(الصفحة 320)مسأ لـة 18: يجوز الـتيمّم لصلاة الـجنازة و الـنوم مع الـتمكّن من الـماء، إلاّ أنّه ينبغي الاقتصار في الأخير على ما كان من الـحدث الأصغر، و لا بأس بإتيانه رجاءً للأكبر أيضاً، كما أنّ الأولى فيه الاقتصار على صورة الـتذكّر لعدم الـوضوء بعد الـدخول في فراشه، و في غيرها يأتي به رجاءً، كما أنّ الأولى في الأوّل قصد الـرجاء في غير صورة خوف فوت الـصلاة1 .
(1) يجوز الـتيمّم مع الـتمكّن من استعمال الـماء في موضعين:
في الـتيمّم لصلاة الـجنازة
أحدهما: صلاة الـجنازة، فيجوز الـتيمّم لها مع الـتمكّن من الـوضوء أو الـغسل على الـمشهور مطلقاً، بل في «ا لـذكرى» نسبته إلى الأصحاب، و يظهر من محكيّ «ا لتذكرة» الإجماع عليه، بل عن الشيخ في «ا لخلاف» دعوى الإجماع عليه صريحاً.
و استدلّ له ـ مضافاً إلى الإجماع الـمحكيّ ـ بموثّقـة سماعـة الـمضمرة، قال: سأ لـته عن رجل مرّت به جنازة و هو على غير وضوء، كيف يصنع؟
قال (عليه السلام):
«يضرب بيده على حائط اللبن فليتيمّم».(1)
و مرسل حريز، عمّن أخبره، عن أبي عبدا للّه (عليه السلام) قال:
«ا لـطامث تصلّي على الـجنازة; لأنّه ليس فيها ركوع و لاسجود، و الـجنب يتيمّم و يصلّي على الـجنازة».(2)
و قيّد الـجواز ابن ا لـجنيد بصورة خوف فوت الـصلاة، و عن ظاهر الـمرتضى في «ا لـجمل»، و الـشيخ في جمع من كتبه، و أبي علي، و سلاّر، و الـقاضي، و الـراوندي، وا لـشهيد في «ا لـدروس» الـموافقـة له، و عن الـمحقّق في «ا لـمعتبر» تقويته، فإنّه بعد
- (1)
وسائل الـشيعـة، أبواب صلاة الـجنازة، الـباب 21، الـحديث 5.
- (2)
وسائل الـشيعـة، أبواب صلاة الـجنازة، الـباب 22، الـحديث 2.
(الصفحة 321)
أن نقل قول الـشيخ با لـجواز قال: «و فيما ذكره الـشيخ إشكال، أمّا الإجماع فلا نعلمه كما علمه، و أمّا الـروايـة فضعيفـة من وجهين:
أحدهما: أنّ زرعـة و سماعـة واقفيان.
و الـثاني: أنّ الـمسئول في الـروايـة مجهول.
فإنّ الـتمسّك باشتراط عدم الـماء في جواز الـتيمّم أصل، و لأنّ الـروايـة ليست صريحـة في الـجواز مع وجود الـماء، لكن لو قيل: إذا فاجأته الـجنازة و خشي فوتها مع الـطهارة تيمّم لها، كان حسناً; لأنّ الـطهارة لمّا لم تكن شرطاً، و كان الـتيمّم أحد الـطهورين، فمع خوف الـفوت لا بأس با لـتيمّم، لأنّ حال الـتيمّم أقرب إلى شبه الـمتطهّرين من الـخا لـي عنه».
أقول: لو اُغمض عن قاعدة الـتسامح، و بني على الاقتصار على ما قامت عليه الـحجّـة الـمعتبرة، فا لـلازم الأخذ بما دلّت عليه الـموثّقـة ـ بعد كونها موثّقـة، و الإضمار غير قادح في مثلها ـ من الاقتصار على صورة خوف الـفوت، لانسباق الـسؤال فيها إليها.
