(الصفحة 424)
و أمّا الاستيعاب بلحاظ الـماسح، فقد مرّ الـكلام فيه.
في الـترتيب في الـجزء الـواحد
ا لـجهـة الـرابعـة: هل الـتعبير بكلمتي «من» و «إلى» في الـمتن و شبهه إنّما هو لتحديد الـممسوح، فلا تعرّض فيه و في مثله لكيفيـة الـمسح و لزوم الـشروع من الـزند إلى أطراف الأصابع، أو أنّه إنّما يكون بلحاظ الـكيفيـة و مرجعها إلى لزوم الـبدئـة من الـزند و الـختم بأطراف الأصابع؟ كما نسب إلى الـمشهور، بل عن «شرح الـمفاتيح» نسبته إلى ظاهر الأصحاب، و عن «ا لـمنتهى» نسبته إلى ظاهر عبارة الـمشائخ، و لعلّ منشأ الـنسبـة هو الـتعبير بمثل ما في الـمتن مع أنّه يحتمل قويّاً أن يكون لتحديد الـممسوح، كما في آيـة الـوضوء.
هذا، و مقتضى إطلاق الآيـة ـ بعد ما عرفت من كونها في مقام الـبيان و أنّه يجوز الـتمسّك بها في موارد الـشكّ ـ هو عدم اعتبار كيفيـة خاصّـة، فلا فرق بين أن يكون من الـزند أو إلى الـزند، و هكذا إطلاق بعض الـروايات الـمتقدّمـة، و أظهر منها هو سكوت أبي جعفر (عليه السلام) في مقام نقل قصّـة عمّار و تعليم الـنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) له الـتيمّم، مع كون هذا الـنقل لغرض إفادة الـحكم و بيان ماهيـة الـتيمّم عن الـتعرّض للخصوصيـة الـواقعيـة الـتي وقع بها تيمّم الـرسول، فإنّه لا محا لـة كان لها كيفيـة خاصّـة من هذه الـجهـة، ولكن سكوته عنها دليل على عدم اعتبار تلك الـخصوصيـة بوجه.
و أمّا الاستدلال على لزوم الـبدئـة من الـزند بتنزيل الـترابيـة منزلـة الـمائيـة و بدليتها منها الـمشعرة با لـمساواة، خصوصاً بعد ما ورد في بعض الأخبار من «أنّ الـتيمّم نصف الـوضوء»، و في صحيحـة زرارة الـمعروفـة من أنّه أثبت بعض الـغسل مسحاً،
(الصفحة 425)
فا لـجواب عنه واضح، ضرورة عدم اقتضاء شيء ممّا ذكر لإفادة اللزوم من هذه الـجهـة.
نعم، استمرار سيرة الـمتشرّعـة على رعايـة الـكيفيّـة الـمعهودة الـمتداولـة ربّما يكشف عن عدم جواز الـتعدّي عنها، خصوصاً مع تصريح «ا لـفقه الـرضوي» بلزوم الابتداء من الأعلى في الـيدين، و عليه فالأحوط هي الـمراعاة.
في مسح مابين الأصابع
ا لـجهـة الـخامسـة: في أنّ ما بين الأصابع ليس من الـظاهر فلا يجب مسحها; إذ الـمراد به ما يماسّه ظاهر بشرة الـماسح، و لا ينافي ذلك عدم كونها من الـباطن أيضاً، فلا يجب تشريكها في الـضرب على الأرض أو الـوضع عليها أيضاً، لعدم الـدليل على لزوم اتّصاف أجزاء الـكفّ بكونها ظاهرة أو باطنـة، بل من الأجزاء ما لا يتّصف بشيء منهما، كما لايخفى.
(الصفحة 426)مسأ لـة 2: لو تعذّر الـضرب و الـمسح با لـباطن انتقل إلى الـظاهر، هذا إذا كان الـتعذّر مطلقاً.
و أمّا مع تعذّر بعض، أو بلا حائل، فالأحوط الـجمع بين الـضرب و الـمسح ببعض الـباطن، أو الـباطن مع الـحائل و بينهما با لـظاهر، و الانتقال إلى الـذراع مكان الـظاهر في الـدوران بينهما لا يخلو من وجه، و الأحوط الـجمع بينهما، و لا ينتقل من الـباطن لو كان متنجّساً بغير الـمتعدّي و تعذّرت الإزا لـة، بل يضرب بهما و يمسح.
و لو كانت الـنجاسـة حائلـة مستوعبـة، و لم يمكن الـتطهير و الإزا لـة، فالأحوط الـجمع بين الـضرب با لـباطن و الـضرب با لـظاهر، بل لاينبغي ترك الاحتياط با لـجمع في الـصورة الـمتقدّمـة أيضاً.
ولو تعدّت الـنجاسـة إلى الـصعيد، و لم يكن الـتجفيف، ينتقل إلى الـذراع أو الـظاهر حينئذ، ولو كانت الـنجاسـة على الأعضاء الـممسوحـة و تعذّر الـتطهير و الإزا لـة مسح عليها1 .
