(الصفحة 173)
بينهما ثلاثة أميال صحّتا جميعاً ، والميزان هو البعد بين الجمعتين ، لا البلدين اللذين ينعقد فيهما الجمعة ، فجازت إقامة جمعات في بلاد كبيرة تكون طولها فراسـخ .
(مسألة691):
لو اجتمعت خمسة نفر للجمعة، فتفرّقوا في أثناء الخطبة أو بعدها قبل الصلاة ولم يعودوا ولم يكن هناك عدد بقدر النصاب، تعيّن على كلّ صلاة الظهر .
(مسألة692):
لو تفرّقوا في أثناء الخطبة ثمّ عادوا ، فإن كان تفرّقهم بعد تحقّق مسمّى الواجب فالظاهر عدم وجوب إعادتها ولو طالت المدّة ، كما أنّه كذلك لو تفرّقوا بعدها فعادوا . وإن كان قبل تحقّق الواجب منها، فإن كان التفرّق للانصراف عن الجمعة فالأحوط استئنافها مطلقاً ، وإن كان لعذر كمطر مثلا ، فإن طالت المدّة بمقدار أضرّ بالوحدة العرفيّة فالظاهر وجوب الاستئناف ، وإلاّ بنوا عليها وصحّت .
(مسألة693):
لو انصرف بعضهم قبل الإتيان بمسمّى الواجب ورجع من غير فصل طويل ، فإن سكت الإمام في غيبته اشتغل بها من حيث سكت ، وإن أدامها ولم يسمعها الغائب أعادها من حيث غاب ولم يدركها ، وإن لم يرجع إلاّ بعد فصل طويل يضرّ بوحدة الخطبة عرفاً أعادها ، وإن لم يرجع وجاء آخر يجب استئنافها مطلقاً .
(مسألة694):
لو زاد العدد على نصاب الجمعة لا يضرّ مفارقة بعضهم مطلقاً بعد بقاء مقدار النصاب .
(مسألة695):
إن دخل الإمام في الصلاة وانفضّ الباقون قبل تكبيرهم ولم يبق إلاّ الإمام فالظاهر عدم انعقاد الجمعة ، وهل له العدول إلى الظهر ، أو يجوز إتمامها ظهراً من غير نيّة العدول ، بل تكون ظهراً بعد عدم انعقاد الجمعة فيتمّها أربع ركعات؟ فيه إشكال ، والأحوط الأولى نيّة العدول وإتمامها ثمّ الإتيان بالظهر ،
(الصفحة 174)
وأحوط منه إتمامها جمعة ثمّ الإتيان بالظهر وإن كان الأقرب بطلانها ، فيجوز رفع اليد عنها والإتيان بالظهر .
(مسألة696):
إن دخل العدد أي أربعة نفر مع الإمام في صلاة الجمعة ولو بالتكبير وجب الإتمام ولو لم يبق إلاّ واحد على قول معروف ، والأشبه بطلانها ، سواء بقي الإمام وانفضّ الباقون أو بعضهم ، أو انفضّ الإمام وبقي الباقون أو بعضهم ، وسواء صلّوا ركعة أو أقلّ ، لكن لا ينبغي ترك الاحتياط بالإتمام جمعة ، ثمّ الإتيان بالظهر . نعم، لا يبعد الصحّة جمعةً إذا انفضّ بعض في أخيرة الركعة الثانية ، بل بعد ركوعها ، والاحتياط بإتيان الظهر مع ذلك بعدها لا ينبغي تركه .
(مسألة697):
يجب في كلّ من الخطبتين التحميد ، ويعقّبه بالثناء عليه تعالى على الأحوط ، والأحوط أن يكون التحميد بلفظ الجلالة، وإن كان الأقوى جوازه بكلّ ما يعدّ حمداً له تعالى ، والصلاة على النبيّ(صلى الله عليه وآله) على الأحوط في الخطبة الاُولى ، وعلى الأقوى في الثانية ، والإيصاء بتقوى الله تعالى في الاُولى على الأقوى ، وفي الثانية على الأحوط ، وقراءة سورة صغيرة في الاُولى على الأقوى ، وفي الثانية على الأحوط ، والأحوط الأولى في الثانية الصلاة على أئمّة المسلمين (عليهم السلام) بعد الصلاة على النبيّ(صلى الله عليه وآله)، والاستغفار للمؤمنين والمؤمنات ، والأولى اختيار بعض الخطب المنسوبة إلى أمير المؤمنين سلام الله عليه ، أو المأثورة عن أهل بيت العصمة (عليهم السلام) .
