(الصفحة 135)
الثامن:
دخول الوقت ، فلا يصحّان قبله وإن دخل الوقت في الأثناء . نعم، لا يبعد جواز تقديم الأذان قبل الفجر للإعلام ، وإن كان الأحوط إعادته بعده .
التاسع:
الطهارة من الحدث في الإقامة على الأحوط ، بل لا يخلو عن قوّة ، كما أنّ الأحوط اعتبار الاستقبال والقيام فيها، وإن كان الأقوى الاستحباب .
الفصل الرابع : مستحبّاتهما
يستحبّ في الأذان الطهارة من الحدث ، والقيام والاستقبال ، وعدم التكلّم في أثنائه . وكذا يستحبّ عدم الكلام في الإقامة ، بل يكره بعد «قد قامت الصلاة» للمقيم ، بل لغيره أيضاً في صلاة الجماعة إلاّ في تقديم إمام ، بل مطلق ما يتعلّق بالصلاة ، بل يستحبّ له إعادتها حينئذ . ويستحبّ فيهما التسكين في أواخر فصولهما مع التأنّي في الأذان والحَدر في الإقامة ، والإفصاح بالألف والهاء من لفظ الجلالة ، ووضع الإصبعين في الاُذن في الأذان ، ومدّ الصوت ورفعه، ويستحبّ رفع الصوت أيضاً في الإقامة ، إلاّ أنّه دون الأذان .
ويستحبّ الفصل بين الأذان والإقامة بخطوة ، أو قعدة ، أو سجدة ، أو ذكر ، أو دعاء ، أو سكون ، بل أو تكلّم ، لكن في غير الغداة ، بل لا يبعد كراهته فيها ، أو بصلاة ركعتين ، إلاّ أنّ الأولى الفصل في صلاة المغرب بغيرهما .
الفصل الخامس : حكم تركهما
مَنْ ترك الأذان أو الإقامة أو كليهما عمداً حتّى أحرم للصلاة لم يجز لهقطعها لتداركهما . نعم، إذا كان عن نسيان جاز له القطع ما لم يركع ، منفرداً كان أوغيره حال الذكر ، لا ما إذا عزم على الترك زماناً معتدّاً به ثمّ أراد الرجوع ، بلوكذا لو بقي على التردّد كذلك ، وكذا لا يرجع لو نسي أحدهما أو نسي بعض
(الصفحة 136)
فصولهما ، بل أو شرائطهما على الأحوط ، لكن جواز الرجوع في نسيان الإقامة لا يخلو من قوّة .
إيقاظ وتذكير
قال الله تعالى: { قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ* الَّذِينَ هُمْ فِى صَلاَتِهِمْ خَاشِعُونَ}وقال النبي والأئمّة عليهم أفضل الصلاة والسلام ـ كما ورد في أخبار كثيرة ـ : أنّه لا يحسب للعبد من صلاته إلاّ ما يقبل عليه منها ، وأنّه لا يقومنّ أحدكم في الصلاة متكاسلا ولا ناعساً ولا يفكرنّ في نفسه ، ويقبل بقلبه على ربّه ، ولا يشغل بأمر الدنيا ، وأنّ الصلاة وفادة على الله تعالى ، وأنّ العبد قائم فيها بين يدي الله تعالى.
وينبغي أن يكون قائماً مقام العبد الذليل الراغب الراهب الخائف الراجي ، المسكين المتضرّع وأن يصلّي صلاة مودّع يرى أن لا يعود إليها أبداً.
وكان عليّ بن الحسين(عليه السلام) إذا قام في الصلاة كأنّه ساق شجرة لا يتحرّك منه شيء إلاّ ما حركت الريح منه ، وكان أبو جعفر وأبو عبدالله(عليهما السلام) إذا قاما إلى الصلاة تغيّرت ألوانهما ، مرّة حمرة ، ومرّة صفرة ، وكأنّهما يناجيان شيئاً يريانه ، وينبغي أن يكون صادقاً في قوله: { إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} فلا يكون عباداً لهواه ولا مستعيناً بغير مولاه.
