(الصفحة 381)
لصحيحته في ذلك، لكنّ الـظاهر من الـجواب بيان كون الاغتسال با لـثلج و بماء الـنهر سواء، فهو في مقام بيان صحّـة الاغتسال به كالاغتسال بماء الـنهر، و أمّا لزومه أو جوازه فلا يفهم منه، لعدم كونه من هذه الـجهـة في مقام الـبيان، فهو كقوله ابتداءً: أنّ الـوضوء با لـثلج كا لـوضوء بماء الـنهر، لا يدلّ إلاّ على الـتسويـة بينهما، و أمّا مع حرجيته فيجوز أو يجب فلا يستفاد من مثله، مع أنّه على فرض تسليم شموله لحال الـحرج يكون إطلاقاً يجب تقييده بأدلّـة الـحرج الـحاكمـة على الـمطلقات، و دعوى كون الـمفروض ح
أقول: الـمهمّ في هذا الـباب أنّ الـسؤال في الـروايتين واحد، و هو الـرجل الـمجنب في الـسفر، و لا يجد إلاّ الـثلج، نعم في سؤال الـصحيحـة زيادة: «أو ماء جامداً» ولكنّ الـجواب فيها الـتيمّم لا الاغتسال، و بعد كون الـسؤال واحداً يقع الـكلام في أنّ الـمفروض في هذا الـسؤال إن كان حرجيـة الاغتسال فلا مجال للجواب بأنّه يغتسل با لـثلج، الـظاهر في الـتسويـة بينه و بين الاغتسال با لـنهر، الـمقتضي لتعيّنه مع عدم وجدان ماء الـنهر، كما هو الـمفروض في الـسؤال.
و إن كان الـمفروض فيه عدم الـحرجيـة فلا مجال للجواب بكونه بمنزلـة الـضرورة و يتيمّم، و حمل كلّ واحد من الـسؤا لـين على مورد خاصّ ينافيه وحدة الـسؤال و عدم الاختلاف فيهما أصلاً.
و ما أفاده دام ظلّه من أنّ الـروايـة إنّما هي في مقام بيان صحّـة الاغتسال با لـثلج كالاغتسال بماء الـنهر، و أمّا لزومه أو جوازه فلا يفهم منه.
فيرد عليه: أنّ نفس الـحكم با لـصحّـة و إفادة الـتسويـة بين الأمرين، يفيد الـتعيّن مع عدم إمكان الأمر الآخر، و عدم وجدان ماء الـنهر كما هو الـمفروض في
(الصفحة 382)
ا لـسؤال، مع أنّ الـجواز فقط ينافي الـصحيحـة الـظاهرة في تعيّن الـتيمّم إلاّ على تقدير صحّـة الـتوجيه الـمتقدّم.
و با لـجملـة: فمع عدم صحّـة الـتوجيه الـمتقدّم، و كون الـسقوط في مورد الـحرج عزيمـة لا رخصـة، كيف يجمع بين الـروايتين؟! ولكنّ الـظاهر أنّه لا محيص عن حمل الـروايـة على صورة غير الـحرج، و حمل الـصحيحـة على صورة الـحرج الـتي هي ظاهرها، خصوصاً بلحاظ ذيلها الـدالّ على عدم جواز الـعود إلى الأرض الـتي توبق دينه، و عليه فلا يبقى مجال للتوجيه الـمتقدّم بوجه.
في حكم فاقد الـطهورين
بقي الـكلام في حكم فاقد الـطهورين مطلقاً، و فاقدهما مع وجدان الـثلج فقط، فنقول: أمّا فاقدهما مطلقاً فا لـكلام فيه قد يقع في الأداء، و قد يقع في الـقضاء.
