(الصفحة 35)
و بعده فيؤثّر. فا لـعلم الإجما لـي إنّما تعلّق با لـسبب الأعمّ من الـفعلي و الاقتضائي، فلا يترتّب عليه الأثر أصلاً.
إلاّ أن يقال في مقام الإشكال على كلا الـموردين: بأنّه ليس الـكلام في الـرجوع إلى الـعلم الإجما لـي حتّى يقال بأنّه إنّما تعلّق با لـسبب الأعمّ من الـفعلي و الاقتضائي، بل الـكلام إنّما في الـرجوع إلى الاستصحاب، و لايعتبر في جريانه أن يكون الـمستصحب مترتّباً عليه الأثر الـشرعي في حال وجوده، بل يكفي ترتّب الأثر عليه، بالإضافـة إلى زمان الاستصحاب، و هو زمان الـشكّ، و من الـمعلوم أنّ بقاء الـحدث في هذا الـزمان يترتّب عليه وجوب الـغسل في الـمقام، و الـتحقيق في محلّه.
هذا، و يمكن استفادة عدم وجوب الـغسل في الـمقام من روايـة أبي بصير الـمتقدّمـة في الـصورة الاُولى، بناء على عدم اختصاص موردها بخصوص مورد الـشكّ، و شمولها لما إذا كانت الـجنابـة معلومـة، غايـة الأمر أنّه يحتمل كونها ممّا اغتسل منه و لايعارضها الـموثّقان بعد اختصاص موردهما بصورة الـعلم و عدم الاغتسال، كما لايخفى.
هذا، ولكن لاينبغي ترك الاحتياط بالاغتسال; لعدم وضوح شمول الـروايـة، و عدم ظهور اختصاص جريان الاستصحاب با لـطهارة.
(الصفحة 36)
مسأ لـة 3: إذا تحرّك الـمنيّ عن محلّه في الـيقظـة أو الـنوم بالاحتلام لايجب الـغسل ما لم يخرج، فإن كان بعد دخول الـوقت، و لم يكن عنده ماء للغسل، فلايبعد عدم وجوب حبسه، و إن لايخلو من تأمّل مع عدم الـتضرّر به، فإذا خرج يتيمّم للصلاة.
نعم، إذا لم يكن عنده ما يتيمّم به أيضاً، لايبعد وجوب حبسه إذا كان على طهارة، إلاّ إذا تضرّر به، و كذا الـحال في إجناب نفسه اختياراً بعد دخول الـوقت، بإتيان أهله با لـجماع طلباً للذّة، فيجوز لو لم يكن عنده ماء الـغسل دون ما يتيمّم به، بخلاف ما إذا لم يكن عنده ما يتيمّم به أيضاً كما مرّ، و في غير إتيانها ـ كما ذكر جوازه ـ محل تأمّل، و إن لايبعد1 .
في إجناب الـنفس متعمّداً
(1) أمّا عدم وجوب الـغسل مادام لم يخرج الـمنيّ إلى الـظاهر، فلما عرفت في الـمسأ لـة الاُولى من أنّ الـسبب الأوّل هو خروج الـمنيّ، لامجرّد تحرّكه من محلّه، و الـدليل عليه ظهور الـنصوص، و الـفتاوى في تعليق الـحكم على الـخروج.
و أمّا نفي الـبعد عن عدم وجوب حبسه فيما إذا دخل الـوقت، و لم يكن عنده ماء الـغسل دون ما يتيمّم به، فلما سيأتي من الـروايات الـواردة في الإجناب، الـدالّـة على جوازه اختياراً، مع عدم ثبوت الـفرق بينه و بين الـمقام.
ولكن ذلك لايخلو من تأمّل في خصوص صورة عدم الـتضرّر; لأنّه بعد عدم شمول الـروايات للمقام، و احتمال الـفرق، لايبقى إلاّ تفويت شرط الـصلاة بعد دخول الـوقت مع الـتمكّن من عدمه، لعدم حصول الـتضرّر على ما هو الـمفروض، فيصير كا لـواجد للماء الـذي أتلف مائه اختياراً، ولكن ذلك على تقدير ثبوت الـفرق، و عدم كون احتما لـه موهوناً.
(الصفحة 37)
و ممّا ذكرنا ظهر أنّه لايبعد وجوب الـحبس مع عدم الـتمكّن من الـتيمّم أيضاً; لعدم ورود الـروايات في مثله، و توقّف الـصلاة على الـطهارة الـمتوقّفـة عليه.
و أمّا الإجناب بإتيان الأهل با لـجماع طلباً لللذّة، فقد ادّعي الإجماع على جوازه، كما في محكي «ا لـمستند»، و في «ا لـجواهر» عن «ا لـمعتبر»، و يدلّ عليه مصحّحـة إسحاق بن عمّار الـتي رواها ابن إدريس في آخر «ا لـسرائر» قال: سأ لـت أباإبراهيم (عليه السلام)عن الـرجل يكون مع أهله في الـسفر، فلا يجد الـماء يأتي أهله.
