(الصفحة672)
فصل
في صلاة العيدين: الفطر والأضحى
وهي كانت واجبة في زمان حضور الإمام(عليه السلام) مع اجتماع شرائط وجوب الجمعة ، وفي زمان الغيبة مستحبة جماعة وفرادى ، ولا يشترط فيها شرائط الجمعة وإن كانت بالجماعة، فلا يعتبر فيها العدد من الخمسة أو السبعة ، ولا بعد فرسخ بين الجماعتين ونحو ذلك ، ووقتها من طلوع الشمس إلى الزوال ، ولا قضاء لها لو فاتت ، ويستحبّ تأخيرها إلى أن ترتفع الشمس ، وفي عيد الفطر يستحبّ تأخيرها أزيد بمقدار الإفطار وإخراج الفطرة .
وهي ركعتان، يقرأ في الاُولى منهما الحمد وسورة، ويكبّر خمس تكبيرات عقيب كلّ تكبيرة قنوت، ثمّ يكبّر للركوع ويركع ويسجد ، ثمّ يقوم للثانية، وفيها بعد الحمد وسورة يكبّر أربع تكبيرات، ويقنت بعد كلّ منها ثمّ يكبّر للركوع ويتمّ الصلاة ، فمجموع التكبيرات فيها اثنتا عشرة : سبع تكبيرات في الاُولى; وهي تكبيرة الإحرام وخمس للقنوت وواحدة للركوع ، وفي الثانية خمس تكبيرات; أربعة للقنوت وواحدة للركوع ، والأظهر وجوب القنوتات وتكبيراتها ، ويجوز في القنوتات كلّ ما جرى على اللسان من ذكر ودعاء كما في سائر الصلوات، وإن كان الأفضل الدعاء المأثور ، والأولى أن يقول في كلّ منها :
«اللّهمَّ أهلَ الكِبرِياءِ وَالعَظَمَةِ، وَأَهْلَ الجُودِ وَالجَبَرُوتِ، وَأَهْلَ العَفوِ وَالرَّحمَةِ، وَأَهْلَ التَّقْوَى وَالمَغْفِرَةِ، أَسْأَلُكَ بِحَقِّ هذَا اليَوم، الَّذِي جَعَلْتَهُ لِلمُسلِمينَ عِيداً ، وَلـمُحَمَّد (صلى الله عليه وآله) ذُخرَاً وَشَرَفَاً وَكَرامَةً وَمَزِيداً ، أَنْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّد وَآلِ مُحَمَّد، وَأَنْ تُدْخِلَنِي فِي كُلِّ خَيْر أَدْخَلْتَ فِيهِ مُحَمّداً وَآلَ مُحَمّد ، وَأنْ تُخرِجَنِي مِنْ كُلِّ سُوء أَخْرَجْتَ مِنْهُ مُحَمَّد
(الصفحة 670)
[2192] التاسعة والخمسون : لو شك في شيء وقد دخل في غيره الذي وقع في غير محلّه; كما لو شك في السجدة من الركعة الاُولى أو الثالثة ودخل في التشهد ، أو شك في السجدة من الركعة الثانية وقد قام قبل أن يتشهد فالظاهر البناء(1) على الإتيان، وأنّ الغير أعمّ من الذي وقع في محلّه، أو كان زيادة في غير المحل ، ولكن الأحوط مع ذلك إعادة الصلاة أيضاً .
[2193] الستّون : لو بقي من الوقت أربع ركعات للعصر، وعليه صلاة الاحتياط من جهة الشك في الظهر فلا إشكال في مزاحمتها للعصر ما دام يبقى لها من الوقت ركعة ، بل وكذا لو كان عليه قضاء السجدة أو التشهد . وأمّا لو كان عليه سجدتا السهو، فهل يكون كذلك أو لا ؟ وجهان، من أنّهما من متعلّقات الظهر، ومن أنّ وجوبهما استقلالي وليستا جزءاً أو شرطاً لصحّة الظهر، ومراعاة الوقت للعصر أهمّ، فتقدّم العصر ثمّ يؤتى بهما بعدها ، ويحتمل(2) التخيير .
