(الصفحة 19)
معه إلاّ هذا فالأحوط التيمّم به ، وإن كان عنده الطين مثلا فالأحوط الجمع ، وهكذا .
ولا في الموضوعات الصرفة ، فلو شك المقلِّد في مائع أنّه خمر أو خلّ مثلا، وقال المجتهد إنّه خمر لا يجوز له تقليده . نعم، من حيث إنّه مخبر عادل يقبل قوله(3)، كما في إخبار العامي العادل ، وهكذا ، وأمّا الموضوعات المستنبطة الشرعية كالصلاة والصوم ونحوهما فيجري التقليد فيها كالأحكام العملية .
[68] مسألة 68 : لا يعتبر الأعلميّة فيما أمره راجع إلى المجتهد إلاّ في التقليد ، وأمّا الولاية على الأيتام والمجانين والأوقاف التي لا متولّي لها والوصايا التي لا وصيّ لها ونحو ذلك فلا يعتبر فيها الأعلميّة . نعم، الأحوط في القاضي أن يكون أعلم من في ذلك البلد أو في غيره ممّا لا حرج في الترافع إليه .
[69] مسألة 69 : إذا تبدّل رأي المجتهد هل يجب عليه إعلام المقلِّدين أم لا؟ فيه تفصيل(4) : فإن كانت الفتوى السابقة موافقة للاحتياط فالظاهر عدم الوجوب ، وإن كانت مخالفة فالأحوط الإعلام ، بل لا يخلو عن قوّة .
[70] مسألة 70 : لا يجوز للمقلِّد إجراء أصالة البراءة أو الطهارة أو
- (1)(1) إلاّ فيما يقع مورداً لابتلاء العامي ، كالمسائل المربوطة بتصحيح القراءة وصيغ العقود والإيقاعات.
- (2) الظاهر جريان التقليد فيها.
- (3) بناءً على قبول خبر العادل الواحد على خلاف ما اخترناه.
- (4) لم يعلم وجه للفرق بين المجتهد والناقل من حيث الإطلاق والتفصيل.
(الصفحة 20)
الاستصحاب في الشبهات الحكميّة ، وأمّا في الشبهات الموضوعيّة فيجوز بعد أن قلّد مجتهده في حجيّتها ، مثلا إذا شك في أنّ عرق الجنب من الحرام نجس أم لا ليس له إجراء أصل الطهارة ، لكن في أنّ هذا الماء أو غيره لاقته النجاسة أم لا يجوز له إجراؤها بعد أن قلد المجتهد في جواز الإجراء .
[71] مسألة 71 : المجتهد غير العادل أو مجهول الحال لا يجوز تقليده وإن كان موثوقاً به في فتواه ، ولكن فتاواه معتبرة لعمل نفسه ، وكذا لا ينفذ حكمه ولا تصرّفاته في الاُمور العامّة ، ولا ولاية له في الأوقاف والوصايا وأموال القصَّر والغُيَّب .
[72] مسألة 72 : الظنّ بكون فتوى المجتهد كذا لا يكفي في جواز العمل إلاّ إذا كان حاصلا من ظاهر لفظه شفاهاً، أو لفظ الناقل، أو من ألفاظه في رسالته ، والحاصل أنّ الظنّ ليس حجّة إلاّ إذا كان حاصلا من ظواهر الألفاظ منه أو من الناقل .
بسم الله الرحمن الرحيم
[كتاب الطهارة]
فصل
في المياه
الماء إمّا مطلق، أو مضاف، كالمعتصر من الأجسام، أو الممتزج بغيره ممّا يخرجه عن صدق اسم الماء ، والمطلق أقسام : الجاري ، والنابع غير الجاري ، والبئر ، والمطر ، والكرّ ، والقليل ، وكلّ واحد منها مع عدم ملاقاة النجاسة طاهر مطهِّر من الحدث والخبث .
[73] مسألة 1 : الماء المضاف مع عدم ملاقاة النجاسة طاهر ، لكنّه غير مطهِّر لا من الحدث ولا من الخبث ولو في حال الاضطرار ، وإن لاقى نجساً تنجّس وإن كان كثيراً ، بل وإن كان مقدار ألف كرّ فإنّه ينجس بمجرّد ملاقاة النجاسة، ولو بمقدار رأس إبرة في أحد أطرافه فينجس كلّه . نعم، إذا كان جارياً(1) من العالي إلىالسافل ولاقى سافله النجاسة لا ينجس العالي منه ، كما إذا صبّ الجلاّب من إبريق
- (1) بل يكفي مجرّد الدفع عن قوّة، وإن كان من السافل إلى العالي كالفوارة وشبهها; لأنّه يمنع عن تحقّق السراية وإن كان لا يوجب التعدّد.
