جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه فقه تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة الطهارة
صفحات بعد
صفحات قبل
(الصفحة 328)
و نقول: قد استعمل في الـكتاب الـعزيز في موضعين اُخريين أيضاً:
إحداهما: ما نقله «ا لـمعتبر» في عبارته الـمتقدّمـة من قوله تعا لـى: (فَتُصْبِحُ صَعِيداً زَلَقاً).(1)
و ثانيتهما: قوله تعا لـى: (وَ إِنّا لَجاعِلُونَ ما عَلَيْها صَعِيداً جُرُزاً).(2)
و الـظاهر أنّ الـمراد من الأوّل هو نفس الأرض، كما في الـنبوي الـمحكيّ في «ا لـمعتبر» أيضاً، و من الـثاني هو الـتراب الـموصوف بكونه جرزاً، أي مستوياً بالأرض، أو خا لـياً من الـنبات.
لكن ربّما يقال: إنّ الاستعمال لا دلالـة له على الـحقيقـة، لكونه أعمّ منها، و أصا لـة الـحقيقـة إنّما تكون مرجعاً في مقام تشخيص الـمراد، لا في كيفيـة الاستعمال.
و الـذي يناسب مع مادّة (ص ع د) الـتي هي بمعنى الارتفاع و الـعلوّ هو الـمعنى الـعامّ; لأنّ جميع ما على الأرض يصدق عليه أنّه في الـسطح الـعا لـي منها، الـذي يعبّر عنه بوجه الأرض، أو ظهرها، و لا اختصاص لذلك با لـتراب.
و يؤيّد الـتعميم ما اُفيد من أنّ الـمتبادر من قوله تعا لـى: (فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً)إرادة الـقصد إلى صعيد طيّب با لـمضيّ إلى نحوه، لامجرّد الـعزم على استعما لـه بأن يكون الـمراد من قصده قصد استعما لـه، و هذا الـمعنى لايناسب إرادة الـتراب الـذي هو في حدّ ذاته من الـمنقولات كا لـماء، بخلاف ما لو اُريد به أرضاً نظيفاً بإرادة معناه الـوصفي.
لكن قد يقال: إنّه لامحيص من حمل الـكريمـة الـواردة في سورة الـمائدة على

  • (1) ا لـكهف / 40.
  • (2) ا لـكهف / 8.

(الصفحة 329)
ا لـتراب بلحاظ اشتما لـها على كلمـة «منه»; لأنّ الـمتبادر من هذه الـكلمـة إرادة الـمسح ببعض ذلك الـصعيد، و هذا لايستقيم إلاّ بإرادة الـتراب دون الـحجر، لأنّ الـحجر لايعلّق با لـيد حتّى يصدق الـمسح منه، فتصير الآيـة قرينـة على الـمراد من الـكريمـة الـواردة في سورة الـنساء الـخا لـيـة من هذه الـكلمـة.
فا لـمراد با لـصعيد في الـموضعين هي نفس الـتراب، و لافرق في ذلك بين كونه هو تمام الـموضوع له، أو أنّ الـموضوع له معنى عامّ و اُريد منه الـخصوصيـة، كما أنّه لافرق على الـثاني بين أن تكون إرادة الـخصوصيـة بنحو توجب صيرورة الاستعمال مجازياً، أو بنوع لاتوجب ذلك، فإنّ الـمقصود الـوصول إلى مراد اللّه تبارك و تعا لـى من الـصعيد في الآيتين، لاكون إرادته بنحو الـحقيقـة أو الـمجاز.
و اُورد عليه: بما حاصله أنّه يحتمل في هذه الآيـة وجوه:
أحدها: أن يكون الـضمير في لفظـة «منه» راجعاً إلى الـصعيد، و تكون «من» ابتدائيـة، و يكون معنى الآيـة: اقصدوا صعيداً، فإذا انتهيتم إليه فارجعوا منه إلى مسح الـوجوه و الأيدي، فيكون الـصعيد منتهى الـمقصود أوّلاً، و بعد الانتهاء إليه يصير مبدأ الـرجوع إلى عمل الـمسح، فيستفاد منها عدم جواز مسح الـوجه و الـيد على الأرض، و عدم جواز الـتمرّغ و الـتمعّك كما فعل عمّار رضي ا للّه عنه، فكأنّ رسول اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم)حين قال: «هكذا يصنع الـحمار، أما قال اللّه عزّوجلّ: (فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً)»، أراد تفهيم أنّ الـمستفاد من الآيـة خلاف ما فعله، فإنّ الـمستفاد منها كون الـيد آلـة الـمسح، لأنّه بعد الأمر با لـمسح بعد الانتهاء إلى الـمقصد، و الـرجوع إلى عمل الـمسح، يعلم أنّ الـمسح با لـيد لأنّها الآلـة الـمتعارفـة.
و ربّما يؤيّد هذا الـوجه ما حكي عن الـسيّد في طيّ كلام له من الـتصريح بأنّ

