(الصفحة 88)
و روايـة سماعـة قال: سأ لـت الـعبد الـصا لـح (عليه السلام) عن الـجنب و الـحائض يختضبان؟
قال:
«لابأس».(1)
و أمّا ما هو شاهد للجمع، فهي روايـة جعفر بن محمّد بن يونس، أنّ أباه كتب إلى أبي ا لـحسن الأوّل (عليه السلام)، يسأ لـه عن الـجنب يختضب أو يجنب و هو مختضب.
فكتب:
«لا اُحبّ له ذلك».(2)
و ما نقل من كتاب «ا للباس» للعيّاشي، عن علي بن موسى (عليهما السلام) قال:
«يكره أن يختضب الـرجل و هو جنب».
و قال:
«من اختضب و هو جنب، أو أجنب في خضابه، لم يؤمن عليه أن يصيبه الـشيطان بسوء».(3)
ثمّ إنّ مقتضى خبر أبي سعيد ارتفاع الـكراهـة بعد أخذ الـحناء مأخذه و بلوغه، و تدلّ عليه أيضاً مرسلـة الـكليني، قال: و روي أيضاً
«أنّ الـمختضب لايجنب حتّى يأخذ الـخضاب، فأمّا في أوّل الـخضاب فلا».(4)
ا لـسابع: الـجماع إذا كان جنباً بالاحتلام، و يدلّ عليه الـمرويّ عن «مجا لـس» الـصدوق و «خصا لـه»: و كره أن يغشي الـرجل الـمرأة و قد احتلم، حتّى يغتسل من احتلامه الـذي رأى، فإن فعل و خرج الـولد مجنوناً، فلا يلومنّ إلاّ نفسه.
الثامن: حمل المصحف، وكذا تعليقه، وقد تقدّم الـكلام فيه في الأمر الرابع، فراجع.
- (1)
وسائل الـشيعـة، أبواب الـجنابـة، الـباب 22، الـحديث 6.
- (2)
وسائل الـشيعـة، أبواب الـجنابـة، الـباب 22، الـحديث 8.
- (3)
وسائل الـشيعـة، أبواب الـجنابـة، الـباب 22، الـحديث 10.
- (4)
وسائل الـشيعـة، أبواب الـجنابـة، الـباب 22، الـحديث 2.
(الصفحة 89)
ا لـقول في واجبات الـغسل
مسأ لـة 1: واجبات الـغسل اُمور:
الأوّل: الـنيّـة.
و يعتبر فيها الإخلاص، و لابدّ من استدامتها ولو ارتكازاً1 .
الأوّل: الـنـيّـة
(1) قد تقدّم الـكلام في تحقيق ماهيـة الـنيّـة و اعتبار الإخلاص فيها و الـمراد من الإخلاص و لزوم استدامتها ولو ارتكازاً في مبحث نيّـة الـوضوء، بما لعلّه لا مزيد عليه، و لاحاجـة إلى الإطا لـة بالإعادة; لعدم ترتّب فائدة زائدة، و إن كان الـتكرار في نفسه لايخلو من الـفائدة، كما لايخفى على اُولي الـنهى و الـدرايـة.
(الصفحة 90)
مسأ لـة 2: لو دخل الـحمّام بنيّـة الـغسل، فإن بقي في نفسه الـداعي الأوّل، و كان غمسه و اغتسا لـه بذلك الـداعي، بحيث لو سئل عنه حين غمسه ما تفعل؟ يقول: أغتسل، فغسله صحيح، و قد وقع غسله مع الـنيّـة.
و أمّا إذا كان غافلاً با لـمرّة، بحيث لو قيل له: ما تفعل؟ بقى متحيّراً، بطل غسله، بل لم يقع منه أصلاً.
مسأ لـة 3: لو ذهب إلى الـحمّام ليغتسل، و بعد ما خرج شكّ في أنّه اغتسل أم لا، بنى على الـعدم، و أمّا لو علم أنّه اغتسل ولكن شكّ في أنّه على الـوجه الـصحيح أم لا، بنى على الـصحّـة1 .
(1) قد تقدّم الـبحث في هذه الـمسأ لـة أيضاً في الـمسأ لـة الـثامنـة عشر من مسائل شرائط الوضوء، وملخّصه أنّه لايعتبر في الـنيّة الـتلفّظ، و لا الإخطار في القلب تفصيلاً، بل يكفي فيها الإرادة الإجما لـية الارتكازيـة في الـنفس، الـمسمّاة با لداعي.
و مرجعها إلى أنّه لو سئل عن شغله، يقول: أتوضّأ، أو أغتسل مثلاً، و لابدّ من ملازمـة هذا الـداعي للعمل إلى حصول الـفراغ منه، و لايكفي مجرّد ثبوته قبله، أو حين الـشروع فيه، ثمّ ذهابه و ارتفاعه.