(مسألة698):
الأحوط إتيان الحمد والصلاة في الخطبة بالعربي، وإن كان الخطيب والمستمع غير عربيّ . وأمّا الوعظ والإيصاء بتقوى الله تعالى فالأقوى جوازه بغيره ، بل الأحوط أن يكون الوعظ ونحوه من ذكر مصالح المسلمين بلغة المستمعين ، وإن كانوا مختلطين يجمع بين اللغات . نعم، لو كان العدد أكثر من النصاب جاز الاكتفاء بلغة النصاب ، لكنّ الأحوط أن يعظهم بلغتهم .
(مسألة699):
ينبغي للإمام الخطيب أن يذكر في ضمن خطبته ما هو من مصالح
(الصفحة 175)
المسلمين في دينهم ودنياهم ، ويخبرهم بما جرى في بلاد المسلمين وغيرها من الأحوال التي لهم فيها المضرّة أو المنفعة ، وما يحتاج المسلمون إليه في المعاش والمعاد ، والاُمور السياسيّة والاقتصاديّة ممّا هي دخيلة في استقلالهم وكيانهم ، وكيفيّة معاملتهم مع سائر الملل ، والتحذير عن تدخّل الدول المستعمرة في اُمورهم سيّما السياسيّة والاقتصاديّة المنجرّ إلى استعمارهم واستثمارهم ، وبالجملة : الجمعة وخطبتاها من المواقف العظيمة للمسلمين، كسائر المواقف العظيمة مثل الحجّ والمواقف التي فيه ، والعيدين وغيرها ، ومع الأسف أغفل المسلمون عن الوظائف المهمّة السياسيّة الإسلاميّة ، فالإسلام دين السياسة بشؤونها، ويظهر لمن له أدنى تدبّر في أحكامه الحكوميّة والسياسيّة والاجتماعيّة والاقتصاديّة ، فمن توهّم أنّ الدين منفكّ عن السياسة فهو جاهل لم يعرف الإسلام ولا السياسة .
(مسألة700):
يجوز إيقاع الخطبتين قبل زوال الشمس بحيث إذا فرغ منهما زالت ، والأحوط إيقاعهما عند الزوال .
(مسألة701):
يجب أن تكون الخطبتان قبل صلاة الجمعة، فلو بدأ بالصلاة تبطل ، وتجب الصلاة بعدهما لو بقي الوقت ، والظاهر عدم وجوب إعادتهما إذا كان الإتيان جهلا أو سهواً ، فيأتي بالصلاة بعدهما ، ولو قيل بعدم وجوب إعادة الصلاة أيضاً إذا كان التقديم عن غير عمد وعلم لكان له وجه .
(مسألة702):
يجب أن يكون الخطيب قائماً وقت إيراد الخطبة ، ويجب وحدة الخطيب والإمام ، فلو عجز الخطيب عن القيام خطب غيره وأمّهم الذي خطبهم ، ولو لم يكن غير العاجز فالظاهر الانتقال إلى الظهر . نعم، لو كانت الجمعة واجبة تعييناً خطبهم العاجز عن القيام جالساً ، والأحوط الإتيان بالظهر بعد الجمعة ، ويجب الفصل بين الخطبتين بجلسة خفيفة .
(مسألة703):
الأحوط لو لم يكن الأقوى وجوب رفع الصوت في الخطبة
(الصفحة 176)
بحيث يسمع العدد ، بل الظاهر عدم جواز الإخفات بها ، بل لا إشكال في عدم جواز إخفات الوعظ والإيصاء ، وينبغي أن يرفع صوته بحيث يسمع الحضّار ، بل هو أحوط ، أو يخطب بواسطة السمّـاعات إذا كانت الجماعة كثيرة لإبلاغ الوعظ والترغيب والترهيب والمسائل المهتمّ بها .
