(الصفحة 360)
إناء نظيف لرفع الخبث ، وإلاّ تعيّن ذلك ، وكذا الحال(1) في مسألة اجتماع الجنبوالميّت والمحدث بالأصغر ، بل في سائر الدورانات .
[1170] مسألة 32 : إذا علم قبل الوقت أنّه لو أخّر التيمّم إلى ما بعد دخوله لا يتمكّن من تحصيل ما يتيمّم به، فالأحوط أن يتيمّم قبل الوقت لغاية اُخرى غير الصلاة في الوقت، ويبقي تيمّمه إلى ما بعد الدخول فيصلّي به ، كما أنّ الأمر كذلك بالنسبة إلى الوضوء إذا أمكنه قبل الوقت وعلم بعدم تمكّنه بعده، فيتوضّأ على الأحوط لغاية اُخرى أو للكون على الطهارة(2) .
[1171] مسألة 33 : يجب التيمّم لمسّ كتابة القرآن إن وجب ، كما أنّه يستحبّ إذا كان مستحباً ، ولكن لا يشرع إذا كان مباحاً. نعم، له أن يتيمّم لغاية اُخرى ثمّ يمسح المسح المباح .
[1172] مسألة 34 : إذا وصل شعر الرأس إلى الجبهة، فإن كان زائداً على المتعارف وجب رفعه للتيمّم ومسح البشرة ، وإن كان على المتعارف لا يبعد كفاية مسح ظاهره عن البشرة ، والأحوط(3) مسح كليهما .
[1173] مسألة 35 : إذا شك في وجود حاجب في بعض مواضع التيمّم حاله حال الوضوء والغسل في وجوب الفحص حتّى يحصل اليقين أو الظنّ(4) بالعدم .
[1174] مسألة 36 : في الموارد التي يجب عليه التيمّم بدلا عن الغسل وعن
- (1) فمع الإمكان يصرف الماء في رفع الحدث الأصغر، ثمّ يصرف الماء المستعمل فيه ولو بضمّ الباقي في غسل الجنابة، ثمّ يصرف كذلك في غسل الميّت، والأحوط ضمّ التيمّم في الأخير.
- (2) قد مرّ أنّ الكون على الطهارة ليس في عرض الغايات الاُخر، واللازم في مفروض المسألة الوضوء قبل الوقت.
- (3) الأحوط بل الأقوى مسح خصوص البشرة.
- (4) بمعنى الاطمئنان.
(الصفحة 361)
الوضوء ـ كالحائض والنفساء وماسّ الميّت ـ الأحوط(1) تيمّم ثالث بقصدالاستباحة، من غير نظر إلى بدليّته عن الوضوء أو الغسل، بأن يكون بدلا عنهما ; لاحتمال كون المطلوب تيمّماً واحداً من باب التداخل ، ولو عيّن أحدهما في التيمّم الأوّل وقصد بالثاني ما في الذمّة أغنى عن الثالث .
[1175] مسألة 37 : إذا كان بعض أعضائه منقوشاً باسم الجلالة أو غيره من أسمائه تعالى أو آية من القرآن، فالأحوط محوه حذراً من وجوده على بدنه في حال الجنابة أو غيرها من الأحداث، لمناط حرمة المسّ على المحدث ، وإن لم يمكن محوه أو قلنا بعدم وجوبه فيحرم إمرار اليد عليه حال الوضوء أو الغسل ، بل يجب إجراء الماء عليه من غير مسّ أو الغسل ارتماساً، أو لفّ خرقة بيده والمسّ بها ، وإذا فرض عدم إمكان الوضوء أو الغسل إلاّ بمسّه فيدور الأمر بين سقوط حرمة المسّ أو سقوط وجوب المائيّة والانتقال إلى التيمّم ، والظاهر(2) سقوط حرمة المسّ ، بل ينبغي القطع به إذا كان في محلّ التيمّم ، لأنّ الأمر حينئذ دائر بين ترك الصلاة أو ارتكاب المسّ ، ومن المعلوم أهميّة وجوب الصلاة، فيتوضّأ أو يغتسل في الفرض الأوّل وإن استلزم المسّ ، لكن الأحوط مع ذلك الجبيرة أيضاً بوضع شيء عليه والمسح عليه باليد المبلّلة ، وأحوط من ذلك أن يجمع بين ما ذكر والاستنابة أيضاً; بأن يستنيب متطهّراً يباشر غسل هذا الموضع ، بل وأنّ يتيمّم مع ذلك أيضاً إن لم يكن في مواضع التيمّم ، وإذا كان ممّن وظيفته التيمّم وكان في بعض مواضعه وأراد الاحتياط جمع بين مسحه بنفسه، والجبيرة، والاستنابة ، لكن الأقوى كما عرفت كفاية مسحه وسقوط حرمة المسّ حينئذ .