و عليه ففي الـمقام لايكفي مجرّد الـدخول في الـحمّام بنيّـة الاغتسال، بل يلزم وجود هذا الـداعي حين الـشروع إلى حصول الـفراغ، بحيث لو سئل عنه ما دام مشتغلاً أنّه ما تفعل؟ لم يبق متحيّراً في الـجواب، و لم يقل: إنّي لا أعلم ما أفعل، بل يقول بلافصل: إنّي أغتسل، و إن كان لايكون له توجّه و الـتفات تفصيلي إلى عمله، مادام لم يتحقّق الـسؤال منه، بل كان الـذهن متوجّهاً إلى مطا لـب اُخر، إلاّ أنّه با لـسؤال و مثله يتوجّه إلى عنوان عمله، و لايكون متحيّراً. أمّا مع الـتحيّر فلا خفاء في بطلان غسله، بل عدم وقوعه منه أصلاً، كما لايخفى.
(الصفحة 91)
ا لـثاني: غسل ظاهر الـبشرة
فلا يجزي غيرها، فيجب عليه حينئذ رفع الـحاجب، و تخليل ما لايصل الـماء إليه إلاّ بتخليله.
و لايجب غسل باطن الـعين، و الأنف، و الاُذن، و غيرها حتّى الـثقبـة الـتي في الاُذن، و الأنف، للقرط أو الـحلقـة، إلاّ إذا كانت واسعـة بحيث تعدّ من الـظاهر، و الأحوط غسل ما شكّ في أنّه من الـظاهر أو الـباطن1 .
أمّا الـبناء على الـعدم مع الـشكّ في أصل الـغسل; فلأنّه لادليل على الـبناء على الـوجود مع الـشكّ فيه، بل الـدليل ـ و هو الاستصحاب ـ على خلافه.
و أمّا الـبناء على الـصحّـة مع إحراز الـوجود، و الـشكّ فيها، فلقاعدة الـفراغ.
ا لـثاني: غسل ظاهر الـبشرة
(1) أمّا وجوب غسل ظاهر الـبشرة و استيعابه، فا لـظاهر أنّه لاخلاف فيه، بل في «ا لـجواهر» دعوى الإجماع عليه تحصيلاً و نقلاً مستفيضاً، كاد يكون متواتراً، و يدلّ عليه الـروايات الـكثيرة الـظاهرة، بل الـصريحـة في ذلك، كصحيحـة زرارة قال: سأ لـت أباعبدا للّه (عليه السلام) عن غسل الـجنابـة.
فقال:
«تبدأ فتغسل كفّيك، ثمّ تفرغ بيمينك على شما لـك، فتغسل فرجك و مرافقك، ثمّ تمضمض و استنشق، ثمّ تغسل جسدك من لدن قرنك إلى قدميك، ليس قبله و لا بعده وضوء، و كلّ شيء أمسسته الـماء فقد أنقيته، ولو أنّ رجلاً جنباً ارتمس في الـماء ارتماسـة واحدة أجزأه ذلك، و إن لم يدلك جسده».(1)
- (1)
وسائل الـشيعـة، أبواب الـجنابـة، الـباب 26، الـحديث 5.
(الصفحة 92)
فإنّ إيجاب غسل الـجسد من لدن قرنه إلى قدميه، ظاهر عرفاً في لزوم غسل الـبشرة، لا ما أحاط بها من الـشعر أوّلاً، و لزوم الـتماميـة و الاستيعاب ثانياً.
و الاكتفاء با لـمسح على الـشعر في الـرأس في باب الـوضوء، إنّما هو لأنّه لايتبادر من الـمسح على ما عليه الـشعر نوعاً إلاّ مسح الـشعر الـذي عليه، و هذا بخلاف الـغسل، خصوصاً مع تعليقه با لـجسد الـظاهر في الـبشرة.
و مثلها صحيحـة أحمد بن محمّد بن أبي نصر الـبزنطي قال: سأ لـت أباا لـحسن الـرضا (عليه السلام) عن غسل الـجنابـة.
فقال:
«تغسل يدك الـيمنى من الـمرفقين (ا لـمرفق خ ل) إلى أصابعك، و تبول إن قدرت على الـبول، ثمّ تدخل يدك في الإناء، ثمّ اغسل ما أصابك منه، ثمّ أفض على رأسك و جسدك، و لا وضوء فيه».(1)
و قد وقع مثل هذه الـعبارة في روايـة حكم بن حكيم.(2)
و في موثّقـة سماعـة:
«ثمّ يفيض الـماء على جسده كلّه».(3)
و في صحيحـة محمّد بن مسلم، عن أحدهما (عليهما السلام) بعد الأمر با لـصبّ على الـرأس ثلاثاً، و على سائر الـجسد مرّتين:
«فما جرى عليه الـماء فقد طهر».(4)
و في حسنـة زرارة أو صحيحته:
«فما جرى عليه الـماء فقد أجزئه»(5) و غير ذلك من
- (1)
وسائل الـشيعـة، أبواب الـجنابـة، الـباب 26، الـحديث 6.
- (2)
وسائل الـشيعـة، أبواب الـجنابـة، الـباب 26، الـحديث 7.
- (3)
وسائل الـشيعـة، أبواب الـجنابـة، الـباب 26، الـحديث 8.
- (4)
وسائل الـشيعـة، أبواب الـجنابـة، الـباب 26، الـحديث 1.
- (5)
وسائل الـشيعـة، أبواب الـجنابـة، الـباب 26، الـحديث 2.