(الصفحة 267)
(مسألة1097):
الصوم من المستحبّات المؤكّدة ، وقد ورد أنّه جُنّة من النار ، وزكاة الأبدان ، وبه يدخل العبد الجنّة ، وأنّ نوم الصائم عبادة ، ونفسه وصمته تسبيح ، وعمله متقبّل ، ودعاءه مستجاب ، وخلوق فمه عند الله تعالى أطيب من رائحة المسك ، وتدعوا له الملائكة حتى يفطر ، وله فرحتان عند الإفطار ، وفرحة حين يلقى الله تعالى ، وأفراده كثيرة ، والمؤكّد منه : صوم ثلاثة أيّام من كلّ شهر ، والأفضل في كيفيّتها أوّل خميس من الشهر ، وآخر خميس منه ، وأوّل أربعاء من العشر الأواسط ، ويوم الغدير ، فإنّه يعدل مائة حجّة ومائة عمرة مبرورات متقبّلات ، وصوم أيّام البيض من كلّ شهر; وهي الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر على الأصحّ ، ويوم مولد النبي(صلى الله عليه وآله) ، ويوم بعثه ، ويوم دحو الأرض وهو الخامس والعشرون من ذي القعدة ، ويوم عرفة لمن لا يضعّفه عن الدعاء مع عدم الشكّ في الهلال ، ويوم المباهلة; وهو الرابع والعشرون من ذي الحجّة ، وتمام رجب ، وتمام شعبان ، وبعض كلّ منهما ، ويوم النيروز ، وأوّل يوم محرّم وثالثه وسابعه .
(مسألة1098):
يكره الصوم في موارد ، منها: يوم عرفة لمن خاف أن يضعّفهعن الدعاء ، والصوم فيه ـ يوم عرفة ـ مع الشكّ في الهلال ، بحيث يحتملكونه عيد أضحى ، وصوم الضيف نافلة بدون إذن مضيفه ، والولد من غير إذنوالده .
(مسألة1099):
يحرم الصوم في موارد، منها : صوم العيدين ، وأيّام التشريق لمن كان بمنى ناسكاً كان أم لا ، ويوم الشكّ على أنّه من شهر رمضان ، ونذر المعصية; بأن ينذر الصوم على تقدير فعل الحرام شكراً ، أمّا زجراً فلا بأس به ، وصوم الوصال ، ولا بأس بتأخير الإفطار ولو إلى الليلة الثانية إذا لم يكن عن نيّة الصوم ، والأحوط اجتنابه .
(الصفحة 268)
الاعتكاف
وهو اللبث في المسجد ، ولا يبعد كفاية قصد التعبّد بنفس اللبث وإن لم يضمّ إليه قصد عبادة اُخرى خارجة عنه ، لكنّ الأحوط أن يكون بقصد فعل العبادة فيه من صلاة ودعاء وغيرهما ، ويصحّ في كلّ وقت يصحّ فيه الصوم ، والأفضل شهر رمضان ، وأفضله العشر الأواخر .
(مسألة1100):
يشترط في صحّته مضافاً إلى العقل والايمان اُمور :
الأوّل:
نيّة القربة ، كما في غيره من العبادات ، وتجب مقارنتها لأوّله ، بمعنى وجوب إيقاعه من أوّله إلى آخره عن النيّة .
(مسألة1101):
لا يجوز العدول من اعتكاف إلى آخر اتّفقا في الوجوب والندب أو اختلفا ، ولا عن نيابة عن شخص إلى نيابة عن شخص آخر ، ولا عن نيابة عن غيره إلى نفسه وبالعكس .
الثاني:
الصوم ، فلا يصحّ بدونه ، فلو كان المكلّف ممّن لا يصحّ منه الصوم لسفر أو غيره لم يصحّ منه الاعتكاف .
