| 
 
 (الصفحة 235) 
يدور في عمله من كان عمله في مكان معيّن يسافر إليه في أكثر أيّامه ، كمن كانت إقامته في مكان وتجارته أو طبابته أو تدريسه أو دراسته في مكان آخر ، فإنّه يقصّر إلاّ إذا نوى الإقامة ، والحاصل أنّ العبرة في لزوم التمام بكون السفر بنفسه عملا له لا كون عمله في السفر وكان السفر مقدّمة له . 
(مسألة954):
 إذا اختصّ عمله بالسفر إلى ما دون المسافة قصّر إن اتّفق له السفر إلى المسافة ، نعم إذا كان عمله السفر إلى مسافة معيّنة كالمكاري من النجف إلى كربلاء ، فاتّفق له كرى دوابّه إلى غيرها فإنّه يتمّ حينئذ . 
(مسألة955):
 لا يعتبر في وجوب التمام تكرّر السفر ثلاث مرّات ، بل يكفي كون السفر عملا له ولو في المرّة الاُولى ، نعم إذا لم يتحقّق الصدق إلاّ بالتعدّد يعتبر ذلك . 
(مسألة956):
 إذا سافر من عمله السفر سفراً ليس من عمله ـ كما إذا سافر المكاري للزيارة أو الحجّ ـ وجب عليه القصر . نعم، لو حجّ أو زار لكن من حيث إنّه عمله ـ كما إذا كرى دابّته للحجّ أو الزيارة وحجّ أو زار بالتبع ـ أتمّ . 
(مسألة957):
 إذا اتّخذ السفر عملا له في شهور معيّنة من السنة ، أو فصل معيّن منها ، كالذي يكري دوابّه بين مكّة وجدّة في شهور الحجّ ، أو يجلب الخضر في فصل الصيف ، جرى عليه الحكم وأتمّ الصلاة في سفره في المدّة المذكورة ، أمّا في غيرها من الشهور فيقصّر في سفره إذا اتّفق له السفر . 
(مسألة958):
 الحملدارية الذين يسافرون إلى مكّة في أيّام الحجّ في كلّ سنة ، ويقيمون في بلادهم بقية أيّام السنة يشكل جريان حكم من عمله السفر عليهم ، فالظاهر وجوب القصر عليهم فيما إذا كان زمان سفرهم قليلا ، كما هو الغالب في من يسافر جوّاً في عصرنا الحاضر . 
(مسألة959):
 لا يعتبر في من شغله السفر اتّحاد كيفيّات وخصوصيّات أسفاره  
(الصفحة 236) 
من حيث الطول والقصر ، ومن حيث الحمولة ، ومن حيث نوع الشغل ، فلو كان يسافر إلى الأمكنة القريبة فسافر إلى البعيدة ، أو كانت دوابّه الحمير فبدّل إلى الجمال ، أو كان مكارياً فصار ملاّحاً أو بالعكس ، يلحقه الحكم; وإن أعرض عن أحد النوعين إلى الآخر أو لفّق من النوعين ، فالمناط هو الاشتغال بالسفر وإن اختلف نوعه . 
(مسألة960):
 إذا أقام من عمله السفر في بلدة عشرة أيّام وجب عليه القصر في السفرة الاُولى دون الثانية فضلا عن الثالثة ، وكذا إذا أقام في غير بلده عشرة منويّة ، ولو أقام في غير بلده عشرة بلا نيّة فلا يترك الاحتياط في السفر الأوّل بعده بالجمع بين القصر والتمام ، ولا فرق في الحكم المزبور بين المكاري والملاّح والساعي وغيرهم ممّن عمله السفر . 
السادس:
 أن لا يكون ممّن بيته معه ، كأهل البوادي من العرب والعجم الذين لا  مسكن لهم  معيّن في الأرض ، بل يتّبعون العشب والماء أينما كانا ومعهم بيوتهم ، فإنّ هؤلاء يتمّون صلاتهم وتكون بيوتهم بمنزلة الوطن ، نعم إذا سافر أحد من بيته لمقصد آخر كحجّ أو زيارة أو لشراء ما يحتاج من قوت أو حيوان أو نحو ذلك قصّر ، وأمّا إذا خرج لاختيار المنزل أو موضع العشب والماء وكان مسافة ولم يكن بيته معه ففي وجوب القصر أو التمام عليه إشكال ، فلا يترك الاحتياط بالجمع . 