وينبغي إذا أراد الصلاة أو غيرها من الطاعات أن يستغفر الله ـ سبحانه وتعالى ـ ويندم على ما فرّط في جنب الله تعالى ليكون معدوداً في عداد المتّقين الذي قال الله تعالى في حقّهم: {إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللهُ مِنْ الْمُتَّقِينَ} . وما توفيقي إلاّ بالله، عليه توكّلت وإليه اُنيب ، وهو حسبنا ونعم الوكيل ، ولا حول ولا قوّة إلاّ بالله العليّ العظيم .
(الصفحة 137)
المبحث الثاني : أفعال الصلاة
واجبات الصلاة أحد عشر:
النيّة ، وتكبيرة الإحرام ، والقيام ، والقراءة ، والذكر ، والركوع، والسجود ، والتشهّد ، والتسليم ، والترتيب ، والموالاة . والأركان ـ وهي التي تبطل الصلاة بنقيصتها وزيادتها عمداً وسهواً ـ خمسة : النيّة ، والتكبير ، والقيام ، والركوع والسجود . والبقيّة أجزاء غير ركنيّة لا تبطل الصلاة بزيادتها ونقيصتها سهواً ، وتبطل عمداً . فهنا فصول :
الفصل الأوّل: النيّة
وهي القصد إلى الفعل بعنوان الإمتثال والقربة ، ولا يعتبر فيها التلفّظ بها ، ولا إخطار صورة العمل تفصيلا عند القصد إليه ، ولا نيّة الوجوب ولا الندب ، ولا تمييز الواجبات من الأجزاء عن مستحبّاتها ، ولا غير ذلك من الصفات والغايات ، بل يكفي الإرادة الإجماليّة المؤثّرة في وجود الفعل، كسائر الأفعال الاختياريّة الصادرة عن المختار المقابل للساهي والغافل .
(مسألة578):
يعتبر فيها الإخلاص . فإذا انضمّ إلى أمر الله تعالى الرياء بطلت الصلاة ، وكذا غيرها من العبادات الواجبة والمستحبّة ، سواءً كان الرياء في الابتداء أم في الأثناء ، وفي تمام الأجزاء أم في بعضها الواجبة ، وفي ذات الفعل أم في بعض قيوده ، مثل أن يرائي في صلاته جماعة ، أو في المسجد ، أو في الصفّ الأوّل ، أو خلف الإمام الفلاني ، أو أوّل الوقت، أو نحو ذلك على الأقوى ، وتبطل الصلاة بالرياء في الأجزاء المستحبّة مثل القنوت على الأقوى ، والظاهر عدم البطلان بالرياء بما هو خارج عن الصلاة ، مثل إزالة الخبث قبل الصلاة ، والتصدّق في
(الصفحة 138)
أثنائها ، وليس من الرياء المبطل ما لو أتى بالعمل خالصاً لله ، ولكنّه كان يعجبه أن يراه الناس ، كما أنّ الخطور القلبي لا يبطل الصلاة ، خصوصاً إذا كان يتأذّى بهذا الخطور ، ولو كان المقصود من العبادة أمام الناس رفع الذمّ من نفسه أو ضرر آخر غير ذلك لم يكن رياءً ولا مفسداً ، والرياء المتأخّر من العبادة لا يبطلها ، كما لو كان قاصداً الإخلاص ثمّ بعد إتمام العمل بدا له أن يذكر عمله . والعجب لا يكون مبطلا سيّما إذا كان متأخّراً .
(مسألة579):
الضمائم الاُخرى غير الرياء إمّا حرام ، أو مباح، أو راجح ، فإن كان حراماً وكان متّحداً مع العمل أو مع جزء منه بطل كالرياء ، وإن كان خارجاً عن العمل مقارناً له لم يكن مبطلا . وإن كان مباحاً أو راجحاً، فإن كان تبعاً وكان داعي القربة مستقلاًّ فلا إشكال في الصحّة ، وإن كان مستقلاًّ وكان داعي القربة تبعاً بطل. وكذا إذا كانا معاً منضمّين محرّكاً وداعياً على العمل . وإن كانا مستقلّين فالأقوى البطلان في غير الضميمة الراجحة .
