(الصفحة 282)مسأ لـة 11: لافرق في الـعطش الـذي يسوغ معه الـتيمّم بين الـمؤدّي إلى الـهلاك، أو الـمرض، أو الـمشقّـة الـشديدة الـتي لاتتحمّل و إن أمن من ضرره.
كما لافرق فيما يؤدّي إلى الـهلاك بين ما يخاف على نفسه، أو على غيره، آدمياً كان أو غيره، مملوكاً كان أو غيره، ممّا يجب حفظه عن الـهلاك، بل لايبعد الـتعدّي إلى من لايجوز قتله، و إن لايجب حفظه كا لـذمّي.
نعم، الـظاهر عدم الـتعدّي إلى مايجوز قتله بأيّ حيلـة، كا لـمؤذيات من الـحيوانات، و من يكون مهدور الـدم من الآدمي، كا لـحربي، و الـمرتدّ عن فطرة، و نحوهما.
و لو أمكن رفع عطشه بما يحرم تناوله، كا لـخمر و الـنجس، و عنده ماء طاهر يجب حفظه لعطشه، و يتيمّم لصلاته، لأنّ وجود الـمحرّم كا لـعدم1 .
في تفصيل مسوّغيـة الـخوف من الـعطش
(1) قد تقدّم الـكلام في هذه الـمسأ لـة في مسوّغيـة الـخوف من الـعطش باستعمال الـماء، نعم يظهر حكم الـفرع الأخير منها، و هو ما لو أمكن رفع عطشه بما يحرم تناوله، ممّا ذكرناه آنفاً من أنّ الـمستفاد من الـروايات أنّ ثبوت أيّ محذور شرعي يوجب الانتقال إلى الـتيمّم، فلايجب صرف الـماء في الـطهارة الـمائيـة حتّى يضطرّ إلى رفع الـعطش بما يحرم تناوله، و الـترديد الـذي يظهر من «ا لـمدارك» إنّما هو لعدم ثبوت حرمـة شرب الـنجس عنده، و إن كان مخا لـفاً للإجماع ظاهراً.
(الصفحة 283)مسأ لـة 12: لو كان متمكّناً من الـصلاة مع الـطهارة الـمائيـة، فأخّر حتّى ضاق الـوقت عن الـوضوء و الـغسل، تيمّم و صلّى و صحّت صلاته و إن أثم با لـتأخير، و الأحوط احتياطاً شديداً قضائها أيضاً1 .
في الـتأخير عمداً حتّى ضاق الـوقت
(1) قد تقدّم الـبحث في هذه الـمسأ لـة في الـمسأ لـة الـخامسـة الـمتعرّضـة لما إذا ترك الـطلب حتّى ضاق الـوقت، و ذكرنا أنّه لامحيص عن الـحكم بالانتقال إلى الـتيمّم و إن أثم با لـتأخير من جهـة ترك الـمطلوب الـمطلق، الـذي تجب رعايته مهما أمكن; لاشتما لـه على الـمصلحـة الـكاملـة الـتي لايفي بها الـمطلوب الـمقيّد، لكن حيث إنّه يحتمل انصراف أدلّـة مشروعيـة الـتيمّم عن صورة الـتقصير، خصوصاً مع أنّ أصل الـمشروعيـة عند الـضيق مورد لإنكار الـبعض كما تقدّم، فالأحوط احتياطاً شديداً هو الـقضاء مع الـمائيـة بعد الـوقت أيضاً.
(الصفحة 284)مسأ لـة 13: لو شكّ في مقدار ما بقي من الـوقت، فتردّد بين ضيقه حتّى يتيمّم، أو سعته حتّى يتوضّأ أو يغتسل، يجب عليه الـتيمّم، و كذا لو علم مقدار ما بقي ولو تقريباً و شكّ في كفايته للطهارة الـمائيـة، يتيمّم و يصلّي1 .
لو شكّ بين ضيق وسعـة الـوقت
(1) هذه الـمسأ لـة متعرّضـة لفرعين، و أوجب في الـمتن الـتيمّم في كليهما، و قد صرّح في «ا لـعروة» با لـتفصيل بينهما، و وجوب الـوضوء أو الـغسل في الـفرع الأوّل و الـتيمّم في الـثاني، قائلاً بأنّ الـفرق بين الـصورتين أنّ في الاُولى يحتمل سعـة الـوقت، و في الـثانيـة يعلم ضيقه فيصدق خوف الـفوت فيها دون الاُولى، و عن بعض الـمحشّين أنّ الأقرب عدم الانتقال في الـثانيـة أيضاً.
