(الصفحة 615)
مسأ لـة 9: لو كانت الأرض أو نحوها جافّـة، و اُريد تطهيرها با لـشمس، يصبّ عليها الـماء الـطاهر أو الـنجس ممّا يورث الـرطوبـة فيها، حتّى تجفّفها و تطهر1 .
مسأ لـة 10: الـحصى و الـتراب و الـطين و الأحجار ما دامت واقعـة على الأرض، و تعدّ جزء منها عرفاً، تكون بحكمها، و إن اُخذت منها أو خرجت عن الـجزئيـة، اُلحقت با لـمنقولات.
و كذا الآلات الـداخلـة في الـبناء كالأخشاب و الأوتاد، يلحقها حكمها، و إذا قلعت زال الـحكم، و لو اُعيدت عاد، و هكذا كلّ ما يشبه ذلك. (2)
في تطهير الـجافّ
(1) الـوجه في لزوم صبّ الـماء على الأرض الـمتنجّسـة الـجافّـة و نحوها، ما عرفت في اعتبار الأمر الأوّل من الأمرين الـمعتبرين في الـتطهير با لـشمس: و هو أخذ عنوان الـجفاف و نحوه في موضوع الأخبار الـواردة في هذا الـباب، و قد عرفت أيضاً: أنّه لا يعتبر أن تكون الـرطوبـة على نحو تعلق با لـيد، بل يكفي بمقدار الـنداوة الـتي هي مورد الـجفاف أيضاً، فصبّ الـماء على هذا الـنحو يكفي في مقام الـتطهير.
في تطهير ما وقع على الأرض أو في الـبناء
(2) قد عرفت: أنّ الـمدار في حصول الـطهارة للمتنجّس بسبب إشراق الـشمس، هو صدق عنوان الـسطح أو الـمكان أو الـموضع كما هو الـمذكور في روايات الـباب، و عليه فمثل الـحصى و الـتراب و سائر ما ذكر في الـمتن، ما دامت واقعـة على الأرض، و تعدّ بحسب الـعرف من أجزائها، تكون بحكمها; لصدق بعض الـعناوين عليه.
(الصفحة 616)
نعم، قد لا تعدّ جزء منها و إن كانت موضوعـة عليها، كا لـقطعـة من الـطين الـواقعـة في الأرض الـمفروشـة بالآجر و نحوه، فا لـمناط عدّها جزء.
و بذلك يظهر: أنّه يمكن اختلاف الـحكم باختلاف الـحالات، فما دام كونها متّصفـة بوصف الـجزئيـة و الـتبعيـة، يجري عليها حكم الأرض; من صلاحيـة حصول الـطهارة لها با لـشمس، و إذا خرجت عن هذا الـعنوان ـ إمّا بالأخذ منها، أو بغيره ممّا يوجب الـخروج عن الـجزئيـة ـ ينقطع هذا الـحكم، و لا ينافي جريانه عليها ثانياً بعد صيرورتها جزءً كذلك، و هذا كما في سائر الـعناوين الـمتبدّلـة الـموجبـة لتغيّر الـحكم; لدورانه مدار الـعنوان الـمأخوذ في موضوعه أو متعلّقه.
و هكذا الـكلام في الآلات الـداخلـة في الـبناء كالأخشاب و الأوتاد، بناءً على جريان الـحكم في نفس الـبناء، كما عرفت أنّه الـمشهور، فإنّها ما دامت تعدّ جزء من الـبناء يجري عليها حكمه، و إذا خرجت عن الـجزئيـة يرتفع الـحكم، و لاينافي عوده ثانياً بعد صيرورته جزء كذلك، كما عرفت.
(الصفحة 617)رابعها: الاستحا لـة إلى جسم آخر، فيطهر ما أحا لـته الـنار رماداً، أو دخاناً، أو بخاراً، سواء كان نجساً، أو متنجّساً، و كذا الـمستحيل بغيرها بخاراً، أو دخاناً، أو رماداً. أمّا ما أحا لـته فحماً أو خزفاً أو آجراً أو جصّاً أو نورة، فهو باق على الـنجاسـة.
و يطهر كلّ حيوان تكوّن من نجس أو متنجّس، كدود الـميتـة و الـعَذِرة.
و يطهر الـخمر بانقلابها خلاًّ بنفسها أو بعلاج، كطرح جسم فيه، سواء استهلك الـجسم أم لا.
نعم، لو لاقت الخمر نجاسـة خارجية، ثمّ انقلبت خلاًّ، لم تطهر على الأحوط.
ا لـرابع: في مطهّريـة الاستحا لـة
(1) يقع الـكلام في مطهّريـة الاستحا لـة في مقامات:
ا لـمقام الأوّل: في معنى الاستحا لـة و حقيقتها
فنقول: قد نسب الـشهيد (قدس سره) في محكي حواشيه على «ا لـقواعد» إلى الاُصوليين: تفسيرَها بأنّها تبدّل حقيقـة الـشيء و صورته الـنوعيـة إلى صورة اُخرى.
و في محكيّ «قواعده» نسب إلى الـفقهاء تعريفها: بتغيّر الأجزاء، و انقلابها من حال إلى حال.
