(الصفحة 603)
الوثوق والاطمئنان للشخص من أيّ وجه حصل بشرط كونه من أهل الفهم والخبرة والبصيرة والمعرفة بالمسائل، لا من الجهّال ولا ممّن يحصل له الاطمئنان والوثوق بأدنى شيء كغالب الناس .
[1976] مسألة 16 : الأحوط أن لا يتصدّى للإمامة من يعرف نفسه بعدم العدالة، وإن كان الأقوى جوازه .
[1977] مسألة 17 : الإمام الراتب في المسجد أولى بالإمامة من غيره وإن كان غيره أفضل منه ، لكن الأولى له تقديم الأفضل ، وكذا صاحب المنزل أولى من غيره المأذون في الصلاة ، وإلاّ فلا يجوز بدون إذنه، والأولى أيضاً تقديم الأفضل ، وكذا الهاشمي أولى من غيره المساوي له في الصفات .
[1978] مسألة 18 : إذا تشاحّ الأئمّة رغبة في ثواب الإمامة لا لغرض دنيويّ رجّح من قدّمه المأمومون جميعهم تقديماً ناشئاً عن ترجيح شرعي لا لأغراض دنيوية ، وإن اختلفوا فأراد كلّ منهم تقديم شخص فالأولى ترجيح الفقيه الجامع للشرائط، خصوصاً إذا انضم إليه شدّة التقوى والورع ، فإن لم يكن أو تعدّد فالأقوى تقديم الأجود قراءة، ثمّ الأفقه في أحكام الصلاة ، ومع التساوي فيها فالأفقه في سائر الأحكام غير ما للصلاة ، ثمّ الأسنّ في الإسلام ، ثمّ من كان أرجح في سائر الجهات الشرعية .
والظاهر أنّ الحال كذلك إذا كان هناك أئمّة متعدّدون ، فالأولى للمأموم اختيار الأرجح بالترتيب المذكور ، لكن إذا تعدّد المرجّح في بعض كان أولى ممّن له ترجيح من جهة واحدة ، والمرجّحات الشرعية مضافاً إلى ما ذكر كثيرة لابدّ من ملاحظتهافي تحصيل الأولى ، وربما يوجب ذلك خلاف الترتيب المذكور ، مع أنّه يحتمل(1)
- (1) هذا الاحتمال في غاية الضعف.
(الصفحة 604)
اختصاص الترتيب المذكورة بصورة التشاح بين الأئمّة أو بين المأمومين لا مطلقاً ، فالأولى للمأموم مع تعدّد الجماعة ملاحظة جميع الجهات في تلك الجماعة; من حيث الإمام، ومن حيث أهل الجماعة من حيث تقواهم وفضلهم وكثرتهم وغير ذلك، ثمّ اختيار الأرجح فالأرجح .
[1979] مسألة 19 : الترجيحات المذكورة إنّما هي من باب الأفضلية والاستحباب لا على وجه اللزوم والإيجاب، حتّى في أولوية الإمام الراتب الذي هو صاحب المسجد ، فلا يحرم مزاحمة الغير له، وإن كان مفضولاً من سائر الجهات أيضاً إذا كان المسجد وقفاً لا ملكاً له، ولا لمن لم يأذن لغيره في الإمامة .
[1980] مسألة 20 : يكره إمامة(1) الأجذم والأبرص والأغلف المعذور في ترك الختان ، والمحدود بحدّ شرعي بعد توبته ، ومن يكره المأمومون إمامته ، والمتيمّم للمتطهّر ، والحائك والحجّام والدبّاغ إلاّ لأمثالهم ، بل الأولى عدم إمامة كلّ ناقص للكامل ، وكلّ كامل للأكمل .
فصل
في مستحبّات الجماعة ومكروهاتها
أمّا المستحبات فاُمور :
أحدها : أن يقف المأموم عن يمين الإمام إن كان رجلا واحداً ، وخلفه إن كانوا أكثر ، ولو كان المأموم امرأة واحدة وقفت خلف الإمام على الجانب الأيمن، بحيث يكون سجودها محاذياً لركبة الإمام أو قدمه ، ولو كُنّ أزيد وقفن خلفه ، ولو كان
- (1) مرّ الاحتياط اللاّزم في بعضها .
(الصفحة 605)
رجلاً واحداً وامرأة واحدة أو أكثر وقف الرجل عن يمين الإمام والامرأة خلفه ، ولو كان رجالاً ونساءً اصطفوا خلفه واصطفت النساء خلفهم ، بل الأحوط(1) مراعاة المذكورات . هذا إذا كان الإمام رجلا ، وأمّا في جماعة النساء(2) فالأولى وقوفهنّ صفّاً واحداً أو أزيد من غير أن تبرز إمامهنّ من بينهنّ .
الثاني : أن يقف الإمام في وسط الصف .
الثالث : أن يكون في الصف الأوّل أهل الفضل ممن له مزية في العلم والكمال والعقل والورع والتقوى ، وأن يكون يمينه لأفضلهم في الصف الأوّل، فإنّه أفضل الصفوف .
الرابع : الوقوف في القرب من الإمام .
الخامس : الوقوف في ميامن الصفوف فإنّها أفضل من مياسرها ، هذا في غير صلاة الجنازة(3) ، وأمّا فيها فأفضل الصفوف آخرها .
