(الصفحة 139)
بالنجس لاحتمال طهارته ، وبعد الفراغ تبيّنت طهارته صحّت الصلاة وإن كان عنده ثوب معلوم الطهارة . وكذا إذا صلّى في موضع الزحام لاحتمال التمكّن من الإتمام فاتّفق تمكّنه صحّت صلاته وإن كان يمكنه الصلاة في غير موضع الزحام .
(مسألة583):
قد عرفت أنّه لا يجب حين العمل الالتفات إليه تفصيلا وتعلّق القصد به ، بل يكفي الالتفات إليه وتعلّق القصد به قبل الشروع فيه وبقاء ذلك القصد إجمالا على نحو يستوجب وقوع الفعل من أوّله إلى آخره عن داعي الأمر ، بحيث لو التفت إلى نفسه لرأى أنّه يفعل عن قصد الأمر ، وإذا سُئل أجاب بذلك ، ولا فرق بين أوّل الفعل وآخره ، وهذا المعنى هو المراد من الاستدامة الحكميّة بلحاظ النيّة التفصيليّة حال حدوثها ، أمّا بلحاظ نفس النيّة فهي استدامة حقيقيّة .
(مسألة584):
لو نوى في أثناء الصلاة قطعها فعلا أو بعد ذلك ، أو نوى القاطع والمنافي فعلا ، أو بعد ذلك مع الالتفات إلى كونه قاطعاً ومنافياً للصلاة ، فإن أتمّ مع ذلك بطل ، وكذا لو أتى ببعض الأجزاء بعنوان الجزئيّة ثمّ عاد إلى النيّة الاُولى ، وأمّا لو عاد إلى النيّة الاُولى قبل أن يأتي بشيء لم يبطل، وإن كان الأحوط الإتمام والإعادة ، ولو أتى ببعض الأجزاء لا بعنوان الجزئيّة ثمّ عاد إلى النيّة الاُولى فالبطلان موقوف على كونه فعلا كثيراً ، فإن كان قليلا لم يبطل ، خصوصاً إذا كان ذكراً أو قرآناً، وإن كان الأحوط الإتمام والإعادة أيضاً .
(مسألة585):
إذا دخل في الصلاة بقصد ما في الذمّة وتخيّل أنّها الظهر مثلا ، ثمّ تبيّن أنّ ما في ذمّته العصر فالظاهر الصحّة ; لأنّ الاشتباه إنّما هو في التطبيق .
(مسألة586):
لو شكّ فيما في يده أنّه عيّنها ظهراً أو عصراً مثلا . قيل : بنى على التي قام إليها ، وهو مشكل ، فالأحوط الإتمام والإعادة فيما إذا صلّى الظهر قبلها ، وأمّا مع عدم الإتيان بها ، فيتمّها ظهراً من دون حاجة إلى الإعادة . نعم، لو رأى نفسه في صلاة معيّنة وشكّ في أنّه من الأوّل نواها أو نوى غيرها ، فلو كانت الصلاة
(الصفحة 140)
المعيّنة التي رأى نفسه فيها هي صلاة العصر ، فتارة صلّى الظهر قبلها ، واُخرى لم يصلّها ، ولكنّه يحتمل أنّه شرع فيها بنيّة العصر بزعم الإتيان بالظهر قبلها ، ففي الأوّل يبني على أنّه نوى العصر ، وفي الثاني يتمّها ظهراً كما مرّ . ولو كانت الصلاة المعيّنة هي الظهر، فإن صلاّها قبلها فلا مجال للبناء على ما نوى ، بل تكون باطلة ، وإن لم يصلّها قبلها يبني عليها ، وقد ظهر أنّه لا مجال في مثل المقام لقاعدة الشكّ بعد تجاوز المحلّ .
(مسألة587):
إذا دخل في فريضة فأتمّها بزعم أنّها نافلة غفلة صحّت فريضة ، وبالعكس تصحّ نافلة .
(مسألة588):
لو قام لصلاة ونواها في قلبه فسبق لسانه أو خياله خطوراً إلى غيرها صحّت مع ما قام إليها ، ولا يضرّ سبق اللسان ولا الخطور الخيالي .
