(الصفحة 507)
و أمّا الـتطهير با لـقليل، فا لـمتنجّس با لـبول غير الآنيـة يعتبر فيه الـتعدّد مرّتين، و الأحوط كونهما غير غسلـة الإزا لـة.
و الـمتنجّس بغير الـبول إن لم يكن آنيـة، يجزي فيه الـمرّة بعد الإزا لـة، و لايكتفى بما حصل به الإزا لـة. نعم، يكفي استمرار إجراء الـماء بعدها.
و يعتبر في الـتطهير به انفصال الـغسا لـة، ففي مثل الـثياب ـ ممّا ينفذ فيه الـماء و يقبل الـعصر ـ لابدّ منه أو ما يقوم مقامه، و فيما لا ينفذ فيه الـماء و إن نفذت الـرطوبـة كا لـصابون و الـحبوب، و لا يقبل الـعصر، يطهر ظاهره بإجراء الـماء عليه، و لا يضرّ به بقاء نجاسـة الـباطن، و لا يطهر الـباطن تبعاً للظاهر1 .
ا لـتطهير با لـقليل
(1) في هذه الـقطعـة من الـمتن فرعان:
ا لـفرع الأوّل: تطهير الـمتنجّس با لـبول غير الآنيـة با لـماء الـقليل
و قد اعتبر فيه الـتعدّد مرّتين، و قد نسبه في محكىّ «ا لـمعتبر» إلى علمائنا، و في «ا لـحدائق» إلى الـشهرة، و فى «ا لـجواهر» إليها مع الإضافـة إلى الـمتأخّرين.
و عن الـشيخ في «ا لـمبسوط» عدم وجوب الـتعدّد في غير الـولوغ، و اختاره الـشهيد في محكيّ «ا لـبيان» و استظهر ذلك عن الـعلاّمـة في جملـة من كتبه.
و عن «ا لـمنتهى» الـتفصيل بين صورة جفاف الـبول و عدمه; بالاكتفاء با لـمرّة في الاُولى دون الـثانيـة.
و عن صاحبي «ا لـمدارك» و «ا لـمعا لـم» الـتفصيل بين الـثوب و الـبدن;
(الصفحة 508)
بالاكتفاء با لـمرّة في الـثاني دون الأوّل.
و كيف كان: فيدلّ على اعتبار الـتعدّد مطلقاً روايات:
منها: صحيحـة محمّد، عن أحدهما (عليهما السلام) قال: سأ لـته عن الـبول يصيب الـثوب.
قال:
«اغسله مرّتين»(1)
.
و منها: صحيحـة ابن أبي يعفور قال: سأ لـت اباعبدا للّه (عليه السلام) عن الـبول يصيب الـثوب.
قال:
«اغسله مرّتين»(2)
.
و منها: صحيحـة أبي إسحاق الـنحوىّ، عن أبي عبدا للّه (عليه السلام) قال: سأ لـته عن الـبول يصيب الـجسد.
قال:
«صبّ عليه الـماء مرّتين»(3)
.
و منها: حسنـة الـحسين بن أبي ا لـعلاء قال: سأ لـت أباعبدا للّه (عليه السلام) عن الـبول يصيب الـجسد.
قال:
«صبّ عليه الـماء مرّتين; فإنّما هو ماء».
و سأ لـته عن الـثوب يصيبه الـبول.
قال:
«اغسله مرّتين ...» الـحديث(4)
.
و منها: ما رواه ابن إدريس من كتاب «ا لـجامع للبزنطي» قال: سأ لـته عن الـبول يصيب الـجسد.
- (1)
وسائل الـشيعـة، أبواب الـنجاسات، الـباب 1، الـحديث 1.
- (2)
وسائل الـشيعـة، أبواب الـنجاسات، الـباب 1، الـحديث 2.
- (3)
وسائل الـشيعـة، أبواب الـنجاسات، الـباب 1، الـحديث 3.
- (4)
وسائل الـشيعـة، أبواب الـنجاسات، الـباب 1، الـحديث 4.
(الصفحة 509)
قال:
«صبّ عليه الـماء مرّتين; فإنّما هو ماء».
و سأ لـته عن الـثوب يصيبه الـبول.
قال:
«اغسله مرّتين».(1)
و هذه الـروايات كما ترى، ظاهرة بل صريحـة في لزوم الـتعدّد مطلقاً; أي في الـثوب و الـبدن.
ولكن ربّما يستدلّ على عدم لزوم الـتعدّد بإطلاق أدلّـة طهوريّـة الـماء، و بإطلاق بعض الـنصوص الآمر با لـغسل من دون تقييده بمرّتين، كما فيما رواه عبدا للّه بن سِنان، عن أبي عبدا للّه (عليه السلام) قال:
«اغسل ثوبك من بول كلّ ما لا يؤكل لحمه».(2)
و غيره من بعض الـروايات الاُخر.
و بأصا لـة الـبرائـة عن لزوم الـتعدّد.
و بمرسلـة الـكليني قال: و روي:
«أنّه يجزي أن يغسل بمثله من الـماء; إذا كان على رأس الـحشفـة أو غيره».(3)
و أنت خبير: بعدم كون الإطلاق في أدلّـة الـطهوريـة و كذا في بعض الـنصوص الـمذكور، مسوقاً لبيان هذه الـجهـة; و هي اعتبار الـتعدّد و عدمه، بل هو مسوق لبيان أصل الـمطهّريـة، و كذا بيان لزوم الـتطهير فيما أصابه الـبول من الـثوب أو الـجسد.