و تؤيّده حسنـة الـحلبي أو صحيحته قال: سئل أبوعبدا للّه (عليه السلام) عن الـرجل تدركه الـجنازة و هو على غير وضوء، فإن ذهب يتوضّأ فاتته الـصلاة عليها.
قال:
«يتيمّم و يصلّي».(1)
و مع عدم الإغماض فلا يبقى إشكال بعد الاشتهار و نقل الإجماع و دلالـة الـروايـة و إن كانت مرسلـة، ولكن الأولى ـ كما في الـمتن ـ هو الإتيان با لـتيمّم في غير صورة الـخوف برجاء الـمطلوبيـة، لابقصد الـورود و الـمشروعيـة.
- (1)
وسائل الـشيعـة، أبواب صلاة الـجنازة، الـباب 21، الـحديث 6.
(الصفحة 322)
في الـتيمّم للنوم
ثانيهما: الـنوم، فإنّه يجوز أن يتيمّم له مع إمكان الـوضوء أو الـغسل على الـمشهور أيضاً مطلقاً، بل في «ا لـحدائق»: الـظاهر أنّه لاخلاف في استحباب الـتيمّم للنوم ولو مع وجود الـماء.
و يدلّ عليه: ما رواه الـصدوق و الـشيخ مرسلاً عن الـصادق (عليه السلام) قال:
«من تطهّر ثمّ آوى إلى فراشه بات و فراشه كمسجده، فإن ذكر أنّه ليس على وضوء، فتيمّم من آثاره كائناً ما كان، لم يزل في صلاة ما ذكر اللّه».(1)
و رواه الـبرقي في «ا لـمحاسن»، عن حفص بن غياث، عن أبي عبدا للّه (عليه السلام)قال:
«من آوى إلى فراشه، ثمّ ذكر أنّه على غير طهر تيمّم من دثاره و ثيابه، كان في صلاة ما ذكر اللّه».(2)
و الاستدلال بها لايتوقّف على الـبناء على قاعدة الـتسامح لحجّيـة الـروايـة و إن كانت مرسلـة، لمّا مرّ غير مرّة من أنّ إسناد مثل الـصدوق الـروايـة إلى الإمام (عليه السلام) دليل على توثيق الـوسائط، و هو يكفي في اعتبار الـروايـة، و إن كان شخص الـوسط مجهولاً.
و لاينافي ذلك ما دلّ على اختصاص شرعيـة الـتيمّم بغير الـمتمكّن من الـماء، و خصوص ما رواه أبوبصير، عن أبي عبدا للّه (عليه السلام)، عن آبائه، عن أميرا لـمؤمنين (عليه السلام):
«لاينام الـمسلم و هو جنب، و لاينام إلاّ على طهور، فإن لم يجد الـماء فليتيمّم
- (1)
وسائل الـشيعـة، أبواب الـوضوء، الـباب 9، الـحديث 2.
- (2)
وسائل الـشيعـة، أبواب الـتيمّم، الـباب 9، الـحديث 11.
(الصفحة 323)
با لـصعيد ...».(1)
لكون الـمرسلـة حاكمـة على مثل هذه الأدلّـة، خصوصاً لو اقتصر في موردها على خصوص صورة الـتذكّر بعد الـدخول في فراشه، فا لـمرسلـة شارحـة لهذه الـروايـة.
كما أنّ الـروايـة تدلّ على تعميم الـحكم، و عدم الاختصاص بخصوص الـمحدث با لـحدث الأصغر.
مع أنّه يمكن أن يدّعى مساعدة الـعرف عليه، بعد الالتفات إلى ابتناء الـحكم على الـتوسعـة و الـتسهيل، بإلغاء مثل هذه الـخصوصيات.
ولكنّ الأولى الإتيان به رجاءً في الـمحدث بالأكبر، و في صورة تعمّد ترك الـوضوء، كما في الـمتن، ثمّ إنّ عدم استباحـة سائر الـغايات بأحد الـتيمّمين واضح، و لايحتاج إلى الـدليل.
- (1)
وسائل الـشيعـة، أبواب الـجنابـة، الـباب 25، الـحديث 3.
(الصفحة 324)