فقال:
«ما أحبّ أن يفعل ذلك، إلاّ أن يكون شبقاً، أو يخاف على نفسه».
قلت: يطلب بذلك اللذّة؟
قال:
«هو حلال».
قلت: فإنّه روي عن الـنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أنّ أباذر سأ لـه عن هذا فقال:
«إيت أهلك تؤجر».
فقال: يا رسول اللّه، و اُوجر؟
قال:
«نعم، إنّك إذا أتيت الـحرام أزرت، فكذلك إذا أتيت الـحلال اُجرت».
فقال:
«ألا ترى أنّه إذا خاف على نفسه فأتى الـحلال اُجر».(1)
و عن ظاهر عبارتي الـمفيد و ابن الـجنيد أنّه غير جائز، و استدلّ له ببعض الـروايات الـدالّـة على وجوب الغسل على من أجنب نفسه و إن تضرّر، مثل مرفوعـة أحمد، عن أبي عبدا للّه (عليه السلام) قال: سأ لـته عن مجدور أصابته جنابـة.
قال:
«إن كان أجنب هو فليغتسل، و إن كان احتلم فليتيمّم».(2)
- (1)
وسائل الـشيعـة، أبواب الـتيمّم، الـباب 27، الـحديث 1.
- (2)
وسائل الـشيعـة، أبواب الـتيمّم، الـباب 17، الـحديث 1.
(الصفحة 38)
و مرفوعـة إبراهيم بن هاشم قال:
«إن أجنب فعليه أن يغتسل على ما كان منه، وإن احتلم تيمّم».(1)
و روايـة سليمان بن خا لـد، و أبي بصير، و عبدا للّه بن سليمان عن أبي عبدا للّه (عليه السلام)أنّه سئل عن رجل كان في أرض باردة يتخوّف إن هو اغتسل أن يصيبه عنت من الـغسل، كيف يصنع؟
قال:
«يغتسل و إن أصابه ما أصابه».
قال: و ذكر أنّه كان وجعاً، شديد الـوجع، فأصابته جنابـة و هو في مكان بارد، و كانت ليلـة شديدة الـريح باردة،
«فدعوت الـغلمـة، فقلت لهم: احملوني، فاغسلوني، فقا لـوا: إنّا نخاف عليك، فقلت لهم: ليس بدّ، فحملوني و وضعوني على خشبات، ثمّ صبّوا عليّ الـماء فغسلوني».(2)
و الـمراد من إصابـة الـجنابـة في الأخيرة هو الـجنابـة الاختياريـة; للنصّ الـوارد الـدالّ على عدم احتلام الإمام (عليه السلام).
هذا، ولكن وجوب الـغسل في هذه الـصورة لا يلازم حرمـة الإجناب بوجه، كيف و الـروايـة الأخيرة واردة في إجناب الإمام (عليه السلام) نفسه، و يمتنع عليه فعل الـحرام; لأنّه قد عصمه اللّه تعا لـى عن الـمخا لـفـة و ارتكاب الـمعصيـة، كما أنّ علمه بوجعه و الـتضرّر با لـغسل ممّا لاينبغي الارتياب فيه، مع أنّ أصل الـحكم ـ و هو وجوب الـغسل ولو مع الـتضرّر ـ لابدّ من الـبحث فيه، كما سيأتي.
- (1)
وسائل الـشيعـة، أبواب الـتيمّم، الـباب 7، الـحديث 2.
- (2)
وسائل الـشيعـة، أبواب الـتيمّم، الـباب 17، الـحديث 3.
(الصفحة 39)
كلّ ذلك مضافاً إلى أنّ صراحـة الـروايـة الـمتقدّمـة في الـجواز لاتبقي مجالاً للشكّ في تقدّمها على هذه الـروايات كما هو واضح، هذا كلّه مع وجود ما يتيمّم به، كما هو مفروض الـروايـة.
و أمّا مع عدمه أيضاً فلا وجه لجوازه; لعدم دلالـة دليل عليه، مع أنّ مقتضى الـقاعدة الـمنع; لأنّه تفويت للصلاة الـمشروطـة با لـطهارة، هذا با لـنسبـة إلى إتيان الأهل.
و أمّا الإجناب بغيره الـخارج عن مورد الـروايات، فربّما يتأمّل في جوازه; نظراً إلى خروجه عنه، ولكنّه لايبعد دعوى عدم الـفرق بين الـموارد، و كون الـملاك هو صيرورة الـشخص جنباً اختياراً، سواء كان بإتيان الأهل أو بغيره، أو كان بالاحتلام أو بغيره، فتدبّر.