(الصفحة 86)
للكراهـة أمران على نحو الاستقلال: الـوضوء، و إرادة الـعود، و عليه فا لـذيل تفسير لما يفهم من ظاهر الـصدر، من اختصاص الـرافع با لـوضوء؟
أو أنّ الـمراد به هو الـنوم مع الـجنابـة مع الـوضوء، و غرضه (عليه السلام) أنّ عدم رعايـة ما هو أفضل من الـوضوء ـ و هو الـغسل كما دلّ عليه بعض الـروايات الـمتقدّمـة ـ إنّما هو لإرادة الـعود، فلا دلالـة له حينئذ على أنّ إرادة الـعود تكون كا لـوضوء رافعـة للكراهـة؟
وجهان: و يظهر من «ا لـوسائل» الأوّل، كما يعلم من عنوان الـباب، ولكنّ الـظاهر هو الـثاني، مع أنّ الـروايـة مرسلـة با لـنحو الـذي لايجوز الاعتماد عليها، فلا وجه للاستناد إليها في مقابل الـروايات الاُخرى، الـظاهرة في اختصاص الـرافع با لـوضوء، أو مثله، فتدبّر.
ا لـسادس: الـخضاب، أو إجناب الـمختضب نفسه قبل أن يأخذ اللون، كما هو الـمشهور، و عن «ا لـمهذب» الـتحريم.
و يدلّ على الـكراهـة أنّها ممّا يقتضيه الـجمع بين الـروايات الـمختلفـة، الـتي طائفـة منها ظاهرة في الـتحريم، و طائفـة اُخرى مصرّحـة با لـجواز، و إن كان في بعضها إشعار با لـجمع أيضاً.
أمّا ما يدلّ على الـتحريم فكروايـة عامر بن جذاعـة، عن أبي عبدا للّه (عليه السلام) قال: سمعته يقول:
«لاتختضب الـحائض، و لا الـجنب، و لا تجنب و عليها خضاب، و لايجنب هو و عليه خضاب، و لايختضب و هو جنب».(1)
و ما عن جعفر بن محمّد (عليهما السلام) قال:
«لاتختضب و أنت جنب، و لا تجنب و أنت
- (1)
وسائل الـشيعـة، أبواب الـجنابـة، الـباب 22، الـحديث 9.
(الصفحة 87)
مختضب، و لا الـطامث، فإنّ الـشيطان يحضرها عند ذلك، و لا بأس به للنفساء».(1)
و روايـة أبي سعيد قال: قلت لأبي إبراهيم (عليه السلام): أيختضب الـرجل و هو جنب؟
قال:
«لا».
قلت: فيجنب و هو مختضب؟
قال:
«لا».
ثمّ مكث قليلاً، ثمّ قال:
«يا أباسعيد، ألا أدلّك على شيء تفعله».
قلت: بلى.
قال:
«إذا اختضبت با لـحناء، و أخذ الـحنّاء مأخذه و بلغ، فحينئذ فجامع».(2)
و روايـة كردين الـمسمعي قال: سمعت أباعبدا للّه (عليه السلام) يقول:
«لايختضب الـرجل و هو جنب، و لايغتسل و هو مختضب».(3)
و أمّا ما يدلّ على الـجواز، فكروايـة أبي جميلـة، عن أبي ا لـحسن الأوّل (عليه السلام) قال:
«لا بأس بأن يختضب الـجنب، و يجنب الـمختضب، و يطلي با لـنورة».(4)
و روايـة الـسكوني، عن أبي عبدا للّه (عليه السلام) قال:
«لابأس أن يختضب الـرجل، ويجنب و هو مختضب».(5)
هكذا نقل في «ا لـوسائل»، و أظنّ أنّه قد حذف منها: «و يجنب» أيضاً، و لعلّ الـكاتب توهّم الـتكرار و الـغلط، فأسقطه، مع أنّه توهّم باطل.
- (1)
وسائل الـشيعـة، أبواب الـجنابـة، الـباب 22، الـحديث 11.
- (2)
وسائل الـشيعـة، أبواب الـجنابـة، الـباب 22، الـحديث 4.
- (3)
وسائل الـشيعـة، أبواب الـجنابـة، الـباب 22، الـحديث 5.
- (4)
وسائل الـشيعـة، أبواب الـجنابـة، الـباب 22، الـحديث 1.
- (5)
وسائل الـشيعـة، أبواب الـجنابـة، الـباب 22، الـحديث 3.
(الصفحة 88)
و روايـة سماعـة قال: سأ لـت الـعبد الـصا لـح (عليه السلام) عن الـجنب و الـحائض يختضبان؟
قال:
«لابأس».(1)
و أمّا ما هو شاهد للجمع، فهي روايـة جعفر بن محمّد بن يونس، أنّ أباه كتب إلى أبي ا لـحسن الأوّل (عليه السلام)، يسأ لـه عن الـجنب يختضب أو يجنب و هو مختضب.
فكتب:
«لا اُحبّ له ذلك».(2)
و ما نقل من كتاب «ا للباس» للعيّاشي، عن علي بن موسى (عليهما السلام) قال:
«يكره أن يختضب الـرجل و هو جنب».
