(الصفحة 573)
ونحوه فيه، و هو قد زال بسبب تحقّق الـغسل.
نعم، لابدّ من الـعلم بعدم الـمنع، و أمّا مع الـشكّ فالاكتفاء به يبتني على جريان أصا لـة عدم الـمانع في مثله الـذي كان الـشكّ في مانعيـة الـموجود، لا في وجود الـمانع، و جريانها فيه غير ثابت. هذا بالإضافـة إلى الـثوب.
و أمّا با لـنسبـة إلى الأشنان الـمتنجّس با لـملاقاة، فلابد في الـحكم بطهارته من الـعلم بانغسا لـه; فإن لم تعلم إلاّ نجاسـة ظاهره فقط، فيكفي انغسال الـظاهر.
و إن علم بنفوذ الـرطوبـة الـمتنجّسـة إلى جوفه; و صيرورة باطنه نجساً أيضاً، فلابدّ في الـحكم بطهارته من الـعلم بنفوذ الـماء على إطلاقه فيه، كما ربّما يدّعى أنّه الـمتعارف، و إلاّ فتطهير باطنه غير ميسور، كما عرفت في نظائره.
و هل يكفي احتمال الانغسال في الـحكم بطهارة الأشنان; نظراً إلى أنّه ليس شيئاً مستقلاًّ في عرض الـثوب الـمتنجّس حتّى يحتاج إلى تطهير مستقلّ، بل يكفي في طهارته انغسال الـثوب، و وصول الـماء إلى جميع أجزائه; لأنّه يصير طاهراً با لـتبع أو أنّه لا يكفي بعد كونه عنواناً مستقلاًّ حصل له الـتنجّس، و يحتاج إلى الـتطهير. و الأحوط ـ لو لم يكن أظهر ـ هو الـثاني.
(الصفحة 574) مسأ لـة 8: لو أكل طعاماً نجساً، فما يبقى منه بين أسنانه باق على نجاسته، و يطهر با لـمضمضـة مع مراعاة شرائط الـتطهير.
و أمّا لو كان الـطعام طاهراً، و خرج الـدم من بين أسنانه، فإن لم يلاقِه الـدم ـ و إن لا قاه الـريق الـملاقي له ـ فهو طاهر، و إن لا قاه فالأحوط الـحكم با لـنجاسـة1 .
فيما لو أكل طعاماً نجساً
(1) أمّا طهارة ما يبقى من الـطعام الـنجس بين الأسنان بسبب الـمضمضـة; فلعدم مدخليـة كونه خارج الـفم في حصول الـطهارة له، بل هو قابل للتطهير في داخل الـفم أيضاً، فإذا تمضمض ـ بحيث وصل الـماء إلى جميع أجزاء ذلك الـطعام ـ يصير طاهراً; لتحقّق الـغسل بالإضافـة إليه، غايـة الأمر لزوم مراعاة جميع شرائط الـتطهير، حتّى الـتعدّد فيما إذا تنجّس با لـبول، كما هو ظاهر.
و أمّا لوكان الـطعام طاهراً، وخرج الـدم من أسنانه، فمع عدم الـملاقاة مع الـدم و إن لاقاه الـريق الـملاقي له فهو طاهر; لأنّ الـريق لا يتنجّس بذلك الـدم، و مع عدم الـتنجّس لايتنجّس الـطعام بوجه.
و أمّا مع الـملاقاة لنفس الـدم، ففي الـحكم بنجاسته إشكال، منشأه أنّه لم يقم دليل على كون الـنجاسات في الـباطن، منجّسـة لملاقياتها، من دون فرق بين ما إذا كان الـملاقي في الـباطن، كأجزاء الـبدن الـملاقيـة للدم الـموجود في الـباطن، و بين ما إذا كان الـملاقي أمراً خارجيّاً، غايـة الأمر حصول الـتلاقي في الـباطن.
لكن الأحوط الاجتناب; لأنّ الـقدر الـمعلوم هو الـفرض الأوّل، و أمّا الـفرض الـثاني فلا، فلو كان في أنفه نقطـة دم، لا يوجب ذلك تنجّس باطن الأنف و الـرطوبات الـموجودة فيه، و أمّا إذا أدخل إصبعه فلاقته، فإنّ الأحوط غسله و إن خرجت خا لـيـة.
(الصفحة 575)ثانيها: الأرض فإنّها تطهّر ما يماسّها من الـقدم; با لـمشي عليها، أو با لـمسح بها; بنحو يزول معه عين الـنجاسـة إن كانت، و كذا ما يوقى به الـقدم كا لـنعل.
ولو فرض زوا لـها قبل ذلك، كفى في الـتطهير حينئذ الـمماسّـة على إشكال، و الأحوط أقلّ مسمّى الـمسح أو الـمشي حينئذ. كما أنّ الأحوط قصر الـحكم با لـطهارة; على ما إذا حصلت الـنجاسـة من الـمشي على الأرض الـنجسـة.
و لا فرق في الأرض بين الـتراب و الـرمل و الـحجر، أصليّاً كان، أو مفروشـة به. و يلحق به الـمفروش بالآجر و الـجصّ على الأقوى، بخلاف الـمطلّى با لـقير و الـمفروش با لـخشب. و يعتبر جفاف الأرض و طهارتها على الأقوى1 .
