(الصفحة 133)
الداخل في الجماعة قبل الفراغ ، والأقوى أنّ سقوطهما في المورد الثاني والثالث على وجه العزيمة .
ذكروا أنّه يشترط في السقوط اُمور :
الأوّل:
كون الصلاتين أدائيّتين . فمع كون إحداهما أو كلتاهما قضائيّة عن النفس أو عن الغير على وجه التبرّع أو الإجارة لا يجري الحكم .
الثاني:
اشتراكهما في الوقت ، فلو كانت السابقة عصراً وهو يريد أن يصلّي المغرب لا يسقطان ، ولكن في اعتبار الشرطين إشكال ، والأحوط ترك الأذان والإقامة مع فقدهما أيضاً .
الثالث:
اتّحادهما في المكان عرفاً ، فمع كون إحداهما في أرض المسجد والاُخرى على سطحه يشكل السقوط ، وكذا مع البعد كثيراً .
الرابع:
أن تكون صلاة الجماعة السابقة بأذان وإقامة .
الخامس:
أن تكون صلاتهم صحيحة ، فلو كان الإمام فاسقاً مع علم المأمومين لا يجري الحكم ، وكذا لو كان البطلان من جهة اُخرى .
السادس:
أن يكون في المسجد ، ولكن لا يبعد جريان الحكم في الأمكنة الاُخرى ، وكلّ مورد شكّ في شمول الحكم له فالأحوط أن يأتي بهما رجاءً . نعم، لو شكّ في صحّة صلاتهم حمل على الصحّة .
الفصل الثاني : فصولهما
فصول الأذان ثمانية عشر : «الله أكبر» أربع مرات ، ثمّ «أشهد أن لا إله إلاّ الله» ثمّ «أشهد أنّ محمّداً رسول الله» ثمّ «حيّ على الصلاة» ثمّ «حيّ على الفلاح» ثمّ «حيّ على خير العمل» ثمّ «الله أكبر» ثمّ «لا إله إلاّ الله» كلّ فصل مرّتين . وكذلك الإقامة ، إلاّ أنّ فصولها أجمع مثنى مثنى ، إلاّ التهليل في آخرها فمرّة ، ويزاد فيها بعد
(الصفحة 134)
الحيّعلات قبل التكبير «قد قامت الصلاة» مرّتين ، فتكون فصولها سبعة عشر . وتستحبّ الصلاة على محمّد وآل محمّد عند ذكر اسمه الشريف ، وإكمال الشهادتين بالشهادة لعليّ(عليه السلام) بالولاية وإمرة المؤمنين في الأذان وغيره. ولا بأس بالتكرير في حيّ على الصلاة، أو حيّ على الفلاح للمبالغة في اجتماع الناس ، ولكنّ الزائد ليس جزءاً من الأذان .
الفصل الثالث : يشترط فيهما أُمور :
الأوّل:
النيّة ابتداءً واستدامةً . ويعتبر فيها تعيين الصلاة التي يأتي بهما لها مع الاشتراك ، وكذا يعتبر قصد القربة في أذان الصلاة ، وأمّا أذان الإعلام ففي مشروعيّته لمجرّد الإعلام تأمّل وإشكال ، فالأحوط لمن يريد الإعلام أن يجعله أذان الصلاة وإن لم يردها; بأن يؤذّن للجماعة .
الثاني والثالث:
العقل والإيمان ، وأمّا البلوغ فالأقوى عدم اعتباره ، خصوصاً في الأذان ، فيجزئ أذان المميّز وإقامته إذا سمعه أو حكاه ، أو فيما لو أتى بهما للجماعة ، وأمّا إجزاؤهما لصلاة نفسه فلا إشكال فيه .
الرابع:
الذكورة للذكور ، فلا يعتدّ بأذان النساء وإقامتهنّ لغيرهنّ حتّى المحارم على الأحوط .
الخامس:
الترتيب بتقديم الأذان على الإقامة ، وكذا بين فصول كلّ منهما ، فإذا قدّم الإقامة أعادها بعد الأذان ، وإذا خالف بين الفصول أعاد على نحو يحصل الترتيب ، إلاّ أن تفوت الموالاة فيعيد من الأوّل .
السادس:
الموالاة بينهما وبين الفصول من كلّ منهما وبينهما وبين الصلاة ، فإذا أخلّ بها أعاد .
السابع:
العربيّة الصحيحة وترك اللحن .
(الصفحة 135)
الثامن:
دخول الوقت ، فلا يصحّان قبله وإن دخل الوقت في الأثناء . نعم، لا يبعد جواز تقديم الأذان قبل الفجر للإعلام ، وإن كان الأحوط إعادته بعده .
التاسع:
الطهارة من الحدث في الإقامة على الأحوط ، بل لا يخلو عن قوّة ، كما أنّ الأحوط اعتبار الاستقبال والقيام فيها، وإن كان الأقوى الاستحباب .
الفصل الرابع : مستحبّاتهما
يستحبّ في الأذان الطهارة من الحدث ، والقيام والاستقبال ، وعدم التكلّم في أثنائه . وكذا يستحبّ عدم الكلام في الإقامة ، بل يكره بعد «قد قامت الصلاة» للمقيم ، بل لغيره أيضاً في صلاة الجماعة إلاّ في تقديم إمام ، بل مطلق ما يتعلّق بالصلاة ، بل يستحبّ له إعادتها حينئذ . ويستحبّ فيهما التسكين في أواخر فصولهما مع التأنّي في الأذان والحَدر في الإقامة ، والإفصاح بالألف والهاء من لفظ الجلالة ، ووضع الإصبعين في الاُذن في الأذان ، ومدّ الصوت ورفعه، ويستحبّ رفع الصوت أيضاً في الإقامة ، إلاّ أنّه دون الأذان .
