(الصفحة 339)
كان وضوؤه بقصد الأمر المتوجّه إليه من قبل تلك الصلاة بطل; لعدم الأمر به، وإذا أتى به بقصد غاية اُخرى أو الكون على الطهارة صحّ ، وكذا إذا قصد المجموع من الغايات التي يكون مأموراً بالوضوء فعلا لأجلها ، وأمّا لو تيمّم باعتقاد الضيق فبان سعته بعد الصلاة فالظاهر وجوب إعادتها ، وإن تبيّن قبل الشروع فيها وكان الوقت واسعاً توضّأ وجوباً ، وإن لم يكن واسعاً فعلا بعد ما كان واسعاً أوّلا وجب إعادة التيمّم .
الثامن : عدم إمكان استعمال الماء لمانع شرعي ، كما إذا كان الماء في آنية الذهب أو الفضّة، وكان الظرف منحصراً فيها بحيث لا يتمكّن من تفريغه في ظرف آخر، أو كان في إناء مغصوب كذلك، فإنّه ينتقل إلى التيمّم ، وكذا إذا كان محرّم الاستعمال من جهة اُخرى .
له آنية لأخذ الماء، أو كان عنده ولم يمكن أخذ الماء إلاّ بالمكث، فإن أمكنه
الاغتسال فيه بالمرور وجب ذلك ، وإن لم يمكن ذلك أيضاً، أو كان الماء في أحد المسجدين ـ أي المسجد الحرام أو مسجد النبيّ(صلى الله عليه وآله)ـ فالظاهر وجوب التيمّملأجل الدخول في المسجد وأخذ الماء أو الاغتسال فيه ، وهذا التيمّم إنّما يبيح خصوص هذا الفعل; أي الدخول والأخذ أو الدخول والاغتسال ، ولا يرد الإشكال بأنّه يلزم من صحّته بطلانه، حيث إنّه يلزم منه كونه واجداً للماء فيبطل
- (1) في العبارة تشويش واضطراب، فإنّه مع عدم الآنية كيف يمكن الاغتسال بالمرور، ومع وجودها واستلزام أخذ الماء للمكث لا حاجة إلى الاغتسال بالمرور، بل يأخذ الماء ويغتسل خارج المسجد.
- (2) لا دليل على مشروعيّة هذا التيمّم، بل الظاهر الانتقال إلى التيمّم في هذه الصورة.
(الصفحة 340)
كما لا يخفى .
[1094] مسألة 36: لايجوز التيمّم مع التمكّن من استعمال الماء إلاّ في موضعين :
أحدهما : لصلاة الجنازة ، فيجوز مع التمكّن من الوضوء أو الغسل على المشهور مطلقاً ، لكن القدر المتيقّن صورة خوف فوت الصلاة منه لو أراد أن يتوضّأ أو يغتسل . نعم، لمّا كان الحكم استحبابياً يجوز أن يتيمّم مع عدم خوف الفوت أيضاً، لكن برجاء المطلوبية لا بقصد الورود والمشروعية .
الثاني : للنوم ، فإنّه يجوز أن يتيمّم مع إمكان الوضوء أو الغسل على المشهور أيضاً مطلقاً ، وخصّ بعضهم بخصوص الوضوء ، ولكن القدر المتيقن من هذا أيضاً صورة خاصّة; وهي ما إذا آوى إلى فراشه فتذكّر أنّه ليس على وضوء فيتيمّم من دثاره، لا أن يتيمّم قبل دخوله في فراشه متعمّداً مع إمكان الوضوء . نعم، هنا أيضاً لا بأس به لا بعنوان الورود بل برجاء المطلوبيّة، حيث إنّ الحكم استحبابي .
وذكر بعضهم موضعاً ثالثاً; وهو ما لو احتلم في أحد المسجدين ، فإنّه يجب أن يتيمّم للخروج وإن أمكنه الغسل ، لكنّه مشكل، بل المدار على أقلية زمان التيمّم، أو زمان الغسل، أو زمان الخروج ، حيث إنّ الكون في المسجدين جنباً حرام، فلابدّ من اختيار ما هو أقل زماناً من الأُمور الثلاثة ، فإذا كان زمان التيمّم أقل من زمان الغسل يدخل تحت ما ذكرنا من مسوّغات التيمّم من أنّ من موارده ما إذا كان هناك مانع شرعيّ من استعمال الماء ، فإنّ زيادة الكون في المسجدين جنباً مانع شرعيّ من استعمال الماء .
[1095] مسألة 37 : إذا كان عنده مقدار من الماء لا يكفيه لوضوئه أو غسله وأمكن تتميمه بخلط شيء من الماء المضاف الذي لا يخرجه عن الإطلاق لا يبعد وجوبه ، وبعد الخلط يجب الوضوء أو الغسل، وإن قلنا بعدم وجوب الخلط لصدق وجدان الماء حينئذ .
(الصفحة 341)
فصل
في بيان ما يصحّ التيمّم به
والآجر، وإن كان مسحوقاً مثل التراب ، ولا يجوز على المعادن كالملح والزرنيخ والذهب والفضّة والعقيق ونحوها ممّا خرج عن اسم الأرض ، ومع فقد ما ذكر من وجه الأرض يتيمّم بغبار الثوب أو اللبد أو عُرف الدابّة ونحوها ممّا فيه غبار إن لم يمكن جمعه تراباً بالنفض ، وإلاّ وجب ودخل في القسم الأوّل ، والأحوط اختيار ما غباره أكثر ، ومع فقد الغبار يتيمّم بالطين(3) إن لم يمكن تجفيفه ، وإلاّ وجب ودخل في القسم الأوّل ، فما يتيمّم به له مراتب ثلاث :
الاُولى : الأرض مطلقاً غير المعادن .
