(الصفحة699)
والأحوط(1) الجمع خصوصاً إذا لم يكن الباقي مسافة .
ففي صحّة الصوم ووجوب إتمامه إذا كان في شهر رمضان مثلاً وجهان(3)، والأحوط الإتمام والقضاء . ولو انعكس; بأن كان طاعة في الابتداء وعدل إلى المعصية في الأثناء، فإن لم يأت بالمفطر و كان قبل الزوال صح صومه ، والأحوط قضاؤه أيضاً ، وإن كان بعد الإتيان بالمفطر أو بعد الزوال بطل ، والأحوط إمساك بقية النهار تأدّباً إن كان من شهر رمضان .
[2275] مسألة 44 : يجوز في سفر المعصية الإتيان بالصوم الندبي ، ولا يسقط عنه الجمعة ولا نوافل النهار والوتيرة ، فيجري عليه حكم الحاضر .
السادس : من الشرائط أن لا يكون ممّن بيته معه ، كأهل البوادي من العرب والعجم، الذين لا مسكن لهم معيّناً، بل يدورون في البراري وينزلون في محلّ العشب والكلأ ومواضع القطر واجتماع الماء; لعدم صدق المسافر عليهم . نعم، لو سافروا لمقصد آخر من حجّ أو زيارة أو نحوهما قصّروا ، ولو سافر أحدهم لاختيار منزل أو لطلب محلّ القطر أو العشب وكان مسافة ففي وجوب القصر أو التمام عليه إشكال(4) ، فلا يترك الاحتياط بالجمع .
- (1) والظاهر هو الإتمام في ذلك المقدار والقصر في الباقي إن كان بقدر المسافة، والاحتياط بالجمع إذا كان المجموع ممّا قبل الغرض المحرّم وما بعده بقدرها، كما مرّ نظيرها .
- (2) إذا كان الباقي مسافة ولو ملفّقة .
- (3) أوجههما الصحّة ولزوم الإتمام .
- (4) فيما إذا لم يكن بيته معه، وإلاّ فيتمّ بلا إشكال .
(الصفحة700)
السابع : أن لا يكون ممّن اتّخذ السفر عملاً وشغلاً له ، كالمكاري والجمّال والملاّح والساعي والراعي ونحوهم ، فإنّ هؤلاء يتمّون الصلاة والصوم في سفرهم الذي هو عمل لهم، وإن استعملوه لأنفسهم، كحمل المكاري متاعه أو أهله من مكان إلى مكان آخر ، ولا فرق بين من كان عنده بعض الدواب يكريها إلى الأماكن القريبة من بلاده فكراها إلى غير ذلك من البلدان البعيدة وغيره . وكذا لا فرق بين من جدّ في سفره; بأن جعل المنزلين منزلاً واحداً وبين من لم يكن كذلك ، والمدار على صدق اتخاذ السفر عملاً له عرفاً، ولو كان في سفرة واحدة(1) لطولها وتكرّر ذلك منه من مكان غير بلده إلى مكان آخر ، فلا يعتبر تحقّق الكثرة بتعدّد السفر ثلاث مرّات أو مرّتين ، فمع الصدق في أثناء السفر الواحد أيضاً يلحق الحكم وهو وجوب الإتمام . نعم، إذا لم يتحقّق الصدق إلاّ بالتعدّد يعتبر ذلك .
[2276] مسألة 45 : إذا سافر المكاري ونحوه ممّن شغله السفر سفراً ليس من عمله ـ كما إذا سافر للحجّ أو الزيارة ـ يقصّر . نعم، لو حجّ أو زار لكن من حيث إنّه عمله ـ كما إذا كرى دابّته للحجّ أو الزيارة وحجّ أو زار بالتبع ـ أتمّ .
[2277] مسألة 46 : الظاهر وجوب القصر على الحملدارية الذين يستعملون السفر في خصوص أشهر الحجّ، بخلاف من كان متّخذاً ذلك عملا له في تمام السنة، كالذين يكرون دوابهم من الأمكنة البعيدة ذهاباً وإياباً على وجه يستغرق ذلك تمام السنة أو معظمها، فإنّه يتمّ حينئذ .
[2278] مسألة 47 : من كان شغله المكاراة في الصيف دون الشتاء أو بالعكس الظاهر وجوب التمام عليه(2) ، ولكن الأحوط الجمع .
- (1) الظاهر اعتبار التعدّد ولزوم القصر في السفر الأوّل .
- (2) في زمان اشتغاله .
(الصفحة701)
[2279] مسألة 48 : من كان التردّد إلى ما دون المسافة عملا له كالحطّاب ونحوه قصّر إذا سافر ولو للاحتطاب ، إلاّ إذا كان يصدق عليه المسافر عرفاً وإن لم يكن بحدّ المسافة الشرعية، فإنّه يمكن أن يقال(1) بوجوب التمام عليه إذا سافر بحدّ المسافة، خصوصاً فيما هو شغله من الاحتطاب مثلاً .
[2280] مسألة 49 : يعتبر في استمرار من شغله السفر على التمام أن لا يقيم في بلده أو غيره عشرة أيّام ، وإلّا انقطع حكم عملية السفر وعاد إلى القصر في السفرة الاُولى خاصّة دون الثانية فضلاً عن الثالثة ، وإن كان الأحوط الجمع فيهما ، ولا فرق في الحكم المزبور بين المكاري والملّاح والساعي وغيرهم ممّن عمله السفر . أمّا إذا أقام أقلّ من عشرة أيّام بقي على التمام ، وإن كان الأحوط مع إقامة الخمسة الجمع(2) ، ولا فرق في الإقامة في بلده عشرة بين أن تكون منويّة أو لا ، بل وكذا في غير بلده أيضاً ، فمجرّد البقاء عشرة يوجب العود إلى القصر ، ولكن الأحوط(3) مع الإقامة في غير بلده بلا نيّة الجمع في السفر الأوّل بين القصر والتمام .
