(الصفحة 561)
و قال في قدح أو إناء يشرب فيه الـخمر.
قال:
«تغسله ثلاث مرّات».
سئل أيجزيه أن يصبّ فيه الـماء؟
قال:
«لا يجزيه، حتّى يدلكه بيده، و يغسله ثلاث مرّات»(1)
.
و مقتضى الـجمع هو حمل الاُولى على الاستحباب. و يؤيّده اشتما لـها على الـكلب الـذي لا يجب فيه الـسبع كما عرفت، و يؤيّده أيضاً موثّقته الـثا لـثـة(2)
ا لـمتقدّمـة الـواردة في مطلق الإناء الـقذر، الـدالّـة على وجوب الغسل ثلاث مرّات.
في الآنيـة الـتي باشرها الـكلب
ا لـخامس: الآنيـة الـتي باشرها الـكلب من دون ولوغ، و يستحبّ فيه الـغسل سبع مرّات; لموثّقـة عمّار الـمتقدّمـة آنفاً، الـمشتملـة على تشبيه الـكلب بشرب الـنبيذ، الـمحمولـة على الاستحباب; جمعاً بينها و بين الـموثّقتين الاُخريين له. و الـواجب فيه هو الـغسل ثلاثاً كما في سائر الـنجاسات.
حكم الآنيـة الـتي تنجس بسائر الـنجاسات
ا لـسادس: سائر الـنجاسات، و الـحكم فيه من جهـة الـتطهير با لـماء الـقليل، هو لزوم الـغسل ثلاثاً; لدلالـة موثّقـة عمّار الـمتقدّمـة الـواردة في مطلق الـقذر، الـدالّـة على لزوم الـغسل ثلاث مرّات.
- (1)
وسائل الـشيعـة، أبواب الـنجاسات، الـباب 51، الـحديث 1.
- (2)
وسائل الـشيعة، أبواب الـنجاسات، الـباب 53، الـحديث 1.
(الصفحة 562)
و لاينافيها إطلاقات أوامر الـغسل الـظاهرة في جواز الاكتفاء با لـمرّة; لأنّها ـ على تقدير كونها في مقام الـبيان من جهـة الـوحدة و الـتعدّد أيضاً، و عدم كونها مسوقـة لإفادة مجرّد الـنجاسـة; و لزوم الـغسل في الـجملـة ـ محمولـة على الـتعدّد; لصلاحيـة الـموثّقـة لتقييدها بعد ورودها في مطلق الإناء الـقذر، و احتمالِ كون الإناء له حكم خاصّ في الـتطهير; من جهـة كونه معدّاً للأكل و الـشرب، كما عرفت في الـولوغ، فا لـلازم فيها الـغسل ثلاث مرّات بلا إشكال.
(الصفحة 563) مسأ لـة 3: تطهير الأواني الـصغيرة و الـكبيرة، ضيقـة الـرأس و واسعته، با لـكثير و الـجاري واضح; بأن توضع فيه حتّى يستولي عليها الـماء، و لاينبغي ترك الاحتياط با لـتثليث كذلك.
و أمّا با لـقليل، فبصبّ الـماء فيها و إدارته حتّى يستوعب جميع أجزائها بالأجزاء الـذي يتحقّق به «ا لـغسل» ثمّ يراق منها، يفعل بها ثلاثاً.
و الأحوط الـفوريـة في الإدارة عقيب الـصبّ فيها، و الإفراغ عقيب الإدارة على جميع أجزائها. هذا في الأواني الـصغار و الـكبار الـتي يمكن فيها الإدارة و الإفراغ عقيبها.
و أمّا الأواني الـكبار الـمثبتـة، وا لـحياض و نحوها، فتطهيرها بإجراء الـماء عليها حتّى يستوعب جميع أجزائها، ثمّ يخرج حينئذ ماء الـغسا لـة الـمجتمع في وسطها مثلاً بنزح و غيره، من غير اعتبار الـفوريّـة الـمزبورة.
و الأحوط اعتبار تطهير آلـة الـنزح إذا اُريد عودها إليه، و لا بأس بما يتقاطر فيه حال الـنزح، و إن كان الأحوط خلافه1 .
في كيفيـة تطهير الأواني با لـماء الـقليل
(1) أمّا تطهير الأواني الـصغيرة و الـكبيرة غير الـمثبتـة با لـكثير و الـجاري، فقد عرفته سابقاً في أوّل مبحث الـمطهّرات; و أنّه يتحقّق باستيلاء الـماء عليها، و لا يحتاج إلى الـتعدّد و إن كان أحوط، فراجع.