في حكم الأداء
أمّا الأداء: فا لـمشهور كما عن «كشف الالتباس» و «ا لـرياض» سقوطه عن فاقد الـطهورين، و عن «روض الـجنان» و «ا لـمدارك» أنّه مذهب الأصحاب لا نعلم فيه مخا لـفاً، و عن «جامع الـمقاصد» أنّه ظاهر مذهب أصحابنا، و في «ا لـشرائع» حكي قولاً لم يسمّ قائله بوجوب الـصلاة و الإعادة، و مثله «ا لـتذكرة» ناسباً له إلى بعض الأصحاب، و عن جدّ الـمرتضى وجوب الأداء لا الـقضاء، و عن «رسا لـة» الـمفيد (قدس سره)إلى ولده و أبي ا لـعبّاس و بعض آخر وجوب الـذكر عليه مقدار الـصلاة، و الاك
(الصفحة 383)
هذا، و الـظاهر أنّ مقتضى الـقاعدة هو الـسقوط، و توضيحه أنّه قد تقرّر في محلّه أنّه لو علم بجزئيـة شيء أو شرطيته في الـجملـة، و دار الأمر بين أن يكون جزء أو شرطاً مطلقاً، وبين أن يكون كذلك في خصوص حال التمكّن وا لقدرة، فإن كان لدليل المركّب أو الـمشروط إطلاق فقط، يجب الإتيان به في صورة الـعجز عن ذلك الـشيء أيضاً، و إن كان لدليل ذلك الـشيء الـمشكوك إطلاق فقط، فا لـلازم سقوط الأمر با لـكلّ أو الـمشروط مع تعذّره، و لو كان لكلا الـدليلين إطلاق من غير ترجيح، أو لم يكن لواحد منهما إطلاق، فا لـلازم
و في الـمقام نقول: مقتضى دليل الـشرط مدخليته في الـمأمور به، و هي الـصلاة مطلقاً من دون فرق بين مثل قوله: «لا صلاة إلاّ بطهور» بناء على اختصاصه با لـطهارة الـحدثيـة أو شموله لها، و بين الآيـة الـواردة في الـوضوء الـمبنيـة للاشتراط بنحو الأمر و الـتكليف.
أمّا الأوّل: فدلالته على الـشرطيـة الـمطلقـة واضحـة بعد كونه بنحو الإخبار أوّلاً، و بنحو نفي الـحقيقـة و الـماهيـة بدونه ثانياً.
و أمّا الـثاني: فقد نوقش في دلالته بقصور الأمر عن إثبات الـشرطيـة حال الـعجز لعدم إمكان توجيه الـخطاب إلى الـعاجز، و اُجيب عن هذه الـمناقشـة بأنّ مثل هذه الأوامر إرشاديـة لا يعتبر فيها الـقدرة على الـمأمور بها فيها، لأنّ مفادها مجرّد الإرشاد إلى مدخليـة الـمتعلّق في متعلّق الـخطاب الـنفسي من دون أن تكون متضمّنـة للبعث و الـتحريك.
ولكن قد حقّقنا في محلّه عدم صحّـة هذا الـجواب، فإنّ الأوامر الإرشاديـة كغيرها لا تستعمل إلاّ في الـبعث و الإغراء الـذي هو الـموضوع له لهيئـة إفعل، غايـة الأمر
(الصفحة 384)
انتزاع الـنفسيـة و الـغيريـة و الـمولويـة و الإرشاديـة عن نفس هذا الـبعث باعتبار اختلاف الـموارد و الـمقامات، و إلاّ فا لـهيئـة في الـجميع مستعملـة في معناها الـذي ليس إلاّ الـبعث و الـتحريك.
و الـتحقيق في الـجواب عن الـمناقشـة ما حقّقه الاُستاذ الـعلاّمـة الـماتن دام ظلّه في محلّه ممّا يرجع إلى أنّ الأوامر الـكلّيـة الـقانونيـة لا تنحلّ إلى خطابات شخصيـة و أوامر متعدّدة فرديـة، بحيث كان لكلّ مأمور خطاب مستقلّ مشروط بشرائطه، و الـوجه فيه لزوم مفاسد كثيرة مذكورة في محلّه، بل هي أمر واحد و قانون فارد ثابت على الـجميع، و لا يكون مشروطاً بثبوت الـقدرة لكلّ فرد فرد.
