(الصفحة 2)و الـواجب منها ستّـة: غسل الـجنابـة، و الـحيض، و الاستحاضـة، وا لـنفاس، ومسّ الـميّت، و غسل الأموات.
و الأقوى عدم الـوجوب الـشرعي في غير الأخير1 .
(1) أمّا عدم وجوب غير الـستّـة الـمذكورة في الـمتن كا لـغسل الـمنذور فلأنّه قد مرّ سابقاً: أنّ الـوجوب في الـنذر إنّما يكون متعلّقه عنوان الـوفاء با لـنذر، و لايسري منه إلى الـعناوين الاُخر، و إلاّ يلزم اجتماع حكمين في عنوان واحد. كما أنّه سيأتي عدم وجوب مثل غسل الـجمعـة.
و أمّا عدم كون الـوجوب في غير الأخير من الـستّـة شرعيّاً; فلأنّ وجوبه إنّما هو من باب الـمقدّميـة للصلاة و نحوها، و قد تحقّق في محلّه عدم وجوب الـمقدّمـة با لـوجوب الـشرعي.
نعم، الأخير يكون واجباً شرعياً بمقتضى دليله الـذي سيجيء، ولا يكون مقدّمـة لشيء آخر.
(الصفحة 3)
فصل في غسل الـجنابـة
و الـكلام في سبب الـجنابـة، و أحكام الـجنب، و واجبات الـغسل:
ا لـقول في الـسبب
مسأ لـة 1: سبب الـجنابـة أمران:
أحدهما: خروج الـمنيّ و ما في حكمه من الـبلل الـمشتبه قبل الاستبراء، كما يأتي إن شاء اللّه تعا لـى.
و الـمعتبر خروجه إلى الـخارج، فلو تحرّك من محلّه و لم يخرج لم يوجب الـجنابـة، كما أنّ الـمعتبر كونه منه، فلو خرج من الـمرأة منيّ الـرجل لايوجب جنابتها، إلاّ مع الـعلم باختلاطه بمنيّها.
و الـمنيّ إن علم فلا إشكال، و إلاّ رجع الـصحيح في معرفته إلى اجتماع الـدفق و الـشهوة و فتور الـجسد، و الـظاهر كفايـة حصول الـشهوة للمريض و الـمرأة، و لاينبغي ترك الاحتياط ـ سيّما في الـمرأة ـ بضمّ الـوضوء إلى الـغسل لو لم يكن مسبوقاً با لـطهارة.
بل الأحوط مع عدم اجتماع الـثلاث، الـغسل و الـوضوء; إذا كان مسبوقاً با لـحدث الأصغر، و الـغسل وحده إن كان مسبوقاً با لـطهارة.
ثانيهما: الـجماع و إن لم ينزل. و يتحقّق بغيبوبـة الـحشفـة في الـقبل أو الـدبر، و حصول مسمّى «ا لـدخول» من مقطوعها; على وجه لا يخلو من قوّة، فيحصل حينئذ وصف الـجنابـة لكلّ منهما، من غير فرق بين الـصغير و الـمجنون و غيرهما، و وجب الـغسل عليهما بعد حصول شرائط الـتكليف.
(الصفحة 4)
و يصحّ الـغسل من الـصبيّ الـمميّز، فلو اغتسل يرتفع عنه حدث الـجنابـة 1 .
في أنّ خروج الـمنيّ سبب للجنابـة
(1) أمّا كون خروج الـمنيّ سبباً لحصول الـجنابـة الـتي يترتّب عليها أحكام كثيرة، فا لـمحكّي عن «ا لـخلاف» و «ا لـغنيـة» و «ا لـمعتبر» و «ا لـتذكرة» و «ا لـذكرى» و غيرها دعوى الإجماع عليه، بل عن بعضها إجماع الـمسلمين عليه. و الـنصوص الـدالّـة عليه متواترة، بل لايبعد دعوى كونه من ضروريّات الـفقه في الـجملـة.
و لافرق بين أن يكون خروجه في حال الاختيار أو الاضطرار، كما أنّه لافرق بين حال الـيقظـة و الـنوم، و لا بين ما إذا كان با لـوطي أو بغيره، كا لـتفخيذ و الـتقبيل، و لا بين ما إذا كان كثيراً أو قليلاً ولو بمقدار رأس إبرة، و لا بين ما إذا كان مع الـشهوة أو بدونها.
نعم، في الـمنيّ الـقليل ربّما يظهر من بعض الـروايات الـعدم، و هي صحيحـة معاويـة بن عمّار قال: سأ لـت أبا عبدا للّه (عليه السلام) عن الـرجل احتلم، فلمّا انتبه وجد بللاً قليلاً.