و أمّا تطهيرهما با لـقليل، فيدلّ على كيفيته موثّقـة عمّار الـمتقدّمـة، عن أبي عبدا للّه (عليه السلام) قال: سئل عن الـكوز و الإناء يكون قذراً، كيف يغسل؟ وكم مرّة يغسل؟
(الصفحة 564)
قال:
«يغسل ثلاث مرّات: يصبّ فيه الـماء فيحرّك فيه، ثمّ يفرغ منه، ثمّ يصبّ فيه ماء آخر فيحرّك فيه، ثمّ يفرغ ذلك الـماء، ثمّ يصبّ فيه ماء آخر فيحرّك فيه، ثمّ يفرغ منه و قد طهر ...» الـحديث(1)
.
و ظاهرها لزوم تحريك الـماء و إدارته في الإناء.
و هل له خصوصيـة في مقام الـتطهير; بحيث لا يتحقّق بدونها، أو أنّ الـغرض منه إيصال الـماء إلى جميع أجزاء الإناء; بحيث لو وصل إليها من دون تحريك، كفى في تطهيره، كما إذا ملأه ماء، ثمّ فرّغ منه ثلاث مرّات؟
يظهر من صاحب «ا لـجواهر» (قدس سره) الاستشكال في الاكتفاء بغير الـتحريك، و لعلّ منشأه الـجمود على ظاهر الـروايـة.
ولكن الـمتفاهم عند الـعرف من الإدارة وا لـتحريك هو وصول الـماء إلى جميع أجزاء الإناء، و ليس محلّ الـكلام فيما إذا كانت الـعين باقيـة قطعاً أو احتمالاً، بل محلّ الـكلام صورة زوال الـعين، و لا فرق في هذه الـصورة بين الـتحريك و غيره; ممّا يقوم مقامه في وصول الـماء إلى جميع الأجزاء.
و منه يظهر: أنّه لا فرق بين أن يكون الإناء مستقرّاً فيه الـماء; على نحو يمكن تحريكه، و بين ما لايستقرّ فيه الـماء، و لا يمكن الـتحريك فيه، كما إذا كانت له ثقبـة; بحيث لا يبقى الـماء فيه، و هل يمكن دعوى عدم استفادة حكم الـصورة الـثانيـة من الـموثّقـة، أو دعوى إمكان تطهيره با لـقليل؟!
كما أنّ ممّا ذكرنا ظهر: أنّه لو كان الـصبّ بحيث يجري بسببه الـماء على جميع أجزاء الإناء، لا يحتاج معه إلى الـتحريك بوجه، كما لا يخفى. و أمّا ما في الـمتن: من أنّ
- (1)
وسائل الـشيعـة، أبواب الـنجاسات، الـباب 53، الـحديث 1.
(الصفحة 565)
الأحوط الـفوريـة في الإدارة عقيب الـصبّ، و الإفراغ عقيب الإدارة، فمنشأه ظاهراً انصراف الإطلاق إليها، و إلاّ فا لـفوريـة غير معتبرة في مفهوم الـغسل، و الانصراف أيضاً غير ظاهر، و الـعطف بـ «ا لـفاء» في الـتحريك عقيب الـصبّ، لا دلالـة له على الاتّصال، و إلاّ فا لـلازم تخصيص الاحتياط به; لأنّ عطف الإفراغ إنّما وقع بكلمـة ثمّ فالاحتياط على هذا الـتقدير استحبابي، لاوجوبي.
و أمّا تطهير الأواني الـكبار الـمثبتـة و الـحياض، فقد ذكروا: أنّه يمكن بوجوه:
أحدها: أن تملأ ماءً، ثم تفرغ ثلاث مرّات.
ثانيها: أن يجعل فيها الـماء، ثمّ يدار إلى أطرافها بإعانـة الـيد أو غيرها، ثمّ يخرج منها ماء الـغسا لـة ثلاث مرّات.
ثا لـثها: أن يدار الـماء إلى أطرافها مبتدءً بالأسفل إلى الأعلى، ثمّ يخرج الـغسا لـة الـمجتمعـة ثلاث مرّات.
رابعها: أن يدار كذلك، لكن من أعلاها إلى الأسفل، ثمّ يخرج ثلاث مرّات.
و لا يشكل: بأنّ الابتداء من الأعلى، يوجب اجتماع الـغسا لـة في أسفلها قبل أن يغسل، و مع اجتماعها لا يمكن إدارة الـماء في أسفلها، و ذلك لأنّ الـمجموع يعدّ غسلاً واحداً، فا لـماء الـذي ينزل من الأعلى يغسل كلّ ماجرى عليه إلى الأسفل، و بعد الاجتماع يعدّ الـمجموع غسا لـة.
و الـدليل على كفايـة جميع الـوجوه الـمذكورة، موثّقـة عمّار الـمتقدّمـة، بعد عدم كون الـتحريك الـوارد فيها له موضوعيـة و خصوصيـة; لما عرفت من أنّ الـمتفاهم الـعرفي منه هو وصول الـماء إلى جميع أجزاء الإناء، و هو يتحقّق بكلّ واحد من الـوجوه الأربعـة.