(الصفحة 559)
وجوب الـتعفير بل و الـتعدّد، يختصّ بالإناء كما عرفت.
هذا، ولكن الـمحكيّ عن الـشيخ (قدس سره) في «ا لـخلاف» إلحاق الـخنزير با لـكلب، مستدلاًّ عليه بتسميته كلباً لغةً.
و يرد عليه: منع صدق الاسم حقيقـة، و على تقدير الـتسليم فلا ينصرف إليه الإطلاق عرفاً، و عليه فلا يجب الـتعفير في ولوغ الـخنزير.
و على تقدير الـوجوب لأجل كونه كلباً، فا لـلازم جريان حكم الـكلب عليه; و هو كون الـتعفير قبل الـغسلتين، لا قبل سبع غسلات، فا لـجمع بين الـحكم با لـتعفير، و بين لزوم الـغسلات الـسبع، لا وجه له.
و دعوى: أنّ مقتضى الـجمع بين هذه الـصحيحـة و صحيحـة الـبقباق الـمتقدّمـة الـواردة في الـكلب ـ بعد كون الـخنزير كلباً ـ هو الـحكم بلزوم الـتعفير قبل الـغسلات الـسبع.
مدفوعـة: بأنّ مقتضى الـجمع حينئذ هو جعل الـغسلـة الاُولى من الـغسلات الـسبع غسلاً با لـتراب، لا الـتعفير قبل الـغسلات الـسبع، كما لا يخفى.
فهذا الـحكم لا أرى له وجهاً أصلاً. لكن عرفت عدم صحّـة استدلال الـشيخ (قدس سره); و أنّ الـلازم في الـمقام هو الـعمل على طبق صحيحـة علي بن جعفر (عليه السلام).
نعم، حكي عن الـمحقّق في «ا لـمعتبر» حملها على الاستحباب; نظراً إلى قلّـة الـعامل بظاهرها. و مرجعه إلى إعراض الأكثر عن ظاهرها.
و لعلّ منشأ الإعراض ما عرفت من الاستبعاد، و حيث انقدح لك أنّه لا يجري مثله في الأحكام الـتعبّديـة، فلا محيص عن الأخذ بظاهر الـصحيحـة; من الـحكم بوجوب الـغسل سبع مرّات، و عدم لزوم الـتعفير.
(الصفحة 560)
نعم، الاحتياط با لـتعفير يوجب الـخروج عن الـمخا لـفـة لـ «الخلاف» فينبغي رعايته.
في الآنيـة الـتي ماتت فيها الـفأرة
ا لـثا لـث: الآنيـة الـتي ماتت فيها الـفأرة، و قد حكي عن الـشيخ (قدس سره) أنّه قال: يغسل الإناء من الـخمر سبعاً، و روي مثل ذلك في الـفأرة إذا مات في الإناء.
ولكن حيث إنّها روايـة مرسلـة مجرّدة عن الـجابر لا تصلح دليلاً على الـوجوب. نعم تحمل على الاستحباب; للتسامح في دليله.
في الآنيـة الـتي شرب فيها الـنبيذ
ا لـرابع: الآنيـة الـتي شرب فيها الـنبيذ، بل مطلق الـمسكر، و قد وردت فيه روايتان:
إحداهما: موثّقـة عمّار، عن أبي عبدا للّه (عليه السلام): عن الإناء يشرب فيه الـنبيذ.
فقال:
«تغسله سبع مرّات، و كذلك الـكلب».(1)
و ثانيتهما: موثّقته الاُخرى، عن أبي عبدا للّه (عليه السلام) قال: سأ لـته عن الـدن يكون فيه الـخمر، هل يصلح أن يكون فيه خلّ، أو ماء كامخ، أو زيتون؟
قال:
«إذا غسل فلابأس».
و عن الإبريق و غيره، يكون فيه خمر، أيصلح أن يكون فيه ماء؟
قال:
«إذا غسل فلابأس».
- (1)
وسائل الـشيعـة، أبواب الأشربـة الـمحرّمـة، الـباب 30، الـحديث 2.
(الصفحة 561)
و قال في قدح أو إناء يشرب فيه الـخمر.
قال:
«تغسله ثلاث مرّات».
سئل أيجزيه أن يصبّ فيه الـماء؟
قال:
«لا يجزيه، حتّى يدلكه بيده، و يغسله ثلاث مرّات»(1)
.
