(الصفحة 466)
(الصفحة 467)
ا لـقول في أحكام الـتيمّممسأ لـة 1: لا يصحّ الـتيمّم على الأحوط للفريضـة قبل دخول وقتها و إن علم بعدم الـتمكّن منه في الـوقت على إشكال، و الأحوط احتياطاً لا يترك لمن يعلم بعدم الـتمكّن منه في الـوقت إيجاده قبله لشيء من غاياته، و عدم نقضه إلى وقت الـصلاة مقدّمـة لإدراكها مع الـطهور في وقتها، بل وجوبه لا يخلو من قوّة.
و أمّا بعد دخول الـوقت، فيصحّ و إن لم يتضيّق مع رجاء ارتفاع الـعذر في آخره و عدمه، لكن لا ينبغي ترك الاحتياط مع رجاء ارتفاعه، و مع الـعلم بالارتفاع يجب الانتظار، و الأحوط مراعاة الـضيق مطلقاً، و لا يعيد ما صلاّه بتيمّمه الـصحيح بعد ارتفاع الـعذر من غير فرق بين الـوقت و خارجه1 .
(1) الـكلام في هذه الـمسأ لـة يقع في مقامين:
في الـتيمّم قبل الـوقت
ا لـمقام الأوّل: ا لـتيمّم قبل دخول وقت الـفريضـة لأجلها، و لا خلاف ظاهراً في عدم صحّـة هذا الـتيمّم، و استفاض نقل الإجماع عليه، بل بلغ الـنقل من زمان الـمحقّق و من بعده إلى ثلاثـة عشر أو أكثر، و لو انضمّ إليه فحوى الإجماعات الـمنقولـة على عدم الـصحّـة في سعـة الـوقت يكاد يتجاوز عن الـعشرين.
و الـظاهر أنّ الـدليل على عدم الـجواز هي الـفتاوى الـكاشفـة عن الـمعهوديـة من الـصدر الأوّل، و لا يكون مستنداً إلى الـدليل الـعقلي الـمتوهّم في الـمقام، و هو أنّ الـصلاة من قبيل الـواجب الـمشروط بالإضافـة إلى الأوقات، و قبل مجيء وقتها
(الصفحة 468)
لايكون الـتكليف بها فعلياً، و مع عدم فعليـة وجوب ذي الـمقدّمـة لا تعقل فعليـة وجوبها; لعدم إمكان تحقّق الـمعلول قبل علّته، و معه كيف يمكن أن يقع الـتيمّم صحيحاً مع توقّفه على الإتيان به بداعي الأمر و هو غير متحقّق؟!
أمّا أوّلاً: فلإمكان الـمناقشـة ـ بل الـنظر ـ في كون الـصلاة من قبيل الـواجب الـمشروط بالإضافـة إلى الـوقت، نظراً إلى إمكان دعوى ظهور الـكتاب و الـسنّـة في الـوجوب الـتعليقي، كقوله تعا لـى: (أَقِمِ الـصَّلاةَ لِدُلُوكِ الـشَّمْسِ إِلى غَسَقَ اللَّيْلِ)، و قول أبي جعفر (عليه السلام) في صحيحـة زرارة: «إنّما فرض اللّه عزّوجلّ على الـناس من الـجمعـة إلى الـجمعـة خمساً و ثلاثين صلاة».
فا لـوجوب فعلي و الـواجب استقبا لـي، لا لأجل عدم إمكان الـواجب الـمشروط على الـطريقـة الـمشهورة، بل لأجل الـظهور في غيره، كما هو ظاهر.
و أمّا ثانياً: فلعدم كون الـمقدّمـة واجبـة با لـوجوب الـشرعي الـغيري، و قد حقّقناه في محلّه من الاُصول.
و أمّا ثا لـثاً: فلعدم كون الأمر الـغيري صا لـحاً لتصحيح الـعباديـة، كما قرّر في محلّه أيضاً.
و أمّا رابعاً: فلإمكان وجوب الـمقدّمـة قبل وجوب ذيها; لأنّ مرجع الـملازمـة الـتي يدّعيها الـقائل بوجوب الـمقدّمـة ليس إلى ثبوت وجوب شرعي غير اختياري متعلّق با لـمقدّمـة، بحيث كان الـبعث إليها معلولاً للبعث إليه، و كان الآمر مقهوراً في الـبعث إليها من دون حصول مقدّمات الـبعث، بل مرجعها إلى ثبوت وجوب اختياري، ناش من مقدّماته الـتي هي عبارة عن تصوّر الـمقدّمـة و تصوّر الـمقدّميـة و الـتصديق بها و إدراك لزوم حصولها قبله بفعل الـعبد، و إذا كان كذلك لا يبقى فرق بين الـواجب
(الصفحة 469)
ا لـمطلق و الـواجب الـمشروط بعد تحقّق شرطه، و بينه قبل تحقّقه، فإنّه للمولى أن يبعث إلى الـمقدّمـة قبل تحقّق شرط الـوجوب، لتماميـة مبادئ الـبعث إليها، خصوصاً فيما إذا رأى عجز الـمكلّف عن تحصيلها بعد تحقّق الـشرط الـمذكور، لكنّه لا ينحصر بصورة رؤيـة الـعجز، بل يعمّ غير هذه الـصورة أيضاً.