(الصفحة 22)
على يد كافر ، فلا ينجس ما في الإبريق وإن كان متّصلا بما في يده .
[74] مسألة 2 : الماء المطلق لا يخرج بالتصعيد عن إطلاقه . نعم، لو مزج معه غيره وصعّد كماء الورد يصير مضافاً(1) .
[75] مسألة 3 : المضاف المصعّد مضاف .
[76] مسألة 4 : المطلق أو المضاف النجس يطهر بالتصعيد(2) ، لاستحالته بخاراً ثمّ ماءً .
[77] مسألة 5 : إذا شك في مائع أنّه مضاف أو مطلق، فإن علم حالته السابقة اُخذ بها(3) ، وإلاّ فلا يحكم عليه بالإِطلاق ولا بالإضافة ، لكن لا يرفع الحدث والخبث ، وينجس بملاقاة النجاسة إن كان قليلا ، وإن كان بقدر الكرّ لا ينجس ، لاحتمال كونه مطلقاً والأصل الطهارة .
[78] مسألة 6 : المضاف النجس يطهر(4) بالتصعيد كما مرّ ، وبالاستهلاك في الكرّ أو الجاري .
[79] مسألة 7 : إذا ألقي المضاف النجس في الكرّ فخرج عن الإِطلاق إلى الإضافة تنجّس إن صار مضافاً قبل(5) الاستهلاك ، وإن حصل الاستهلاك والإضافة دفعة لا يخلو الحكم بعدم تنجّسه عن وجه ، لكنّه مشكل .
- (1) في إطلاقه نظر ، والمدار على الصدق عند العرف كسائر الموارد ، وهكذا حال المسألة الآتية.
- (2) محلّ إشكال.
- (3) مع كون الشبهة موضوعيّة ، وفي الشبهة المفهوميّة لا يجري الاستصحاب مطلقاً ، ولا يحكم عليه بالإطلاق ولا بالإضافة والحكم حينئذ كما في المتن.
- (4) مرّ الإشكال فيه.
- (5) الظاهر امتناع الفرض كالفرض الثاني، كما أنّه على تقدير الإمكان يكون الحكم في الثاني هو التنجّس.
(الصفحة 23)
[80] مسألة 8 : إذا انحصر الماء في مضاف مخلوط بالطين، ففي سعة الوقت يجب عليه أن يصبر حتّى يصفو ويصير الطين إلى الأسفل ثمّ يتوضّأ على الأحوط(1) ، وفي ضيق الوقت يتيمّم ; لصدق الوجدان مع السعة دون الضيق .
[81] مسألة 9 : الماء المطلق بأقسامه حتّى الجاري منه ينجس إذا تغيّر بالنجاسة في أحد أوصافه الثلاثة: من الطعم، والرائحة، واللون ، بشرط أن يكون بملاقاة النجاسة ، فلا يتنجّس إذا كان بالمجاورة ، كما إذا وقعت ميتة قريباً من الماء فصار جائفاً ، وأن يكون التغيّر بأوصاف النجاسة دون أوصاف المتنجّس ، فلو وقع فيه دِبس نجس فصار أحمر أو أصفر لا ينجس إلاّ إذا صيّره مضافاً .
نعم، لا يعتبر أن يكون بوقوع عين النجس فيه ، بل لو وقع فيه متنجّس حامل لأوصاف النجس فغيّره بوصف النجس تنجّس أيضاً(2) ، وأن يكون التغيّرحسّيّاً ، فالتقديريّ لا يضرّ ، فلو كان لون الماء أحمر أو أصفر فوقع فيه مقدار من الدم كان يغيّره لو لم يكن كذلك لم ينجس ، وكذا إذا صب فيه بول كثير لا لون له، بحيث لو كان له لون غيّره ، وكذا لو كان جائفاً فوقع فيه ميتة كانت تغيّره لو لم يكن جائفاً ، وهكذا ، ففي هذه الصور ما لم يخرج عن صدق الإطلاق محكوم بالطهارة على الأقوى .
[82] مسألة 10: لو تغيّر الماء بما عدا الأوصاف المذكورة من أوصاف النجاسة، مثل الحرارة والبرودة، والرقّة والغلظة، والخفّة والثقل ، لم ينجس ما لم يصر مضافاً.
[83] مسألة 11 : لا يعتبر في تنجّسه أن يكون التغيّر بوصف النجس بعينه ، فلو حدث فيه لون أو طعم أو ريح غير ما بالنجس، كما لو اصفرّ الماء مثلا بوقوع
- (1) بل على الأظهر، ولو مع عدم تحقّق الانقلاب بنفسه، بل كان محتاجاً إلى عمل كالأخذ من النهر مثلاً والإبقاء مدّة.
- (2) في خصوص ما إذا كان مع المتنجّس شيء من أجزاء النجس.