(الصفحة 334)
صور خوف العطش يجب حفظ الماء وعدم استعماله; كخوف تلف النفس أو الغير ممّن يجب حفظه، وكخوف حدوث مرض ونحوه ، وفي بعضها يجوز حفظه ولا يجب; مثل تلف النفس المحترمة التي لا يجب حفظها، وإن كان لا يجوز قتلها(3) أيضاً ، وفي بعضها يحرم حفظه، بل يجب استعماله في الوضوء أو الغسل، كما في النفوس التي يجب إتلافها ، ففي الصورة الثالثة لا يجوز التيمّم، وفي الثانية يجوز، ويجوز الوضوء أو الغسل أيضاً، وفي الأولى يجب ولا يجوز الوضوء أو الغسل .
[1080] مسألة 22 : إذا كان معه ماء طاهر يكفي لطهارته، وماء نجس بقدر حاجته إلى شربه لا يكفي في عدم الانتقال إلى التيمّم ; لأنّ وجود الماء النجس حيث إنّه يحرم شربه كالعدم ، فيجب التيمّم وحفظ الماء الطاهر لشربه . نعم، لو كان الخوف على دابّته لا على نفسه يجب عليه الوضوء أو الغسل وصرف الماء النجس في حفظ دابّته ، بل وكذا إذا خاف على طفل من العطش، فإنّه لا دليل على حرمة إشرابه الماء المتنجّس ، وأمّا لوفرض شرب الطفل بنفسه فالأمر أسهل، فيستعمل الماء الطاهر في الوضوء مثلا ويحفظ الماء النجس ليشربه الطفل ، بل يمكن أن يقال: إذا خاف على رفيقه أيضاً يجوز التوضّؤ وإبقاء الماء النجس لشربه، فإنّه لا دليل
على وجوب رفع اضطرار الغير من شرب النجس . نعم، لو كان رفيقه عطشاناً فعلا
- (1) إن كان المراد به ما يشمل من يجب قتله حدّاً ففيه إشكال، بل منع.
- (2) فيه إشكال، بل منع.
- (3) كالذمّي والحيوانات المحلّلة الأكل، وإن جاز ذبحها شرعاً.
(الصفحة 335)
لا يجوز(1) إعطاؤه الماء النجس ليشرب مع وجود الماء الطاهر ، كما أنّه لو باشرالشرب بنفسه لا يجب منعه .
كان بدنه أو ثوبه نجساً ولم يكن عنده من الماء إلاّ بقدر أحد الأمرين من رفع الحدث أو الخبث، ففي هذه الصورة يجب استعماله في رفع الخبث ويتيمّم ; لأنّ الوضوء له بدل وهو التيمّم، بخلاف رفع الخبث، مع أنّه منصوص في بعض صوره ، والأولى أن يرفع الخبث أوّلا ثمّ يتيمّم ليتحقّق كونه فاقداً للماء حال التيمّم ، وإذا توضّأ أو اغتسل حينئذ; بطل لأنّه مأمور بالتيمّم ولا أمر(3) بالوضوء أو الغسل . نعم، لو لم يكن عنده ما يتيمّم به أيضاً يتعيّن صرفه في رفع الحدث ; لأنّ الأمر يدور بين الصلاة مع نجاسة البدن أو الثوب أو مع الحدث وفقد الطهورين، فمراعاة رفع الحدث أهمّ، مع أنّ الأقوى بطلان صلاة فاقد الطهورين ، فلا ينفعه رفع الخبث حينئذ .
[1081] مسألة 23 : إذا كان معه ما يكفيه لوضوئه أو غسل بعض مواضع النجس من بدنه أو ثوبه بحيث لو تيمّم أيضاً يلزم الصلاة مع النجاسة، ففي تقديم رفع الخبث حينئذ على رفع الحدث إشكال، بل لا يبعد تقديم الثاني(4) . نعم، لو كانبدنه وثوبه كلاهما نجساً، وكان معه من الماء ما يكفي لأحد الأُمور من الوضوء أو
- (1) كما أنّه لا دليل على وجوب إعطائه الماء الطاهر، بل له منعه عن ذلك فيضطرّ إلى شرب الماء النجس.