في الـتيمّم في غير حال الاختيار
(1) قد وقع الـتعرّض في هذه الـمسأ لـة لكيفيـة الـتيمّم في غير حال الاختيار، و منشأ عدم الاختيار إمّا الـتعذّر لأجل وجود الـحائل أو لأجل غيره من الـجهات الـموجبـة له، و إمّا الـنجاسـة. فا لـكلام يقع في مقامين:
في الـتعذّر لأجل الـحائل
الأوّل: في الـتعذّر لأجل الـحائل أو غيره، و الـتعذّر قد يكون مطلقاً، و قد يكون
(الصفحة 427)
في الـجملـة، و يستفاد من الـمتن أنّ الـتعذّر لأجل الـحائل يترتّب عليه حكم الـتعذّر في الـجملـة لغيره، و عليه فا لـمراد من الـتعذّر الـمطلق هو الـتعذّر لأجل غير الـحائل، فهنا صورتان:
الاُولى: الـتعذّر الـمطلق بحيث لم يمكن الـضرب و الـمسح بشيء من أبعاض الـباطن، و قد حكم فيها في الـمتن أوّلاً بالانتقال إلى الـظاهر، ثمّ نفي الـخلوّ عن الـوجه في الانتقال إلى الـذراع مكان الـظاهر عند الـدوران بينهما، ثمّ احتاط با لـجمع بينهما، و هنا احتمال رابع و هو الـتخيير بين الـظاهر و باطن الـذراع.
و في «ا لـرسا لـة» نفى دام ظلّه الـبعد عن ترجيح احتمال الانتقال إلى باطن الـذراع، مستدلاًّ له بقوله: «إنّ أصل اعتبار كون الـماسح هو الـيد و الـكفّين غير مستفاد من الأدلّـة اللفظيـة كما مرّ، و إنّما قلنا باعتباره للسيرة و الإجماع، و الـمتيقّن منهما اعتباره حال عدم الـتعذّر و في صورة الاختيار، و أمّا مع الـتعذّر فالأصل و إن اقتضى عدم اعتبار إحدى الـخصوصيتين، لكن الـمتفاهم من الأدلّـة كما مرّت الإشارة إليه مخا لـفـة الـماسح للممسوح، و أنّ آلـة الـمسح موصلـة لأثر الأرض ولو أثراً اعتبارياً إلى ما لم يلمس الأرض، و مع الـقول بالانتقال إلى الـظاهر لابدّ من رفع الـيد عن هذا الـظاهر.
و بعبارة اُخرى: يعتبر في الـتيمّم حال الاختيار كون الـمسح بباطن الـكفّ، و مغايرة الآلـة للممسوح، و في حال الـتعذّر يرفع الـيد عن الـباطن، و تحفظ الـمغايرة مع حفظ آليـة الـيد، فيرجّح الـذراع على الـظاهر، لكن ما ذكرناه لا يساعد كلمات الـقوم ممّن تعرّض للمسأ لـة، و الاحتياط با لـجمع لا ينبغي تركه».
هذا، و الـمرجّح للانتقال إلى الـظاهر هو حفظ عنوان الـكفّ الـمأخوذ في معقد
(الصفحة 428)
الإجماع و الـجاري عليه الـسيرة، و الانتقال إلى الـذراع و إن كان يوجب الـتحفّظ على الـمغايرة الـتي أفادها دام ظلّه، إلاّ أنّ عنوان الـكفّ ينتفي أيضاً، بخلاف الانتقال إلى الـظاهر، إلاّ أن يقال: إنّ ارتكاز الـتحفّظ على الـمغايرة بنحو يوجب انصراف الـذهن عن الانتقال إلى الـظاهر في صورة الـتعذّر، ولكنّه لم يثبت، فا لـظاهر هو الـتخيير و إن كان غير مساعد لكلمات الـمتعرّضين.
ا لـثانيـة: الـتعذّر في الـجملـة با لـمعنى الـمذكور الـشامل لوجود الـحائل على جميع الـباطن، و قد احتاط فيها با لـجمع، و نقول:
أمّا تعذّر بعض الـباطن فيمكن الـقول فيه بالاجتزاء بضربـة و الـمسح به، لقاعدة الـميسور و الإجماع على الاستيعاب، و كذا الـسيرة يختصّان بصورة عدم الـتعذّر، مضافاً إلى إطلاق الأمر بضرب الـيد بعد وضوح عدم كون الـمراد هو جميع أبعاضه، كما أنّ الـضرب ببعض الـباطن أقرب إلى الـماهيـة بنظر الـمعرف من ضرب الـظاهر لحفظ الـمغايرة الـمذكورة، ولكنّه يوجب ترجيح الـباطن على الـظاهر، و أمّا الـجمع بينهما كما هو مقتضى الاحتياط للعلم الإجما لـي بوجوب واحد منهما فلا ينافيه ما ذكر.
و أمّا وجود الـحائل على جميع الـباطن فإنّه مع تعذّر إزا لـته ـ كما هو الـمفروض ـ يصير بمنزلـة الـبشرة في صورة الـضرورة، و يؤيّده الـمسح على الـمرارة الـمأمور به في روايـة عبد الأعلى الـمعروفـة و عليه فمع الـقدرة على ضرب الـباطن مع ما عليه من الـحائل لا يعدل إلى الـظاهر، سيّما مع اقتضائه الـتحفّظ على الـمغايرة الـمذكورة.
ولكنّه يمكن أن يقال: إنّ الـضرورة كما يمكن أن تكون مؤثّرة في قيام الـحائل منزلـة الـبشرة، يمكن أن تكون مؤثّرة في الانتقال إلى الـظاهر مع تعذّر الـباطن بلا
|