- (1) والأولى.
- (2) الظاهر عدم السقوط فيما إذا كان في غير محلّ التيمّم، بل ينتقل إلى التيمّم.
(الصفحة 362)
(الصفحة 363)
بسم الله الرحمن الرحيم
كتاب الصلاة
مقدّمة : في فضل الصلوات اليوميّة وأنّها أفضل الأعمال الدينيّة .
إعلم أنّ الصلاة أحبّ الأعمال إلى الله تعالى، وهي آخر وصايا الأنبياء (عليهم السلام) ، وهي عمود الدين، إذا قبلت قبل ما سواها وإن ردّت ردّ ما سواها ، وهي أوّل ما ينظر فيه من عمل ابن آدم، فإن صحّت نظر في عمله، وإن لم تصحّ لم ينظر في بقيّة عمله، ومثلها كمثل النهر الجاري، فكما أنّ من اغتسل فيه في كلّ يوم خمس مرّات لم يبق في بدنه شيء من الدرن، كذلك كلّما صلّى صلاة كفّر ما بينهما من الذنوب، وليس ما بين المسلم وبين أن يكفر إلاّ أن يترك الصلاة ، وإذا كان يوم القيامة يدعى بالعبد، فأوّل شيء يسأل عنه الصلاة، فإذا جاء بها تامّة، وإلاّ زخّ في النار .
وفي الصحيح قال مولانا الصادق(عليه السلام) : «ما أعلم شيئاً بعد المعرفة أفضل من هذه الصلاة، ألا ترى إلى العبد الصالح عيسى بن مريم(عليهما السلام) قال : وأوصاني بالصلاة والزكاة ما دمت حيّاً» . وروى الشيخ في حديث عنه(عليه السلام) قال : «وصلاة فريضة تعدل عند الله ألف حجّة وألف عمرة مبرورات متقبّلات» .
(الصفحة 364)
وقد استفاضت الروايات في الحثّ على المحافظة عليها في أوائل الأوقات، وأنّ من استخفّ بها كان في حكم التارك لها ، قال رسول الله(صلى الله عليه وآله) : «ليس منّي من استخفّ بصلاته» . وقال : «لا ينال شفاعتي من استخفّ بصلاته» . وقال : «لا تضيّعوا صلاتكم، فإنّ من ضيّع صلاته حشر مع قارون وهامان، وكان حقّاً على الله أن يدخله النار مع المنافقين» . وورد : بينا رسول الله(صلى الله عليه وآله) جالس في المسجد إذ دخل رجل فقام فصلّى فلم يتمّ ركوعه ولا سجوده، فقال(صلى الله عليه وآله) : «نقر كنقر الغراب، لئن مات هذا وهكذا صلاته ليموتنّ على غير ديني» . وعن أبي بصير قال : دخلت على اُمّ حميدة اُعزّيها بأبي عبد الله(عليه السلام) فبكت وبكيت لبكائها، ثمّ قالت : يا أبا محمّد لو رأيت أبا عبد الله(عليه السلام) عند الموت لرأيت عجباً، فتح عينيه ثمّ قال : «اجمعوا كلّ من بيني وبينه قرابة» قالت : فما تركنا أحدا إلاّ جمعناه، فنظر إليهم ثمّ قال : «إنّ شفاعتنا لا تنال مستخفّاً بالصلاة» . وبالجملة ما ورد من النصوص في فضلها أكثر من أن يحصى ، ولله درّ صاحب الدرّة، حيث قال :
- تنهى عن المنكر والفحشاء
تنهى عن المنكر والفحشاء
-
أقصر فهذا منتهى الثناء
أقصر فهذا منتهى الثناء
فصل
في أعداد الفرائض ونوافلها
الصلوات الواجبة ستّة : اليومية ومنها الجمعة ، والآيات ، والطواف الواجب ، والملتزم بنذر(1) أو عهد أو يمين أو إجارة ، وصلاة الوالدين على الولد الأكبر ،
- (1) قد مرّ مراراً أنّ الواجب بسبب هذه الاُمور هي عناوين خاصّة، ولا يتعدّى الحكم عنها إلى الصلاة المتّحدة معها، فالواجب في نذر الصلاة مثلاً عنوان الوفاء بالنذر لا الصلاة .