و ربّما تفسّر بتبدّل الـحقيقـة الـنجسـة إلى حقيقـة اُخرى ليست من الـنجاسات.
و حيث إنّ الـظاهر أنّ الـمراد من الـحقيقـة هي الـحقيقـة الـنوعيـة الـعرفيـة، لا الـعقليـة الـمركّبـة من الـجنس و الـفصل الـتي يكون الـوقوف عليها متعسّراً، بل متعذّراً إذا اُريد بهما الـجنس و الـفصل الـواقعيان، لا الـمشهوريان الـمنطقيان، و
(الصفحة 618)
ا لـمرادَ بتغيّر الأجزاء في الـتعريف الـمنسوب إلى الـفقهاء هو تغيّرها في الأوصاف الـراجعـة إلى الـنوع، لا الأوصاف الـشخصيـة أو الـصنفيـة، فا لـتعاريف ترجع إلى أمر واحد من دون أن يكون بينها اختلاف، بعد وضوح كون الـمراد من «ا لـصورة الاُخرى» في الـتعريف هي الـحقيقـة الـتي لاتكون من الـنجاسات.
فالاستحا لـة في الـحقيقـة معناها عبارة عن تغيّر الـشيء في صورته الـنوعيـة الـعرفيـة، سواء كان الـتغاير بين الـصورتين ثابتاً بنظر الـعقل أيضاً، كما في تبدّل الـجماد أو الـنبات حيواناً، أو با لـعكس، أو لم يكن كذلك، كا لـخمر إذا استحا لـت خلاًّ.
و أمّا الـتغيّر و الـتبدّل في الأوصاف الـشخصيـة أو الـصنفيّـة، مع بقاء الـحقيقـة الـنوعيـة بحا لـها، كتبدّل الـقطن ثوباً أو با لـعكس، و تبدّل الـحنطـة دقيقاً أو خبزاً، فلا يوجب تحقّق الاستحا لـة بوجه.
ولكنّ الـذي يسهّل الـخطب: عدم وقوع هذا الـعنوان موضوعاً للحكم في الأدلّـة الـشرعيـة. نعم وقع الـتعبير به في بعض معاقد الإجماع لابنحو الـكلّيـة، بل مقيّداً بمثل استحا لـة الـعَذِرة رماداً، أو دخاناً، أو تراباً، أو نحو ذلك، و الـظاهر عدم كون الإجماع ـ ولو بهذا الـنحو ـ له أصا لـة بل مستنده ما يأتي.
ا لـمقام الـثاني: في وجه مطهّريـة الاستحا لـة و الـدليل عليها
فنقول: قد استدلّ لها بوجوه:
الأوّل و الـثاني: الإجماع الـقولي و الـسيرة الـعمليـة.
و فيهما ـ مضافاً إلى ما عرفت في الأوّل; من كون معقد الإجماع غير كلّي، بل مقيّد بمثل استحا لـة الـعذرة رماداً و نحوه، و إلى ما في الـثاني من عدم الـعلم بثبوتها على
(الصفحة 619)
نحو الإطلاق ـ أنّ الـظاهر استنادهما إلى أمر ثا لـث، و لا أصا لـة لهما بوجه.
ا لـثا لـث: أنّك عرفت في تعريف الاستحا لـة، أنّ الـمراد بها هو تبدّل الـصورة الـنوعيـة الـعرفيـة إلى صورة اُخرى كذلك ليست نجسـة، فا لـملاك فيها تغيّر الـعنوان، و مغايرة الـعنوان الـمستحال منه مع الـعنوان الـمستحال إليه عند الـعرف، و بعد ملاحظـة أنّ الأحكام الـشرعيـة منوطـة با لـعناوين الـعرفيـة، و غير مبتنيـة على الأنظار الـعقليـة الـدقّيـة، يستكشف أنّ طروّ عنوان جديد، يوجب دخول الـمورد في موضوع حكم ذلك الـعنوان; لفرض تحقّق موضوعه و زوال الـموضوع للحكم با لـنجاسـة، كما في سائر الـعناوين الـموضوعـة للأحكام، كا لـحاضر، و الـمسافر، و غيرهما.
فإن كان الـحكم الـثابت للعنوان الـجديد عبارة عن الـنجاسـة أيضاً، يترتّب عليه هذا الـحكم. و ربّما يختلف مع الـنجاسـة الـسابقـة في بعض الآثار، كا لـغسل مرّة، أو مرّتين.
و إن كان الـحكم الـثابت للعنوان الـجديد عبارة عن الـطهارة، يترتّب عليه هذا الـحكم; لفرض زوال موضوع الـنجاسـة، و طروّ موضوع الـطهارة، و بهذا الـمعنى يطلق عنوان الـمطهّر على الاستحا لـة، و إلاّ فهي ليست بمطهّرة; بمعنى إيجابها الـطهارة مع بقاء الـموضوع.
و إن لم يكن الـحكم الـثابت للعنوان الـجديد من جهـة الـطهارة و الـنجاسـة، معلوماً با لـنظر إلى الـدليل، بل كان مشكوكاً من هذه الـجهـة، فا لـمرجع هي قاعدة الـطهارة بعد عدم جريان استصحاب الـنجاسـة الـسابقـة; لفرض تبدّل الـموضوع، و تغايره عرفاً.
|