(مسألة704):
الأحوط بل الأوجه وجوب الإصغاء إلى الخطبة ، بل الأحوط الإنصات وترك الكلام بينها ، وإن كان الأقوى كراهته . نعم، لو كان التكلّم موجباً لترك الاستماع وفوات فائدة الخطبة لزم تركه . والأحوط الأولى استقبال المستمعين الإمام حال الخطبة، وعدم الالتفات زائداً على مقدار الجواز في الصلاة ، وطهارة الإمام حال الخطبة عن الحدث والخبث ، وكذا المستمعين . والأحوط الأولى للإمام أن لا يتكلّم بين الخطبة بما لا يرجع إلى الخطابة ، ولا بأس بالتكلّم بعد الخطبتين إلى الدخول في الصلاة ، وينبغي أن يكون الخطيب بليغاً مراعياً لمقتضيات الأحوال بالعبارات الفصيحة الخالية عن التعقيد ، عارفاً بما جرى على المسلمين في الأقطار سيّما قطره ، عالماً بمصالح الإسلام والمسلمين ، شجاعاً لا يلومه في الله لومة لائم ، صريحاً في إظهار الحقّ وإبطال الباطل حسب المقتضيات والظروف ، مراعياً لما يوجب تأثير كلامه في النفوس ; من مواظبة أوقات الصلوات ، والتلبّس بزيّ الصالحين والأولياء، وأن يكون أعماله موافقاً لمواعظه وترهيبه وترغيبه، وأن يجتنب عمّا يوجب وهنه ووهن كلامه حتى كثرة الكلام والمزاح وما لا يعني . كلّ ذلك إخلاصاً لله تعالى وإعراضاً عن حبّ الدنيا والرئاسة ـ فإنّه رأس كلّ خطيئة ـ ليكون لكلامه تأثير في النفوس . ويستحبّ له أن يتعمّم في الشتاء والصيف ، ويتردّى ببرد يمني أو عدني ، ويتزيّن ، ويلبس أنظف ثيابه متطيّباً ، على وقار وسكينة ، وأن يسلّم إذا صعد المنبر ، واستقبل الناس بوجهه ، ويستقبلونه بوجوههم ، وأن يعتمد على شيء من قوس أو عصا أو سيف ، وأن يجلس على
(الصفحة 177)
المنبر أمام الخطبة حتى يفرغ المؤذّنون .
(مسألة705):
قد مرّ اعتبار الفاصلة بين الجمعتين بثلاثة أميال ، فإن اُقيمت جمعتان دون الحدّ المعتبر ، فإن اقترنتا بطلتا جميعاً ، وإن سبقت إحداهما ولو بتكبيرة الإحرام بطلت المتأخّرة ، سواء كان المصلّون عالمين بسبق جمعة أم لا ، وصحّت المتقدّمة ، سواء علم المصلّون بلحوق جمعة أم لا . والميزان في الصحّة تقدّم الصلاة لا الخطبة ، فلو تقدّم إحدى الجمعتين في الخطبة والاُخرى في الصلاة بطلت المتأخرة في الشروع في الصلاة .
(مسألة706):
الأحوط عند إرادة إقامة جمعة في محلّ إحراز أن لا جمعة هناك ـ دون الحدّ المقرّر ـ مقارنة لها أو منعقدة قبلها ; وإن كان الأشبه جواز الانعقاد وصحّة الجمعة ما لم يحرز انعقاد جمعة اُخرى مقارنة لها أو مقدّمة عليها ، بل الظاهر جواز الانعقاد لو علم بانعقاد اُخرى وشكّ في مقارنتها أو سبقها .
(مسألة707):
لو علموا بعد الفراغ من الصلاة بعقد جمعة اُخرى واحتمل كلّ من الجماعتين السبق واللحوق، فالظاهر عدم وجوب الإعادة عليهما ، لا جمعةً ولا ظهراً وإن كان الوجوب أحوط . ويجب على الجماعة التي لم يحضروا الجمعتين إذا أرادوا إقامة جمعة ثالثة إحراز بطلان الجمعتين المتقدّمتين ، ومع احتمال صحّة إحداهما لا يجوز إقامة جمعة اُخرى .
من تجب عليه صلاة الجمعة
(مسألة708):
يشترط في وجوبها اُمور : التكليف ، والذكورة ، والحريّة ، والحضر ، والسلامة من العمى والمرض ، وأن لا يكون شيخاً كبيراً ، وأن لا يكون بينه وبين محلّ إقامة الجمعة أزيد من فرسخين ، فهؤلاء لا يجب عليهم السعي إلى الجمعة لو قلنا بالوجوب التعييني ، ولا تجب عليهم ولو كان الحضور لهم غير
|