(مسألة589):
لا يجوز العدول عن صلاة إلى اُخرى إلاّ في موارد :
الأوّل:
إذا كانت الصلاتان أدائيّتين مترتّبتين ـ كالظهرين والعشاءين ـ وقد دخل في الثانية قبل الاُولى ، فإنّه يجب عليه العدول إلى الاُولى إذا تذكّر في الأثناء ما لم يتجاوز محلّ العدول . وأمّا إذا تجاوز; كما إذا دخل في ركوع الرابعة من العشاء فتذكّر ترك المغرب، فإنّه لا يجوز العدول لعدم بقاء محلّه ، فيتمّها عشاءً ثمّ يصلّي المغرب ، ويعيد العشاء أيضاً احتياطاً، وإن كان عدم لزوم الإعادة لا يخلو من قوّة .
الثاني:
إذا كان عليه صلاتان أو أزيد قضاءً ، فشرع في اللاحقة قبل السابقة ، يعدل إليها مع عدم تجاوز محلّ العدول ، ومع تجاوزه فيه ما مرّ .
الثالث:
إذا دخل في الحاضرة فتذكّر أنّ عليه فائتة ، فإنّه يجوز العدول إلى الفائتة ما لم يتجاوز محلّ العدول ، والعدول في هذه الصورة مستحبّ لا واجب .
الرابع:
إذا نسي فقرأ في الركعة الاُولى من فريضة يوم الجمعة غير سورة الجمعة ، وتذكّر بعد أن تجاوز النصف ، فإنّه يستحبّ له العدول إلى النافلة ، ثمّ
(الصفحة 141)
يستأنف الفريضة ويقرأ سورتها . وأمّا إذا لم يبلغ النصف فله أن يعدل عن تلك السورة إلى سورة الجمعة ولو كانت هي التوحيد .
الخامس:
إذا دخل في فريضة منفرداً ثمّ اُقيمت الجماعة ، فإنّه يستحب له العدول بها إلى النافلة إذا لم يتجاوز محلّ العدول ـ بأن دخل في ركوع الركعة الثالثة ـ ويدخل في الجماعة .
السادس:
إذا دخل المسافر في القصر ثمّ نوى الإقامة قبل التسليم ، فإنّه يتمّها أربع ركعات ، وحيث مرّ أنّ التماميّة والقصر ليسا من العناوين القصدية فالصحيح أن لا يعدّ من مصاديق جواز العدول ، ومن ذلك ظهر حكم المسافر الذي عدل عن نيّة الإقامة أثناء الصلاة ، فإنّه إن لم يدخل في ركوع الركعة الثالثة أتمّ صلاته قصراً ، وإلاّ بطلت صلاته .
السابع:
العدول من الجماعة إلى الانفراد لعذر أو مطلقاً ، كما هو الأقوى .
الثامن:
العدول من إمام إلى إمام إذا عرض للأوّل عارض مع توفّر الخصوصيّات التي تأتي في صلاة الجماعة .
(مسألة590):
لا يجوز العدول من الفائتة إلى الحاضرة على الأقوى ، فلو دخل في فائتة ثمّ ذكر في أثنائها حاضرة ضاق وقتها أبطلها واستأنف .
(مسألة591):
إذا عدل في غير محلّ العدول ، فإن لم يفعل شيئاً جاز له العودة إلى ما نواه أوّلا . وإن فعل شيئاً، فإن كان عامداً بطلتا ، وإن كان ساهياً ثمّ التفت أتمّ الاُولى إن لم يأت في أثناء العدول بركوع أو سجود ، وإلاّ ففي صحّتها على النيّة الاُولى إشكال ، والأحوط لزوماً الإتمام ثمّ الإعادة .
(مسألة592):
لا بأس بترامي العدول ، فإذا كان في فائتة فذكر أنّ عليه فائتة سابقة فعدل إليها فذكر أنّ عليه فائتة اُخرى سابقة عليها فعدل إليها أيضاً صحّ وهكذا . . .
(الصفحة 142)الفصل الثاني : تكبيرة الإحرام
وتسمّى تكبيرة الافتتاح ، وصورتها «الله أكبر» ، ولا يجزئ مرادفها بالعربيّة ، ولا ترجمتها بغير العربيّة ، وإذا تمّت حرم ما لا يجوز فعله من منافيات الصلاة ، وهي ركن تبطل الصلاة بنقصها عمداً وسهواً ، وتبطل بزيادتها كذلك ، أي عمداً وسهواً ، فإذا جاء بها ثانية بطلت الصلاة ، فيحتاج إلى ثالثة ، فإن جاء بالرابعة بطلت أيضاً واحتاج إلى خامسة ، وهكذا تبطل بالشفع وتصحّ بالوتر ، ويجب الإتيان بها على النهج العربي مادّة وهيئة، والجاهل يلقّنه غيره ، أو يتعلّم ، فإن لم يمكن إجتزأ منها بالممكن ، فإن عجز جاء بمرادفها ، وإن عجز فبترجمتها .
