(الصفحة 462)
و الـظاهر أنّ الـمراد با لـيد فيه هي الـيد الـمغايرة لليد الـموجودة للأقطع، و هي الـيد الـتي تكون مكان يد الأقطع الـمقطوعـة.
ولكنّه ذكر في «ا لـعروة»: «و الأحوط الاستنابـة لليد الـمقطوعـة، فيضرب بيده الـموجودة مع يد واحدة للنائب و يمسح بها جبهته و يمسح الـنائب ظهر يده الـموجودة، و الأحوط مسح ظهرها على الأرض أيضاً».
أقول: رعايـة الـجمع بين الـكيفيات الـمحتملـة تقتضي الـجمع بين مسح تمام الـجبهـة با لـيد الـموجودة، و بين مسحه بها و بيد واحدة للنائب، كما أنّها تقتضي الـجمع بين مسح ظهر الـيد الـموجودة على الأرض، و بين مسح الـنائب إيّاها.
وعليه فكلّ من الكيفيتين المذكورتين إحداهما هنا، والاُخرى في «ا لعروة» بعنوان الاحتياط المقتضي للجمع، لايكون احتياطاً جامعاً للكيفيات الـمحتملة، كما لايخفى.
ا لـفرض الـثاني: الأقطع بإحدى الـيدين مع ثبوت الـذراع له، و هو تارة يكون مقطوع الإصبع فقط، و اُخرى تكون كفّاه مقطوعتين من الـزند.
ففي الأوّل: لا يبعد أن يقال بأنّ الـمستفاد من نفس الـخطاب الـمتوجّه إلى الـمكلّفين ـ و لو كان لأجل مناسبات مغروسـة في الأذهان ـ دخوله تحت الـخطاب، فيتيمّم با لـيد الـموجودة الـسليمـة و الـناقصـة، كما في باب الـوضوء، فإنّ قوله تعا لـى: (فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَ أَيْدِيكُمْ إِلَى الْـمَرافِقِ) لا يكون منحصراً با لـسا لـم من جهـة الـوجه و الأيدي، ضرورة أنّ ذا الـيد الـناقصـة مثلاً لا يستفيد من الآيـة إلاّ وجوب غسلها أيضاً كا لـيد الـسليمـة، بل ذكر الـماتن دام ظلّه في «رسا لـة الـتيمّم»: «لا يبعد أن يقال: إنّ الـكفّ كا لـيد و الـرجل صادقـة على الـكلّ و الـبعض، لكن ينصرف مثل قوله: «اضرب كفّيك» إلى ضرب جميعهما، وهو يتمّ مع سلامـة الـكفّ، ومع
(الصفحة 463)
نقصها، يصدق أنّه ضرب كفّيه على الأرض حقيقـة».
وفي الـثاني: مقتضى إطلاق المتن أنّه يتيمّم بها وبا لموجودة، وظاهره قيام الذراع مقام الـكفّ في الـمسح على الـجبهـة و الـمسح على ظهرها، فقيامها مقامه إنّما هو في جميع الـجهات، ولكنّ قوله في الـذيل: «بل الأحوط تنزيل الـذراع منزلـة الـكفّين ..» يشعر بعدم كون الـمراد من الـتيمّم بها وقيامها مقام الـكفّ إلاّ الـقيام مقامه في الـمسح على الـجبهـة، لا في الـمسح على ظهرها أيضاً، و وجه الـفرق عدم شمول الـخطابات للذراع; لعدم كونها جزء للكفّ، و عدم كون مسح الـذراعين ميسور مسح الـكفّين، و إلاّ لصحّ أن يقال بلزوم مسح الـرجل أو سائر الـجسد بدل الـيد إذا قطعت يداه من الأصل.
و كيف كان: فمقتضى الاحتياط مسح تمام الـجبهـة و الـجبينين با لـيد الـموجودة الـسليمـة بعد الـمسح بها و با لـذراع على الـنحو الـمتعارف، كما أنّ الأحوط تنزيل الـذراع منزلـة الـكفّين في الـمسح على ظهرها.