السادس : إقامة الصفوف واعتدالها، وسدّ الفرج الواقعة فيها، والمحاذاة بين المناكب .
السابع : تقارب الصفوف بعضها من بعض; بأن لا يكون(4) ما بينها أزيد من مقدار مسقط جسد الانسان إذا سجد .
الثامن : أن يصلّي الإمام بصلاة أضعف من خلفه; بأن لا يطيل في أفعال الصلاة من القنوت والركوع والسجود إلاّ إذا علم حبّ التطويل من جميع المأمومين.
التاسع: أن يشتغل المأموم المسبوق بتمجيد الله تعالى بالتسبيح والتهليل
- (1) لا يترك، خصوصاً في بعضها، كعدم وساطة صفّ النساء لصفّ الرجال.
- (2) مرّ الإشكال في إمامة المرأة .
- (3) ينبغي أن يكون هذا استثناء من ذيل الأمر الثالث .
- (4) مرّ أنّه أحوط .
(الصفحة 606)
والتحميد والثناء إذا أكمل القراءة(1) قبل ركوع الإمام، ويبقي آية من قراءته ليركع بها.
العاشر : أن لا يقوم الإمام من مقامه بعد التسليم، بل يبقى على هيئة المصلّي حتّى يتم من خلفه صلاته من المسبوقين أو الحاضرين لو كان الإمام مسافراً ، بل هو الأحوط ، ويستحب له أن يستنيب من يتم بهم الصلاة عند مفارقته لهم ، ويكره استنابة المسبوق بركعة أو أزيد ، بل الأولى عدم استنابة من لم يشهد الإقامة .
الحادي عشر : أن يسمع الإمام من خلفه القراءة الجهرية والأذكار ما لم يبلغ العلوّ المفرط .
الثاني عشر : أن يطيل ركوعه إذا أحسّ بدخول شخص ضعف ما كان يركع انتظاراً للداخلين، ثمّ يرفع رأسه وإن أحس بداخل .
الثالث عشر : أن يقول المأموم عند فراغ الإمام من الفاتحة : «الحمد لله ربّ العالمين» .
الرابع عشر : قيام المأمومين عند قول المؤذّن «قد قامت الصلاة» .
وأما المكروهات فاُمور أيضاً .
أحدها : وقوف المأموم وحده في صف وحده مع وجود موضع في الصفوف ، ومع امتلائها فليقف آخر الصفوف أو حذاء الإمام .
الثاني : التنفّل بعد قول المؤذّن : «قد قامت الصلاة» بل عند الشروع في الإقامة .
الثالث : أن يخص الإمام نفسه بالدعاء إذا اخترع الدعاء(2) من عند نفسه ،
- (1) أي قرب إكمالها .
- (2) بل مطلقاً، فيختار الأدعية المأثورة العامّة أو يغيّر مواضع الاختصاص .
(الصفحة 607)
وأمّا إذا قرأ بعض الأدعية المأثورة فلا .
الرابع : التكلّم بعد قول المؤذّن : «قد قامت الصلاة» بل يكره في غير الجماعة أيضاً كما مرّ، إلاّ أنّ الكراهة فيها أشدّ، إلاّ أن يكون المأمومون اجتمعوا من أماكن شتّى وليس لهم إمام، فلا بأس أن يقول بعضهم لبعض : تقدّم يا فلان .
الخامس : إسماع المأموم الإمام ما يقوله بعضاً أو كلاًّ .
السادس : ائتمام الحاضر بالمسافر والعكس مع اختلاف صلاتهما قصراً وتماماً ، وأمّا مع عدم الاختلاف كالائتمام في الصبح والمغرب فلا كراهة ، وكذا في غيرهما أيضاً مع عدم الاختلاف، كما لو ائتم القاضي بالمؤدّي أو العكس ، وكما في مواطن التخيير إذا اختار المسافر التمام ، ولا يلحق نقصان الفرضين بغير القصر والتمام بهما في الكراهة، كما إذا ائتم الصبح بالظهر أو المغرب أو هي بالعشاء أو العكس .
[1981] مسألة 1 : يجوز لكلّ من الإمام والمأموم عند انتهاء صلاته قبل الآخر، بأن كان مقصّراً والآخر متّماً أو كان المأموم مسبوقاً أن لا يسلّم وينتظر الآخر حتّى يتمّ صلاته، ويصل إلى التسليم فيسلّم معه، خصوصاً للمأموم إذا اشتغل بالذكر والحمد ونحوهما إلى أن يصل الإمام ، والأحوط الاقتصار على صورة لا تفوت الموالاة ، وأمّا مع فواتها ففيه إشكال، من غير فرق بين كون المنتظر هو الإمام أو المأموم .
[1982] مسألة 2 : إذا شك المأموم بعد السجدة الثانية من الإمام أنّه سجد معه السجدتين أو واحدة يجب عليه الإتيان باُخرى إذا لم يتجاوز المحل .
[1983] مسألة 3 : إذا اقتدى المغرب بعشاء الإمام وشك في حال القيام أنّه في الرابعة أو الثالثة ينتظر حتّى يأتي الإمام بالركوع والسجدتين حتّى يتبيّن له الحال ، فإن كان في الثالثة أتى بالبقية وصحّت الصلاة ، وإن كان في الرابعة يجلس ويتشهّد