(الصفحة 641)
ا لـتفصيل، بل نسب الـغفلـة إلى أساطين الـعلم و الـفقه.
و تقدّم منّا: أنّه مضافاً إلى ظهور كلام ابن حمزة في «ا لـوسيلـة» في كون الـتفصيل الـذي اختاره إنّما يكون مورده غير الـمسكر، بل كلامه صريح في ذلك فراجع، أنّ الإعضالات الأربعـة ـ الـتي ذكر في كلامه: أنّها لا تنحلّ إلاّ بالالتزام بمسكريـة الـعصير الـمغلّي بنفسه ـ كلّها مندفعـة، و أنّه لا دليل على كون الـعصير الـمغلّى بنفسه متّصفاً بالإسكار لا محا لـة.
و كيف كان: فإن اُحرز فيه الإسكار فهو نجس، و لايطهر با لـتثليث; لعدم دلالـة دليل على كون الـتثليث مطهّراً له أيضاً، بل لابدّ من استحا لـته و انقلابه خلاًّ; حتّى يطهر بالاستحا لـة الـموجبـة لتغيّر الـموضوع، و تبدّل الـعنوان.
ولو شكّ في حصول الإسكار له، فمقتضى قاعدة الـطهارة الـحكم بطهارته، كما هو ظاهر.
(الصفحة 642)سادسها: الانتقال، فإنّه موجب لطهارة الـمنتقل، إذا اُضيف إلى الـمنتقل إليه، و عدّ جزء منه، كانتقال دم ذي الـنفس إلى غير ذي الـنفس. و كذا لو كان الـمنتقل غير الـدم، و الـمنتقل إليه غير الـحيوان من الـنبات و غيره.
ولو علم عدم الإضافـة، أو شكّ فيها من حيث عدم الاستقرار في بطن الـحيوان مثلاً على وجه يستند إليه ـ كا لـدم الـذي يمصّه الـعلق ـ بقي على الـنجاسـة1 .
ا لـسادس: في مطهّريـة الانتقال
(1) لا إشكال في أنّ دم ذي الـنفس الـذي يكون محكوماً با لـنجاسـة، إذا انتقل إلى حيوان غير ذي الـنفس; بحيث عدّ جزء منه، و مضافاً إليه فقط، و انقطعت إضافته الأوّليـة، يصير طاهراً، لا لأجل الاستحا لـة; لما عرفت: من أنّ معناها تبدّل الـحقيقـة و تغاير الـماهيـة الـنوعيـة، و هو غير متحقّق في الـمقام; لعدم تبدّل الـحقيقـة الـدمويـة إلى حقيقـة اُخرى مغايرة، بل غايـة الأمر تبدّل الإضافـة و تغيّر الانتساب و الـجزئيـة.
بل لأجل كون نفس هذا الـتبدّل، موجباً للاتّصاف با لـجزئيـة للمنتقل إليه، و الـمفروض أنّ مقتضى الـدليل طهارة دمه; لكونه غير ذي الـنفس، فدم الإنسان إذا انتقل إلى بقّ أو قمل أو سمك فرضاً; بحيث صار جزء من أحد هذه الـحيوانات، و منقطعاً عنه الإضافـة الأوّليه، يكون طاهراً لذلك.
و ممّا ذكرنا يظهر: أنّ ما هو الـمعمول في هذه الأزمنـة; من تزريق دم الإنسان إلى إنسان آخر قليل الـدم بعنوان الـعلاج، يؤثّر في صيرورته طاهراً، بعد اتّصافه بكونه من الـبواطن للمنتقل إليه، على تقدير كون الـدم في الـباطن طاهراً; فإنّ الـدم بعد الـخروج
(الصفحة 643)
من الـمنتقل عنه و إن اتّصف با لـنجاسـة، إلاّ أنّه بعد انقطاع الإضافـة الأوّليـة و صيرورته با لـتزريق من الـبواطن للإنسان الـمنتقل إليه يصير طاهراً; للإضافـة الـثانويـة، و كونه معدوداً من الـباطن با لـنسبـة إليه، فهذا الـقسم لا إشكال فيه.
كما أنّه لا إشكال في عدم حصول الـطهارة، و في الـبقاء على الـنجاسـة; فيما لو لم تنقطع الإضافة الأوّلية بوجه، بل كان هو الـمضاف إليه فقط، كا لـدم الـذي يمصّه العلق من الإنسان، فإنّه لايكون مضافاً إلاّ إلى الإنسان، وتبدّل ظرفه ومكانه لايوجب الطهارة، كما إذا وقع دم الإنسان في إناء مثلاً، ففي هذه الصورة يكون الـدم باقياً على الـنجاسة.