و قال:
«من اختضب و هو جنب، أو أجنب في خضابه، لم يؤمن عليه أن يصيبه الـشيطان بسوء».(3)
ثمّ إنّ مقتضى خبر أبي سعيد ارتفاع الـكراهـة بعد أخذ الـحناء مأخذه و بلوغه، و تدلّ عليه أيضاً مرسلـة الـكليني، قال: و روي أيضاً
«أنّ الـمختضب لايجنب حتّى يأخذ الـخضاب، فأمّا في أوّل الـخضاب فلا».(4)
ا لـسابع: الـجماع إذا كان جنباً بالاحتلام، و يدلّ عليه الـمرويّ عن «مجا لـس» الـصدوق و «خصا لـه»: و كره أن يغشي الـرجل الـمرأة و قد احتلم، حتّى يغتسل من احتلامه الـذي رأى، فإن فعل و خرج الـولد مجنوناً، فلا يلومنّ إلاّ نفسه.
الثامن: حمل المصحف، وكذا تعليقه، وقد تقدّم الـكلام فيه في الأمر الرابع، فراجع.
- (1)
وسائل الـشيعـة، أبواب الـجنابـة، الـباب 22، الـحديث 6.
- (2)
وسائل الـشيعـة، أبواب الـجنابـة، الـباب 22، الـحديث 8.
- (3)
وسائل الـشيعـة، أبواب الـجنابـة، الـباب 22، الـحديث 10.
- (4)
وسائل الـشيعـة، أبواب الـجنابـة، الـباب 22، الـحديث 2.
(الصفحة 89)
ا لـقول في واجبات الـغسل
مسأ لـة 1: واجبات الـغسل اُمور:
الأوّل: الـنيّـة.
و يعتبر فيها الإخلاص، و لابدّ من استدامتها ولو ارتكازاً1 .
الأوّل: الـنـيّـة
(1) قد تقدّم الـكلام في تحقيق ماهيـة الـنيّـة و اعتبار الإخلاص فيها و الـمراد من الإخلاص و لزوم استدامتها ولو ارتكازاً في مبحث نيّـة الـوضوء، بما لعلّه لا مزيد عليه، و لاحاجـة إلى الإطا لـة بالإعادة; لعدم ترتّب فائدة زائدة، و إن كان الـتكرار في نفسه لايخلو من الـفائدة، كما لايخفى على اُولي الـنهى و الـدرايـة.
(الصفحة 90)
مسأ لـة 2: لو دخل الـحمّام بنيّـة الـغسل، فإن بقي في نفسه الـداعي الأوّل، و كان غمسه و اغتسا لـه بذلك الـداعي، بحيث لو سئل عنه حين غمسه ما تفعل؟ يقول: أغتسل، فغسله صحيح، و قد وقع غسله مع الـنيّـة.
و أمّا إذا كان غافلاً با لـمرّة، بحيث لو قيل له: ما تفعل؟ بقى متحيّراً، بطل غسله، بل لم يقع منه أصلاً.
مسأ لـة 3: لو ذهب إلى الـحمّام ليغتسل، و بعد ما خرج شكّ في أنّه اغتسل أم لا، بنى على الـعدم، و أمّا لو علم أنّه اغتسل ولكن شكّ في أنّه على الـوجه الـصحيح أم لا، بنى على الـصحّـة1 .
(1) قد تقدّم الـبحث في هذه الـمسأ لـة أيضاً في الـمسأ لـة الـثامنـة عشر من مسائل شرائط الوضوء، وملخّصه أنّه لايعتبر في الـنيّة الـتلفّظ، و لا الإخطار في القلب تفصيلاً، بل يكفي فيها الإرادة الإجما لـية الارتكازيـة في الـنفس، الـمسمّاة با لداعي.
و مرجعها إلى أنّه لو سئل عن شغله، يقول: أتوضّأ، أو أغتسل مثلاً، و لابدّ من ملازمـة هذا الـداعي للعمل إلى حصول الـفراغ منه، و لايكفي مجرّد ثبوته قبله، أو حين الـشروع فيه، ثمّ ذهابه و ارتفاعه.
و عليه ففي الـمقام لايكفي مجرّد الـدخول في الـحمّام بنيّـة الاغتسال، بل يلزم وجود هذا الـداعي حين الـشروع إلى حصول الـفراغ، بحيث لو سئل عنه ما دام مشتغلاً أنّه ما تفعل؟ لم يبق متحيّراً في الـجواب، و لم يقل: إنّي لا أعلم ما أفعل، بل يقول بلافصل: إنّي أغتسل، و إن كان لايكون له توجّه و الـتفات تفصيلي إلى عمله، مادام لم يتحقّق الـسؤال منه، بل كان الـذهن متوجّهاً إلى مطا لـب اُخر، إلاّ أنّه با لـسؤال و مثله يتوجّه إلى عنوان عمله، و لايكون متحيّراً. أمّا مع الـتحيّر فلا خفاء في بطلان غسله، بل عدم وقوعه منه أصلاً، كما لايخفى.