا إذا دخل في الجماعة بعد ركوع الإمام ، وأمّا إذا دخل فيها من أوّل الركعة أو أثنائها واتفق أنّه تأخّر عن الإمام في الركوع فالظاهر صحّة صلاته وجماعته، فما هو المشهور من أنّه لابدّ من إدراك ركوع الإمام في الركعة الأُولى للمأموم في ابتداء الجماعة وإلاّ لم تحسب له ركعة مختصّ بما إذا دخل في الجماعة في حال ركوع الإمام أو قبله بعد تمام القراءة، لا فيما إذا دخل فيها من أوّل الركعة أو أثنائها، وإن صرّح بعضهم بالتعميم ، ولكن الأحوط الإتمام حينئذ والإعادة .
[1892] مسألة 25 : لو ركع بتخيّل إدراك الإمام راكعاً ولم يدرك بطلت صلاته ، بل و كذا لو شك في إدراكه وعدمه ، والأحوط في صورة(2) الشك الإتمام والإعادة، أو العدول إلى النافلة والإتمام ثمّ اللحوق في الركعة الاُخرى .
[1893] مسألة 26: الأحوط عدم الدخول إلاّ مع الاطمئنان بإدراك ركوع الإمام، وإن كان الأقوى جوازه مع الاحتمال ، وحينئذ فإن أدرك صحّت
- (1) إذا أدرك بعض الركعة قبل الركوع، وأمّا إذا لم يدرك الركوع ولا شيئاً من القيام ـ كما إذا منعه الزحام ونحوه بعد سجود الركعة السابقة عن إدراك شيء من القيام والركوع في الركعة اللاّحقة
،
- فلم يدرك الإمام إلاّ بعد رفع الرأس من الركوع ـ ففيه إشكال .
- (2) بل في الصورتين، والإتمام إنّما هو مع عدم الاعتداد بذلك الركوع .