(الصفحة708)
التوطّن، بل بقصد التجارة مثلاً .
[2303] مسألة 2 : قد عرفت عدم ثبوت الوطن الشرعي وأنّه منحصر في العرفي، فنقول : يمكن تعدّد الوطن العرفي; بأن يكون له منزلان في بلدين أو قريتين من قصده السكنى فيهما أبداً في كلّ منهما مقداراً من السنة; بأن يكون له زوجتان مثلاً كلّ واحدة في بلدة يكون عند كلّ واحدة ستة أشهر أو بالاختلاف ، بل يمكن الثلاثة(1) أيضاً، بل لا يبعد الأزيد أيضاً .
[2304] مسألة 3 : لا يبعد أن يكون الولد تابعاً لأبويه أو أحدهما في الوطن ما لم يعرض بعد بلوغه عن مقرّهما، وإن لم يلتفت بعد بلوغه إلى التوطّن فيه أبداً فيعدّ وطنهما وطناً له أيضاً، إلاّ إذا قصد(2) الإعراض عنه، سواء كان وطناً أصلياً لهما ومحلاًّ لتولّده أو وطناً مستجدّاً لهما، كما إذا أعرضا عن وطنهما الأصلي واتّخذا مكاناً آخر وطناً لهما وهو معهما قبل بلوغه ثمّ صار بالغاً ، وأمّا إذا أتيا بلدة أو قرية وتوطّنا فيها وهو معهما مع كونه بالغاً(3) فلا يصدق وطناً له إلاّ مع قصده بنفسه .
[2305] مسألة 4 : يزول حكم الوطنية بالإعراض والخروج وإن لم يتّخذ بعد وطناً آخر ، فيمكن أن يكون بلا وطن مدّة مديدة .
[2306] مسألة 5 : لا يشترط في الوطن إباحة المكان الذي فيه ، فلو غصب داراً في بلد وأراد السكنى فيها أبداً يكون وطناً له ، وكذا إذا كان بقاؤه في بلد حراماً عليه من جهة كونه قاصداً لارتكاب حرام، أو كان منهيّاً عنه من أحد والديه أو نحو ذلك .
- (1) لا يخلو من إشكال، والأزيد أشدّ إشكالاً .
- (2) وتحقّق الإعراض عملاً .
- (3) ليس المناط في تبعية الولد وعدمها البلوغ وعدمه، بل المدار على عدّه في العرف تبعاً، وهو يختلف باختلاف الموارد .
(الصفحة709)
[2307] مسألة 6 : إذا تردّد بعد العزم على التوطّن أبداً، فإن كان قبل أن يصدق عليه الوطن عرفاً، بأن لم يبق في ذلك المكان بمقدار الصدق فلا إشكال في زوال الحكم، وإن لم يتحقّق الخروج والإعراض ، بل وكذا إن كان بعد الصدق في الوطن المستجدّ . وأمّا في الوطن الأصلي إذا تردّد في البقاء فيه وعدمه ففي زوال حكمه قبل الخروج والإعراض إشكال(1); لاحتمال صدق الوطنية ما لم يعزم على العدم، فالأحوط الجمع بين الحكمين .
[2308] مسألة 7 : ظاهر كلمات العلماء ـ رضوان الله عليهم ـ اعتبار قصد التوطّن أبداً في صدق الوطن العرفي ، فلا يكفي العزم على السكنى إلى مدّة مديدة كثلاثين سنة أو أزيد ، لكنّه مشكل، فلا يبعد الصدق العرفي بمثل ذلك، والأحوط(2)في مثله إجراء الحكمين بمراعاة الاحتياط .