(مسألة580):
يعتبر تعيين الصلاة التي يريد الإتيان بها في ما كان من العناوين القصديّة، كالأدائيّة والقضائيّة، أو الظهريّة والعصريّة، أو الفريضة والنافلة في مثل صلاة الصبح ، ويكفي التعيين الإجمالي ، مثل عنوان ما اشتغلت به الذمّة إذا كان متّحداً ، وكذا عنوان ما اشتغلت به الذمّة أوّلا إذا كان متعدّداً ، أو نحو ذلك ، فإذا صلّى صلاة مردّدة بين الفجر ونافلته لم تصحّ كلّ منهما . نعم، إذا لم يكن من العناوين القصديّة كالقصر والإتمام فلا يجب قصده ، وكذا إذا نذر نافلتين ، فإنّه لا يحتاج إلى التعيين ; لعدم تميّز إحداهما في مقابل الاُخرى .
(مسألة581):
يجب قصد القضاء والأداء ، لأنّ الظاهر أنّ الأدائيّة والقضائيّة من العناوين التي لابدّ من قصدها ، دون عنوان القصر والتمام .
(مسألة582):
لا يجب الجزم بالنيّة في صحّة العبادة ، فلو صلّى في ثوب مشتبه
(الصفحة 139)
بالنجس لاحتمال طهارته ، وبعد الفراغ تبيّنت طهارته صحّت الصلاة وإن كان عنده ثوب معلوم الطهارة . وكذا إذا صلّى في موضع الزحام لاحتمال التمكّن من الإتمام فاتّفق تمكّنه صحّت صلاته وإن كان يمكنه الصلاة في غير موضع الزحام .
(مسألة583):
قد عرفت أنّه لا يجب حين العمل الالتفات إليه تفصيلا وتعلّق القصد به ، بل يكفي الالتفات إليه وتعلّق القصد به قبل الشروع فيه وبقاء ذلك القصد إجمالا على نحو يستوجب وقوع الفعل من أوّله إلى آخره عن داعي الأمر ، بحيث لو التفت إلى نفسه لرأى أنّه يفعل عن قصد الأمر ، وإذا سُئل أجاب بذلك ، ولا فرق بين أوّل الفعل وآخره ، وهذا المعنى هو المراد من الاستدامة الحكميّة بلحاظ النيّة التفصيليّة حال حدوثها ، أمّا بلحاظ نفس النيّة فهي استدامة حقيقيّة .
(مسألة584):
لو نوى في أثناء الصلاة قطعها فعلا أو بعد ذلك ، أو نوى القاطع والمنافي فعلا ، أو بعد ذلك مع الالتفات إلى كونه قاطعاً ومنافياً للصلاة ، فإن أتمّ مع ذلك بطل ، وكذا لو أتى ببعض الأجزاء بعنوان الجزئيّة ثمّ عاد إلى النيّة الاُولى ، وأمّا لو عاد إلى النيّة الاُولى قبل أن يأتي بشيء لم يبطل، وإن كان الأحوط الإتمام والإعادة ، ولو أتى ببعض الأجزاء لا بعنوان الجزئيّة ثمّ عاد إلى النيّة الاُولى فالبطلان موقوف على كونه فعلا كثيراً ، فإن كان قليلا لم يبطل ، خصوصاً إذا كان ذكراً أو قرآناً، وإن كان الأحوط الإتمام والإعادة أيضاً .
(مسألة585):
إذا دخل في الصلاة بقصد ما في الذمّة وتخيّل أنّها الظهر مثلا ، ثمّ تبيّن أنّ ما في ذمّته العصر فالظاهر الصحّة ; لأنّ الاشتباه إنّما هو في التطبيق .
(مسألة586):
لو شكّ فيما في يده أنّه عيّنها ظهراً أو عصراً مثلا . قيل : بنى على التي قام إليها ، وهو مشكل ، فالأحوط الإتمام والإعادة فيما إذا صلّى الظهر قبلها ، وأمّا مع عدم الإتيان بها ، فيتمّها ظهراً من دون حاجة إلى الإعادة . نعم، لو رأى نفسه في صلاة معيّنة وشكّ في أنّه من الأوّل نواها أو نوى غيرها ، فلو كانت الصلاة
|