و عليه فا لـعجز في بعض الأفراد لا يوجب سقوط الأمر الـكلّي و ارتفاع الـقانون الـعامّ، و في الـمقام نقول آيـة الـوضوء و إن كانت بلسان الـتكليف إلاّ أنّ مقتضاها ثابت في حقّ الـعاجز عنه، و لازمه سقوط الـصلاة; لعدم إمكان تحصيل شرطها.
نعم، يبقى في الـمقام ملاحظـة دليل الـمشروط، و أنّه هل يكون له إطلاق، أم لا؟
و الـظاهر عدم ثبوت إطلاق معتدّ به في أدلّـة تشريع الـصلاة، و لم يثبت من طريقنا قوله: «ا لـصلاة لا تترك بحال»، و ما ورد في بعض الـروايات الـصحيحـة فى باب الـنفاس من قوله (عليه السلام):
«و لا تدع الـصلاة على حال، فإنّ الـنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: الـصلاة عماد دينكم»
لايرتبط با لـمقام، و ليس قوله (صلى الله عليه وآله وسلم) علّـة يستكشف منها صحّـة الـصلاة في مورد الـشكّ في شرطيـة شيء لها أو جزئيته، كما لايخفى.
و الاستقراء و إن اقتضى تقدّم الـوقت من بين الـشرائط على غيره من الأجزاء و الـشرائط عند دوران الأمر بين رعايته و رعايـة غيره، إلاّ أنّه ليس بنحو يحصل منه
(الصفحة 385)
ا لـقطع بثبوت هذا الـتقدّم بالإضافـة إلى جميع الـشرائط.
فالإنصاف: أنّه لابدّ في الـمقام من الـرجوع إلى إطلاق دليل الاشتراط من الآيـة و الـروايـة، و هي قوله: «لا صلاة إلاّ بطهور» لكن ربّما يناقش في الـروايـة بأنّ صاحب «ا لـوسائل» (قدس سره) قد أوردها في أبواب مختلفـة بصور متعدّدة، فقد رواها في الـباب الأوّل من أبواب الـوضوء عن الـشيخ بإسناده عن الـحسين بن سعيد، عن حمّاد، عن حريز، عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام) هكذا قال: «لا صلاة إلاّ بطهور».
و في الـباب الـرابع من أبواب الـوضوء، و كذا في الـباب الـرابع عشر من أبواب الـجنابـة بذلك الـسند عنه (عليه السلام) هكذا قال: «إذا دخل الـوقت وجب الـطهور و الـصلاة، و لا صلاة إلاّ بطهور» و حكي في الـبابين أنّ الـصدوق رواه مرسلاً.
و في الـباب الـتاسع من أبواب أحكام الـخلوة بذلك الـسند عنه (عليه السلام) هكذا قال: «لا صلاة إلاّ بطهور، و يجزيك عن الاستنجاء ثلاثـة أحجار، بذلك جرت الـسنّـة من رسول ا للّه (صلى الله عليه وآله وسلم) و أمّا الـبول فإنّه لابدّ من غسله».
و الـظاهر خصوصاً مع وحدة الـسند أنّها لا تكون روايات متعدّدة، بل روايـة واحدة قطّعها صاحب «ا لـوسائل» كما هو دأبه في موارد كثيرة، حيث يقطّع الـروايـة الـمشتملـة على أزيد من حكم واحد، و يورد كلّ قطعـة في الـباب الـمناسب لها، فا لـروايـة واحدة، و عليه يكون ذيلها الـوارد في الاستنجاء و غسل الـبول شاهداً على أنّ الـمراد با لـطهور الـذي لا صلاة إلاّ به هي الـطهارة الـخبثيـة، لا الـحدثيـة الـمبحوث عنها في الـمقام، فلا مجال للاستدلال بها فيه.
و تندفع الـمناقشـة: بأنّ الـتذيّل بذلك الـذيل إن كان فيه شهادة فهي الـشهادة على دخول الـطهارة الـخبثيـة في قوله: «لا صلاة إلاّ بطهور» لا خروج الـطهارة