(الصفحة 14)
الخمس من خمسة أشياء : من الغنائم، والغوص، ومن الكنوز، ومن المعادن، والملاحة ، الحديث(1) . أورده صاحب الوسائل في باب واحد مرّتين من دون أن يكون هناك تعدّد في البين . ومرفوعة أحمد بن محمّد المرسلة أيضاً قال : الخمس من خمسة أشياء: من الكنوز والمعادن والغوص والمغنم الذي يُقاتل عليه، ولم يحفظ الخامس ، الحديث(2) . وغير ذلك من الروايات الواردة في هذا المجال التي لابدّ من حمل الغنيمة فيها على غنيمة دار الحرب، كما وقع التصريح به في الرواية الأخيرة بخلاف الآية الشريفة .
وبالجملة : الأمر دائر بالإضافة إلى الآية بين أمرين :
أحدهما : الالتزام بالدلالة على الحصر ولو بقرينة صحيحة عبد الله بن سنان، ودعوى عموم الغنيمة لكلّ ما يتعلّق به الخمس ولو في الحلال المختلط بالحرام، والأرض التي يشتريها الذمّي من المسلم ولو بالنحو الذي نفينا البُعد عنه ، وقد مرّ أنّ كلام الإمام(عليه السلام) بمنزلة القرينة الصارفة .
ثانيهما : الالتزام بعدم دلالة الآية على الحصر وثبوت الخمس في غير الغنائم بالسنّة بحيث كان وجوب الخمس بالإضافة إلى متعلّقي الخمس مختلفاً ، ففي بعض الموارد ثبت بالكتاب، وفي البعض الآخر بالسنّة ، والظاهر أنّ الالتزام بالثاني مشكل، خصوصاً مع ملاحظة صحيحة عبدالله بن سنان المتقدّمة ، ومع ما ذكرنا آنفاً من أنّ دلالة الرواية النبويّة على ثبوت الخمس في الركاز دليل على عدم اختصاص «ما غنمتم» بخصوص غنائم دار الحرب.
- (1) الكافي 1 : 539 ح4 ، التهذيب 4: 128 ح366، الاستبصار 2: 56 ح185، الوسائل 9 : 487 ، أبواب ما يجب فيه الخمس ب2 ح4 وص488 ح9 .
- (2) التهذيب 4 : 126 ح364 ، الوسائل 9 : 489 ، أبواب ما يجب فيه الخمس ب2 ح11 .
(الصفحة 15)
فالإنصاف أنّ الترجيح مع الثاني، وإن كان في تقريرات بعض الأعاظم(1) من المعاصرين (قدس سرهم) أنّ الغنيمة على فرض العموم أيضاً لا تشمل ذينك القسمين; أعني الحلال المختلط، والأرض المذكورة، فتدبّر جيّداً ، نظراً إلى أنّ انطباق القوانين وصدق الغنيمة عليهما إنّما هو من دون ملاحظة الحليّة والحرمة ومن دون الخمس .
- (1) كتاب الخمس ، تقرير أبحاث السيّد محمّد المحقّق الداماد : 15 .
(الصفحة 16)
(الصفحة 17)القول فيما يجب فيه الخمس
يجب الخمس في سبعة أشياء:
الأوّل [: الغنائم]
[وهي] ما يغتنم قهراً بل سرقة وغيلة ـ إذا كانتا في الحرب ومن شؤونه ـ من أهل الحرب الذين يستحلّ دماؤهم وأموالهم وسبي نسائهم وأطفالهم إذا كان الغزو معهم بإذن الإمام (عليه السلام); من غير فرق بين ما حواه العسكر وما لم يحوه كالأرض ونحوها على الأصحّ . وأمّا ما اغتنم بالغزو من غير إذنه، فإن كان في حال الحضور والتمكّن من الاستئذان منه فهو من الأنفال ، وأمّا ما كان في حال الغيبة وعدم التمكّن من الاستئذان فالأقوى وجوب الخمس فيه، سيّما إذا كان للدعاء إلى الإسلام ، وكذا ما اغتنم منهم عند الدفاع إذا هجموا على المسلمين في أماكنهم ولو في زمن الغيبة ، وما اغتنم منهم بالسرقة والغيلة غير ما مرّ ، وكذا بالربا والدعوى الباطلة ونحوها، فالأحوط إخراج الخمس منها من حيث كونه غنيمة لا فائدة، فلا يحتاج إلى مراعاة مؤونة السنة، ولكن الأقوى خلافه، ولا يعتبر في وجوب الخمس في الغنيمة بلوغها عشرين ديناراً على الأصحّ . نعم ، يعتبر فيه أن لا يكون غصباً من مسلم أو ذمّي أو معاهد ونحوهم من
محترمي المال، بخلاف ما كان في أيديهم من أهل الحرب وإن لم يكن الحرب
(الصفحة 18)معهم في تلك الغزوة ، والأقوى إلحاق الناصب بأهل الحرب في إباحة ما اغتنم منهم وتعلّق الخمس به ، بل الظاهر جواز أخذ ماله أين وجد وبأيّ نحو كان، ووجوب إخراج خمسه1 .
1 ـ في هذا الأمر الأوّل من الاُمور السبعة التي يجب فيها الخمس جهات من الكلام :
الاُولى : أنّه قد ظهر ممّا ذكرنا أنّ أصل وجوب الخمس في غنيمة دار الحرب مع الكفّار الذين يستحلّ دماؤهم وأموالهم وسبي نسائهم وأموالهم ، وبالجملة الكافر الحربي هو القدر المسلّم من متعلّقي الخمس، ولا شبهة في دلالة الآية عليه، ولم يختلف فيه أحد من المسلمين كما هو المحكيّ عن بعض كتبهم أيضاً، كبداية المجتهد لابن رشد الأندلسي(1) ، ثمّ الظاهر أنّ السرقة والغيلة إذا كانتا من الحرب وشؤونه غنيمة; لارتباطهما بالحرب وكونهما من توابعه ولوازمه .
الجهة الثانية : أنّه لا فرق في الغنيمة بين ما حواه العسكر من الأشياء المنقولة وبين غيره، كالأرض والأشجار على ما جعله في المتن أصحّ، كما هو المعروف بين الشيخ(2) ومن تأخّر عنه كالفاضلين(3) والشهيدين(4) . ولكن صاحب الحدائق قد أنكر ذلك عليهم قائلاً بالاختصاص بالأوّل(5)، وتبعه سيّدنا العلاّمة الاُستاذ البروجردي (قدس سره) على ما في درسه الذي قرّرته. ومحصّل ما
- (1) بداية المجتهد ونهاية المقتصد 1 : 407 .
- (2) النهاية: 198.
- (3) شرائع الإسلام 1 : 179 ، تذكرة الفقهاء 5 : 409 ، قواعد الأحكام 1 : 61 ، إرشاد الأذهان 1 : 292 .
- (4) الشهيد الأوّل في البيان : 213 ، والشهيد الثاني في الروضة البهيّة 2 : 65 .
- (5) الحدائق الناضرة 12 : 324 ـ 325 .