(الصفحة 505)
ا لـعدد و لزوم الـتعدّد أصلاً.
كما أنّه لا يعتبر فيه انفصال الـغسا لـة، فبمجرّد الـغمس يتحقّق له الـطهارة و إن لم يخرج من الـماء، لوضوح تحقّق عنوان الـغسل في مثل ذلك بمجرّد الـغمس، من دون توقّف على تحقّق انفصال الـغسا لـة.
نعم، سيأتي اعتباره في الـتطهير با لـماء الـقليل; و أنّ دليله يختصّ به ولا يجري في غيره.
تطهير ما ينفذ فيه الـماء غير الإناء مع عدم قابليته للعصر
ا لـفرض الـرابع: هو الـفرض الـثا لـث بعينه، مع الاختلاف في مجرّد نفوذ الـماء الـمتحقّق في هذا الـفرض دونه، مع الاشتراك في عدم الـقابليـة للعصر، و عدم كونه إناء كا لـخشب و الـصابون، بل الـكوز.
و قد حكم فيه في الـمتن بأنّه يطهر ظاهره بمجرّد غمسه فيهما، و أمّا باطنه فيتوقّف طهارته على نفوذ الـماء الـمطلق فيه; بحيث يصدق أنّه غسل به و لا يكفي نفوذ الـرطوبـة أو نفوذ الـماء مع عدم صدق الـغسل به كما هو الـغا لـب.
أقول: أمّا طهارة ظاهره بمجرّد الـغمس في أحدهما; فلما عرفت من أنّه لا يعتبر في مثله الـعصر، و لا الـتعدّد، و لا انفصال الـغسا لـة، فلا موقع للترديد و الإشكال فيه.
و أمّا باطنه، فتتوقّف طهارته على نفوذ الـماء الـمطلق; بحيث يصدق أنّه غسل به و وجهه واضح; للفرق بين الـرطوبـة الـنجسـة و الـرطوبـة الـطاهرة، من جهـة كفايـة الاُولى في تحقّق الـتنجّس; ضرورة أنّ سرايـة الـرطوبـة الـنجسـة تكفي في تحقّق الـنجاسـة في الأجزاء الـتي سرت الـرطوبـة إليها، و أمّا الـرطوبـة الـطاهرة فلا تكفي
(الصفحة 506)
في الـتطهير; لأنّ مقتضى الـدليل أنّ الـمطهّر هو الـماء الـمطلق بعد تحقّق الـغسل به، فمجرّد سرايـة الـرطوبـة الـطاهرة غير كاف، بل الـلازم نفوذ الـماء الـمطلق.
بل مجرّد الـنفوذ الـذي مرجعه إلى الاتصال غير كاف; لأنّ الـلازم تحقّق عنوان الـغسل الـمتوقّف على إحاطـة الـماء لجميع أجزاء الـمتنجّس و وصوله إليها، و الاكتفاء بالاتصال با لـماء الـعاصم في مقام الـتطهير، إنّما هو على تقديره فيما إذا اُريد تطهير الـمياه الـمتنجّسـة، و أمّا غيرها فلا يكفي مجرّد الاتصال بوجه. فطهارة الـباطن في هذا الـفرض متوقّفـة على ما ذكر، و من الـمعلوم ندرة تحقّقه.
ثمّ لو شكّ في أصل نفوذ الـماء مع وصف كونه ماءً إلى الـباطن، أو شكّ ـ بعد الـعلم با لـنفوذ ـ في تحقّق الـغسل به; بأن لم يعلم إحاطـة الـماء لجميع أجزاء الـمتنجّس، فمقتضى استصحاب عدم الـنفوذ أو عدم تحقّق الـغسل، عدم الاكتفاء به في حصول طهارة الـباطن، كما أنّ مقتضى استصحاب بقاء الـنجاسـة أيضاً ذلك.
و أمّا لو شكّ بعد الـعلم با لـنفوذ و بتحقّق الـغسل به، في بقاء إطلاق الـماء بحا لـه في حال الـتطهير و عدمه، فمقتضى استصحاب بقاء الإطلاق تحقّق الـطهارة. و لا مجال حينئذ لاستصحاب بقاء الـنجاسـة; بعد كون الـشكّ فيه مسبّباً عن الـشكّ في بقاء الإطلاق و عدمه، كما لا يخفى. هذا تمام الـكلام فعلاً في الـتطهير با لـكرّ أو الـجاري.
(الصفحة 507)
و أمّا الـتطهير با لـقليل، فا لـمتنجّس با لـبول غير الآنيـة يعتبر فيه الـتعدّد مرّتين، و الأحوط كونهما غير غسلـة الإزا لـة.
و الـمتنجّس بغير الـبول إن لم يكن آنيـة، يجزي فيه الـمرّة بعد الإزا لـة، و لايكتفى بما حصل به الإزا لـة. نعم، يكفي استمرار إجراء الـماء بعدها.
و يعتبر في الـتطهير به انفصال الـغسا لـة، ففي مثل الـثياب ـ ممّا ينفذ فيه الـماء و يقبل الـعصر ـ لابدّ منه أو ما يقوم مقامه، و فيما لا ينفذ فيه الـماء و إن نفذت الـرطوبـة كا لـصابون و الـحبوب، و لا يقبل الـعصر، يطهر ظاهره بإجراء الـماء عليه، و لا يضرّ به بقاء نجاسـة الـباطن، و لا يطهر الـباطن تبعاً للظاهر1 .