الثاني : من قواطع السفر العزم على إقامة عشرة أيّام متواليات في مكان واحد من بلد أو قرية، أو مثل بيوت الأعراب، أو فلاة من الأرض، أو العلم بذلك وإن كان لا عن اختيار ، ولا يكفي الظن بالبقاء فضلاً عن الشك ، والليالي المتوسّطة داخلة بخلاف الليلة الاُولى والأخيرة ، فيكفي عشرة أيّام وتسع ليال ، ويكفي تلفيق اليوم المنكسر من يوم آخر على الأصح ، فلو نوى المقام عند الزوال من اليوم الأوّل إلى الزوال من اليوم الحادي عشر كفى ويجب عليه الإتمام ، وإن كان الأحوط الجمع .
ويشترط وحدة محلّ الإقامة ، فلو قصد الإقامة في أمكنة متعدّدة عشرة أيّام لم ينقطع حكم السفر، كأن عزم على الإقامة في النجف والكوفة، أو في الكاظمين
- (1) أقربه عدم الزوال قبل الإعراض العملي، بل في المستجدّ لا يبعد ذلك أيضاً .
- (2) لا يترك.
(الصفحة710)
وبغداد ، أو عزم على الإقامة في رستاق من قرية إلى قرية من غير عزم على الإقامة في واحدة منها عشرة أيّام ، ولا يضرّ بوحدة المحل فصل مثل الشطّ بعد كون المجموع بلداً واحداً كجانبي الحلّة وبغداد ونحوهما ، ولو كان البلد خارجاً عن المتعارف في الكبر فاللازم قصد الإقامة في المحلّة منه إذا كانت المحلاّت منفصلة ، بخلاف ما إذا كانت متّصلة، إلاّ إذا كان كبيراً(1) جدّاً بحيث لا يصدق وحدة المحلّ،وكان كنيّة الإقامة في رستاق مشتمل على القرى، مثل قسطنطينية ونحوها .
[2309] مسألة 8 : لا يعتبر في نيّة الإقامة قصد عدم الخروج عن خطّة سور البلد على الأصح ، بل لو قصد حال نيتها الخروج إلى بعض بساتينها ومزارعها ونحوها من حدودها ممّا لا ينافي صدق اسم الإقامة في البلد عرفاً جرى عليه حكم المقيم، حتّى إذا كان من نيته الخروج عن حدّ الترخّص، بل إلى ما دون الأربعة إذا كان قاصداً للعود عن قريب، بحيث لا يخرج عن صدق الإقامة في ذلك المكان عرفاً ، كما إذا كان من نيّته(2) الخروج نهاراً والرجوع قبل الليل .
[2310] مسألة 9 : إذا كان محلّ الإقامة برّيّة قفراء لا يجب التضييق في دائرة المقام ، كما لا يجوز التوسيع كثيراً بحيث يخرج عن صدق وحدة المحل ، فالمدار على صدق الوحدة عرفاً ، وبعد ذلك لا ينافي الخروج عن ذلك المحل إلى أطرافه بقصد العود إليه، وإن كان إلى الخارج عن حدّ الترخص، بل إلى ما دون الأربعة كما ذكرنا في البلد(3) . فجواز نيّة الخروج إلى ما دون الأربعة لا يوجب جواز توسيع محلّ
- (1) مرّ حكم البلاد الكبيرة .
- (2) فيه إشكال، خصوصاً مع تكرّر ذلك في أيّام الإقامة، وكون زمان الخروج في كلّ يوم أكثر من زمان الإقامة فيه، فالأحوط لو لم يكن أقوى عدم تحقّق الإقامة بذلك . نعم، لا يقدح نيّة الخروج ساعة أو ساعتين ولو مع التكرّر .
- (3) قد مرّ حكمه .
(الصفحة711)
الإقامة كثيراً ، فلا يجوز جعل محلّها مجموع ما دون الأربعة ، بل يؤخذ على المتعارف، وإن كان يجوز التردّد إلى ما دون الأربعة على وجه لا يضرّ بصدق الإقامة فيه .
[2311] مسألة 10 : إذا علّق الإقامة على أمر مشكوك الحصول لا يكفي ، بل وكذا لو كان مظنون الحصول، فإنّه ينافي العزم على البقاء المعتبر فيها . نعم، لو كان عازماً على البقاء لكن احتمل(1) حدوث المانع لا يضرّ .