و مقتضى الـجمع هو حمل الاُولى على الاستحباب. و يؤيّده اشتما لـها على الـكلب الـذي لا يجب فيه الـسبع كما عرفت، و يؤيّده أيضاً موثّقته الـثا لـثـة(2)
ا لـمتقدّمـة الـواردة في مطلق الإناء الـقذر، الـدالّـة على وجوب الغسل ثلاث مرّات.
في الآنيـة الـتي باشرها الـكلب
ا لـخامس: الآنيـة الـتي باشرها الـكلب من دون ولوغ، و يستحبّ فيه الـغسل سبع مرّات; لموثّقـة عمّار الـمتقدّمـة آنفاً، الـمشتملـة على تشبيه الـكلب بشرب الـنبيذ، الـمحمولـة على الاستحباب; جمعاً بينها و بين الـموثّقتين الاُخريين له. و الـواجب فيه هو الـغسل ثلاثاً كما في سائر الـنجاسات.
حكم الآنيـة الـتي تنجس بسائر الـنجاسات
ا لـسادس: سائر الـنجاسات، و الـحكم فيه من جهـة الـتطهير با لـماء الـقليل، هو لزوم الـغسل ثلاثاً; لدلالـة موثّقـة عمّار الـمتقدّمـة الـواردة في مطلق الـقذر، الـدالّـة على لزوم الـغسل ثلاث مرّات.
- (1)
وسائل الـشيعـة، أبواب الـنجاسات، الـباب 51، الـحديث 1.
- (2)
وسائل الـشيعة، أبواب الـنجاسات، الـباب 53، الـحديث 1.
(الصفحة 562)
و لاينافيها إطلاقات أوامر الـغسل الـظاهرة في جواز الاكتفاء با لـمرّة; لأنّها ـ على تقدير كونها في مقام الـبيان من جهـة الـوحدة و الـتعدّد أيضاً، و عدم كونها مسوقـة لإفادة مجرّد الـنجاسـة; و لزوم الـغسل في الـجملـة ـ محمولـة على الـتعدّد; لصلاحيـة الـموثّقـة لتقييدها بعد ورودها في مطلق الإناء الـقذر، و احتمالِ كون الإناء له حكم خاصّ في الـتطهير; من جهـة كونه معدّاً للأكل و الـشرب، كما عرفت في الـولوغ، فا لـلازم فيها الـغسل ثلاث مرّات بلا إشكال.
(الصفحة 563) مسأ لـة 3: تطهير الأواني الـصغيرة و الـكبيرة، ضيقـة الـرأس و واسعته، با لـكثير و الـجاري واضح; بأن توضع فيه حتّى يستولي عليها الـماء، و لاينبغي ترك الاحتياط با لـتثليث كذلك.
و أمّا با لـقليل، فبصبّ الـماء فيها و إدارته حتّى يستوعب جميع أجزائها بالأجزاء الـذي يتحقّق به «ا لـغسل» ثمّ يراق منها، يفعل بها ثلاثاً.
و الأحوط الـفوريـة في الإدارة عقيب الـصبّ فيها، و الإفراغ عقيب الإدارة على جميع أجزائها. هذا في الأواني الـصغار و الـكبار الـتي يمكن فيها الإدارة و الإفراغ عقيبها.
و أمّا الأواني الـكبار الـمثبتـة، وا لـحياض و نحوها، فتطهيرها بإجراء الـماء عليها حتّى يستوعب جميع أجزائها، ثمّ يخرج حينئذ ماء الـغسا لـة الـمجتمع في وسطها مثلاً بنزح و غيره، من غير اعتبار الـفوريّـة الـمزبورة.
و الأحوط اعتبار تطهير آلـة الـنزح إذا اُريد عودها إليه، و لا بأس بما يتقاطر فيه حال الـنزح، و إن كان الأحوط خلافه1 .
في كيفيـة تطهير الأواني با لـماء الـقليل
(1) أمّا تطهير الأواني الـصغيرة و الـكبيرة غير الـمثبتـة با لـكثير و الـجاري، فقد عرفته سابقاً في أوّل مبحث الـمطهّرات; و أنّه يتحقّق باستيلاء الـماء عليها، و لا يحتاج إلى الـتعدّد و إن كان أحوط، فراجع.
و أمّا تطهيرهما با لـقليل، فيدلّ على كيفيته موثّقـة عمّار الـمتقدّمـة، عن أبي عبدا للّه (عليه السلام) قال: سئل عن الـكوز و الإناء يكون قذراً، كيف يغسل؟ وكم مرّة يغسل؟