- (2) بل مطلق ترك الواجب أو فعل الحرام أو ترك شرط معتبر في الصلاة أو حصول مانع، ولا دلالة لثبوت البدل على عدم الأهمّية ولا لعدمه على ثبوتها.
- (3) مرّ أنّه لا يتعلّق الأمر الغيري بهما مطلقاً، فالظاهر حينئذ هي الصحّة.
- (4) بل الأوّل.
(الصفحة 336)
تطهير البدن أو الثوب، ربما يقال بتقديم تطهير البدن(1) والتيمّم والصلاة مع نجاسةالثوب أو عرياناً على اختلاف القولين ، ولا يخلو ما ذكره من وجه .
[1082] مسألة 24 : إذا دار أمره بين ترك الصلاة في الوقت أو شرب الماء النجس ـ كما إذا كان معه ما يكفي لوضوئه من الماء الطاهر، وكان معه ماء نجس بمقدار حاجته لشربه، ومع ذلك لم يكن معه ما يتيمّم به بحيث لو شرب الماء الطاهر بقي فاقد الطهورين ـ ففي تقديم أيّهما إشكال(2) .
[1083] مسألة 25 : إذا كان معه ما يمكن تحصيل أحد الأمرين من ماء الوضوء أو الساتر لا يبعد ترجيح الساتر والانتقال إلى التيمّم، لكن لا يخلو عن إشكال ، والأولى صرفه في تحصيل الساتر أوّلا ليتحقّق كونه فاقد الماء ثمّ يتيمّم ، وإذا دار الأمر بين تحصيل الماء أو القبلة ففي تقديم أيّهما إشكال(3) .
السابع : ضيق الوقت عن استعمال الماء بحيث لزم من الوضوء أو الغسل خروج وقت الصلاة، ولو كان لوقوع جزء منها خارج الوقت ، وربما يقال: إنّ المناط عدم إدراك ركعة منها في الوقت، فلو دار الأمر بين التيمّم وإدراك تمام الوقت أو الوضوء وإدراك ركعة أو أزيد قدّم الثاني ; لأنّ من أدرك ركعة من الوقت فقد أدرك الوقت ، لكن الأقوى ما ذكرنا ، والقاعدة مختصّة بما إذا لم يبق من الوقت فعلا إلاّ مقدار ركعة ، فلا تشمل ما إذا بقي بمقدار تمام الصلاة ويؤخّرها إلى أن يبقى مقدار ركعة ، فالمسألة من باب الدوران بين مراعاة الوقت ومراعاة الطهارة المائيّة،
والأوّل أهمّ ، ومن المعلوم أنّ الوقت معتبر في تمام أجزاء الصلاة ، فمع استلزام الطهارة المائيّة خروج جزء من أجزائها خارج الوقت لا يجوز تحصيلها، بل ينتقل
- (1) وهو الظاهر كما مرّ.
- (2) والظاهر لزوم تقديم الصلاة.
- (3) والظاهر تقديم القبلة، خصوصاً فيما إذا كان ترك رعايتها بالاستدبار.
(الصفحة 337)
إلى التيمّم ، لكنّ الأحوط القضاء مع ذلك، خصوصاً إذا استلزم وقوع جزء من
الركعة خارج الوقت .
[1084] مسألة 26 : إذا كان واجداً للماء وأخّر الصلاة عمداً إلى أن ضاق الوقت عصى ، ولكن يجب عليه التيمّم والصلاة ، ولا يلزم القضاء، وإن كان الأحوط احتياطاً شديداً .