قال:
«ليس بشيء، إلاّ أن يكون مريضاً فإنّه يضعف، فعليه الـغسل».(1)
كما أنّه يظهر من بعض الـنصوص اعتبار الـشهوة، كما حكي عن ما لـك و أبي حنيفـة و أحمد، كصحيحـة علي بن جعفر، عن أخيه (عليه السلام): عن الـرجل يلعب مع الـمرأة و يقبّلها، فيخرج منه الـمنيّ، فما عليه؟
- (1)
وسائل الـشيعـة، أبواب الـجنابـة، الـباب 8، الـحديث 2.
(الصفحة 5)
قال:
«إذا جاءت الـشهوة و دفع و فتر لخروجه فعليه الـغسل، و إن كان إنّما هو شيء لم يجد له فترة و لا شهوة فلا بأس».(1)
هذا، ولكنّ الـظاهر أنّ الـمراد من الـروايـة الاُولى صورة الاشتباه. و يؤيّده ترك قوله:
«قليلاً» في الـروايـة الـكليني، كما أنّه يؤيّده استثناء الـمريض; فإنّ اختلافه مع غيره إنّما هو في خصوص هذه الـصورة، و عليه فا لـمراد بقول الـسائل: «احتلم» هو تخيّل الاحتلام و اعتقاده، ثمّ الـشكّ فيه، فتدبّر.
و أمّا الـروايـة الـثانيـة، فقد حملها الـشيخ أيضاً على صورة الاشتباه; و أنّ الـمراد بخروج الـمنيّ هو الاعتقاد الـظنّي بكونه كذلك.
و يؤيّده أنّ في روايـة علي بن جعفر (عليه السلام) بدل «ا لـمنيّ»: «ا لـشيء».
و قال صاحب «ا لـمنتقي»: «إنّ الـتصريح بكون الـخارج منيّاً بناه الـسائل على الـظنّ، فجاء الـجواب مفصّلاً للحكم دافعاً للوهم».
و مع عدم إمكان الـحمل على ذلك لا محيص من الـحمل على الـتقيّـة، كما أفاده صاحب «ا لـوسائل» (قدس سره).
ثمّ إنّ مقتضى إطلاق الـنصوص و الـفتاوى، أنّه لا فرق فى سببيّـة الإنزال بين الـرجل و الـمرأة، و حكي عليه دعوى الإجماع عن جماعـة، بل عن الـمحقّق و الـعلاّمـة في «ا لـمعتبر» و «ا لـمنتهى» و عن غيرهما، أنّ عليه إجماع الـمسلمين.
نعم، ربّما ينسب إلى ظاهر الـصدوق في «ا لـمقنع» الـخلاف و إن نوقش في الـنسبـة أيضاً.
و كيف كان: فا لـرّوايات الـمستفيضـة ـ بل كادت تبلغ حدّ الـتواتر ـ تدلّ على
- (1)
وسائل الـشيعـة، أبواب الـجنابـة، الـباب 8، الـحديث 1.
(الصفحة 6)
سببيّـة إنزال الـمرأة للجنابـة، و وجوب الـغسل و إن لم يتحقّق الـجماع، و لا بأس بإيراد بعضها:
كصحيحـة محمّد بن إسماعيل، عن الـرضا (عليه السلام) في الـرجل يجامع الـمرأة فيما دون الـفرج و تنزل الـمرأة، هل عليها غسل؟ قال:
«نعم».(1)
و روايـة إسماعيل بن سعد الأشعري قال: سأ لـت الـرضا (عليه السلام) عن الـرجل يلمس فرج جاريته حتّى تنزل الـماء; من غير أن يباشر، يعبث بها بيده حتّى تنزل.
قال:
«إذا أنزلت من شهوة فعليها الـغسل».(2)
و صحيحـة عبدا للّه بن سنان قال: سأ لـت أباعبدا للّه (عليه السلام) عن الـمرأة ترى أنّ الـرجل يجامعها في الـمنام في فرجها حتّى تنزل.
قال:
«تغتسل».(3)
و روايـة محمّد بن الـفضيل قال: سأ لـت أباا لـحسن (عليه السلام) عن الـمرأة تعانق زوجها من خلفه، فتحرك على ظهره فتأتيها الـشهوة فتنزل الـماء، عليها الـغسل، أو لايجب عليها الـغسل؟
قال:
«إذا جائتها الـشهوة فأنزلت الـماء وجب عليها الـغسل».(4)
و روايـة الـحلبي عن أبي عبدا للّه (عليه السلام) قال: سئلته عن الـمرأة ترى في الـمنام ما يرى الـرجل.
- (1)
وسائل الـشيعـة، أبواب الـجنابـة، الـباب 7، الـحديث 3.
- (2)
وسائل الـشيعـة، أبواب الـجنابـة، الـباب 7، الـحديث 2.
- (3)
وسائل الـشيعـة، أبواب الـجنابـة، الـباب 7، الـحديث 7.
- (4)
وسائل الـشيعـة، أبواب الـجنابـة، الـباب 7، الـحديث 4.