(الصفحة706)
الأُولى وتماماً في الثانية .
[2300] مسألة 69 : إذا سافر من وطنه وجاز عن حدّ الترخّص ثمّ في أثناء الطريق وصل إلى ما دونه إمّا لاعوجاج الطريق أو لأمر آخر، كما إذا رجع لقضاء حاجة أو نحو ذلك، فما دام هناك يجب عليه التمام ، وإذا جاز عنه بعد ذلك وجب عليه القصر إذا كان الباقي(1) مسافة . وأمّا إذا سافر من محلّ الإقامة وجاز عن الحدّ ثمّ وصل إلى ما دونه أو رجع في الأثناء لقضاء حاجة بقي على التقصير . وإذا صلّى في الصورة الأُولى بعد الخروج عن حدّ الترخص قصراً ثمّ وصل إلى ما دونه، فإن كان بعد بلوغ المسافة فلا إشكال في صحّة صلاته ، وأمّا إن كان قبل ذلك فالأحوط وجوب الإعادة ، وإن كان يحتمل(2) الإجزاء إلحاقاً له بما لو صلّى ثمّ بدا له في السفر قبل بلوغ المسافة .
[2301] مسألة 70 : في المسافة الدورية حول البلد دون حدّ الترخص في تمام الدور، أو بعضه ممّا لم يكن الباقي قبله أو بعده مسافة يتمّ الصلاة .
فصل
في قواطع السفر موضوعاً أو حكماً
وهي أُمور :
أحدها : الوطن ، فإنّ المرور عليه قاطع للسفر وموجب للتمام ما دام فيه، أو فيما
- (1) بل وإن لم يكن كذلك إذا كان باقياً على قصده الأوّل، وكان المقصود هي المسافة، كما هو المفروض .
- (2) ويمكن الفرق بين صورة الاعوجاج وغيرها بالإجزاء في الثاني، ولزوم الاحتياط في الأوّل .
(الصفحة 704)
تقدير الجدران .
[2292] مسألة 61 : الظاهر في خفاء الأذان كفاية عدم تميّز فصوله، وإن كان الأحوط(1) اعتبار خفاء مطلق الصوت حتّى المتردّد بين كونه أذاناً أو غيره، فضلاً عن المتميّز كونه أذاناً مع عدم تميز فصوله .
[2293] مسألة 62 : الظاهر عدم اعتبار(2) كون الأذان في آخر البلد في ناحية المسافر في البلاد الصغيرة والمتوسطة ، بل المدار أذانها وإن كان في وسط البلد على مأذنة مرتفعة . نعم، في البلاد الكبيرة يعتبر كونه في أواخر البلد من ناحية المسافر .
[2294] مسألة 63 : يعتبر كون الأذان على مرتفع معتاد في أذان ذلك البلد ولو منارة غير خارجة عن المتعارف في العلوّ .
[2295] مسألة 64 : المدار في عين الرائي وأُذن السامع على المتوسط في الرؤية والسماع في الهواء الخالي عن الغبار والريح ونحوهما من الموانع عن الرؤية أو السماع ، فغير المتوسط يرجع إليه ، كما أنّ الصوت الخارق في العلوّ يردّ إلى المعتاد المتوسّط .
[2296] مسألة 65 : الأقوى عدم اختصاص اعتبار حدّ الترخّص بالوطن، فيجري(3) في محلّ الإقامة أيضاً ، بل وفي المكان الذي بقي فيه ثلاثين يوماً متردّداً ، وكما لا فرق في الوطن بين ابتداء السفر والعود عنه في اعتبار حدّ الترخص، كذلك في محلّ الإقامة، فلو وصل في سفره إلى حدّ الترخص من مكان عزم على الإقامة
- (1) لا يترك في المتميّز كونه أذاناً .
- (2) الظاهر اعتباره .
- (3) جريانه في غير الوطن محلّ إشكال، فلا يترك الاحتياط فيه خصوصاً في الثاني، ولا يخفى أنّه لا يتصوّر الابتداء فيه، كما أنّه لا يتصوّر العود في محلّ الإقامة . نعم، يتصوّر الأمران في الصورتين بالإضافة إلى بعض الأحكام الاُخر .
(الصفحة707)
دون حدّ الترخص منه ، ويحتاج في العود إلى القصر بعده إلى قصد مسافة جديدة ولو ملفّقة مع التجاوز عن حدّ الترخص ، والمراد به المكان الذي اتخذه مسكناً ومقرّاً له دائماً، بلداً كان أو قرية أو غيرهما ، سواء كان مسكناً لأبيه وأُمّه(1) ومسقط رأسه أو غيره ممّا استجدّه ، ولا يعتبر فيه بعد الاتخاذ المزبور حصول ملك له فيه . نعم، يعتبر فيه الإقامة فيه بمقدار يصدق عليه عرفاً أنّه وطنه ، والظاهر أنّ الصدق المذكور يختلف بحسب الأشخاص والخصوصيات ، فربما يصدق بالإقامة فيه بعد القصد المزبور شهراً أو أقلّ ، فلا يشترط الإقامة ستّة أشهر وإن كان أحوط ، فقبله يجمع بين القصر والتمام إذا لم ينو إقامة عشرة أيّام .