و كيف كان: فقد استدلّ لوجوب الـطهارة الـمائيـة في الأوّل بأمرين:
أحدهما: استصحاب بقاء الـوقت إلى ما بعد الـصلاة و الـطهارة الـمائيـة; لأنّه لامانع من جريان الاستصحاب في الأزمنـة الـمستقبلـة، و لايكون جريانه في الـمقام مبتنياً على الـقول بالاُصول الـمثبتـة; نظراً إلى أنّ استصحاب بقاء الـوقت لايصلح لإثبات كون الـزمان الـخارجي وقتاً، نظير استصحاب بقاء الـكرّ في الـحوض لإثبات كرّيـة الـماء الـموجود في الـحوض، و ذلك ـ أي وجه عدم الابتناء ـ أنّ الـصلاة في الـوقت لايراد منه كون الـوقت بنفسه ظرفاً للصلاة; إذ لاظرفيـة بينهما، بل الـمراد منه وقوع الـصلاة في الأمد الـموهوم الـذي يكون ظرفاً للوقت كما يكون ظرفاً لها، نظير الـصلاة في الـطهارة، فكما يجري استصحاب الـطهارة لإثبات كون الـصلاة في حا لـها، كذلك يجري استصحاب الـوقت لإثبات كونها في الـوقت.
ثانيهما: قاعدة الـشكّ في الـقدرة الـمقتضيـة للاحتياط; لأنّ مرجع الـشكّ في
(الصفحة 285)
ضيق الـوقت إلى الـشكّ في الـقدرة على الـصلاة با لـطهارة الـمائيـة، و هو مجرى أصا لـة الاحتياط.
و يرد على كلا الأمرين: أنّه لامجال لهما مع وجود دلالـة لفظيـة و هى صحيحـة زرارة الـمتقدّمـة الـواردة في الـطلب، و أنّه إذا خاف فوات الـوقت ينتقل إلى الـتيمّم، و قد مرّ أنّ الـخوف أمر وجداني لايرتفع بالاستصحاب ضرورة، و لا دلالـة لدليل الاستصحاب و لا لغيره على تنزيل خوف الـفوات منزلـة الـعدم، فليس هذا من الـموارد الـتي ينقّح موضوع الـدليل نفياً أو إثباتاً بالأصل، فمع وجود الـخوف الـكذائي ينطبق الـدليل الاجتهادي الـحاكم بلزوم الـتيمّم، فلا مجال للأصل و لا للقاعدة.
و دعوى: عدم صدق خوف الـفوات في الـصورة الاُولى في نفسه كما في «ا لـعروة» مدفوعـة بوضوح خلافها، ضرورة أنّه يصدق هذا الـعنوان فيها أيضاً، و يمكن أن يكون نظر «ا لـعروة» إلى أنّ جريان الاستصحاب في خصوص الـصورة الاُولى; لتردّد الـوقت بين الـقصير و الـطويل، يمنع عن صدق الـخوف.
و يرد عليه حينئذ: مع أنّه خلاف ظاهر الـعبارة، ما عرفت من أنّ الـخوف أمر وجداني، لايكاد يرتفع بالاستصحاب، فا لـتفصيل في غير محلّه.
(الصفحة 286)مسأ لـة 14: لو دار الأمر بين إيقاع تمام الـصلاة في الـوقت مع الـتيمّم، و إيقاع ركعـة منها مع الـوضوء قدّم الأوّل على الأقوى، لكن لاينبغي ترك الاحتياط با لـقضاء مع الـمائيـة1 .
مسأ لـة 15: الـتيمّم لأجل ضيق الـوقت مع وجدان الـماء لايستباح به إلاّ الـصلاة الـتي ضاق وقتها، فلا ينفع لصلاة اُخرى ولو صار فاقد الـماء حينها، نعم لو فقد في أثناء الـصلاة الاُولى لايبعد كفايته لصلاة اُخرى، و الأحوط ترك سائر الـغايات غير تلك الـصلاة حتّى إذا أتى بها حال الـصلاة، فلايجوز مسّ كتابـة الـقرآن على الأحوط.2
(1) قد تقدّم الـبحث في هذه الـمسأ لـة في مسوّغيـة ضيق الـوقت مفصّلاً، فراجع.
في أنّ الـتيمّم لأجل الـضيق لايستباح به الـغايات الاُخر
(2) الـوجه في عدم استباحـة ما عدى الـصلاة الـتي ضاق وقتها من الصلاة الاُخر واضح; لأنّ مشروعيته إنّما هو لخصوص رعايـة مصلحـة الـوقت الـتي لايمكن تحصيلها مع الـطهارة الـمائيـة، فلاوجه للانتفاع به في صلاة اُخرى من دون فرق بين أن يبقى الـوجدان حينها، أو يصير فاقد الـماء عند الإتيان بها; لأنّ انقضاء وقت الاُولى يوجب خروجه عن الـطهارة، فا لـلازم تحصيلها ثانياً، فإذا صار فاقد الـماء حينها فلابدّ من الـتيمّم لتحصيل الـطهارة، كما لايخفى.
نعم، لو صار فاقد الـماء في أثناء الـصلاة الاُولى الـتي تيمّم لها لأجل ضيق الـوقت، فقد نفى الـبعد في الـمتن عن كفايـة ذلك الـتيمّم لصلاة اُخرى، و الـوجه فيه
|