[1085] مسألة 27 : إذا شك في ضيق الوقت وسعته بنى على البقاء وتوضّأ أو اغتسل ، وأمّا إذا علم ضيقه وشك في كفايته لتحصيل الطهارة والصلاة وعدمها وخاف الفوت إذا حصّلها، فلا يبعد الانتقال إلى التيمّم ، والفرق بين الصورتين(1) أنّ في الاُولى يحتمل سعة الوقت وفي الثانية يعلم ضيقه، فيصدق خوف الفوت فيها دون الاُولى ، والحاصل أنّ المجوّز للانتقال إلى التيمّم خوف الفوت الصادق في الصورة الثانية دون الاُولى .
[1086] مسألة 28 : إذا لم يكن عنده الماء وضاق الوقت عن تحصيله مع قدرته عليه بحيث استلزم خروج الوقت ولو في بعض أجزاء الصلاة انتقل أيضاً إلى التيمّم ، وهذه الصورة أقلّ إشكالا من الصورة السابقة; وهي ضيقه عن استعماله مع وجوده ; لصدق عدم الوجدان في هذه الصورة بخلاف السابقة ، بل يمكن أن يقال: بعدم الإشكال أصلا، فلا حاجة إلى الاحتياط بالقضاء هنا .
[1087] مسألة 29 : من كانت وظيفته التيمّم من جهة ضيق الوقت عن استعمال الماء إذا خالف وتوضّأ أو اغتسل بطل(2) ; لأنّه ليس مأموراً بالوضوء لأجل تلك الصلاة ، هذا إذا قصد الوضوء لأجل تلك الصلاة ، وأمّا إذا توضّأ بقصد
- (1) لا فرق بينهما لصدق الخوف في الاُولى أيضاً، وعليه فالحكم فيهما هو التيمّم.
- (2) قد مرّ أنّ الحكم هي الصحّة في جميع مثل هذه الموارد.
(الصفحة 338)
غاية اُخرى من غاياته، أو بقصد الكون على الطهارة صحّ على ما هو الأقوى من
أنّ الأمر بالشيء لا يقتضي النهي عن ضدّه . ولو كان جاهلا بالضيق وأنّ وظيفته التيمّم فتوضّأ فالظاهر أنّه كذلك ، فيصحّ إن كان قاصداً لإحدى الغايات الأُخر، ويبطل(1) إن قصد الأمر المتوجّه إليه من قبل تلك الصلاة .
[1088] مسألة 30 : التيمّم لأجل الضيق مع وجدان الماء لا يبيح إلاّ الصلاة التي ضاق وقتها ، فلا ينفع لصلاة اُخرى غير تلك الصلاة ولو صار فاقداً للماء حينها ، بل لو فقد الماء في أثناء الصلاة الاُولى أيضاً لا يكفي لصلاة اُخرى ، بل لابدّ من تجديد التيمّم لها، وإن كان يحتمل الكفاية في هذه الصورة .
[1089] مسألة 31 : لا يستباح بالتيمّم لأجل الضيق غير تلك الصلاة من الغايات الاُخر حتّى في حال الصلاة ، فلا يجوز له مسّ كتابة القرآن ولو في حال الصلاة ، وكذا لا يجوز له قراءة العزائم إن كان بدلا عن الغسل ، فصحّته واستباحته مقصورة على خصوص تلك الصلاة .
[1090] مسألة 32 : يشترط في الانتقال إلى التيمّم ضيق الوقت عن واجبات الصلاة فقط ، فلو كان كافياً لها دون المستحبّات وجب الوضوء والاقتصار عليها ، بل لو لم يكف لقراءة السورة تركها وتوضّأ لسقوط وجوبها في ضيق الوقت .
[1091] مسألة 33 : في جواز التيمّم لضيق الوقت عن المستحبّات الموقّتة إشكال ، فلو ضاق وقت صلاة الليل مع وجود الماء والتمكّن من استعماله يشكلالانتقال إلى التيمّم .
[1092] مسألة 34 : إذا توضّأ باعتقاد سعة الوقت فبان ضيقه فقد مرّ(3) أنّه إذا
- (1) عرفت أنّ الحكم هي الصحّة.
- (2) وإن كان الانتقال غير بعيد، خصوصاً فيما لا يكون له قضاء.
- (3) ومرّ ما هو الحقّ.