(مسألة961):
 السائح في الأرض الذي لم يتّخذ وطناً منها يتمّ ، وأمّا إذا كان له وطن وخرج معرضاً عنه ولم يتّخذ وطناً آخر يقصّر . 
السابع:
 أن يصل إلى حدّ الترخّص ، وهو المكان الذي يتوارى عنه جدران بيوت البلد ويخفى عنه أذانه ، ويكفي أحدهما مع الجهل بحصول الآخر ، وأمّا مع العلم بعدم الآخر فالأحوط الجمع بين القصر والتمام ، ولا يلحق محلّ الإقامة والمكان الذي بقي فيه ثلاثين يوماً متردّداً بالوطن على الأحوط وجوباً ، فلو أراد  
(الصفحة 237) 
المسافر أن يؤدّي صلاته فيهما قبل الوصول إلى حدّ الترخّص فالأحوط أن يجمعبين القصر والتمام . 
(مسألة962):
 المدار في السماع على المتعارف من حيث اُذُن السامع ،والصوت المسموع وموانع السمع ، والخارج عن المتعارف يرجع إليه ، وكذلك الحال في الرؤية . 
(مسألة963):
 كما لا يجوز التقصير فيما بين البلد إلى حدّ الترخّص في ابتداء السفر ، كذلك لا يجوز التقصير عند الرجوع إلى البلد ، فإنّه إذا تجاوز حدّ الترخّص إلى البلد وجب عليه التمام . 
(مسألة964):
 إذا شكّ في الوصول إلى الحدّ بنى على عدمه ، فيبقى على التمام في الذهاب وعلى القصر في الإياب ، إلاّ إذا لزم منه محذور كمخالفة العلم الاجمالي أو التفصيلي ، كمن صلّى الظهر تماماً في الذهاب في مكان استصحاباً ، وأراد إتيان العصر في الإياب قصراً في ذلك المكان . 
(مسألة965):
 يعتبر كون الأذان في آخر البلد في ناحية المسافر ، كما أنّه يعتبر كون الأذان على مرتفع معتاد في أذان البلد غير خارج عن المتعارف في العلوّ . 
(مسألة966):
 إذا اعتقد الوصول إلى الحدّ فصلّى قصراً ثمّ بان أنّه لم يصل بطلت ووجبت الإعادة قبل الوصول إليه تماماً ، وبعده قصراً ، فإن لم يعد وجب عليه القضاء ، وكذا في العود إذا صلّى تماماً باعتقاد الوصول فبان عدمه وجبت الإعادة قبل الوصول إليه قصراً، وبعده تماماً ، فإن لم يعد وجب القضاء . 
الفصل الثاني : قواطع السفر
وهي اُمور : 
الأوّل:
 الوطن ، والظاهر أنّه لا يعتبر في الوطن الأصلي شيء ، بل هو وطنه مطلقاً ما دام فيه، وإن كان قصده الإعراض عنه ما لم يتحقّق الإعراض العملي ، نعم  
(الصفحة 238) 
يعتبر في المستجدّ الالتفات إلى الدوام واتّخاذه مقرّاً له كذلك ، كما أنّه لا يعتبر الإقامة ستّة أشهر ، ولا يعتبر فيه أن يكون له فيه ملك وإنّما يعتبر فيه الإقامة بمقدار يصدق عليه عرفاً أنّه وطنه ، فربّما يصدق بالإقامة فيه بعد القصد المزبور شهراً أو أقلّ . 
(مسألة967):
 إذا عزم على السكنى في بلد إلى مدّة مديدة كثلاثين سنة فلا يبعد صدق التوطّن بذلك عرفاً، وإن كان الأحوط مراعاة الاحتياط . 
(مسألة968):
 يجوز أن يكون للإنسان وطنان ; بأن يكون له منزلان في مكانين ، كلّ واحد منهما على الوصف المتقدّم ، فيقيم في كلّ سنة بعضاً منها في هذا ، وبعضها الآخر في الآخر ، وفي جواز أن يكون له أكثر من وطنين إشكال . 