[2302] مسألة 1 : إذا أعرض عن وطنه الأصلي أو المستجدّ وتوطّن في غيره، فإن لم يكن له فيه ملك أصلاً أو كان ولم يكن قابلاً للسكنى ـ كما إذا كان له فيه نخلة أو نحوها ، أو كان قابلاً له ولكن لم يسكن فيه ستة أشهر بقصد التوطّن الأبدي ـ يزول عنه حكم الوطنية ، فلا يوجب المرور عليه قطع حكم السفر ، وأمّا إذا كان له فيه ملك قد سكن فيه بعد اتخاذه وطناً له دائماً ستّة أشهر فالمشهور على أنّه بحكم الوطّن العرفي، وإن أعرض عنه إلى غيره ، ويسمّونه بالوطن الشرعي، ويوجبون عليه التمام إذا مرّ عليه ما دام بقاء ملكه فيه ، لكن الأقوى عدم جريان حكم الوطن عليه بعد الإعراض ، فالوطن الشرعي غير ثابت ، وإن كان الأحوط الجمع بين إجراء حكم الوطن وغيره عليه ، فيجمع فيه بين القصر والتمام إذا مرّ عليه ولم ينو
إقامة عشرة أيّام ، بل الأحوط الجمع إذا كان له نخلة أو نحوها ممّا هو غير قابل للسكنى وبقي فيه بقصد التوطّن ستة أشهر ، بل وكذا إذا لم يكن سكناه بقصد
- (1) الظاهر أنّه لا يعتبر في الوطن الأصلي شيء، بل هو وطنه مطلقاً ما دام فيه، وإن كان قصده الإعراض عنه ما لم يتحقّق الإعراض العملي . نعم، يعتبر في المستجدّ الالتفات إلى الدوام واتخاذه مقرّاً له كذلك، كما أنّه يعتبر الإقامة بالمقدار المذكور في المتن .
(الصفحة708)
التوطّن، بل بقصد التجارة مثلاً .
[2303] مسألة 2 : قد عرفت عدم ثبوت الوطن الشرعي وأنّه منحصر في العرفي، فنقول : يمكن تعدّد الوطن العرفي; بأن يكون له منزلان في بلدين أو قريتين من قصده السكنى فيهما أبداً في كلّ منهما مقداراً من السنة; بأن يكون له زوجتان مثلاً كلّ واحدة في بلدة يكون عند كلّ واحدة ستة أشهر أو بالاختلاف ، بل يمكن الثلاثة(1) أيضاً، بل لا يبعد الأزيد أيضاً .
[2304] مسألة 3 : لا يبعد أن يكون الولد تابعاً لأبويه أو أحدهما في الوطن ما لم يعرض بعد بلوغه عن مقرّهما، وإن لم يلتفت بعد بلوغه إلى التوطّن فيه أبداً فيعدّ وطنهما وطناً له أيضاً، إلاّ إذا قصد(2) الإعراض عنه، سواء كان وطناً أصلياً لهما ومحلاًّ لتولّده أو وطناً مستجدّاً لهما، كما إذا أعرضا عن وطنهما الأصلي واتّخذا مكاناً آخر وطناً لهما وهو معهما قبل بلوغه ثمّ صار بالغاً ، وأمّا إذا أتيا بلدة أو قرية وتوطّنا فيها وهو معهما مع كونه بالغاً(3) فلا يصدق وطناً له إلاّ مع قصده بنفسه .
[2305] مسألة 4 : يزول حكم الوطنية بالإعراض والخروج وإن لم يتّخذ بعد وطناً آخر ، فيمكن أن يكون بلا وطن مدّة مديدة .
[2306] مسألة 5 : لا يشترط في الوطن إباحة المكان الذي فيه ، فلو غصب داراً في بلد وأراد السكنى فيها أبداً يكون وطناً له ، وكذا إذا كان بقاؤه في بلد حراماً عليه من جهة كونه قاصداً لارتكاب حرام، أو كان منهيّاً عنه من أحد والديه أو نحو ذلك .
- (1) لا يخلو من إشكال، والأزيد أشدّ إشكالاً .
- (2) وتحقّق الإعراض عملاً .
- (3) ليس المناط في تبعية الولد وعدمها البلوغ وعدمه، بل المدار على عدّه في العرف تبعاً، وهو يختلف باختلاف الموارد .