(مسألة593):
الأحوط لزوماً عدم وصلها بما سبقها من الدعاء أو لفظ النيّة والأقوى جواز وصلها بما بعدها من الاستعاذة أو البسملة أو غيرهما ، ويجب حينئذ إعراب «راء» «أكبر» لكنّ الأحوط عدم الوصل بما بعدها أيضاً .
(مسألة594):
يجب فيها القيام والاستقرار ، فلو ترك أحدهما بطل ، عمداً كان أو سهواً على الأحوط في ترك الاستقرار سهواً ، من غير فرق بين المأموم الذي أدرك الإمام راكعاً وغيره ، بل يجب التربّص حتّى يعلم بوقوع التكبير تامّاً قائماً .
(مسألة595):
الأخرس يأتي بها على قدر ما يمكنه ، فإن عجز عن النطق أخطرها بقلبه وأشار إليها مع تحريك لسانه إن أمكنه .
(مسألة596):
يستحبّ الإتيان بستّ تكبيرات مضافاً إلى تكبيرة الإحرام ، فيكون المجموع سبعاً ، وتسمّى بالتكبيرات الافتتاحية ، ويجوز الاقتصار على الخمس ، وعلى الثلاث ، ولا يبعد التخيير في تعيين تكبيرة الإحرام في أيّتها شاء ، لكنّ الأحوط اختيار الأخيرة .
(مسألة597):
يستحبّ للإمام الجهر بواحدة والإسرار بالبقيّة ، ويستحبّ أن يكون التكبير في حال رفع اليدين إلى الاُذنين ، أو مقابل الوجه، أو إلى النحر
(الصفحة 143)
مضمومة الأصابع حتّى الإبهام والخنصر مستقبلا بباطنها القبلة ، من غير فرق بين التكبير الواجب أو المستحبّ .
(مسألة598):
إذا كبّر ثمّ شكّ في حال القيام في أنّها تكبيرة الإحرام أو للركوع بنى على الأوّل . وإن شكّ في صحّتها بعد الدخول فيما بعدها بنى على الصحّة . وإن شكّ في وقوعها وقد دخل فيما بعدها من دعاء التوجّه أو الاستعاذة أو القراءة بنى على وقوعها ، وإلاّ بنى على العدم .
(مسألة599):
يجوز الإتيان بالتكبيرات ولاءً بلا دعاء ، والأفضل أن يأتي بثلاث منها ثمّ يقول : «اللّهم أنت الملك الحقّ لا الله إلاّ أنت، سبحانك إنّي ظلمت نفسي فاغفر لي ذنبي ، إنّه لا يغفر الذنوب إلاّ أنت» ثمّ يأتي باثنتين ويقول : «لبّيك وسعديك ، والخير في يديك ، والشرّ ليس إليك ، والمهديّ مَنْ هديت لا ملجأ منك إلاّ إليك ، سبحانك وحنانيك تباركت وتعاليت سبحانك ربّ البيت» ثمّ يأتي باثنتين ويقول : «وجّهت وجهي للذي فطر السموات والأرض ، عالم الغيب والشهادة حنيفاً مسلماً وما أنا من المشركين، إنّ صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله ربّ العالمين ، لا شريك له ، وبذلك اُمرت وأنا من المسلمين» . ثمّ يستعيذ ويقرأ سورة الحمد .
الفصل الثالث : القيام
وهو ركن حال تكبيرة الإحرام ـ كما عرفت ـ وعند الركوع ; وهو الذي يكون الركوع عنه ، المعبّر عنه بالقيام المتّصل بالركوع ، فمن كبّر للافتتاح وهو جالس بطلت صلاته ، وكذا إذا ركع جالساً سهواً إن قام في أثناء الركوع متقوّساً ، وفي غير هذين الموردين يكون القيام إمّا واجباً غير ركن ، كالقيام حال القراءة أو التسبيح وبعد الركوع ، فلو قرأ جالساً ، أو سبّح سهواً ، ثمّ قام وركع عن قيام ، ثمّ التفت
|