فانقدح: أنّه لا تكون الـفتاوى مستندة إلى الأمر الـعقلي الـمذكور لعدم تماميته، ولكن موردها ما إذا تيمّم قبل الـوقت للصلاة الـمشروطـة به، و بهذا يقع الإشكال في الـفرق بينه و بين الـوضوء الـتأهّبي الـتهيّوئي الـمفتى به عندهم، بناء على كون الـمراد به هو الـوضوء للصلاة قبل وقتها، لأنّ الـتهيّؤ للفريضـة عبارة اُخرى عن كونه لها، فإنّه حينئذ لا يبقى فرق بين الـوضوء و بين الـتيمّم.
نعم، لو كان الـمراد به هو الـوضوء لأجل الـكون على الـطهارة، أو قيل بأنّ نفس الـتهيّؤ للصلاة غايـة اُخرى غير كونه لها الـمساوق للغيريـة، يرتفع الإشكال.
و ربّما يقال في مقام الـفرق: بأنّ نظر الأصحاب في الإجماع على عدم صحّـة الـتيمّم قبل الـوقت ما يقابل صحّته آخر الـوقت و صحّته في الـسعـة، فإنّ عباراتهم في بيان الـحكم الـمذكور هكذا: «لا يصحّ الـتيمّم قبل الـوقت إجماعاً، و يصحّ في آخر الـوقت إجماعاً، و في صحّته في سعـة الـوقت خلاف».
فكأنّ نظرهم إلى أنّ فقدان الـماء قبل الـوقت غير مجز في صحّـة الـتيمّم و صحّـة الـصلاة به إجماعاً، و فقدانه في سعـة الـوقت محلّ الـخلاف، و فقدانه في آخر الـوقت مجز في الـصحّـة إجماعاً، فكأنّهم قصدوا الإجماع على اعتبار الـفقدان في الـوقت في مقابل الـفقدان قبله فإنّه لا يكفي في صحّـة الـتيمّم و لو قلنا بتعلّق الأمر الـغيري به لعدم الدليل على الاجتزاء بذلك، وأدلّة الـتشريع واردة في فقدان الـماء في الـوقت لاغير.
(الصفحة 470)
و يمكن الاستشكال فيه: بأنّ مقتضى إطلاق كلامهم عدم صحّـة الـتيمّم قبل الـوقت و لو مع الـعلم با لـفقدان فيه و في جميع الـوقت، بحيث كان نظرهم إلى نفس وقوعه قبل الـوقت الـذي يكون الـوجوب مشروطاً به، و عليه فلا مجال لحمل عباراتهم على الـفقدان.
نعم، يمكن أن يقال: بأنّ الـقدر الـمتيقّن من معاقد الإجماعات الـمنقولـة الـمستفيضـة صورة عدم الـعلم ببقاء الـفقدان في تمام أجزاء الـوقت، ولكن مع ذلك حمل عباراتهم على ما ذكر بلا شاهد.
و أشدّ إشكالاً ممّا ذكر: أنّ الأصحاب مع حكمهم بعدم صحّـة الـتيمّم قبل الـوقت، قد ادّعي إرسا لـهم صحّـة الـتيمّم قبل الـوقت لغايـة اُخرى حتّى الـكون على الـطهارة إرسال الـمسلّمات.
و الـوجه في الإشكال: أنّ مورد الإجماع الأوّل ـ كما عرفت ـ و إن كان هو الـتيمّم للفريضـة بحيث كانت الـفريضـة غايـة له، إلاّ أنّ الـظاهر كون الـطهارة الـمترتّبـة على الـتيمّم واسطـة، بمعنى كون الـصلاة مشروطـة با لـطهارة، و الـغايـة الأوّليـة ليست إلاّ نفس الـطهارة، و عليه فا لـتيمّم للفريضـة مرجعه إلى الـتيمّم للطهارة الـتي هي شرط الـفريضـة من دون فرق بين الـوقت و قبله.
وحينئذ كيف يجتمع الحكم بعدم الـصحّة قبل الـوقت إذا أتى به لغايـة الـفريضة، مع الـحكم با لـصحّـة قبله إذا أتى به لغايـة اُخرى، حتّى الـكون على الـطهارة، مع أنّ الـغايـة الأوّليـة الـمترتّبـة دائماً هي الـطهارة، و الـفريضـة مشروطـة بها؟!
إلاّ أن يقال با لـفرق من جهـة الـغايـة الـثانويـة، و أنّها إذا كانت الـفريضـة فيتحقّق الـبطلان في الـتيمّم قبل الـوقت، و إذا كانت غيرها، أو لم تكن هناك غايـة
|