[2312] مسألة 11 : المجبور على الإقامة عشراً والمكره عليها يجب عليه التمام، وإن كان من نيته الخروج على فرض رفع الجبر والإكراه ، لكن بشرط أن يكون عالماً بعدم ارتفاعهما وبقائه عشرة أيّام كذلك .
[2313] مسألة 12 : لا تصح نية الإقامة في بيوت الأعراب ونحوهم ما لم يطمئنّ بعدم الرحيل عشرة أيّام إلاّ إذا عزم على المكث بعد رحلتهم إلى تمام العشرة .
[2314] مسألة 13 : الزوجة والعبد إذا قصدا المقام بمقدار ما قصده الزوج والسيّد ـ والمفروض أنّهما قصدا العشرة ـ لا يبعد كفايته(2) في تحقّق الإقامة بالنسبة إليهما، وإن لم يعلما حين القصد أنّ مقصد الزوج والسيد هو العشرة . نعم، قبل العلم بذلك عليهما التقصير ، ويجب عليهما التمام بعد الإطّلاع، وإن لم يبق إلاّ يومين أو ثلاثة فالظاهر وجوب الإعادة أو القضاء عليهما بالنسبة إلى ما مضى ممّا صلّيا قصراً ، وكذا الحال إذا قصد المقام بمقدار ما قصده رفقاؤه وكان مقصدهم العشرة ، فالقصد الإجمالي كاف في تحقّق الإقامة ، لكن الأحوط الجمع في الصورتين، بل لا
- (1) احتمالاً غير معتدّ به عند العقلاء .
- (2) بل بعيد، والظاهر عدم الكفاية .
(الصفحة712)
يترك الاحتياط .
[2315] مسألة 14 : إذا قصد المقام إلى آخر الشهر مثلاً وكان عشرة كفى(1)وإن لم يكن عالماً به حين القصد ، بل وإن كان عالماً بالخلاف ، لكن الأحوط في هذه المسألة أيضاً الجمع بين القصر والتمام بعد العلم بالحال; لاحتمال اعتبار العلم حين القصد .
[2316] مسألة 15 : إذا عزم على إقامة العشرة ثمّ عدل عن قصده، فإن كان صلّى مع العزم المذكور رباعية بتمام بقي على التمام ما دام في ذلك المكان ، وإن لم يصلّ أصلاً، أو صلّى مثل الصبح والمغرب، أو شرع في الرباعية لكن لم يتمّها وإن دخل(1) في ركوع الركعة الثالثة رجع إلى القصر ، وكذا لو أتى بغير الفريضة الرباعية ممّا لا يجوز فعله للمسافر، كالنوافل والصوم ونحوهما ، فإنّه يرجع إلى القصر مع العدول . نعم، الأولى الاحتياط مع الصوم إذا كان العدول عن قصده بعد الزوال ، وكذا لو كان العدول في أثناء الرباعية بعد الدخول في ركوع الركعة الثالثة، بل بعد القيام إليها وإن لم يركع بعد .
[2317] مسألة 16 : إذا صلّى رباعية بتمام بعد العزم على الإقامة لكن مع الغفلة عن إقامته ثمّ عدل فالظاهر كفايته في البقاء على التمام ، وكذا لو صلاّها تماماً لشرف البقعة كمواطن التخيير ولو مع الغفلة عن الإقامة ، وإن كان الأحوط (1)الجمع بعد العدول حينئذ، وكذا في الصورة الأُولى .
[2318] مسألة 17 : لا يشترط في تحقّق الإقامة كونه مكلّفاً بالصلاة، فلو نوى الإقامة وهو غير بالغ ثمّ بلغ في أثناء العشرة وجب عليه التمام في بقية الأيّام ،
- (1) الظاهر عدم الكفاية كما عرفت.
- (2) محلّ إشكال، والأحوط في هذه الصورة الجمع.
- (3) لا يترك في الصورتين، ولا تتصوّر الثانية بدون فرض الغفلة .