الثالث:
العدد ، فلا يصحّ أقلّ من ثلاثة أيّام ، ويصحّ الأزيد منها وإن كان يوماً أو بعضه ، أو ليلة أو بعضها ، ويدخل فيه الليلتان المتوسّطتان دون الاُولى والرابعة وان جاز إدخالهما بالنيّة ، فلو نذره كان أقلّ ما يمتثل به ثلاثة ، ولو نذره أقلّ من ثلاثة لم ينعقد ، وكذا لو نذره ثلاثة معيّنة فاتّفق أنّ الثالث عيد لم ينعقد .
الرابع:
أن يكون في أحد المساجد الأربعة ، المسجد الحرام ، ومسجد المدينة ، ومسجد الكوفة ، ومسجد البصرة ، أو في المسجد الجامع في البلد ، والأحوط استحباباً مع الإمكان الاقتصار على الأربعة .
(الصفحة 269)
الخامس:
إذن من يعتبر إذنه في جوازه ، كالسيّد بالنسبة إلى مملوكه ، والزوج بالنسبة إلى زوجته إذا كان منافياً لحقّه ، والوالدين بالنسبة إلى ولدهما إذا كان موجباً لإيذائهما .
السادس:
استدامة اللبث في المسجد الذي شرع به فيه ، فإذا خرج لغير الأسباب المسوّغة للخروج بطل ، من غير فرق بين العالم بالحكم والجاهل ، وأمّا لو خرج ناسياً أو مكرهاً فلا يبطل ، وكذا لو خرج عن اضطرار أو لحاجة لابدّ له منها; من بول أو غائط، أو غسل جنابة ، أو استحاضة ، أو مسّ ميّت ، ويجوز الخروج لصلاة جمعة أو لتشييع جنازة أو لإقامة الشهادة ، وكذا في سائر الضرورات العرفيّة ، والأحوط مراعاة أقرب الطرق ، ولا تجوز زيادة المكث عن قدر الحاجة ، وأمّا التشاغل على وجه تنمحي به صورة الاعتكاف فهو مبطل ، ويجب أيضاً أن لا يجلس تحت الظلال مع الإمكان ولكن يجوز المشي تحته ، والأحوط عدم الجلوس مطلقاً إلاّ مع الضرورة .
(مسألة1102):
اذا قصد الاعتكاف في مكان خاصّ من المسجد لغى قصده .
(مسألة1103):
لو اعتكف في مسجد معيّن فاتّفق مانع من البقاء فيه بطل ، ولم يجز اللبث في مسجد آخر ، وعليه قضاؤه ـ إن كان واجباً ـ في مسجد آخر ، أو في ذلك المسجد بعد ارتفاع المانع .
(مسألة1104):
يدخل في المسجد سطحه ومحرابه وسردابه .
(مسألة1105):
الاعتكاف في نفسه مندوب ، ويجب بالعارض عقلا من نذر وشبهه ، فإن كان واجباً معيّناً فلا إشكال في وجوبه قبل الشروع فضلا عمّا بعده وإن كان واجباً مطلقاً أو مندوباً فالأقوى عدم وجوبه بالشروع ، وإن كان في الأوّل أحوط استحباباً ، نعم يجب بعد مضيّ يومين منه ، فيتعيّن اليوم الثالث ، إلاّ إذا اشترط حال النيّة الرجوع لعارض ، فاتّفق حصوله بعد يومين فله الرجوع حينئذ
(الصفحة 270)
إن شاء ، ولا عبرة بالشرط إذا لم يكن مقارناً للنيّة ، سواء كان قبلها أم بعد الشروع فيه .
(مسألة1106):
الظاهر أنّه يجوز اشتراط الرجوع متى شاء وإن لم يكن عارض .
(مسألة1107):
اذا شرط الرجوع حال النيّة ، ثمّ بعد ذلك أسقط شرطه ، فالأحوط وجوباً ترتيب آثار السقوط من الإتمام بعد إكمال اليومين .