ويستحبّ الفصل بين الأذان والإقامة بخطوة ، أو قعدة ، أو سجدة ، أو ذكر ، أو دعاء ، أو سكون ، بل أو تكلّم ، لكن في غير الغداة ، بل لا يبعد كراهته فيها ، أو بصلاة ركعتين ، إلاّ أنّ الأولى الفصل في صلاة المغرب بغيرهما .
الفصل الخامس : حكم تركهما
مَنْ ترك الأذان أو الإقامة أو كليهما عمداً حتّى أحرم للصلاة لم يجز لهقطعها لتداركهما . نعم، إذا كان عن نسيان جاز له القطع ما لم يركع ، منفرداً كان أوغيره حال الذكر ، لا ما إذا عزم على الترك زماناً معتدّاً به ثمّ أراد الرجوع ، بلوكذا لو بقي على التردّد كذلك ، وكذا لا يرجع لو نسي أحدهما أو نسي بعض
(الصفحة 136)
فصولهما ، بل أو شرائطهما على الأحوط ، لكن جواز الرجوع في نسيان الإقامة لا يخلو من قوّة .
إيقاظ وتذكير
قال الله تعالى: { قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ* الَّذِينَ هُمْ فِى صَلاَتِهِمْ خَاشِعُونَ}وقال النبي والأئمّة عليهم أفضل الصلاة والسلام ـ كما ورد في أخبار كثيرة ـ : أنّه لا يحسب للعبد من صلاته إلاّ ما يقبل عليه منها ، وأنّه لا يقومنّ أحدكم في الصلاة متكاسلا ولا ناعساً ولا يفكرنّ في نفسه ، ويقبل بقلبه على ربّه ، ولا يشغل بأمر الدنيا ، وأنّ الصلاة وفادة على الله تعالى ، وأنّ العبد قائم فيها بين يدي الله تعالى.
وينبغي أن يكون قائماً مقام العبد الذليل الراغب الراهب الخائف الراجي ، المسكين المتضرّع وأن يصلّي صلاة مودّع يرى أن لا يعود إليها أبداً.
وكان عليّ بن الحسين(عليه السلام) إذا قام في الصلاة كأنّه ساق شجرة لا يتحرّك منه شيء إلاّ ما حركت الريح منه ، وكان أبو جعفر وأبو عبدالله(عليهما السلام) إذا قاما إلى الصلاة تغيّرت ألوانهما ، مرّة حمرة ، ومرّة صفرة ، وكأنّهما يناجيان شيئاً يريانه ، وينبغي أن يكون صادقاً في قوله: { إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} فلا يكون عباداً لهواه ولا مستعيناً بغير مولاه.
وينبغي إذا أراد الصلاة أو غيرها من الطاعات أن يستغفر الله ـ سبحانه وتعالى ـ ويندم على ما فرّط في جنب الله تعالى ليكون معدوداً في عداد المتّقين الذي قال الله تعالى في حقّهم: {إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللهُ مِنْ الْمُتَّقِينَ} . وما توفيقي إلاّ بالله، عليه توكّلت وإليه اُنيب ، وهو حسبنا ونعم الوكيل ، ولا حول ولا قوّة إلاّ بالله العليّ العظيم .
(الصفحة 137)
المبحث الثاني : أفعال الصلاة
واجبات الصلاة أحد عشر:
النيّة ، وتكبيرة الإحرام ، والقيام ، والقراءة ، والذكر ، والركوع، والسجود ، والتشهّد ، والتسليم ، والترتيب ، والموالاة . والأركان ـ وهي التي تبطل الصلاة بنقيصتها وزيادتها عمداً وسهواً ـ خمسة : النيّة ، والتكبير ، والقيام ، والركوع والسجود . والبقيّة أجزاء غير ركنيّة لا تبطل الصلاة بزيادتها ونقيصتها سهواً ، وتبطل عمداً . فهنا فصول :
الفصل الأوّل: النيّة
وهي القصد إلى الفعل بعنوان الإمتثال والقربة ، ولا يعتبر فيها التلفّظ بها ، ولا إخطار صورة العمل تفصيلا عند القصد إليه ، ولا نيّة الوجوب ولا الندب ، ولا تمييز الواجبات من الأجزاء عن مستحبّاتها ، ولا غير ذلك من الصفات والغايات ، بل يكفي الإرادة الإجماليّة المؤثّرة في وجود الفعل، كسائر الأفعال الاختياريّة الصادرة عن المختار المقابل للساهي والغافل .
(مسألة578):
يعتبر فيها الإخلاص . فإذا انضمّ إلى أمر الله تعالى الرياء بطلت الصلاة ، وكذا غيرها من العبادات الواجبة والمستحبّة ، سواءً كان الرياء في الابتداء أم في الأثناء ، وفي تمام الأجزاء أم في بعضها الواجبة ، وفي ذات الفعل أم في بعض قيوده ، مثل أن يرائي في صلاته جماعة ، أو في المسجد ، أو في الصفّ الأوّل ، أو خلف الإمام الفلاني ، أو أوّل الوقت، أو نحو ذلك على الأقوى ، وتبطل الصلاة بالرياء في الأجزاء المستحبّة مثل القنوت على الأقوى ، والظاهر عدم البطلان بالرياء بما هو خارج عن الصلاة ، مثل إزالة الخبث قبل الصلاة ، والتصدّق في
|