فيمن قطعت يداه
ا لـفرع الـثاني: الأقطع بكلتا الـيدين فإن لم يكن له ذراع أيضاً، فا لـلازم بعد عدم سقوط الـتيمّم لأجل أنّه لا تترك الـصلاة بحال مسح الـجبهـة على الأرض، ولكنّ الأحوط توليـة الـغير أيضاً، بأن يضرب يديه على الأرض و يمسح بهما جبهته.
و إن كان له ذراع، فإن كان مقطوع الإصبع فقط، فا لـحكم فيه ما تقدّم من وجوب الـتيمّم با لـيدين الـناقصتين، و عدم منافاته للضرب با لـكفّ الـمأمور به في باب الـتيمّم; لأنّ وجوب ضرب الـجميع إنّما هو مع سلامـة الـكفّ دون نقصها، فإنّه يكتفي فيه با لـمقدار الـموجود كما في باب الـوضوء.
(الصفحة 464)مسأ لـة 5: في مسح الـجبهـة و الـيدين يجب إمرار الـماسح على الـممسوح، فلا يكفي جرّ الـممسوح تحت الـماسح، نعم لا تضرّ الـحركـة الـيسيرة في الـممسوح إذا صدق كونه ممسوحاً1 .
و إن كان مقطوعاً من الـزندين، فا لـحكم فيه يعلم من مثله في الـفرع الأوّل من دون فرق، إلاّ في أنّه لا يجري هنا الاحتياط الـمذكور هناك في مسح الـجبهـة، كما لا يخفى.
في وجوب إمرار الـماسح
(1) وجوب إمرار الـماسح على الـممسوح و عدم كفايـة جرّ الـممسوح تحت الـماسح إنّما هو لعدم تحقّق معنى الـمسح بدونه، فإنّ الـمسح مغاير للمسّ الـذي يكفي فيه مجرّد الاتّصال و الـمماسّـة، ضرورة أنّه يعتبر فيه الـحركـة، كما أنّه لا يكفي فيه حركـة الـممسوح و جرّه تحت الـماسح، بل يعتبر فيه حركـة الـماسح و إمراره.
ولكنّه ذكر في «ا لـمستمسك»: «أنّه لا يخلو عن إشكال، لصحّـة قولنا: «مسحت يدي با لـجدار أو بالأرض» بلا عنايـة، و لا تجوّز، و حمله على الـقلب خلاف الـمرتكز منه عرفاً; إذ الـمصحّح لدخول الـباء على آلـة الـمسح ليس هو مرورها على الـممسوح مع سكونه، بل الـمصحّح كون الآلـة غير مقصودة بالأصا لـة، فإذا كانت الأرض قذرة صحّ قولنا: «امسح الأرض بيدك»، و لا يصحّ قولنا: «امسح يدك بالأرض»، و إذا كانت الأرض قذرة كان الأمر با لـعكس، و إذا اُريد تطهير الـجبهـة با لـيد لما في الـيد من الأرض صحّ قولنا: «امسح الـجبهـة بيدك»، و لايصحّ «امسح يدك با لـجبهـة» و إذا اُريد الـعكس كان الأمر با لـعكس، فا لـمصحّح لدخول الـباء على الـشيء و كونه ملحوظاً آلـة لإحداث أثر في الـممسوح، لا مروره و حركته على الـممسوح مع سكونه
(الصفحة 465)
كما يظهر با لـتأمّل في موارد الاستعمال، فتأمّل جيّداً».
أقول: ليس الـبحث في الـمصحّح لدخول الـباء على الـشيء في باب الـمسح، بل الـكلام في معنى الـمسح و حقيقته الـمتقوّمـة بوجود الـماسح و الـممسوح، و أنّه يعتبر في تحقّق هذه الـحقيقـة إمرار الـماسح و جرّه على الـممسوح، و أنّه لا يكفي الـعكس، خصوصاً بعد عدم اشتمال آيـة الـتيمّم على آلـة الـمسح و عدم الـتعرّض لها، و كون الـباء في قوله تعا لـى: (فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ ...) للتبعيض، كما عرفت الـكلام فيه مفصّلاً.
فا لـظاهر ما أفاده في الـمتن، نعم لا تضرّ الـحركـة الـيسيرة في الـممسوح مع صدق كونه ممسوحاً، لما مرّ من الـملاك.
(الصفحة 466)
|