(الصفحة709)
[2307] مسألة 6 : إذا تردّد بعد العزم على التوطّن أبداً، فإن كان قبل أن يصدق عليه الوطن عرفاً، بأن لم يبق في ذلك المكان بمقدار الصدق فلا إشكال في زوال الحكم، وإن لم يتحقّق الخروج والإعراض ، بل وكذا إن كان بعد الصدق في الوطن المستجدّ . وأمّا في الوطن الأصلي إذا تردّد في البقاء فيه وعدمه ففي زوال حكمه قبل الخروج والإعراض إشكال(1); لاحتمال صدق الوطنية ما لم يعزم على العدم، فالأحوط الجمع بين الحكمين .
[2308] مسألة 7 : ظاهر كلمات العلماء ـ رضوان الله عليهم ـ اعتبار قصد التوطّن أبداً في صدق الوطن العرفي ، فلا يكفي العزم على السكنى إلى مدّة مديدة كثلاثين سنة أو أزيد ، لكنّه مشكل، فلا يبعد الصدق العرفي بمثل ذلك، والأحوط(2)في مثله إجراء الحكمين بمراعاة الاحتياط .
الثاني : من قواطع السفر العزم على إقامة عشرة أيّام متواليات في مكان واحد من بلد أو قرية، أو مثل بيوت الأعراب، أو فلاة من الأرض، أو العلم بذلك وإن كان لا عن اختيار ، ولا يكفي الظن بالبقاء فضلاً عن الشك ، والليالي المتوسّطة داخلة بخلاف الليلة الاُولى والأخيرة ، فيكفي عشرة أيّام وتسع ليال ، ويكفي تلفيق اليوم المنكسر من يوم آخر على الأصح ، فلو نوى المقام عند الزوال من اليوم الأوّل إلى الزوال من اليوم الحادي عشر كفى ويجب عليه الإتمام ، وإن كان الأحوط الجمع .
ويشترط وحدة محلّ الإقامة ، فلو قصد الإقامة في أمكنة متعدّدة عشرة أيّام لم ينقطع حكم السفر، كأن عزم على الإقامة في النجف والكوفة، أو في الكاظمين
- (1) أقربه عدم الزوال قبل الإعراض العملي، بل في المستجدّ لا يبعد ذلك أيضاً .
- (2) لا يترك.
(الصفحة710)
وبغداد ، أو عزم على الإقامة في رستاق من قرية إلى قرية من غير عزم على الإقامة في واحدة منها عشرة أيّام ، ولا يضرّ بوحدة المحل فصل مثل الشطّ بعد كون المجموع بلداً واحداً كجانبي الحلّة وبغداد ونحوهما ، ولو كان البلد خارجاً عن المتعارف في الكبر فاللازم قصد الإقامة في المحلّة منه إذا كانت المحلاّت منفصلة ، بخلاف ما إذا كانت متّصلة، إلاّ إذا كان كبيراً(1) جدّاً بحيث لا يصدق وحدة المحلّ،وكان كنيّة الإقامة في رستاق مشتمل على القرى، مثل قسطنطينية ونحوها .
[2309] مسألة 8 : لا يعتبر في نيّة الإقامة قصد عدم الخروج عن خطّة سور البلد على الأصح ، بل لو قصد حال نيتها الخروج إلى بعض بساتينها ومزارعها ونحوها من حدودها ممّا لا ينافي صدق اسم الإقامة في البلد عرفاً جرى عليه حكم المقيم، حتّى إذا كان من نيته الخروج عن حدّ الترخّص، بل إلى ما دون الأربعة إذا كان قاصداً للعود عن قريب، بحيث لا يخرج عن صدق الإقامة في ذلك المكان عرفاً ، كما إذا كان من نيّته(2) الخروج نهاراً والرجوع قبل الليل .
[2310] مسألة 9 : إذا كان محلّ الإقامة برّيّة قفراء لا يجب التضييق في دائرة المقام ، كما لا يجوز التوسيع كثيراً بحيث يخرج عن صدق وحدة المحل ، فالمدار على صدق الوحدة عرفاً ، وبعد ذلك لا ينافي الخروج عن ذلك المحل إلى أطرافه بقصد العود إليه، وإن كان إلى الخارج عن حدّ الترخص، بل إلى ما دون الأربعة كما ذكرنا في البلد(3) . فجواز نيّة الخروج إلى ما دون الأربعة لا يوجب جواز توسيع محلّ
- (1) مرّ حكم البلاد الكبيرة .
- (2) فيه إشكال، خصوصاً مع تكرّر ذلك في أيّام الإقامة، وكون زمان الخروج في كلّ يوم أكثر من زمان الإقامة فيه، فالأحوط لو لم يكن أقوى عدم تحقّق الإقامة بذلك . نعم، لا يقدح نيّة الخروج ساعة أو ساعتين ولو مع التكرّر .
- (3) قد مرّ حكمه .