الثانية : الغبار .
الثالثة : الطين ، ومع فقد الجميع يكون فاقد الطهورين، والأقوى فيه سقوط
- (1) بل على الأحوط.
- (2) الظاهر هو الجواز.
- (3) إن كان المراد بالطين ما هو الغليظ المتماسك فالظاهر أنّه من القسم الأوّل، فاللاّزم أن يكون المراد الوحل الذي هو الطين الرقيق الخارج عن صدق اسم الأرض، وسيأتي ذلك في بعض المسائل الآتية.
(الصفحة 342)
الطهورين ثلجاً أو جَمداً، قال بعض العلماء بوجوب مسحه على أعضاء الوضوء أو الغسل وإن لم يجر ، ومع عدم إمكانه حكم بوجوب التيمّم بهما ، ومراعاة هذا القول أحوط(3) ، فالأقوى لفاقد الطهورين كفاية القضاء، والأحوط ضم الأداء أيضاً ، وأحوط من ذلك مع وجود الثلج المسح به أيضاً ، هذا كلّه إذا لم يمكن إذابة الثلج أو مسحه على وجه يجري ، وإلاّ تعيّن الوضوء أو الغسل، ولا يجوز معه التيمّم أيضاً .
[1096] مسألة 1 : وإن كان الأقوى كما عرفت جواز التيمّم بمطلق وجه الأرض، إلاّ أنّ الأحوط مع وجود التراب عدم التعدّي عنه، من غير فرق فيه بين أقسامه من الأبيض والأسود والأصفر والأحمر ، كما لا فرق في الحجر والمدر أيضاً بين أقسامهما ، ومع فقد التراب الأحوط الرمل ثمّ المدر ثمّ الحجر .
[1097] مسألة 2 : لا يجوز(4) في حال الاختيار التيمّم على الجص المطبوخ والآجر والخزف والرماد وإن كان من الأرض ، لكن في حال الضرورة بمعنى عدم وجدان التراب والمدر والحجر الأحوط الجمع بين التيمّم بأحد المذكورات ما عدا رماد الحطب ونحوه وبالمرتبة المتأخّرة من الغبار أو الطين ، ومع عدم الغبار والطين الأحوط التيمّم بأحد المذكورات والصلاة ثمّ إعادتها أو قضاؤها .
[1098] مسألة 3 : يجوز التيمّم حال الاختيار على الحائط المبني بالطين أو اللبن أو الآجُر إذا طلي بالطين .
[1099] مسألة 4 : يجوز التيمّم بطين الرأس وإن لم يسحق ، وكذا بحجر الرَحَى
- (1) على الأحوط.
- (2) محلّ إشكال.
- (3) وإن كانت غير واجبة.
- (4) قد مرّ الجواز كذلك. نعم، لا يجوز في الرماد.
(الصفحة 343)
وحجر النار وحجر السن ونحو ذلك ; لعدم كونها من المعادن الخارجة عن صدق الأرض ، وكذا يجوز التيمّم بطين الأرمني .
[1100] مسألة 5 : يجوز التيمّم(1) على الأرض السبخة إذا صدق كونها أرضاً بأن لم يكن علاها الملح .
[1101] مسألة 6 : إذا تيمّم بالطين فلصق بيده يجب إزالته(2) أوّلا ثمّ المسح بها ، وفي جواز إزالته بالغسل إشكال(3) .
[1102] مسألة 7 : لا يجوز التيمّم على التراب الممزوج بغيره من التبن أو الرماد أو نحو ذلك ، وكذا على الطين الممزوج بالتبن ، فيشترط فيما يتيمّم به عدم كونه مخلوطاً بما لا يجوز التيمّم به إلاّ إذا كان ذلك الغير مستهلكاً .
[1103] مسألة 8 : إذا لم يكن عنده إلاّ الثلج أو الجمد وأمكن إذابته وجب كما مرّ ، كما أنّه إذا لم يكن إلاّ الطين وأمكنه تجفيفه وجب .
[1104] مسألة 9 : إذا لم يكن عنده ما يتيمّم به وجب تحصيله(4) ولو بالشراء ونحوه .
[1105] مسألة 10 : إذا كان وظيفته التيمّم بالغبار يقدّم ما غباره أزيد كما مرّ .
[1106] مسألة 11 : يجوز التيمّم اختياراً على الأرض النديّة والتراب الندي، وإن كان الأحوط مع وجود اليابسة تقديمها .
[1107] مسألة 12 : إذا تيمّم بما يعتقد جواز التيمّم به فبان خلافه بطل ، وإن
- (1) على كراهيّة، بل لا يجوز في بعض أفرادها الخارج عن اسم الأرض، وسيأتي في المسألة العاشرة من الفصل الآتي.
- (2) بل تستحبّ كاستحباب النفض.
- (3) والأقوى عدم الجواز.
- (4) بالشرط المذكور في ماء الوضوء.