[2194] الحادية والستون : لو قرأ في الصلاة شيئاً بتخيّل أنّه ذكر أو دعاء أو قرآن ثمّ تبيّن أنّه كلام الآدمي فالأحوط(3) سجدتا السهو ، لكن الظاهر عدم وجوبهما; لأنّهما إنّما تجبان عند السهو وليس المذكور من باب السهو ، كما أنّ الظاهرعدم وجوبهما في سبق اللسان إلى شيء ، وكذا إذا قرأ شيئاً غلطاً من جهة الإعراب أو المادّة ومخارج الحروف .
[2195] الثانية والستّون : لا يجب سجود السهو فيما لو عكس الترتيب الواجب سهواً، كما إذا قدّم السورة على الحمد وتذكّر في الركوع ، فإنّه لم يزد شيئاً ولم ينقص ، وإن كان الأحوط الإتيان معه; لاحتمال كونه من باب نقص السورة ، بل
- (1) محلّ إشكال .
- (2) ولكنّه ضعيف .
- (3) لا يترك، وكذا في سبق اللسان إذا كان كلام الآدمي .
(الصفحة 671)
مرّة اُخرى(1) لاحتمال كون السورة المقدّمة على الحمد من الزيادة .
[2196] الثالثة والستّون : إذا وجب عليه قضاء السجدة المنسيَّة أو التشهّد المنسي ثمّ أبطل صلاته أو انكشف بطلانها سقط وجوبه; لأنّه إنّما يجب في الصلاة الصحيحة . وأمّا لو أوجد ما يوجب سجود السهو ثمّ أبطل صلاته فالأحوط إتيانه، وإن كان الأقوى سقوط وجوبه أيضاً ، وكذا إذا انكشف بطلان صلاته ، وعلى هذا، فإذا صلّى ثمّ أعادها احتياطاً وجوباً أو ندباً وعلم بعد ذلك وجوب سبب سجدتي السهو في كلّ منها يكفيه إتيانهما مرّة واحدة ، وكذا إذا كان عليه فائتة مردّدة بين صلاتين أو ثلاث مثلاً فاحتاط باتيان صلاتين أو ثلاث صلوات ثمّ علم تحقّق سبب السجود في كلّ منها ، فإنّه يكفيه الإتيان به مرّة بقصد الفائتة الواقعية ، وإن كان الأحوط التكرار بعدد الصلوات .
[2197] الرابعة والستّون : إذا شك في أنّه هل سجد سجدة واحدة أو اثنتين أو ثلاث، فإن لم يتجاوز محلّها بنى على واحدة وأتى باُخرى ، وإن تجاوز بنى على الاثنتين ولاشيء عليه عملاً بأصالة عدم الزيادة . وأمّا إن علم أنّه إمّا سجد واحدة أو ثلاثاً وجب عليه(2) اُخرى مالم يدخل في الركوع ، وإلاّ قضاها بعد الصلاة وسجد للسهو .
[2198] الخامسة والستّون : إذا ترك جزءاً من أجزاء الصلاة من جهة الجهل بوجوبه أعاد الصلاة على الأحوط، وإن لم يكن من الأركان . نعم، لو كان الترك مع الجهل بوجوبه مستنداً إلى النسيان; بأن كان بانياً على الإتيان به باعتقاد استحبابه فنسي وتركه فالظاهر عدم البطلان وعدم وجوب الإعادة إذا لم يكن من الأركان .
- (1) بناءً على وجوبه لكلّ زيادة .
- (2) بل لا يجب عليه شيء .
(الصفحة674)
العيد ورابعها صلاة العيد ، وعقيب عشر صلوات في الأضحى إن لم يكن بمنى، أوّلها
ظهر يوم العيد وعاشرها صبح اليوم الثاني عشر ، وإن كان بمنى فعقيب خمس عشرة صلاة، أوّلها ظهر يوم العيد، وآخرها صبح اليوم الثالث عشر ، وكيفية التكبير في الفطر أن يقول :
«الله أكبر الله أكبر ، لا إله إلاّ الله والله أكبر ، الله أكبر ولله الحمد ، الله أكبر على ما هدانا» . وفي الأضحى يزيد على ذلك :
«الله أكبر على ما رزقنا من بهيمة الأنعام ، والحمد لله على ما أبلانا» .