(الصفحة 330)
كلمـة «من» للابتداء، و أنّ جميع الـنحويين من الـبصريين منعوا ورود «من» لغير الابتـداء.
أقول: لم يظهر لي أن يكون عدم جواز مسح الـوجه و الـيد على الأرض مستفاداً من كلمـة «من» الابتدائيـة، بل الـظاهر أنّ منشأ استفادة ذلك هو كلمـة «ا لـباء» في (بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ)، أو ظهور الآيـة في مسح الـصعيد بهما، لامسحهما با لـصعيد، و لم يعلم استشهاد الـنبيّ في قصّـة عمّار بالآيـة الـمشتملـة على كلمـة «منه»، الـظاهرة فيما ذكر باعتقاد الـمورد.
ثانيها: أن يكون الـضمير كذلك، و تكون «من» تبعيضيـة، فيكون الـمعنى و امسحوا بوجوهكم و أيديكم بعض الـصعيد، و عليه فلايستفاد من الآيـة أنّ آلـة الـمسح الـيد، لإمكان أن تكون الآلـة نفس بعضه، بأن يرفع حجراً أو مدراً و يمسح به، أو يضع وجهه على الـصعيد و يمسحه به، بل لمّا كان بعض الـصعيد هو الـصعيد لصدق الـجنس على الـقليل و الـكثير بنحو واحد، فكأنّه قال: امسحوا بوجوهكم و أيديكم الـصعيد، فيكون الـصعيد آلـة الـمسح، أو الـممسوح، و الـماسح الـوجه، فيكون مناسباً لما صنع عمّار.
قال الـمورد: و هذا الاحتمال مع بعده; لأنّ لازمه اعتبار زائد في معنى الـصعيد حتّى يخرجه عن الـمعنى الـجنسي الـشامل للقليل و الـكثير بنحو واحد، و هو لحاظه مجموعاً ذا أبعاض، و هو خلاف الـظاهر، و لأنّ الأصل في «من» الابتدائيـة على ما قا لـوا، و لأنّ ذكر الـمسح ببعضه غير محتاج إليه بعد عدم إمكانه، بل و مع فرض الإمكان أيضاً; لأنّ طبيعـة الـمسح توجد بأوّل مصداقه عرفاً، و الـفرض أنّ الـصعيد اسم جنس صادق على الـكلّ، و بعضه لا يثبت مدّعاهم:

(الصفحة 331)
أمّا أوّلاً: فلما عرفت من عدم دلالـة ظاهر الآيـة حينئذ على أنّ الـماسح هو الـكفّ، بل يمكن أن يكون نفس الـصعيد برفع بعضه إلى الـوجه، و هو يشعر بخلاف مطلوبهم، و أن يكون الـمراد مسح الـوجه على الأرض نظير ما صنع عمّار.
و أمّا ثانياً: فلأنّ وجه الأرض لاينحصر با لـتراب و الـحجر حتّى يثبت مطلوبهم، بل كثير من الأراضي يكون لها علوق مع عدم كونها تراباً، كا لـجصّ، و الـنورة، و الـرمل.
ثا لـثها: أن تكون «من» للتأكيد، كقوله تعا لـى: (ما جَعَلَ اللّهُ لِرَجُل مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ)، فيكون الـمعنى: فامسحوا بوجوهكم و أيديكم الـصعيد.
و ما قيل: من أنّ مجيء الـحرف للتأكيد خلاف الـظاهر غير مسلّم، إذا كان سائر الـمعاني خلاف ما وضع له.
نعم، لو ثبت اشتراكها بين الـمعاني الـمذكورة لها، يكون الـتأكيد خلاف الأصل، لكنّه غير معلوم.
رابعها: أن تكون بدليـة مع رجوع الـضمير إلى الـماء. قال: و هذا الاحتمال لايقصر من احتمال كونها تبعيضيّـة.
و هنا احتمالات اُخر بعضها أقرب من الـحمل على الـتبعيض أو مساو له، كأن تكون ابتدائيـة و الـضمير راجعاً إلى الـتيمّم، و أن تكون سببيـة و الـضمير راجعاً إلى الـحدث الـمستفاد من سوق الآيـة، أو يكون مساقها مساق قوله (عليه السلام): «اغسل ثوبك من أبوال ما لايؤكل لحمه» إلى غير ذلك من الاحتمالات.
أقول: من الـبعيد جدّاً أن تكون الآيـة الـمشتملـة على كلمـة «من» مفيدة لخصوصيـة مغايرة للآيـة الـخا لـيـة عنها، كما أفاده الـمورد، حيث إنّ مقتضى بيانه أنّ الآيـة الـواجدة دالّـة على لزوم أن تكون الآلـة هي الكفّ، و لايجوز رفع الصعيد إلى

(الصفحة 332)
الوجه أو وضع الوجه عليه، و الآيـة الـخا لـيـة دالّـة على جواز أحد الأمرين، خصوصاً مع ملاحظـة ما عرفت من أنّ استشهاد الـنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في قصّـة عمّار لم يكن بخصوص الـواجدة، بل بالأعمّ منها، فيظهر منه أنّه لاخصوصيـة لها أصلاً.
و عليه فكلتا الآيتين مشتركتان في لزوم وساطـة الـكفّ و آليّتها، مع أنّه من الـبعيد في نفسه إلغاء هذه الـخصوصيـة الـمهمّـة في الآيـة الـخا لـيـة، خصوصاً بعد اشتراكهما في ورودهما في مقام الـبيان، و خلوّ إحداهما عن الـتعليل لايضرّ بما هو الأساس، و هو بيان الـحكم و الـكيفيـة.
فالإنصاف: أنّ الـتفكيك في غير محلّه. هذا كلّه مع قطع الـنظر عن الـروايـة الـواردة في تفسير الآيـة.
و أمّا مع ملاحظتها ـ و هي صحيحـة زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: «قلت له: ألا تخبرني من أين علمت و قلت إنّ الـمسح ببعض الـرأس و بعض الـرجلين». إلى أن قال أبوجعفر (عليه السلام): «ثمّ قال: (فَلَمْ تَجِدُوا ماءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ) فلما أن وضع الـوضوء عمّن لم يجد الـماء أثبت بعض الـغسل مسحاً، لأنّه قال: «بوجوهكم» ثمّ وصل بها: «و أيديكم منه» أي من ذلك الـتيمّم; لأنّه علم أنّ ذلك أجمع لم يجر على الـوجه; لأنّه يعلق من ذلك الـصعيد ببعض الـكفّ، و لايعلق ببعضها».(1)
فربّما يقال: إنّه لايبقى إشكال في كون «من» للتبعيض; لأنّ الـمراد من الـتيمّم هو ما يتيمّم به، لبعد الـرجوع إلى ذات الـتيمّم الـمستفاد من قوله: (فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً)، فيناسب الـتعليل مع كون «من» كذلك، فكأنّه قال: الـتيمّم من بعض الـصعيد لعدم إجراء

  • (1) أورد صدره في وسائل الـشيعـة، في أبواب الـوضوء، الـباب 23، الـحديث 1; و ذيله في أبواب الـتيمّم، الـباب 13، الـحديث 1.