(الصفحة 83)
المبحث الخامس : التيمّم
وفيه فصول
الفصل الأوّل : مسوّغاته
ويجمعها العذر المسقط لوجوب الطهارة المائيّة، وهو اُمور :
الأوّل:
عدم وجدان ما يكفيه من الماء لوضوئه ، أو غسله .
(مسألة352):
إذا احتمل وجود الماء في رحله أو في القافلة وجب الفحص إلى أن يحصل العلم أو الاطمئنان بعدمه ، وأمّا إذا احتمل وجود الماء وهو في الفلاة وجب عليه الطلب فيها بمقدار رمية سهم في الأرض الحزنة ، وسهمين في الأرض السهلة في الجهات الأربع إن احتمل وجوده في كلّ واحدة منها ، وإن علم بعدمه في بعض معيّن من الجهات الأربع لم يجب عليه الطلب فيها ، فإن لم يحتمل وجوده إلاّ في جهة معيّنة وجب عليه الطلب فيها دون غيرها ، والبيّنة بمنزلة العلم ، فإن شهدت بعدم الماء في جهة أو جهات معيّنة لم يجب الطلب فيها .
(مسألة353):
يجوز الاستنابة في الطلب إذا كان النائب ثقة فحصل العلم أو الاطمئنان من قوله .
(مسألة354):
إذا أخلّ بالطلب وتيمّم صحّ تيمّمه إن صادف عدم الماء .
(مسألة355):
إذا علم أو اطمأنّ بوجود الماء في خارج الحدّ المذكور وجب عليه السعي إليه وإن بعد ، إلاّ أن يلزم منه مشقّة عظيمة .
(مسألة356):
إذا طلب الماء قبل دخول الوقت فلم يجد لم تجب إعادة الطلب بعد دخول الوقت وإن احتمل العثور على الماء لو أعاد الطلب لاحتمال تجدّد وجوده ، وأمّا إذا انتقل عن ذلك المكان فيجب الطلب مع احتمال وجوده .
(الصفحة 84)
(مسألة357):
إذا طلب بعد دخول الوقت لصلاة يكفي لغيرها من الصلوات ، فالأحوط إعادة الطلب عند كلّ صلاة إن احتمل العثور مع الإعادة .
(مسألة358):
المناط في السهم والقوس والهواء والرامي هو المتعارف المعتدل الوسط في القوّة والضعف ، وأمّا الرمي فالمناط فيه هو غاية ما يقدر عليه الرامي .
(مسألة359):
يسقط وجوب الطلب في ضيق الوقت ، كما يسقط إذا خاف على نفسه ، أو ماله من لصّ ، أو سبع ، أو نحو ذلك ، وكذا إذا كان في طلبه حرج ومشقّة لا تتحمّل .
(مسألة360):
إذا ترك الطلب حتّى ضاق الوقت عصى ، لكنّ الأقوى صحّة صلاته حينئذ وإن علم أنّه لو طلب لعثر ، لكنّ الأحوط استحباباً القضاء خصوصاً في الفرض المذكور .
(مسألة361):
إذا ترك الطلب في سعة الوقت وصلّى بطلت صلاته وإن تبيّن عدم وجود الماء . نعم، لو حصل منه قصد القربة مع تبيّن عدم الماء بأن نوى التيمّم والصلاة برجاء المشروعيّة فالأقوى صحّتها .
(مسألة362):
إذا طلب الماء فلم يجد ، فتيمّم وصلّى ، ثمّ تبيّن وجوده في محلّ الطلب من الرمية أو الرميتين ، أو الرحل أو القافلة ، صحّت صلاته ، ولا يجب عليه القضاء أو الإعادة .
(مسألة363):
إذا كانت الأرض في بعض الجوانب حزنة وفي بعضها سهلة ، يلحق كلاًّ حكمه من الرمية والرميتين .
الثاني:
عدم التمكّن من الوصول إلى الماء لعجز عنه ولو كان عجزاً شرعياً ، أو ما بحكمه ; بأن كان الماء في إناء مغصوب ، أو لخوفه على نفسه أو عرضه ، أو ماله من سبع ، أو لصّ ، أو ضياع ، أو غير ذلك .
الثالث:
خوف الضرر من استعمال الماء بحدوث مرض ، أو زيادته ، أو بُطئه ،
(الصفحة 85)
أو على النفس ، أو بعض البدن ، ومنه الرمد المانع من استعمال الماء ، وأمّا كفاية مجرّد تشويه الخلقة للانتقال الى التيمّم فمحلّ إشكال .
الرابع:
خوف العطش على نفسه ، أو على غيره الواجب حفظه عليه ، أو على دابّته .
الخامس:
توقّف تحصيله على الاستيهاب الموجب لذلّه ، وهوانه ، أو على شرائه بثمن يضرّ بحاله ، ويلحق به كلّ مورد يكون الوضوء فيه حرجيّاً لشدّة حرّ أو برد ، أو نحو ذلك .
السادس:
أن يعارض استعمال الماء في الوضوء أو الغسل ترك واجب ، أو فعل حرام ، أو ترك شرط معتبر في الصلاة ، أو حصول مانع، كما إذا دار الأمر بين الوضوء وإزالة الخبث عن لباسه أو بدنه ، فلابدّ أن يصرف الماء في إزالة الخبث ويتيمّم، والأولى تقديمها على التيمّم ، ولو خالف وتوضّأ أو اغتسل صحّ وضوؤه أو غسله .