[2201] مسألة 3 : يكره فيها أُمور :
الأوّل : الخروج مع السلاح إلاّ في حالة الخوف .
الثاني : النافلة قبل صلاة العيد وبعدها إلى الزوال إلاّ في مدينة الرسول، فإنّه يستحب صلاة ركعتين في مسجدها قبل الخروج إلى الصلاة .
الثالث : أن ينقل المنبر الى الصحراء ، بل يستحب أن يعمل هناك منبر من الطين .
الرابع : أن يصلّي تحت السقف .
[2202] مسألة 4 : الأولى بل الأحوط ترك النساء لهذه الصلاة إلاّ العجائز .
[2203] مسألة 5 : لا يتحمّل الإمام في هذه الصلاة ما عدا القراءة من الأذكار والتكبيرات والقنوتات، كما في سائر الصلوات .
[2204] مسألة 6 : إذا شك في التكبيرات والقنوتات بنى على الأقلّ(1) ، ولو تبيّن بعد ذلك أنّه كان آتياً بها لا تبطل صلاته .
[2205] مسألة 7 : إذا أدرك مع الإمام بعض التكبيرات يتابعه فيه، ويأتي بالبقية بعد ذلك، ويلحقه في الركوع ، ويكفيه أن يقول بعد كلّ تكبير :
«سبحان الله
- (1) مع عدم التجاوز عن محلّه وإلاّ لا يلتفت .
(الصفحة675)
والحمد لله» وإذا لم يمهله فالأحوط الانفراد، وإن كان يحتمل كفاية الإتيان
بالتكبيرات ولاءً ، وإن لم يمهله أيضاً أن يترك ويتابعه في الركوع ، كما يحتمل أن يجوز لحوقه إذا أدركه وهو راكع، لكنّه مشكل لعدم الدليل على تحمّل الإمام لما عدا القراءة .
[2206] مسألة 8 : لو سها عن القراءة أو التكبيرات أو القنوتات كلاًّ أو بعضاً لم تبطل صلاته . نعم، لو سها عن الركوع أو السجدتين أو تكبيرة الإحرام بطلت .
[2207] مسألة 9 : إذا أتى بموجب سجود السهو فالأحوط إتيانه(1) ، وإن كان عدم وجوبه في صورة استحباب الصلاة كما في زمان الغيبة لا يخلو عن قوّة، وكذا الحال في قضاء التشهّد المنسيّ أو السجدة المنسية .
[2208] مسألة 10 : ليس في هذه الصلاة أذان ولا إقامة . نعم، يستحب أن يقول المؤذّن : «الصلاة» ثلاثاً .
[2209] مسألة 11 : إذا اتفق العيد والجمعة، فمن حضر العيد وكان نائياً(2) عن البلد كان بالخيار بين العود إلى أهله والبقاء لحضور الجمعة .
فصل
في صلاة ليلة الدفن
وهي ركعتان، يقرأ في الاُولى بعد الحمد آية الكرسي إلى
وفي الثانية بعد الحمد سورة القدر عشر مرّات ، ويقول بعد السلام :
«اللّهمَّ صلِّ على محمّد وآل محمّد، وابعث ثوابها إلى قبر فلان» ويسمّي الميّت ، ففي مرسلة
- (1) رجاءً، وكذا في قضاء التشهّد أو السجدة .
- (2) بل الحاضر أيضاً كذلك .
(الصفحة 673)
وَآلَ مُحَمَّد صَلَواتُكَ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِم ، اَللّهمَّ إنِّي أَسْأَلُكَ خَيْرَ ما سَأَلَكَ بِهِ عِبَادُكَ الصَّالِحُون ، وَأَعُوذُ بِكَ مِمَّا اسْتَعَاذَ مِنهُ عِبادُكَ الـمُخْلِصُون» . ويأتي بخطبتين بعد الصلاة مثل ما يؤتى بهما في صلاة الجمعة ، ومحلّهما هنا بعد الصلاة بخلاف الجمعة فإنّهما قبلها ، ولا يجوز إتيانهما هنا قبل الصلاة ، ويجوز تركهما في زمان الغيبة، وإن كانت الصلاة بجماعة ، ولا يجب الحضور عندهما ولا الإصغاء إليهما ، وينبغي أن يذكر في خطبة عيد الفطر ما يتعلّق بزكاة الفطرة من الشروط والقدر والوقت لإخراجها ، وفي خطبة الأضحى ما يتعلّق بالاُضحية .