إنّما الإشكال فيما لو شكّ في بقاء الإضافـة الأوّليـة و انقطاعها، و ثبوت الإضافـة الـثانويـة، كما إذا لم يستقرّ في بطن الـحيوان مثلاً، على وجه يستند إليه، و الـظاهر أنّه لا مانع من جريان استصحاب الإضافـة الأوّليـة، و الـحكم ببقائها، و ترتّب الـنجاسـة عليه; لإنّ الاتّصاف و الإضافـة الـذي كان هو الـمناط في الـحكم با لـنجاسـة، كان متيقّناً سابقاً، و الآن مشكوك الـبقاء، فيحكم به للاستصحاب.
ثمّ إنّه ربّما يفرض الانتقال; بنحو يصحّ أن يضاف إلى كلّ من المنتقل إليه، والمنتقل عنه حقيقـة; لجواز اجتماع الإضافات الـمتعدّدة كذلك، لعدم الـتنافي، و لأنّ الإضافـة خفيفـة الـمؤونـة، و في هذا الـفرض لابدّ من ملاحظـة الـدليل على الـنجاسـة:
فإن كان الـدليل عليها في كلّ منهما، دليلاً لبّياً من إجماع أو سيرة، فمقتضى الأخذ با لـقدر الـمتيقّن، عدم شمول شيء منهما لمورد الاجتماع، فا لـلازم الـرجوع إلى الأصل الـعملي; و هو استصحاب بقاء الـنجاسـة.
و إن كان الـدليل عليها في واحد لفظياً، و في الآخر لبّياً، فا لـلازم الأخذ بمقتضى الـدليل اللفظي الـشامل لمورد الاجتماع، و ترك الآخر; لعدم الـشمول له.
(الصفحة 644)
و إن كان الـدليل عليها في كلّ منهما لفظياً: فإن كان أحدهما بالإطلاق، و الآخر با لـعموم فا لـدليل الـعام مقدّم على الـمطلق; لتقدّم الـدلالـة الـوضعيـة على الإطلاق.
و إن كان كلّ منهما بالإطلاق أو با لـعموم، فيجري فيه حكم تعارض الإطلاقين أو الـعامّين.
ثمّ إنّه لافرق في مطهّريـة الانتقال بين الـدم و بين غيره من الـنجاسات أو الـمتنجّسات. كما أنّه لافرق في الـمنتقل إليه بين أن يكون حيواناً أو غيره من الـنبات أو غيره، فإذا شرب الـحيوان الـطاهر الـبولَ، أو الـماءَ الـمتنجّس و صار جزء منه، يصير طاهراً، كما أنّه إذا سقى الـشجر با لـماء الـمتنجّس، يصير الـماء طاهراً بعد صيرورته جزء منه، كما هو ظاهر.
(الصفحة 645)سابعها: الإسلام، فإنّه مطهّر للكافر بجميع أقسامه، حتّى الـرجل الـمرتدّ عن فطرة إذا تاب، فضلاً عن الـمرئـة. و يتبع الـكافرَ فضلاتُه الـمتّصلـة به; من شعره، و ظفره، و بصاقه، و نخامته، و قيحه، و نحو ذلك1 .
ا لـسابع: في مطهّريـة الإسلام
(1) كون الإسلام مطهّراً للكافر; إنّما هو لأنّه بالإسلام يتبدّل عنوان الـكافر و يتغيّر موضوعه، فلا يبقى وجه لبقاء الـنجاسـة الـتي يكون موضوعها الـكافر نظير الاستحا لـة الـمتقدّمـة الـموجبـة لتغيّر عنوان الـنجس، و تبدّله إلى عنوان طاهر أو مشكوك الـطهارة، كما عرفت. مع دعوى الإجماع عليه كما عن «ا لـمنتهى» و «ا لـذكرى» و غيرهما، بل عن «ا لـمستند» دعوى الـضرورة.
فلا إشكال في أصل الـحكم، إنّما الـكلام في أمرين:
الأوّل: أنّه يستفاد من الـمتن، أنّ الـمرتدّ الـفطري إذا تاب، تكون توبته مقبولـة ظاهراً و باطناً و لو كان رجلاً، و لأجله يحكم عليه با لـطهارة، و هو أحد الأقوال الـثلاثـة في الـمسأ لـة، الـذي ذهب إليه جماعـة من الـمحقّقين.
و الـقولان الآخران: عبارة عن الـقول الـمشهور الـذي هو مقابل هذا الـقول، و هو عدم قبول توبته و إسلامه أصلاً; و أنّه مخلّد في الـنار كبقيـة الـكفّار.
و الـقول الـثا لـث: الـذي مرجعه إلى الـتفصيل و الالتزام بقبول توبته و إسلامه واقعاً; و فيما بينه و بين اللّه سبحانه، و عدم قبولها ظاهراً، فيحكم بكفره و نجاسته و سائر الآثار الـمترتّبـة على الـكفّار.
و من الـقائلين بما في الـمتن من يقول ـ مضافاً إلى قبول توبته و إسلامه ـ بأنّه لا يترتّب عليه بعدها شيء من الأحكام الـثلاثـة الـمترتّبـة على المرتدّ: من وجوب قتله
|