[2281] مسألة 50 : إذا لم يكن شغله وعمله السفر لكن عرض له عارض فسافر أسفاراً عديدة لا يلحقه حكم وجوب التمام ، سواء كان كلّ سفرة بعد سابقها اتفاقيّاً أو كان من الأوّل قاصداً لأسفار عديدة ، فلو كان له طعام أو شيء آخر في بعض مزارعه أو بعض القرى وأراد أن يجلبه إلى البلد فسافر ثلاث مرّات أو أزيد بدوابّه أو بدوابّ الغير لا يجب عليه التمام ، وكذا إذا أراد أن ينتقل من مكان إلى
- (1) هذا بعيد، بل الظاهر وجوب القصر عليه، إلاّ إذا كان السفر إلى المسافة عملاً له، ولو للاحتطاب .
- (2) في خصوص صلاة النهار، وأمّا بالنسبة إلى صلاة الليل والصوم فالاحتياط ضعيف، بل يتمّ .
- (3) لا يترك .
(الصفحة702)
مكان فاحتاج إلى أسفار متعدّدة في حمل أثقاله وأحماله .
[2282] مسألة 51 : لا يعتبر فيمن شغله السفر اتحاد كيفيات وخصوصيات أسفاره من حيث الطول والقصر، ومن حيث الحمولة، ومن حيث نوع الشغل ، فلو كان يسافر إلى الأمكنة القريبة فسافر إلى البعيدة، أو كانت دوابّه الحمير فبدّل بالبغال أو الجمال، أو كان مكارياً فسار ملاّحاً أو بالعكس يلحقه الحكم، وإن أعرض عن أحد النوعين إلى الآخر أو لفّق من النوعين . نعم، لو كان شغله المكاراة فاتفق أنّه ركب السفينة للزيارة أو بالعكس قصّر لأنّه سفر في غير عمله، بخلاف ما ذكرنا أوّلاً فإنّه مشتغل بعمل السفر . غاية الأمر أنّه تبدّل خصوصية الشغل إلى خصوصية اُخرى ، فالمناط هو الاشتغال بالسفر وإن اختلف نوعه .
[2283] مسألة 52 : السائح في الأرض الذي لم يتخذ وطناً منها يتمّ ، والأحوط الجمع .
[2284] مسألة 53 : الراعي الذي ليس له مكان مخصوص يتمّ .
[2285] مسألة 54 : التاجر الذي يدور في تجارته يتمّ .
[2286] مسألة 55 : من سافر معرضاً عن وطنه لكنّه لم يتّخذ وطناً غيره يقصّر(1) .
[2287] مسألة 56 : من كان في أرض واسعة قد اتّخذها مقرّاً إلاّ أنّه كلّ سنة مثلاً في مكان منها يقصّر إذا سافر عن مقرّ سنته .
[2288] مسألة 57 : إذا شك في أنّه أقام في منزله أو بلد آخر عشرة أيّام أو أقل بقي على التمام .
الثامن : الوصول إلى حدّ الترخّص ، وهو المكان الذي يتوارى عنه جُدران
- (1) إذا لم يتّخذ السفر عملاً وكان عازماً على اتخاذ الوطن .
(الصفحة703)
بيوت البلد ويخفى عنه أذانه ، ويكفي تحقّق أحدهما مع عدم العلم بعدم تحقّق الآخر ، وأمّا مع العلم بعدم تحققه فالأحوط اجتماعهما ، بل الأحوط(1) مراعاة اجتماعهما مطلقاً ، فلو تحقّق أحدهما دون الآخر، إمّا يجمع بين القصر والتمام، وإمّا يؤخّر الصلاة إلى أن يتحقّق الآخر ، وفي العود عن السفر أيضاً ينقطع حكم القصر إذا وصل إلى حدّ الترخص من وطنه أو محلّ إقامته(2) ، وإن كان الأحوط(3) تأخير الصلاة إلى الدخول في منزله، أو الجمع بين القصر والتمام إذا صلّى قبله بعد الوصول إلى الحدّ .
[2289] مسألة 58 : المناط في خفاء الجدران خفاء جدران البيوت لاخفاء الأعلام والقباب والمنارات، بل ولا خفاء سور البلد إذا كان له سور ، ويكفي خفاء صورها وأشكالها وإن لم يخف أشباحها .
[2290] مسألة 59 : إذا كان البلد في مكان مرتفع بحيث يرى من بعيد يقدّر كونه في الموضع المستوي ، كما أنّه إذا كان في موضع منخفض يخفى بيسير من السير، أو كان هناك حائل يمنع عن رؤيته، كذلك يقدّر في الموضع(4) المستوي ، وكذا إذا كانت البيوت على خلاف المعتاد من حيث العلوّ أو الانخفاض فإنّها تردّ إليه، لكن الأحوط خفاؤها مطلقاً . وكذا إذا كانت على مكان مرتفع، فإنّ الأحوط خفاؤها مطلقاً .
[2291] مسألة 60 : إذا لم يكن هناك بيوت ولا جدران يعتبر التقدير . نعم، في بيوت الأعراب ونحوهم ممّن لا جدران لبيوتهم يكفي خفاؤها ولا يحتاج إلى
- (1) لا يترك .
- (2) يجيء حكم محلّ الإقامة إن شاء الله تعالى .
- (3) كما أنّ الأحوط في العود رعاية رفع الأمارتين .
الصلاة إلى الدخول في منزله، أو الجمع بين القصر والتمام إذا صلّى قبله بعد الوصول إلى الحدّ.- (4) مع عدم الحائل .