[2199] مسألة 1 : لا يشترط في هذه الصلاة سورة مخصوصة، بل يجزئ كلّ سورة . نعم، الأفضل أن يقرأ في الركعة الاُولى سورة الشمس وفي الثانية سورة الغاشية ، أو يقرأ في الاُولى سورة سبّح اسم وفي الثانية سورة الشمس .
[2200] مسألة 2 : يستحب فيها اُمور :
أحدها : الجهر بالقراءة للإمام والمنفرد .
الثاني : رفع اليدين حال التكبيرات .
الثالث : الإصحار بها إلاّ في مكّة ، فإنّه يستحبّ الإتيان بها في مسجد الحرام .
الرابع : أن يسجد على الأرض دون غيرها ممّا يصحّ السجود عليه .
الخامس : أن يخرج إليها راجلاً حافياً مع السكينة والوقار .
السادس : الغسل قبلها .
السابع : أن يكون لابساً عمامة بيضاء .
الثامن : أن يشمّر ثوبه إلى ساقه .
التاسع : أن يفطرفي الفطرقبل الصلاة بالتمر ، وأن يأكل من لحم الأضحية في الأضحى بعدها .
العاشر : التكبيرات عقيب أربع صلوات في عيد الفطر، أوّلها المغرب من ليلة
(الصفحة676)
الكفعمي وموجز ابن فهد(رحمهما الله) قال النبيّ(صلى الله عليه وآله) :
«لا يأتي على الميّت أشدّ من أوّل ليلة ، فارحموا موتاكم بالصدقة ، فإن لم تجدوا فليصلّ أحدكم يقرأ في الاُولى الحمد وآية الكرسي ، وفي الثانية الحمد والقدر عشراً ، فإذا سلّم قال : اللّهمَّ صلِّ على محمّد وآل محمّد، وابعث ثوابها إلى قبر فلان ، فإنّه تعالى يبعث من ساعته ألف ملك إلى قبره مع كلّ ملك ثوب وحلّة». ومقتضى هذه الرواية أنّ الصلاة بعد عدم وجدان ما يتصدّق به ، فالأولى الجمع بين الأمرين مع الإمكان ، وظاهرها أيضاً كفاية صلاة واحدة ، فينبغي أن لا يقصد الخصوصية في إتيان أربعين، بل يؤتى بقصد الرجاء أو بقصد إهداء الثواب .
[2210] مسألة 1 : لا بأس بالاستئجار لهذه الصلاة وإعطاء الاُجرة ، وإن كان الأولى(1) للمستأجر الإعطاء بقصد التبرّع أو الصدقة ، وللمؤجر الإتيان تبرّعاً وبقصد الإحسان إلى الميّت .
[2211] مسألة 2 : لا بأس بإتيان شخص واحد أزيد من واحدة بقصد إهداء الثواب إذا كان متبرّعاً، أو إذا أذن له المستأجر ، وأمّا إذا أعطى دراهم للأربعين فاللازم استئجار أربعين إلاّ إذا أذن المستأجر ، ولا يلزم مع إعطاء الأُجرة إجراء صيغة الإجارة، بل يكفي إعطاؤها بقصد أن يصلّي .
[2212] مسألة 3 : إذا صلّى ونسي آية الكرسي في الركعة الاُولى أو القدر في الثانية أو قرأ القدر أقلّ من العشرة نسياناً فصلاته صحيحة، لكن لا يجزئ عن هذه الصلاة ، فإن كان أجيراً وجب عليه الإعادة .
[2213] مسألة 4 : إذا أخذ الأُجرة ليصلّي ثمّ نسي فتركها في تلك الليلة يجب عليه(2) ردّها إلى المعطي، أو الاستئذان منه لأن يصلّي فيما بعد ذلك بقصد إهداء
- (1) لكنّه يخرج حينئذ عن حقيقة الإجارة والاستنابة .
- (2) في صورة الاستئجار لا التبرّع .