(مسألة969):
 ذكر المشهور أنّه تجري أحكام الوطن على الوطن الشرعي ، وهو المكان الذي يملك فيه الإنسان منزلا قد استوطنه ستّة أشهر ، بأن أقام فيه ستّة أشهر عن قصد ونيّة ، فيتمّ الصلاة فيه كلّما دخله ، لكنّ الأقوى عدم جريان حكم الوطن عليه بعد الإعراض ، فالوطن الشرعيّ غير ثابت . 
(مسألة970):
 يكفي في صدق الوطن قصد التوطّن ولو تبعاً ، كما في الأولاد والزوجة والعبد . 
(مسألة971):
 إذا حدث له التردّد في التوطّن في المكان بعدما كان وطناً أصليّاً أو مستجدّاً ، ففي بقاء الحكم إشكال ، أقربه عدم الزوال قبل الإعراض العملي . 
الثاني:
 العزم على الإقامة عشرة أيّام متوالية في مكان واحد ، أو العلم ببقائه المدّة المذكورة فيه وإن لم يكن باختياره ، والليالي المتوسّطة داخلة بخلاف الاُولى والأخيرة ، ويكفي تلفيق اليوم المنكسر من يوم آخر ، فإذا نوى الإقامة من زوال أوّل يوم إلى زوال اليوم الحادي عشر وجب التمام ، والظاهر أنّ مبدأ اليوم طلوع الشمس ، فإذا نوى الإقامة من طلوع الشمس يكفي في وجوب التمام نيّتها إلى  
(الصفحة 239) 
غروب اليوم العاشر . 
(مسألة972):
 يشترط وحدة محلّ الإقامة ، فإذا قصد الإقامة عشرة أيّام في النجف الأشرف ومسجد الكوفة مثلا بقي على القصر ، نعم لا يشترط قصد عدم الخروج عن سور البلد ، بل إذا قصد الخروج إلى ما يتعلّق بالبلد من الأمكنة ، مثل بساتينه ومزارعه ومقبرته ، ونحو ذلك من الأمكنة التي يتعارف وصول أهل البلد إليها من جهة كونهم أهل ذلك البلد ، لم يقدح في صدق الإقامة فيها . نعم ، لو كان من نيّته الخروج نهاراً والرجوع قبل الليل ففيه إشكال ، خصوصاً مع تكرّر ذلك في أيّام الإقامة وكون زمان الخروج في كلّ يوم أكثر من زمان الإقامة فيه ، فالأحوط لو لم يكن أقوى عدم تحقّق الإقامة بذلك ، نعم لا تقدح نيّة الخروج ساعة أو ساعتين ولو مع التكرار . 
(مسألة973):
 إذا قصد الإقامة إلى ورود المسافرين ، أو انقضاء الحاجة أو نحو ذلك ، وجب القصر وإن اتّفق حصوله بعد عشرة أيّام ، وإذا نوى الإقامة إلى آخر الشهر مثلا وكان عشرة أيّام فالظاهر عدم كفايته في صدق الإقامة ووجوب التمام ما لم يعلم بذلك . 
(مسألة974):
 تجوز الإقامة في البرّية ، ولا يجب التضييق في دائرة المقام ، كما لا  يجوز التوسيع كثيراً بحيث يخرج عن صدق وحدة المحلّ ، فالمدار على صدق الوحدة عرفاً . 
(مسألة975):
 إذا عدل المقيم عشرة أيّام عن قصد الإقامة ، فإن كان قد صلّى فريضة رباعيّة بقي على التمام إلى أن يسافر ، وإلاّ رجع إلى القصر ، سواء لم يصلّ أصلا أو صلّى مثل الصبح والمغرب ، وسواء فعل ما لا يجوز فعله للمسافر من النوافل والصوم أو لم يفعل ، وأمّا لو شرع في الرباعية ولم يتمّها وكان في الركوع الثالثة فالأحوط وجوباً في هذه الصورة الجمع . 
 
	
	 |