ا لـتطهير با لـقليل
(1) في هذه الـقطعـة من الـمتن فرعان:
ا لـفرع الأوّل: تطهير الـمتنجّس با لـبول غير الآنيـة با لـماء الـقليل
و قد اعتبر فيه الـتعدّد مرّتين، و قد نسبه في محكىّ «ا لـمعتبر» إلى علمائنا، و في «ا لـحدائق» إلى الـشهرة، و فى «ا لـجواهر» إليها مع الإضافـة إلى الـمتأخّرين.
و عن الـشيخ في «ا لـمبسوط» عدم وجوب الـتعدّد في غير الـولوغ، و اختاره الـشهيد في محكيّ «ا لـبيان» و استظهر ذلك عن الـعلاّمـة في جملـة من كتبه.
و عن «ا لـمنتهى» الـتفصيل بين صورة جفاف الـبول و عدمه; بالاكتفاء با لـمرّة في الاُولى دون الـثانيـة.
و عن صاحبي «ا لـمدارك» و «ا لـمعا لـم» الـتفصيل بين الـثوب و الـبدن;
(الصفحة 508)
بالاكتفاء با لـمرّة في الـثاني دون الأوّل.
و كيف كان: فيدلّ على اعتبار الـتعدّد مطلقاً روايات:
منها: صحيحـة محمّد، عن أحدهما (عليهما السلام) قال: سأ لـته عن الـبول يصيب الـثوب.
قال:
«اغسله مرّتين»(1)
.
و منها: صحيحـة ابن أبي يعفور قال: سأ لـت اباعبدا للّه (عليه السلام) عن الـبول يصيب الـثوب.
قال:
«اغسله مرّتين»(2)
.
و منها: صحيحـة أبي إسحاق الـنحوىّ، عن أبي عبدا للّه (عليه السلام) قال: سأ لـته عن الـبول يصيب الـجسد.
قال:
«صبّ عليه الـماء مرّتين»(3)
.
و منها: حسنـة الـحسين بن أبي ا لـعلاء قال: سأ لـت أباعبدا للّه (عليه السلام) عن الـبول يصيب الـجسد.
قال:
«صبّ عليه الـماء مرّتين; فإنّما هو ماء».
و سأ لـته عن الـثوب يصيبه الـبول.
قال:
«اغسله مرّتين ...» الـحديث(4)
.
و منها: ما رواه ابن إدريس من كتاب «ا لـجامع للبزنطي» قال: سأ لـته عن الـبول يصيب الـجسد.
- (1)
وسائل الـشيعـة، أبواب الـنجاسات، الـباب 1، الـحديث 1.
- (2)
وسائل الـشيعـة، أبواب الـنجاسات، الـباب 1، الـحديث 2.
- (3)
وسائل الـشيعـة، أبواب الـنجاسات، الـباب 1، الـحديث 3.
- (4)
وسائل الـشيعـة، أبواب الـنجاسات، الـباب 1، الـحديث 4.
(الصفحة 509)
قال:
«صبّ عليه الـماء مرّتين; فإنّما هو ماء».
و سأ لـته عن الـثوب يصيبه الـبول.
قال:
«اغسله مرّتين».(1)
و هذه الـروايات كما ترى، ظاهرة بل صريحـة في لزوم الـتعدّد مطلقاً; أي في الـثوب و الـبدن.
ولكن ربّما يستدلّ على عدم لزوم الـتعدّد بإطلاق أدلّـة طهوريّـة الـماء، و بإطلاق بعض الـنصوص الآمر با لـغسل من دون تقييده بمرّتين، كما فيما رواه عبدا للّه بن سِنان، عن أبي عبدا للّه (عليه السلام) قال:
«اغسل ثوبك من بول كلّ ما لا يؤكل لحمه».(2)
و غيره من بعض الـروايات الاُخر.
و بأصا لـة الـبرائـة عن لزوم الـتعدّد.
و بمرسلـة الـكليني قال: و روي:
«أنّه يجزي أن يغسل بمثله من الـماء; إذا كان على رأس الـحشفـة أو غيره».(3)
و أنت خبير: بعدم كون الإطلاق في أدلّـة الـطهوريـة و كذا في بعض الـنصوص الـمذكور، مسوقاً لبيان هذه الـجهـة; و هي اعتبار الـتعدّد و عدمه، بل هو مسوق لبيان أصل الـمطهّريـة، و كذا بيان لزوم الـتطهير فيما أصابه الـبول من الـثوب أو الـجسد.
مضافاً إلى أنّ الـروايات الـمتقدّمـة الـظاهرة بل الـصريحـة في اعتبار الـتعدّد، تصلح للتقييد من دون مناقشـة.
- (1)
وسائل الـشيعـة، أبواب الـنجاسات، الـباب 1، الـحديث 7.
- (2)
وسائل الـشيعـة، أبواب الـنجاسات، الـباب 8، الـحديث 3.
- (3)
وسائل الـشيعـة، ابواب الـنجاسات، الـباب 1، الـحديث 5.