ا لـثاني: في مطهّريـة الأرض
(1) يقع الـكلام في مطهّريـة الأرض في مقامات، و قبل الـتعرّض لها نقول: إنّه وقع الـتعبير با لـتراب مكان الأرض في محكي الـمقنعـة و الـتحرير و في الـشرائع تبعاً للنبويّين الآتيين، خلافاً لما وقع الـتعبير به في أكثر الـفتاوى و معقد الإجماع الـمحكىّ عن غير واحد و هو الأرض.
و الـظاهر أنّ الـغرض من الـتراب هو الأرض و الـتعبير عنها به; إمّا لشيوع هذا الـتعبير، و إمّا لكون الـمقصود بيان مطهّريـة الـتراب في الـجملـة، و إفادة الـتوسعـة بعد ذلك.
(الصفحة 576)
و كيف كان فنقول:
ا لـمقام الأوّل: في مطهّريـة الأرض في الـجملـة
و الـظاهر أنّه لاخلاف فيها عدا ما حكي عن «خلاف» الـشيخ (قدس سره) ممّا يظهر منه الـمخا لـفـة، حيث قال: إذا أصاب أسفل الـخفّ نجاسـة، فدلكه في الأرض حتّى زا لـت، تجوز الـصلاة فيه عندنا.
ثمّ قال: دليلنا أنّا بيّنا فيما تقدّم: أنّ ما لا تتمّ الـصلاة فيه بانفراده، جازت الـصّلاة فيه و إن كانت فيه نجاسـة، و الـخفّ لا تتمّ الـصلاة فيه بانفراده، و عليه إجماع الـفرقـة.
فإنّ ظاهره عدم ارتفاع نجاسـة الـخفّ با لـدلك في الأرض، ولكنّها معفوّ عنها; لأجل كون الـخفّ ممّا لا تتمّ الـصلاة فيه وحده.
ولكن قد تصدّى لتأويله كلّ من تعرّض لنقل كلامه، حتّى أنّ الـوحيد الـبهبهاني (قدس سره)في «حاشيـة الـمدارك» قال: الـظاهر أنّ استدلاله فيه غفلـة منه.
و يؤيّده: أنّه لو كان جواز الـصلاة في الـخفّ الـذي أصابته الـنجاسـة، مستنداً إلى كونه ممّا لا يتمّ، لما كان وجه لأخذ الـقيود الـمأخوذة فيه; من إصابـة الـنجاسـة أسفل الـخفّ، و من زوا لـها، و من كون الـزوال بسبب الـدلك في الأرض، فإنّ هذه الـقيود لادخا لـة لها في الـعفو عمّا لا تتمّ كما هو ظاهر.
مع أنّ مخا لـفته في الـخفّ، لا تقدح فيما نحن بصدده; من مطهّريـة الأرض في الـجملـة و لو بالإضافـة إلى الـرجل و الـقدم، كما لا يخفى.
و يدلّ على الـمطهّريـة الـنصوص الـكثيرة الـواردة في الـمقام، الـتي سنتعرّض لها في الـمقامات الآتيـة، فا لـحكم في هذا الـمقام واضح لا ريب فيه.
(الصفحة 577)
ا لـمقام الـثاني: في الاُمور الـتي يتحقّق لها الـطهارة بسبب الأرض
و قد اختلف ظاهر الـعبارات في بيان هذه الاُمور، ولكنّ الـظاهر أنّه لا اختلاف واقعاً، بل ذكر بعض الاُمور دون بعض قد جرى مجرى الـتمثيل، و يؤيّده ما عن «جامع الـمقاصد» من دعوى الإجماع على باطن الـخفّ، و أسفل الـقدم وا لـنعل، مع إضافـة: «كلّ ما يتنعّل به عادة، كا لـقبقاب و نحوه».
ولكن مع ذلك لابدّ في الـتوسعـة و الـتضييق، من ملاحظـة الـنصوص الـواردة في الـمقام، فنقول:
منها: صحيحـة زرارة بن أعين قال: قلت لأبي جعفر (عليه السلام): رجل وطأ على عَذِرة، فساخت رجله فيها، أينقض ذلك وضوئه، و هل يجب عليه غسلها؟
فقال:
«لا يغسلها إلاّ أن يقذّرها، ولكنّه يمسحها حتّى يذهب أثرها و يصلّي»(1)
.
و ظاهرها إرادة الـرجل الـظاهرة في نفس الـبشرة، كما أنّ ظاهر قوله:
«يمسحها» هو الاختصاص بأسفل الـرجل الـزائل أثره با لـمسح; لعدم معهوديـة الـمسح في أعلاه الـذي هو ظاهره، و عدم الـتعرّض في الـجواب لانتقاض الـوضوء بسببه، يكشف عن عدم الانتقاض.
و با لـجملـة: فا لـروايـة تامّـة سنداً و دلالـة، ولكن موردها باطن الـرجل.
و منها: صحيحـة الـمعلّى بن خنيس، أو حسنته قال: سأ لـت أباعبدا للّه (عليه السلام) عن الـخنزير يخرج من الـماء، فيمرّ على الـطريق، فيسيل منه الـماء، أمرّ عليه حافياً؟
فقال:
«أ لـيس ورائه شيء جافّ؟»
- (1)
وسائل الـشيعـة، أبواب الـنجاسات، الـباب 32، الـحديث 7.