السابع:
ضيق الوقت عن تحصيل الماء أو عن استعماله بحيث يلزم من الوضوء وقوع الصلاة أو بعضها في الخارج الوقت ، فيجوز التيمّم في جميع الموارد المذكورة .
(مسألة364):
إذا خالف المكلّف وتحمّل الضرر وتوضّأ أو اغتسل صحّ ، إلاّ إذا كان حرجّياً فيحكم بالبطلان .
(مسألة365):
من كانت وظيفته التيمم من جهة ضيق الوقت عن استعمال الماء إذا خالف وتوضّأ أو اغتسل صحّ .
الفصل الثاني: ما يتيمّم به
الأقوى جواز التيمّم بما يسمّى أرضاً ، سواء أكان تراباً ، أم رملا ، أم مدراً ، أم حصى ، أم صخراً أملس ، ومنه أرض الجصّ والنورة قبل الإحراق ، وأمّا بعده
(الصفحة 86)
فالأحوط ترك التيمّم ، ولا بأس بالخزف ، ولا يعتبر علوق شيء ممّا يتيمّم به باليد، وإن كان الأحوط الاقتصار على التراب مع الإمكان .
(مسألة366):
لا يجوز التيمّم بما لا يصدق عليه اسم الأرض وإن كان أصله منها ، كالرماد ، والنبات ، والذهب ، والفضّة ، ونحوها ممّا لا يسمّى أرضاً ، وكذا العقيق والفيروزج ونحوهما من الأحجار الكريمة .
(مسألة367):
لا يجوز التيمّم بالنجس ، والمغصوب ، ولو تيمّم بالمغصوب جهلا قصوريّاً أو نسياناً صحّ تيمّمه ، إلاّ إذا كان الناسي هو الغاصب على الأحوط ، ولا يجوز التيمّم بالممتزج بما يخرجه عن اسم الأرض . نعم، لا يضرّ إذا كان الخليط مستهلكاً فيه عرفاً ، ولو اُكره على المكث في المكان المغصوب فالأظهر عدم جواز التيمّم به .
(مسألة368):
إذا اشتبه التراب المغصوب بالمباح وجب الاجتناب عنهما ، وإذا اشتبه التراب بالرماد فالتيمّم بكلّ منهما صحيحٌ ، بل يجب ذلك مع الانحصار ، وكذا الحكم إذا اشتبه الطاهر بالنجس .
(مسألة369):
إذا عجز عن التيمّم بالأرض لأحد الاُمور المتقدّمة في سقوط الطهارة المائيّة يتيمّم بالغبار المجتمع على ثوبه ، أو عرف دابّته ، أو نحوهما إذا كان غبار ما يصحّ التيمّم به ، دون غيره كغبار الدقيق ونحوه ، ويجب مراعاة الأكثر فالأكثر على الأحوط ، وإذا أمكنه نفض الغبار وجمعه على نحو يصدق عليه التراب تعيّن ذلك .
(مسألة370):
إذ عجز عن التيمّم بالغبار تيمّم بالوحل ، وهو الطين الرقيق ، وإذا أمكن تجفيفه والتيمّم به تعيّن ذلك .
(مسألة371):
إذا عجز عن الأرض والغبار والوحل كان فاقداً للطهور ، والأقوى سقوط الأداء ، ويجب القضاء على الأحوط ، وإذا تمكّن من الثلج ولم
(الصفحة 87)
يمكنه إذابته والوضوء به ، ولكن أمكنه مسح أعضاء الوضوء به على نحويتحقّق مسمّى الغسل وجب واجتزأ به ، وإذا كان على نحو لا يتحقّق الغسل تعيّنالتيمّم .
(مسألة372):
يستحبّ نفض اليدين بعد الضرب ، وكذا يستحبّ أن يكون ما يتيمّم به من ربى الأرض وعواليها ، ويكره أن يكون من مهابطها ، وأن يكون من تراب الطريق .
الفصل الثالث: كيفيّة التيمّم
وهو أن يضرب بيديه على الأرض ، وأن يكون دفعة واحدة ، وأن يكون بباطنهما ، ثمّ يمسح بهما جميعاً تمام جبهته وجبينه من قصاص الشعر إلى الحاجبين ، وإلى طرف الأنف الأعلى المتّصل بالجبهة ، والأحوط وجوباً مسح الحاجبين أيضاً ، ثمّ مسح تمام ظاهر الكفّ اليمنى من الزند إلى أطراف الأصابع بباطنه اليسرى ، ثمّ مسح ظاهر الكفّ اليسرى كذلك بباطن اليمنى .
(مسألة373):
لا يجب المسح بتمام كلّ من الكفّين ، بل يكفي المسح ببعض كلّ منهما على نحو يستوجب الجبهة والجبينين .
(مسألة374):
المراد من الجبهة الموضع المستوي ، والمراد من الجبين ما بينه وبين طرف الحاجب إلى قصاص الشعر .
(مسألة375):
لا فرق في التيمّم بدلا من الوضوء والغسل . نعم، يستحبّ التعدّد فيما هو بدل الغسل ، يضرب ضربة للوجه وضربة للكفّين ، وأحوط منه التعدّد فيما هو بدل الوضوء أيضاً ، فالأولى أن يمسح الكفّين مع الوجه في الضربة الاُولى ، ثمّ يضرب ضربة ثانية فيمسح كفّيه ، والأفضل أن يضرب بكفّيه مرّتين ويمسح بهما الجبهة واليدين ، ثمّ يضرب مرّة ويمسح يديه .
|