(الصفحة 186)
و الـذي يجب تحصيله هي مرتبـة خاصّـة من تلك الـمراتب، يؤثّر كلّ غسل في حصول تلك الـمرتبـة، و الـزائدة عليها مطلوبـة للمولى استحباباً، يمكن تحصيلها بعد حصول الـمرتبـة الـواجبـة.
و يستفاد ذلك من الـتعبير بالإجزاء في لسان الـروايات، بناء على ظهوره في الـكفايـة بنحو الـرخصـة، كما أنّه لو كان الـمراد بالإجزاء هو الـكفايـة بنحو الـعزيمـة، يكون مرجعه إلى أنّه لا يبقى مع حصول الـمرتبـة الـواجبـة مرتبـة زائدة، يمكن تحصيلها با لـغسل الـثاني، كما لايخفى.
(الصفحة 187)
فصل في الـتيمّم
(الصفحة 188)
(الصفحة 189)و الـكلام في مسوّغاته، و فيما يصحّ الـتيمّم به، و في كيفيته، و فيما يعتبر فيه، و في أحكامه.
ا لـقول في مسوّغاتـه
مسأ لـة 1: مسوّغات الـتيمّم اُمور:
منها: عدم وجدان ما يكفيه من الـماء لطهارته ـ غسلاً كانت أو وضوءً ـ و يجب الـفحص عنه إلى الـيأس، و في الـبريـة يكفي الـطلب غلوة سهم في الـحزنـة، و غلوة سهمين في الـسهلـة، في الـجوانب الأربعـة مع احتمال وجوده في الـجميع، و يسقط عن الـجانب الـذي يعلم بعدمه فيه، كما أنّه يسقط في الـجميع إذا قطع بعدمه فيه و إن احتمل وجوده فوق الـمقدار، نعم لو علم بوجوده فوقه وجب تحصيله إذا بقي الـوقت و لم يتعسّر1 .
(1) قبل الـورود في شرح هذا الـفصل، ينبغي الـتعرّض لاُمور ذكرها الـماتن ـ دام ظلّه ـ في رسا لـة الـتيمّم:
ا لـمقدّمـة الاُولى: مشروعيّـة الـتيمّم
منها: أنّه لا إشكال في مشروعيّـة الـتيمّم في الـجملـة، و يدلّ عليها الـكتاب و الـسنّـة و الإجماع، بل هي من ضروريّات الـفقه. و أمّا كونه من ضروريّات الـدين ففيه تأمّل و إن كان لاتبعد دعويه، نعم في كون إنكار الـضروري موجباً للكفر مطلقاً، أو في الـجملـة، كلام يأتي في مباحث الـنجاسات إن شاء اللّه.
(الصفحة 190)
ا لـمقدّمـة الـثانيـة: عدم اتّصاف الـطهارات با لـوجوب
و منها: أنّه قد مرّ في بعض الـمباحث الـسابقـة، أنّ الـطهارات الـثلاث لاتكاد تتّصف با لـوجوب أصلاً، لا نفسياً و لاغيرياً، و لا من طريق تعلّق الـنذر و شبهه.
أمّا عدم اتّصافها با لـوجوب الـنفسى، فلعدم الـدليل عليه; لأنّ ظاهر تعلّق الأمر بها في مثل قوله تعا لـى:
(إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الـصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ ...) هو الإرشاد إلى الـشرطيـة، كما في سائر الأوامر الـمتعلّقـة بالأجزاء و الـشرائط.
كما أنّ ظاهر الـنهي في مثله هو الإرشاد إلى الـمانعيـة، كقوله (عليه السلام):
«لا تصلّ في وبر ما لايؤكل لحمه»، بل الـتعبير عن بعضها با لـفريضـة، كما في صحيحـة زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام) في حديث قال:
«يا زرارة، الـوضوء فريضـة».(1)
لادلالـة له على كونه مطلوباً نفسياً; لأنّ الـظاهر كون الـمراد من مثله هو أنّ الـوضوء فريضـة في الـصلاة، و الـشاهد له صحيحـة اُخرى لزرارة قال: سأ لـت أباجعفر (عليه السلام) عن الـفرض في الـصلاة.
فقال:
«ا لـوقت، و الـطهور، و الـقبلـة، و الـتوجّه، و الـركوع، و الـسجود، و الـدعاء ...» ا لـحديث.(2)
فإنّ الـسؤال فيها ـ و كذا الـجواب ـ بلحاظ عدّ الـوقت أيضاً من الـفرائض في عداد الـطهور و شبهه، دليل على عدم كونه فرضاً مستقلاًّ كما هو ظاهر.
و أمّا عدم اتّصافها با لـوجوب الـغيري، فلما حقّقناه في مبحث مقدّمـة الـواجب من إنكار وجوب الـمقدّمه أوّلاً، و كون الـواجب ـ على تقديره ـ هو عنوان الـموصل بما
- (1)
وسائل الـشيعـة، أبواب الـوضوء، الـباب 1، الـحديث 2.
- (2)
وسائل الـشيعـة، أبواب الـوضوء، الـباب 1، الـحديث 3.