(مسألة1108):
إذا جلس في المسجد على فراش مغصوب لم يقدح في الاعتكاف ، وكذا الحكم إذا سبق شخص إلى مكان من المسجد فأزاله المعتكف من مكانه .
أحكام الاعتكاف
(مسألة1109):
لابدّ للمعتكف من ترك اُمور :
منها:
مباشرة النساء بالجماع ، وباللمس والتقبيل بشهوة ، ولا فرق في ذلك بين الرجل والمرأة .
ومنها:
الاستمناء على الأحوط وجوباً وإن كان على الوجه الحلال ، كالنظر إلى حليلته الموجب له .
ومنها:
شمّ الطيب والريحان ، والظاهر أنّ الفاقد لحاسّة الشمّ لا يتحقّق منه الشمّ أصلا ، ومع تحقّقه وعدم التلذّذ فلا يترك الاحتياط بالترك .
ومنها:
البيع والشراء ، بل مطلق التجارة على الأحوط وجوباً ، ولا بأس بالاشتغال بالاُمور الدنيوية من المباحات حتّى الخياطة والنساجة ونحوهما وإن كان الأحوط ـ استحباباً ـ الاجتناب ، وإذا اضطرّ إلى البيع والشراء لأجل الأكل أو الشرب ممّا تمسّ حاجة المعتكف به ولم يمكن التوكيل ولا النقل بغيرهما فعله .
ومنها:
المماراة في أمر دينيّ أو دنيويّ بداعي إثبات الغلبة وإظهار الفضيلة ، لا
(الصفحة 271)
بداعي إظهار الحقّ وردّ الخصم عن الخطأ ، فإنّه من أفضل العبادات ، والمدار على القصد .
(مسألة1110):
لا فرق في المحرّمات المذكورة بين وقوعها في الليل والنهار .
(مسألة1111):
إذا صدر منه أحد المحرّمات المذكورة سهواً فالظاهر عدم البطلان إلاّ في الجماع ، فالأحوط فيه استئناف الاعتكاف الواجب أو قضاؤه مع إتمام ما هو مشتغل به ، وفي المستحبّ الأحوط الإتمام ، وإذا صدر منه أحدها عمداً فما يوجب بطلان الصوم يفسد الاعتكاف ، كما يفسده الجماع ولو في الليل ، وكذا اللمس والتقبيل بشهوة ، بل الأحوط بطلانه بسائر ما ذكر من المحرّمات .
(مسألة1112):
إذا أفسد اعتكافه بأحد المفسدات ، فإن كان واجباً معيّناً وجب قضاؤه ، وإن كان غير معيّن وجب استئنافه ، وكذا يجب القضاء إذا كان مندوباً وكان الإفساد بعد يومين ، أمّا إذا كان قبلهما فلا شيء عليه ، ولا يجب الفور في القضاء وإن كان أحوط .
(مسألة1113):
اذا باع أو اشترى في أيّام الاعتكاف لم يبطل بيعه أو شراؤه ، وإن بطل اعتكافه .
(مسألة1114):
إذا أفسد الاعتكاف الواجب بالجماع ولو ليلا وجبت الكفّارة ، والأقوى عدم وجوبها بالإفساد بغير الجماع ، وإن كان الأحوط استحباباً دفع الكفّارة ، وكفّارته ككفّارة صوم شهر رمضان، وإن كان الأحوط أن تكون كفّارته مثل كفّارة الظهار ، واذا كان الاعتكاف في شهر رمضان مع تعيّنه وأفسده بالجماع نهاراً وجبت كفّارتان : إحداهما لإفطار شهر رمضان ، والاُخرى لإفساد الاعتكاف ، وكذا إذا كان في قضاء شهر رمضان بعد الزوال ، وإن كان الاعتكاف المذكور منذوراً على وجه التعيين وجبت كفّارة ثالثة لمخالفته النذر ، وإذا كان الجماع لامرأته الصائمة في شهر رمضان وقد أكرهها وجبت كفّارة رابعة عنها .
|