مضافاً إلى أنّ الـروايات الـمتقدّمـة الـظاهرة بل الـصريحـة في اعتبار الـتعدّد، تصلح للتقييد من دون مناقشـة.
- (1)
وسائل الـشيعـة، أبواب الـنجاسات، الـباب 1، الـحديث 7.
- (2)
وسائل الـشيعـة، أبواب الـنجاسات، الـباب 8، الـحديث 3.
- (3)
وسائل الـشيعـة، ابواب الـنجاسات، الـباب 1، الـحديث 5.
(الصفحة 510)
و أمّا أصا لـة الـبرائـة، فمضافاً إلى أنّه لا مجال لها مع دلالـة الـنصوص على اعتبار الـتعدّد، يرد عليها: أنّه مع وصول الـنوبـة إلى الاُصول الـعمليـة، لابدّ من الـرجوع إلى الاستصحاب الـحاكم ببقاء الـنجاسـة مع عدم الـتعدّد، كما هو ظاهر.
و أمّا مرسلـة الـكليني، فهي غير معتبرة لا تقاوم الـروايات الـمتقدّمـة الـمتعدّدة الـمعتبرة. فهذا الـقول لا مجال له أصلاً.
نعم، ربّما يحتمل أن يكون مراد الـقائل به صورة زوال الـعين و جفافها، فيرجع إلى الـتفصيل الـمتقدّم الـمحكيّ عن «منتهى» الـعلاّمـة، حيث اكتفى با لـمرّة الـواحدة في صورة الـزوال و الـجفاف، دون صورة الـبقاء.
و ما يمكن أن يكون مستنداً له أمران:
أحدهما: روايـة الـحسين بن أبي ا لـعلاء الـمتقدّمـة، بناءً على نقل الـمحقّق فى «ا لـمعتبر» حيث رواها بزيادة
«الاُولى للإزا لـة، و الـثانيـة للإنقاء» لدلالتها على أنّ الـغرض من الـغسلـة الاُولى إنّما هي الإزا لـة، و أنّ الـمطهّر هي الـغسلـة الـثانيـة، و عليه لا فرق في الإزا لـة بين أن تتحقّق با لـغسل أو بغيره كا لـجفاف مثلاً.
و يؤيّده ما رواه الـشهيد في «ا لـذكرى» عن الـصادق (عليه السلام): في الـثوب يصيبه الـبول.
«اغسله مرّتين: الاُولى للإزا لـة، و الـثانيـة للإنقاء».
هذا، ولكن ذكر صاحب «ا لـمعا لـم»: و لم أر لهذه الـزيادة أثراً في كتب الـحديث الـموجودة الآن بعد الـتصفّح بقدر الـوسع. و الـظاهر أنّ الـزيادة في كلام الـمحقّق ذكرت تفسيراً للروايـة، لا جزءً و تتمّـة لها، و أنّ الـشهيد إنّما أخذها عن الـمحقّق زاعماً كونها جزء لها.
(الصفحة 511)
و بالآخرة لا دليل على كون الـزيادة جزء، و على تقديره لا دليل على اعتبارها; لعدم ظهور الـواسطـة الـتي نقل الـمحقّق منه الـروايـة كما لايخفى.
مضافاً إلى ما اُفيد: من أنّه لو سلّم ثبوت الـزيادة لا تصلح للتصرّف في الـنصوص الـمذكورة; لأنّه يؤدّي إلى حمل الـنصوص على صورة وجود الـعين، و هو خلاف الـغا لـب، و إلى حمل الأمر با لـغسلـة الاُولى على الـحكم الـعرفي; لا الـشرعيّ، و على الـتخييري لا الـتعييني; لأنّ الإزا لـة كما تكون با لـغسل، تكون با لـشمس و با لـهواء و با لـمسح بشيء و بغيرها، و كلّ ذلك خلاف الـظاهر، بل خلاف الـسياق مع الأمر با لـغسلـة الـثانيـة كما لا يخفى، و لا يمكن ارتكاب جميع ذلك بمجرّد هذه الـزيادة.
ثانيهما: أنّه يستفاد من الـنصوص الآمرة با لـتعدّد ـ و لو لأجل الـمناسبـة الـمركوزة بين الـحكم و موضوعه ـ أنّ الـغسلـة الاُولى للإزا لـة، و الـثانيـة للتطهير، و مع زوال الـعين بنفسها لا حاجـة إلى الـتعدّد بوجه.
و يدفعه: منع الاستفادة بعد ظهور الـنصوص في اعتبار الـغسلتين، و لزوم الاُولى كا لـثانيـة، و لم يقم دليل على كون الـغرض من الاُولى الإزا لـة; بحيث يقوم مقامها كلّ ما هو موجب للإزا لـة.
مع أنّه على تقديره، لا مجال لرفع الـيد عن ظهور الـنصوص في مدخليـة الـماء في تحقّق الإزا لـة; لأنّه يحتمل قويّاً أن يكون الـماء في الـغسلـة الاُولى موجباً لزوال الـمرتبـة الـشديدة من الـنجاسـة الـحاصلـة، و يتوقّف زوا لـها با لـمرتبـة الـناقصـة أيضاً على الـغسلـة الـثانيـة، فمدخليـة لزوم الـماء في زوال الـعين ـ بناءً على ذلك ـ لا دليل على خلافها بعد ظهور الـروايـة فيها.